< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/09/18

بسم الله الرحمن الرحیم

أمّا الثاني: وهو دلالته على لزوم رعاية الترتيب، فنقول على فرض كون العبارة هي الّتى نقلها الشيخ عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن رجلٍ، عن جميل، عن الصادق عليه‌السلام أنّه: «يفوت الرجل الأُولى والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء الآخرة» لا (بعد العشاء) كما في نقل المحقّق في «المعتبر»، كان دلالة هذا الحديث على لزوم رعاية الترتيب في غير الفريضة المترتّبة في أصل التشريع تامّة، وهو مثل صلاة العصر والمغرب، حيث لم يرد في نصّ على لزوم رعاية الترتيب فيهما غير ما يستدلّ به هنا على فرض قبول ما بيّنا لكم، بخلاف مثل الظهرين والعشائين حيث ورد الأمر بمراعاة الترتيب فيهما في أصل التشريع في أدائهما فضلاً عن قضائهما.

تقريب الاستدلال: وإن يفرض أنّ تذكّره كان عن نسيان الصلوات الثلاثة بعد دخول الوقت المختصّ للعشاء، و قيل إنّه المراد من قوله: (أن يبدأ بالوقت الذي هو فيه، فإنّه لا يأمَن الموت، فيكون قد ترك فريضة في وقت قد دخلت)؛ لا وقت المغرب الذي كان وسيعاً، حيث صرّح بذلك صاحب «المصباح» وصاحب «مستند العروة»، وجعله قرينةً على توسعة وقت للمغرب والعشاء، بل أضاف في «المستند» بأَنَّه: (يستفاد من قوله الأوَّل فالأوّل، أنّ الأوّلية تستدعي وجود ما يكون ثانياً، و إلاّ لما صح اتّصاف الشيء بالأوّليّة ، فقوله عليه‌السلام: (فالأوّل)، يستلزم فرض ثانٍ له لا محالة وهو الثالث من المجموع، وعليه فلا يحسن مثل هذا التعبير إلاّ عند فرض أُمور ثلاثة على أقلّ تقدير، والمفروض في المقام انحصار الفائت باثنين الظهر والعصر ، فكان من حقّ العبارة أن يقال يقضي الأوَّل وبعده العصر لا الأوّل فالأوّل) إلى آخر كلامه[1] .

لوضوح التعبير بأَنَّه (لا يأمَن الموت، قد ترك صلاة فريضةٍ في وقتٍ قد دخلت)، يصدق ويصحّ على وقت المختصّ للعشاء، بل هو المناسب مع ضيق الوقت الذي يحتمل فوت أصل الفريضة بتركها مع إتيان الفوائت أو غير ذلك.

كما أنَّه لو قلنا بمقالتنا فلا نحتاج إلى ما ذكره صاحب «مصباح الفقيه» بحمل جملة (يبدأ بالوقت الذي هو فيه) على التقيّة؛ لأجل بقاء سعة الوقت للإتيان بالعشائين من باب العدول عن تسمية الفريضة الحاضرة التي أُريد الابتداء بها ، إلى قوله عليه‌السلام: (يبدأ بالوقت الذي هو فيه)، و أنّه كان لأجل التقيّة ، فكأنّه أراد أنَّه يأتي أوّلاً بما هو وظيفته في الوقت على إجماله أي العشائين، ثمّ يقضي ما فاته الأَولى فالأَولى، لأَنَّه إذا فرض كون التذكّر واقعاً بعد الخروج عن وقت إجزاء المغرب، وصار المغرب فائتاً في وقت المختصّ للعشاء، فلا نحتاج حينئذٍ إلى مثل هذا الحمل لإصلاح الوقت بالنسبة إلى العشائين، بل المراد من قوله: (يبدأ بالوقت الذي هو فيه)؛ أي وقت العشاء الذي قد وقع في اختصاص الوقت له.

والنتيجة: أنّ الفوائت على هذا التقدير تكون ثلاثة، و هي: الظهر والعصر والمغرب، فالظهر و العصر يكون الترتيب بينهما بالتشريع، بخلاف الترتيب بين العصر والمغرب حيث لم يكن في أصل التشريع، بل مستفادٌ من الرواية الّتى تقول: (ثمّ يقضي ما فاته الأولى فالأولى) ، المنطبق على العصر والمغرب، كما ينطبق على الظهر والعصر، وهذا هو المطلوب. فتكون الرواية دليلاً على لزوم رعاية الترتيب فيما لم يجعل ذلك في أصل التشريع ، ومن ذلك نتعدّى إلى غير المورد، وهو مثل الغداة والظهر بعدم القول بالفصل، أي كلّ من قال بلزوم رعاية الترتيب بين العصر والمغرب، يقول بذلك في الغداة والظهر أيضاً، فيتمّ المطلوب، فتصير الرواية من أدلّة وجوب الترتيب كما عليه القدماء وبعض المُتأخِّرين.

هذا كلّه على فرض كون الرواية هكذا، وذكرها عند العشاء الآخرة، ولعلّ اشتماله على كلمة (الآخرة) مؤيّدٌ آخر لهذا الاحتمال، بكونه في الوقت المختصّ للعشاء كما قرّرناه.

أقول: بلغ وقت ملاحظة نصّ الرواية بحسب ما جاء في «المعتبر» بأن تكون العبارة (بعد العشاء) ، فالمراد بفريضة الوقت حينئذٍ هو المغرب دون غيره أي قام المصلّي باتيان صلاة العشاء قبل المغرب، ثمّ تذكّر بأَنَّه قد فات منه المغرب، أي لم يأت به لا الفوت بمعنى القضاء، فلابدّ حينئذٍ من إتيان المغرب الذي قد دخل وقته ولم يمتثله، ثمّ بعده أي بعد الإتيان بالعشاء يقضي ما فاته من الظهرين اللّذين كان الترتيب فيهما بالتشريع في الأداء، بل وهكذا في القضاء، فحينئذٍ تخرج الرواية عن مورد الاستدلال لوجوب الترتيب في غير مورد التشريع؛ لأنّ من حيث التشريع كان خارجاً عن مورد البحث، فينحصر الاستدلال لمورد البحث نقل الرواية بصورة الأولى لا الثانية.

 


[1] مستند العروة، ج5 / 161 ـ 162.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo