« فهرست دروس
درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

91/11/30

بسم الله الرحمن الرحیم

صلاة الاستسقاء

موضوع: صلاة الاستسقاء

بل قد ورد في الحديث مرفوعاً عن ابن محبوب، قال: قال أبو عبدالله عليه‌السلام: «إنّ المؤمن ليدعو في الحاجة فيؤخّر الله حاجته التي سأل الله إلى يوم الجمعة ليخصّه بفضل يوم الجمعة»[1] .

بل قيل: إنّ المشهور بين المُتأخِّرين هو التخيير بين اليومين، بل يظهر من التذكرة الإجماع عليه ، بل عن المفيد وأبي الصلاح الاقتصار على الجمعة، ولعلّه لما ورد في الحديث في ذمّ يوم الاثنين:

منها: حديث أبي أيّوب الخرّاز، أنَّه قال: «أردنا أن نخرج فجئنا نُسلِّم على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال: كأنّكم طلبتم بركة الاثنين؟ قلنا: نعم، قال: فأيّ يوم أعظم شؤماً من يوم الاثنين؛ فقدنا فيه نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، وارتفع الوحي عنّا، لا تخرجوا يوم الإثنين واخرجوا يوم الثلاثاء»[2] .

و منها: حديث عليّ بن جعفر عليه‌السلام، قال: «جاء رجلٌ إلى أخي موسى بن جعفر عليهماالسلام، فقال: أُريد الخروج فادعُ لي، قال: ومتى تخرج؟ قال: يوم الإثنين، فقال له: ولِمَ تخرج يوم الإثنين؟ إلى قوله: وما من يوم أعظم شؤماً من يوم الاثنين، يومٌ مات فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، وانقطع فيه وحي السماء، وظُلِمنا فيه حقّنا» الحديث[3] .

بل هو يومٌ قد قُتل فيه الحسين عليه‌السلام، حتّى ورد أنّ مَن صامه أو طلب الحوائج فيه متبرّكاً حشره الله مكّباً على وجهه في النّار مع بني أُميّة.

أقول: رغم جميع ذلك كان العمل بالخبرين الدالّين على أنّ الخروج في يوم الاثنين المصادف لليوم الثالث أَوْلى من الجمعة بجهات شتّى:

الأولى: عمل الأصحاب بالخبرين.

الثانية: كون ذلك اليوم يوم الجمعة في حديث الرِّضا عليه‌السلام مع ذلك ذكر يوم الإثنين.

الثالثة: كون الأخبار المانعة للسفر مطلقاً أو لطلب الحاجة، فلا يشمل لمثل صلاة الاستسقاء.

الرابعة: لو أغمضنا عن جميع ذلك، يمكن أن يكون المنع لمن أراد الفعل بقصد التبرّك بيوم الاثنين، كما جاء في حديث عليّ بن جعفر عليه‌السلام حيث جاء فيه قول الراوي: «اطلب فيه البركة لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ولد يوم الاثنين، قال عليه‌السلام: كذبوا،ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يوم الجمعة»، الحديث.

الخامسة: إنّ الشروع بالعمل كان يوم السبت والخروج كان وسطه.

ثمّ أن يكون خروجهم حُفاةً، بل في «المسالك»: (ولكن نعالهم بأيديهم)، لم نقف على مستند لهما، و لعلّهم استنبطوا ذلك من قوله: (على سكينةٍ ووقار وخشوع ومسكنة)، الوارد في خبر هشام بن الحكم، كما جاء فيه بأنّ المؤذّنون في أيديهم عنزهم أي عِصيّهم، وفي المسالك: يخرجون في ثياب البذلة ـ بكسر الباءـ وهي ما يُمتهَن من الثياب.

قوله قدس‌سره: ولا يصلّوا في المساجد. (1) في عدم إتيان الصلاة في المساجد إلاّ بمكّة

 

(1) و الدليل عليه ما رواه أبو البختري من قوله: «ولا يُستسقى بالمساجد إلاّ بمكّة»[4] . والظاهر إطلاق نهيه الشامل حتّى وإن كانت مكشوفة، إلاّ بمكّة وهي مستثناة من هذا الحكم، فيجوز إتيانها بمسجد الحرام كما عليه الإجماع منّا ومن أكثر أهل العلم، كما نقله العَلاّمَة في «المنتهى»، والظاهر من كلام الماتن عدم استثناء مكّة، ولا وجه له بعدما ورد في الحديث من النّهي ، كما لا وجه لكلام الكاتب من إلحاق مسجد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بمسجد الحرام وغيره من مساجد مكّة بواسطة النّهي الوارد في هذا الخبر، ولو كان وجه الإلحاق اشتراك مسجد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله مع مسجد الحرام في بعض الأحكام لشرفهما، و إلاّ فيلزم القول بذلك في مسجد الكوفة ونحوه من المساجد المعظّمة المشرّفة أيضاً، فليس هذا إلاّ قياسٌ باطل عندنا.

نعم، لو حصل مانع في الخروج إلى الصحراء لخوف وشبهه جاز حينئذٍ اقامتها في المساجد، ولا بأس به كما في «الجواهر».

قوله قدس‌سره: وأن يُخرجوا معهم الشيوخ والأطفال والعجائز. (2) في ذكر استحباب الخروج مع الشيوخ والأطفال

(2) استحباب خروج هؤلاء معهم لكونهم من أهل الصلاح والورع والتقوى نوعاً ممّن يظنّ الإجابة بهم، هو المشهور بين الأصحاب كما في «الكفاية» و «الذخيرة»، بل وجودهم ربّما يوجب الأقربيّة الى الرّحمة وأسراعٌ للإجابة، مضافاً إلى ما جاء في النبويّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله المشهور بين العامَّة والخاصّة من أنَّه قال صلى‌الله‌عليه‌و‌آله:

«لولا أطفالٌ رضّع وشيوخٌ رُكّع وبهائم رتّع لصبّ عليكم العذاب صبّاً»[5] .

وفي المحكي عن «فقه الرِّضا» عليه‌السلام في الخطبة: «اللهمَّ ارحمنا بمشايخ رُكّع، وصبيان رُضّع، وبهائم رتّع، وشباب خضّع»[6] .

أو (شباب خشّع) ورد في نقل العامَّة في كتاب «الجامع الصغير» و «السنن الكبرى»، والمراد منهم من كان موصوفاً بالخشوع والخضوع الذين هم أصل الصلاح.

قال صاحب «الجواهر»: (المراد منهم هم الذكور دون الإناث والنساء، لأنّهنّ ممّن بخروجهنّ تتحقّق الفتنة، ولذا صرّح غير واحدٍ من الأصحاب بعدم خروجهنّ، بل لعلّه ظاهر الاقتصار على الشيوخ والأطفال والعجائز من الجميع).

أقول: يؤيّد ما ذكره ورود أخبارٍ على عدم خروجهن من البيوت:

منها: المروي عن فاطمة الزهراء عليهاالسلام: «ما هو خيرٌ لهُنّ؟ قالت: أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجلٌ»[7] .

نعم، قد يتأكّد الخروج من كان من أبناء الثمانين فصاعداً، لما ورد في الحديث: «أنَّه إذا بلغ الرجل ثمانين سنة غَفَر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر»[8] .

بل قد عرفت ذكر البهائم في الأدعية، فلا بأس بإتيانها للاستسقاء كما نُقل ذلك عن ابن حمزة والفاضل والشهيدين وأبي العبّاس، بل عن الكيدري زيادة البُله، لأنّهم أقرب للرّحمة، حيث لم يكتب لهم الذنب، ولذلك يكون خروجهم معهم أرجى للاستجابة، بل ومنه يظهر أنَّه لا بأس بكلّ ما يوجب الرجاء للإجابة وجلباً للرّقة والرأفة والرحمة.

قوله قدس‌سره: ولا يُخرجوا ذمّياً. (1) آداب صلاة الاستسقاء

وقد يؤيّد ذلك: ما روى الصدوق رحمه‌الله عن الصادق عليه‌السلام، قال: «إنّ سليمان بن داود عليهماالسلامخرج ذات يوم مع أصحابه يستسقي، فوجد نملةً قد رفعت قائمة من قوائمها إلى السّماء، وهي تقول: اللهمَّ إنّا خَلقٌ من خلقك ولا غِنى بنا عن رزقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم، فقال سليمان عليه‌السلام لأصحابه: إرجعوا فقد سُقيتم بغيركم»[9] .

حيث إنّ وجود الحيوان في الدُّعاء أوجب لنزول المطر، بل وهكذا في قصّة عالم قوم يونس، حيث أُمر بإتيان البهائم والتفريق بين أُمّهاتها وأطفالها، و كان ذلك سبباً لرفع العذاب عنهم لكثرة الضجيج والبكاء فيهم، الذي كان سبباً للترحّم والرّقة[10] .

(1) قد تُمسّك لإثبات هذا المنع بقوله تعالى: «وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ»[11] ، بل قد زيد في بعض كلام الأصحاب جميع الكفّار والمتظاهرين بالفسق والمنكر ونحوهما من المسلمين، ولعلّ ذلك لأجل بُعدهم عن الرحمة، وعدم محبّة الله سماع أصواتهم ، فحضورهم أبعد للإجابة ونقضٌ للغرض.

يمكن أن يقال في جواب ذلك بأُمور:

أوّلاً: ربّما يُعجّل في إجابتهم لعدم محبّة الله سماع أصواتهم ، عكس المؤمن الذي يحبّ سماع صوته فيؤخِّر إجابة دعائه، كما ورد في حديث أبي نصر البزنطي، عن أبي الحسن عليه‌السلام: «إنّ أبا جعفر عليه‌السلام كان يقول: إنّ المؤمن ليسأل الله عزَّ و جلّ حاجةً فيؤخّر عنه تعجيل إجابته حبّاً لصوته واستماع نحيبه» الحديث[12] .

وفي طرفه الآخر حديث ابن أبي عُمير، عن غير واحد من أصحابنا، قال: قال أبو عبدالله عليه‌السلام في حديث: «وإنّ العبد العدوّ لله‌ عزَّ و جلّ يدعو الله عزّ وجلّ في أمرٍ ينويه، فيُقال للملك الموكّل به إقض حاجته وعجّلها، فإنّي أكره أن أسمع صوته وندائه» الحديث[13] .

 


[1] الوسائل ج5 الباب41 من أبواب صلاة الجمعة، الحديث 1.
[2] الوسائل ج8 الباب4 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ وغيره، الحديث 1.
[3] الوسائل ج8 الباب4 من أبواب آداب السفر إلى الحجّ وغيره، الحديث 3.
[4] الوسائل ج5 الباب4 من أبواب صلاة الاستسقاء، الحديث 1.
[5] في الجامع الصغير، ج2 ص132، والسنن الكبرى، ج3 ص245.
[6] المستدرك، ج1، الباب1 من أبواب صلاة الاستسقاء، الحديث 4، وذكر الشباب مذكور في هذا الخبر عند الخاصّة.
[7] البحار، ج43 الباب4 سيرها ومكارم أخلاقها عليهاالسلام.
[8] البحار، ج3 من الطبعة القديمة الحجريّة، ص164، الباب64.
[9] الفقيه، ج1 ص333.
[10] تفسير الصافي في قصّة قوم يونس، الآية 98.
[12] الوسائل، ج4، الباب21 من أبواب الدُّعاء، الحديث 1.
[13] الوسائل، ج4، الباب21 من أبواب الدُّعاء، الحديث 3.
logo