« فهرست دروس
درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

91/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

صلاة الاستسقاء

موضوع: صلاة الاستسقاء

فهل يجب للناذر اقامتها في الصحراء؟

ظاهر الشيخ ذلك، لأَنَّه المعتاد والأفضل، وفي «الجواهر» وفيه نظر.

قلنا: لعلّه أراد أنَّه المتعارف في النذر، حيث يكون مشيراً إلى ذلك، و إلاّ إن اختصّ الصلاة بصلاة المطلق فإيجابه بذلك لا وجه له ، كما أنَّه لو قيّده بالصحراء وجب عليه ذلك.

ولو قيّده بالمنزل أو المسجد جاز له العدول إلى الأفضل، إن قلنا بعدم انعقاده مع وجود الأفضل، ولكن الشيخ صرّح بعدم جوازها في الصحراء مع التقييد بالمسجد، وفي «الجواهر» أنَّه حسن.

أقول: و لعلّ عدم الجواز مع التقيّد حتّى بالمنزل فضلاً عن المسجد، لا يخلو عن وجه، لعدم إثبات كون الخروج إلى الصحراء دخيلاً في أصل الاستسقاء. في استحباب الدُّعاء عند نزول المطر

الفرع السابع: يُستحبّ الدُّعاء عند نزول الغيث، لأَنَّه من الثلاثة أو أزيد التي أمر سبحانه و تعالى بالدُّعاء عندها وهي: عند نزول الغيث، والتقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، وظهور آية معجزةٍ لله‌ في أرضه[1] . بل وفي بعض الأخبار أزيد من ذلك.

وكذلك يستحبّ التمطّر في أوّل المطر، بأن يخرج فيه ليصيبه ، وكان ابن عبّاس إذا وقع الغيث قال لغلامه:

(أخرج فراشي ورَحلي يصيبه المطر، فقال له أبو الجوزاء: لِمَ تفعل هذا يرحمك الله؟ قال: لقول الله سبحانه وتعالى: «وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكا»[2] فأحببت أن يُصيب البركة فراشي ورَحلي).

أقول: لا يخفى أنَّه لا يجوز نسبة الأمطار إلى النجوم والأنواء ، والمراد من (النوء) على ما قيل هو سقوط كوكب في المغرب وطلوع رقيبه في المشرق، ومنه الخبر «مِنْ أمر الجاهليّة الأنواء»[3] ، وسُمِّيَ هذا الكوكب بالنّوء لأَنَّه يكون: إمّا بمعنى السقوط لأجل سقوطه في طرف المغرب، أو بمعنى النهوض لأجل نهوض رقيبه من المشرق. وحُكي عن أبي عبيدة أنّها ثمانية وعشرون نجماً معروفة المطالع في أزمنة السنة، يسقط في كلّ ثلاث عشرة ليلة نجمٌ في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر بمقابله من ساعته، وانقضاء هذه الثمانية و العشرون مع انقضاء السنة، وكانت العرب في الجاهليّة إذا سقط منها نجمٌ وطلع آخر، قالوا لابدّ من أن يكون عند ذلك مطرٌ، فينسبون كلّ غيثٍ يكون عند ذلك إلى النجم، فيقولون مُطِرنا بنوء كذا.

ثمّ بعدما علمت معناه، فهل يجوز القول بذلك أم لا؟

فإن قيل بذلك من جهة الاعتقاد بأنّ النوء يُمطرنا، بأن يَسند التأثير إِليه بنفسها مستقلاًّ، أو بدون دخالة من الله فيه ، فإنّه غيرُ جائز، لقيام البرهان على أنّ ذلك من فعل الله تعالى، بل الإجماع قائم عليه، ولأنّها تختلف كثيراً بالتقدّم والتأخّر، وليس ذلك إلاّ من الله تعالى، وهذا هو الذي ذهب الشيخ إلى عدم الجواز، إذ قال: (إنّه قد نَهى عنه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله)، ولعلّه إشارة إلى ما في رواية الجهني، وهي الرواية التي نقلها الشيخ في «الخلاف» والشهيد في «الذكرى» و العَلاّمَة في التذكرة و المحقّق في «المعتبر»:

عن زيد بن خالد الجهني، قال: «صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله صلاة الصبح في الحُديبيّة في أثر سمانة كانت من اللّيل، فلمّا انصرف النّاس قال: هل تدرون ما ذا قال ربّكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنّ ربّكم يقول: مِن عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ بالكواكب ، وكافرٌ بي ومؤمن بالكواكب، فمن قال مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب»[4] .

لوضوح أنّ المراد من هذا الحديث هو الاعتقاد بذلك، أي الاعتقاد في مدخليّة النجوم في التأثير ، وأمّا لو لم يكن اعتقاده إلاّ بالله‌، وأراد بذكره بيان وقته، وأنّه يقع في ذلك الوقت بإذن الله تعالى، فلا إشكال فيه كما عن «الذكرى»، قيل: (إنّه لا يكره لأَنَّه ورد أنّ الصحابة استسقوا بالمُصلّى، ثمّ قيل للعبّاس كم بقي من نوء الثُّريّا؟ فقال: إنّ العلماء يزعمون أنّها تعترض في الاُفق سبعاً بعد وقوعها، فما مَضَت السبع حتّى غيث الناس ولم ينكر ذلك أحدٌ).

 


[1] الوسائل، ج4 الباب23 من أبواب الدُّعاء، الحديث 9.
[3] الوسائل، ج8 الباب14 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ وغيره، الحديث 7 من كتاب الحجّ.
[4] الوسائل، ج8 الباب14 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ، الحديث 10 من كتاب الحجّ.
logo