92/03/12
بسم الله الرحمن الرحیم
تتمه صلوات المرغبات
موضوع: تتمه صلوات المرغبات
الفرع الثاني: استظهر صاحب «الجواهر» عن المحقّق من جهة اقتصاره بجواز الجلوس فقط، عدم جواز غيره من الحالات مثل الاستلقاء والاضطجاع ونحوهما في النافلة اختياراً، لكن فيه تأمّل، لأنّ عدم ذكره لا يفيد عدم الجواز.
نعم، صرّح بذلك الشهيد وغيره، لكن أجاز ذلك العلاّمه في «النهاية».
والدليل على عدم الجواز: قيل إنّه الأصل، مع أنَّه كما ترى إذا قام الدليل على خلافه.
وقد استدلّ العَلاّمَة على الجواز بما اشتهر أنّ الكيفيّة تابعة للأصل فلا يجب.
وقد أُجيب عنه أوّلاً: بأنّ الوجوب هنا بمعناه الشرطي كالطهارة لا الوجوب التكليفي.
وثانياً: بما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله: «من صلّى قائماً فله نصف أجر القاعد»[1] .
وأُجيب عنه: بأَنَّه ليس من طرقنا، فلا يتمسّك به لإثبات مثل هذا الحكم المخالف لأصالة التوقيف في العبادة.
أقول: لكن الأوجه هو الجواز لأُمور:
أوّلاً: بدليل التسامح في كيفيّة العبادة كأصلها، فيكفي حينئذٍ في إثباته بمثل فتوى الفاضل، وبالخبر النبوي وإن لم يكن من طريقنا.
وثانياً: بفحوى النصوص الواردة في جواز فعل النافلة في حال الجلوس والمشي و السّفر ونحو ذلك، ممّا يفهم كون المطلوب أصل وجودها في الخارج في أيّ حالٍ كان.
وثالثاً: بالخبر المرويّ عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «صلِّ في العشرين من شهر رمضان ثماني بعد المغرب، واثنتي عشر ركعة بعد العتمة، إلى أن قال: قلت: جُعِلْتُ فداك فإن لم أقو قائماً؟ قال: فجالساً، قلت: فإن لم أقوَ جالساً؟ قال: فصلِّ وأنت مستلقٍ على فراشك»[2] .
حيث يفهم أنّ المراد من عدم القوّة هو الضعف في الجملة، لا عدم الاستطاعة، كما يؤيّد ذلك نفي القوّة في القيام و تبدله الى الجلوس ممّا يفيد عدم اشتراط عدم الاستطاعة فيه، فإذاً الأقوى هو الجواز كما لا يخفى.
الفرع الثالث: إطلاق أكثر النصوص والفتاوى هو التخيير في الجلوس بين جميع أقسامه وكيفيّاته ، بل في بعض النصوص نفي البأس عن التربّع ومَدّ الرِّجلين:
منها: رواية ابن ميسرة، قال: «سألتُ أبا عبدالله عليهالسلام: أيصلّي الرجل وهو جالسٌ متربّع ومبسوط الرِّجلين؟ فقال: لا بأس بذلك»[3] .
و منها: خبر ابن أبي عُمَير، عن أصحابهم، عن أبي عبدالله عليهالسلام: «في الصلاة في المحمل؟ فقال: صلِّ متربّعاً وممدود الرِّجلين وكيف ما أمكنك»[4] .
نعم، يكره الإقعاء، وهو كما قيل أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض، ويجلس على عقبيه كما يفعله العامَّة؛ لما ورد في صحيح زرارة من تحذير الامام الباقرعليهالسلام، قال: «وإيّاك والقعود على قدميك فتتأذّى بذلك»، الحديث[5] .
وكذا يُكرَه الإقعاء على نحو إقعاء الكلب، للنهي عنه في رواية معاوية بن عمّار وابن مسلم والحلبي، قالوا: «لا تَقْعِ في الصلاة بين السجدتين كإقْعاء الكلب»[6] . وتفصيل الكلام فيه موكولٌ إلى غير المقام.
ولكن جاء في «مصابيح الظلام» للطباطبائي: (أنَّه يستحبُّ للجالس مطلقاً أن يتربّع في جلوسه، فإذا ركع ثنّى رجليه بلا خلافٍ؛ لما ورد في الحسن عن حمران بن أعين، عن أحدهما عليهماالسلام، قال: «كان أبي إذا صلّى جالساً تربّع، فإذا ركع ثنّى رجليه»[7] . وقال: وهو أن ينصب فخذيه وساقيه كذا قالوا... إلى آخر كلامه).
بل نُقل الإجماع على استحباب التربيع قارئاً عن ظاهر «المنتهى» وغيره. وصريح «الخلاف»، كما عن ظاهر «المعتبر» وغيره استحباب ثني الرجلين راكعاً كما عرفت في خبر حمران.
نعم، قد يُستشعر من بعض الأخبار كراهة التربيع مطلقاً:
منها: مرفوعة عبدالعظيم ابن عبدالله بن الحسن العلوي، رفعه، قال: «كان النّبيّ صلىاللهعليهوآله يجلس ثلاثاً القرفصاء وهو أن يقيم ساقيه ويستقبلهما بيديه، ويشدّ يده في ذراعه، وكان يجثو على ركبتيه، وكان يُثنّي رجلاً واحدة ويبسط عليها الاُخرى ، ولم يُرَ صلىاللهعليهوآلهمتربّعاً»[8] .