< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/02/26

بسم الله الرحمن الرحیم

يرد عليه أوّلاً: أنّ سياق الكلام في العبارات الصادرة عن المتكلِّم مختلفٌ:

فتارةً: يصدر بصورة الصراحة في التعليل كما في الأمثلة المعروفة، مثل: (لا تأكل الرمّان لأَنَّه حامض)، حيث يفيد أنّ الملاك في النّهي هي الحموضة دون ما كان حلواً.

و اُخرى: يصدر على كيفيّة التعليل لكن لا بالصراحة، بل من جهة المناسبة بين الحكم والموضوع، وكون العذر الحاصل للعبد المانع عن الصلاة حصل بنحوٍ خارج عن حيطة اختياره، وكان ذلك من باب غلب الله عليه، فلا يشمل ذلك ما كان باختياره، لخروجه موضوعاً عن الحكم، فالتقييد يتحقّق من سياق الكلام ولحنه، فمثل هذا السياق ظاهر في التعليل، بل قد يدّعى أنَّه أشدّ لضيق الكلام عن شمول غيره، فليس ذلك مجرّد تطبيق الكبريات على الصغريات حتّى يُدّعى أنَّه لا مفهوم لها، ولذلك ترى أنّ دعوى وجود المفهوم لمثل ذلك غير مجازفة، بل يؤكّد المفهوميّة كون مثل هذه الجملة إشارة إلى قاعدة ثابتة عند العقلاء، بأَنَّه إذا كان الفعل غير اختياري للمكلّف، وكان من عند الله ومسنداً إِليه تعالى، كان العبد فيه معذوراً، دون من لم يكن كذلك ، ولا نريد من المفهوم أزيد من ذلك .

هذا هو الإشكال الأوَّل الوارد على الاستدلال بدليل العذر على نفي القضاء، إذا كان عروض العارض عليه باختياره وفعله.

و ثانياً: المناقشة التي طرحها السيّد الحكيم نفسه في «المستمسك» على دليل من فاتته لإثبات القضاء على من باشر في احداث الجنون أو الإغماء على نفسه، و قد تصدّى لبيانه سيّدنا الحكيم في مستمسكه، حيث قال:

(فإن قلت: عموم وجوب القضاء موضوعه ما فات، وهو غير حاصل بعد انتفاء التكليف عن المجنون مطلقاً).

أقول: قد عرفت في المجنون نقله وجوابه، فلا ينبغي تكراره هنا.

و ثالثاً: ما نقله صاحب «الجواهر» عن صاحب «الرياض»، وقال: (استحسنه (أي وجوب القضاء) في «الرياض» لولا ما يظهر من الفوات من تحقّق الخطاب بالفعل، ثمّ يفوت وهو مفقود في المقام). في بيان إثبات وجوب القضاء لمن كان إغمائه من قِبل نفسه

وأجاب عنه صاحب «الجواهر»: (وفيه أوّلاً: منع عدم تحقّق الخطاب في الفرض أو بعض أفراده، لأنّ الممتنع بالاختيار لا يقبح معاملته معاملة المقدور المتعلّق به الاختيار.

وثانياً: منع توقّف صدق اسم الفوات على تحقّق الخطاب في ما نحن فيه، بل أقصاه توقّفه على عدم النّهي كالحائض ونحوها على إشكال .

فالأَوْلى في ردّ الشهيد حينئذٍ إطلاق النصوص بعد منع الانصراف المزبور، اللهمَّ إلاّ أن يثبت إجماعٌ كما أشْعَرَت به عبارته السابقة)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

قال صاحب «مصباح الفقيه»: بعد نقل كلام صاحب «الجواهر»: (وهو لا يخلو من جَوْدَة)[2] .

أقول: ولكن الدقّة والتأمّل في قوله عليه‌السلام: (من فاتته فريضة)، يفيد أنّ وجوب القضاء ثابتٌ لمَن تنجّز عليه وجوب إتيانه، غاية الأمر قد تخلّف عنه فيجب عليه القضاء، وهو لا ينافي استفادة المقتضي الموجود فيه كتحصيل المقدّمات قبل تحقّق الخطاب في أصل الواجب والتهيّؤ لبعض لوازمه، بحيث لو لم يقم بالممهّدات عاتبه العقلاء، بعد فرض فهم حصول ما كان يلزم تحصيله قبل تحقّقه، لكن كلّ ذلك لا يوجب أنَّه يصدق عليه أنَّه قد فوّت واجبه عمداً، فيجب عليه قضاؤه حتّى يندرج تحت قاعدة: (من فاتته فريضة فليقضها)، حتّى وإن سلّمنا صدق القاعدة المعروفة، و هي: (الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار) لأنّها أعمّ من صدق تحقّق الفوات الموجب لإيجاب القضاء.

و عليه، فإثبات وجوب القضاء لمن فاتته الفرائض بسبب من قِبَل نفسه لا يخلو عن إشكال ، اللهمَّ إلاّ أن يرجع لإثبات وجوب القضاء إلى بعض الإطلاقات، ويمنع انصرافها إلى غير المورد.

ثمّ إنّه لا فرق في الحكم بوجوب القضاء عليه أو عدمه؛ بين كون السبب الموجِب لذلك معصية أم لا، فيما إذا علم ترتّبه عليه وعمد به، نعم إذا جهل أو نسي أو اضطرّ اليه، لا يجب عليه القضاء، لأَنَّه أيضاً خارج عمّا يدلّ على وجوب القضاء كما أشار إِليه الأصحاب رضوان الله عليهم.

 


[1] الجواهر، ج13 / 5.
[2] مصباح الفقيه، ج15 / 393.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo