< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

92/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع

 

الوجه الثالث: وهو الذي يظهر من كلام صاحب «الجواهر» هنا، و قد ذكره أوّلاً، فقد تعرّض أوّلاً بأنّ وضع الأسامي يكون للأعمّ أو خصوص الصحيح للأجزاء المقتضي للصحّة، مع عدم العلم لأصل عدم المانع، ثم قال:

(لكن قد يُمنع للفرق بين الشكّ في أصل المانعيّة، والشك في موضوع ما ثبت مانعيّته، و الأوَّل هو المثمر اندراجه في الإطلاقات كما سمعت دون الثاني، وشيوع الفرق بين الشرط والمانع بوجوب العلم بإحراز الأوَّل والاكتفاء بعدم العلم في الثاني إنّما هو فيما كان عدم المانع مقتضى الأصل ونحوه، لا في مثل ما نحن فيه ممّا لا نصيب للأصل فيه، مع أنّ الواقع فيه المانع كما عرفت)، انتهى كلامه[1] .

أقول: لا بأس بتوضيح كلامه حتّى نقف على مراده، يقول عليه‌السلام إذا قيل أنّ الأصل في ناحية المانع عدمه المقتضي لصحّة العمل في المأتي به المشكوك، فيكفي في الحكم بالصّحة فيه عند عدم العلم؛ فيما إذا كان عدم العلم من جهة الشكّ في حدوث المانع، حيث يكون الأصل عند الشكّ في حدوث الحادث عدمه، كما لو شكّ المصلّي حين صلاته أنّ الدَّم غير المعفوّ مثلاً قد أصاب ثوبه أم لا، فالأصل عدمه، وكان عمله صحيحاً بواسطة هذا الأصل ، بخلاف ما لو لم يكن الشكّ في الوجود، بل كان وجود المانع مقطوعاً به لكن الشكّ كان في مانعيّة الموجود كما في المقام، حيث إنّه يقطع بأنّه لبس الجلد حين صلاته، لكنه شكّ في مانعيّة هذا الجلد الملبوس و عدمها، وليس لمثل هذا الشّك أصل يقتضي عدمه حتّى يحكم بصحّة صلاته؛ لأَنَّه ليس هنا شكّ في الوجود والحدوث حتّى يجري فيه أصالة العدم ، فلازم هذا التقرير هو البطلان مطلقاً، سواء قلنا بأنّ عدم كونه ميتةً أو حريراً شرطاً لا مانعاً ، وسواءٌ قلنا بوضع الأسامي للصحيح أو للأعمّ، أو للصحيح بصورة الخاص، كما لا فرق في وجوب الإعادة بأن انكشف الخلاف وظهر حاله، أو لم ينكشف.

و عليه ثبت أنّ ما جاء في المتن من الحكم بالإعادة بصورة الإطلاق جيّد في غاية الجَوْدَة.

ثمّ بعد الوقوف على حكم المصلّي الجاهل بجنس ما صلّى فيه من وجوب الإعادة، يقع البحث في حكم من صلّى في جلدٍ و قامت البينّة على أنّه من مأكول اللّحم ثم بان خطؤها، أو حكم الحاكم بحليّته ثم بان خطؤه، أو قامت البيّنة على كون هذه القطعة أرضاً فيجوز السجود عليها ثمّ انكشف له الخلاف، فيه وجهان:

الوجه الأوّل: ظاهر الدليل الوارد على حجّيّة قول البيّنة أو الحاكم هو وجود الأمر له في العمل بذلك، وترتّب الأثر عليه ، كما كان الأمر في الواقع كذلك، لأنّ قوله عليه‌السلام: (كلّما يؤدّي فعنّي يؤدّي) ليس معناه إلاّ أنّ حكمه حكم الواقع بلزوم ترتيب الأثر عليه، وأنّه مسقط للأمر لأجل كونه امتثالاً له، كما كان الأمر في الواقع كذلك ، فإذا سقط الأمر بالامتثال، فلا معنى للحكم بوجوب الإعادة و لزوم امتثال آخر بعده، وهذا هو معنى قاعدة الإجزاء في الأوامر الظاهريّة.

الوجه الثاني: لزوم الإعادة بعد كشف الخلاف، بناءً على أنّ مقتضى الدليل القائم على حجّيّة البيّنة و قول الحاكم ليس إلاّ تجويز الإقدام بمقتضى مدلول قولهما و ترتيب الأثر على قولهما ما لم ينكشف الخلاف ، وهذا لا يقتضي الحكم بعدم وجوب الإعادة حتّى بعد كشف الخلاف، بل هو لازم أعمّ، فلابدّ لإفهام كفاية ذلك حتّى بعد كشف الخلاف من وجود دليل آخر يدلّ على ذلك، كما لو لزم من الحكم بالإعادة العُسر والحرج، أو الاختلال في أمر المعاش والنظام والاجتماع، وتحقّق الهرج والمرج التي يطمئن الفقيه بأَنَّه مبغوض للشارع، فإنّ مثل هذا الحكم بعدم الاعادة لا علاقة له بلزوم الامتثال في الأوامر الظاهريّة حتّى يحكم بعدم البطلان وعدم الإعادة في جميع الموارد، فلعلّ الأمر بجواز الأخذ من سوق المسلمين من القسم الثاني، كما أشار الإمام عليه‌السلامإلى ذلك في متن الحديث بقوله عليه‌السلام: «لولا ذلك لما يبقى للمسلمين سوق»، حيث لا يبعد جواز ترتيب الأثر عليه ما لم ينكشف الخلاف في خصوص واحد تفصيلاً، دون ما لو علم البطلان في بعض مواردها إجمالاً ، وليس ذلك إلاّ لما ذكرناه ، بل لعلّ منه ظهور الخطأ في ظنّ المجتهد أو الرجوع إلى مجتهدٍ آخر يُخطّئ ظنّ المجتهد السابق الذي كان يقلّده بتجويزه العقد بالفارسيّة في صيغة النكاح مثلاً، و عمل به مقلّده و نكح بها و انجب أولاداً منها، فإنّ الحكم بالفساد الثاني يستلزم عواقب خطيرة، فبذلك يظهر أنّ الوجه في عدم الحكم بإعادة العقد ليس باعتبار ما ذكروه من اقتضاء الحجّيّة ذلك حتّى بعد كشف الخلاف، بل لما عرفت في مثل هذه الموارد ممّا يقطع الفقيه بأَنَّه مبغوضٌ للشارع فيحكم بالإجزاء، هذا بخلاف مثل الصلاة حيث لا يوجب الحكم بالإعادة عروض تلك التوالي الفاسدة عليه، بل مقتضى التأمّل في كلام الأصحاب وحصرهم معذوريّة الجاهل بعدم لزوم الإعادة بعد كشف الخلاف في المسألتين ـ (من الجهر والإخفات والقصر والإتمام ـ ومقتضى حكم الشرطيّة في بعضها لو انكشف ذلك بعد العمل، هو وجوب الإعادة، حيث يفهم من الأدلّة حصول الإذن في الإقدام مع قيام البيّنة وحكم الحاكم و فتوى المجتهد في بعض الموارد، لا سقوط الأمر مطلقاً حتّى بعد كشف الخلاف كما هو مقصود الخصم.

 


[1] الجواهر، ج12 / 235.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo