< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/02/25

بسم الله الرحمن الرحیم

بل قال صاحب «الحدائق» ـ بعد نقله كلام الصدوق في «الفقيه» من الحمل على الاستحباب ـ : (والعجب أنّ هذا كلامه في «الفقيه»، مع أنَّه كما تقدّم من عبارة «المقنع» اختار وجوب قضاء جميع ما فاته ، وهذا من نوادر الاتّفاق له في اختلاف الفتوى في مسألةٍ واحدة، وإن كان كثيراً في كلام المجتهدين من أصحابنا رضوان الله عليهم) ، انتهى كلامه[1] .

و بالجملة: ثبت من جميع ما ذكرنا من الأدلّة في الطرفين، قوّة كلام المشهور من عدم وجوب القضاء للمغمى عليه، إذا كان الإغماء بسبب آفةٍ سماويّة، المندرج تحت القاعدة التي يفتح الله منها ألف باب، فكان الله أعذر بعبده.

أمّا حكم القسم الثاني: وهو المجنون الذي يكون اغماؤه مستنداً إلى نفسه وفعله؛ و هذا المجنون:

تارةً: يكون ما يوجب ذلك معصية بنفسه، و اُخرى: ما لا يكون كذلك .

وكيف كان، فهل يجب عليه القضاء لأجل إسناده إِليه ، أم لا؟ فيه وجهان بل قولان:

قولٌ: بعدم الوجوب كالأوّل، تمسّكاً بإطلاق النصوص والفتاوى، حيث لم تفرّق في الحكم بين كونه من قبله أم لا.

وقولٌ آخر: هو الوجوب، وهو كما عن «الذكرى» ، بل نسب ذلك إلى غيره مشعراً بدعوى الإجماع عليه، وتبعه بعض من تأخّر عنه، بل ربّما يستظهر من «السرائر» ذلك، من جهة أنَّه قيّد عدم وجوب القضاء بما إذا لم يكن هو السبب في دخوله عليه بمعصية يرتكبها.في ذكر أدلّة القائلين بوجوب القضاء للمغمى عليه إذا كان مسنداً إلى نفسه

ومستند هذا القول: دعوى انصراف إطلاقات النصوص إلى ما هو المتبادر المتعارف من الإغماء، وهو الذي يكون اغماؤه غير مستند إلى نفسه، لا سيّما مع اشتمال بعض النصوص على جملةٍ كلام الإمام عليه‌السلام: (كلّما غلب الله عليه فهو أَوْلى بالعذر)، الدّالة على أنّ ما كان مستنداً إلى الله هو الموجب للأولويّة في قبول العذر، فيصير هذا خارجاً عن الإطلاقات الدالّة على عدم القضاء، فيدخل تحت عموم قوله عليه‌السلام: (من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته). كما هو المستفاد من صحيحة زرارة[2] .

أقول: هذا غاية ما استدلّ به في على وجوب القضاء عليه، ولكن المسألة لا تخلو عن شَوب الإشكال، فلا بأس بذكره، فنقول:

أُورد على القاعدة الأولويّة: بما قاله السيّد في «المستمسك»، بأنّ: (وجوب القضاء ـ إذا كان الإغماء باختياره ـ للتعليل في النصوص المتقدّمة وغيرها، ولكنّه متوقّف على ظهورها في ذلك وهو غير ثابت.

توضيحه: المراد من قوله عليه‌السلام: (فالله‌ أَوْلى بالعذر)، ليس العذر في القضاء، لأَنَّه ممّا لم يغلب عليه فيه، فتعيّن أن يكون المراد العذر في الأداء، لأَنَّه المغلوب عليه فيه، وحينئذٍ فالوجه في كونه جواباً عن حكم القضاء هو ثبوت قضيّة كلّية وهي كلّ من يُعذر في الأداء لا يجب عليه القضاء، فمفاد النصوص أنّ المغمى عليه داخل في موضوع القضيّة المذكورة، فيثبت له حكمها، وحينئذٍ لا دلالة فيها على انحصار العلّة في نفي القضاء في ذلك ، بل يجوز أن يكون له علّة اُخرى غيرها).

ثم قال رحمه‌الله: (فإنّ التعليل الصريح ظاهر في الانحصار ولا كذلك في التعليل المستفاد من تطبيق الكبريات على صغرياتها، فإنّه لا مفهوم له، وعليه فالنصوص المطلقة في نفي القضاء عن المغمى عليه، غير المشتملة على التعليل المذكور لا مقيّد لها ، فالعمل عليها متعيّنٌ)، انتهى محلّ الحاجة[3] .

 


[1] الحدائق، ج11 / 8.
[2] الوسائل، ج5 الباب6 من أبواب قضاء الصلوات، الحديث 1.
[3] المستمسك، ج7 / 55.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo