« فهرست دروس
درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

91/10/03

بسم الله الرحمن الرحیم

مسائل خَمس

موضوع: مسائل خَمس

 

و منها: ما يستفاد من مفهوم حديث يونس بن يعقوب المرويّ عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «سألته عن الجنازة لم أدركها حتّى بلغت القبر، أُصلّي عليها؟ قال: إن أدركتها قبل أن تُدفن فإن شئت فصلِّ عليها»[1] .

فإنّ مقتضى مفهوم جملة: (إن أدركتها قبل أن تُدفَن) أنَّه لو أدركها بعد الدفن ليس الحكم كذلك، ولكنّه ساكت عن كون الجنازة قد صلّيت عليه أم لا.

اللهمَّ إلاّ أن يُحمل على ما هو الغالب في الخارج من وقوع الصلاة عليه، فعلى ذلك يخرج الخبر عن الاستدلال بكون الدفن مسقطاً حتّى للميّت الذي لم يُصلّ عليه.

هذه جملة الأخبار المشتملة على المنع من الصلاة على القبر بعد الدفن.

أقول: يقع البحث عن كيفيّة الجمع بين الطائفتين و رفع التعارض بينهما؟ والذي قيل فيه أو يمكن أن يقال وجوه:

الوجه الأوَّل: بأن تحمل نصوص الجواز على من لم يُصلّ عليه ، ونصوص المنع على مَن صُلّي عليه، وهذا هو الذي اختاره العَلاّمَة في «المختلف» ومالَ إِليه الكركي وغيره ممّن تأخّر عنه.

قلنا: هذا الحمل حسنٌ من حيث نفسه، إلاّ أنَّه يرد عليه:

أوّلاً: أنَّه مخالف للمشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً، بل لعلّه معقد ما حُكي من إجماع «الخلاف» و «الغنية» من جواز الصلاة على القبر لمن فاتته قبل الدفن ولم يُدركها، الشامل بإطلاقه لمن صلّى عليه، إن لم نقل إنّه هو الظاهر منه، خصوصاً بملاحظة ندرة وقوع الدفن قبل الصلاة.

وثانياً: أنّ ظاهر جملة: (فاتتك الصلاة على الميّت) هو وقوع الصلاة عليه قبل ذلك ، و هو ممّا لا يخفى على المتأمّل فيه.

وثالثاً: إطلاق لفظ (لا بأس) على الأمر الواجب ممّا لا يناسب ، إلاّ أن يقال بأنّ استعمال هذا اللفظ للواجب كان لأجل دفع ما يمكن أن يتوهّم المنع لأجل الدفن، فلا ينافي استفادة الوجوب من هذا اللفظ، خصوصاً مع اعتضاده للمطلقات الدالّة على وجوب الصلاة على الميّت الشامل حتّى لمن دفن.

كما أنّ حمل أخبار المنع على صورة من صلّى عليه فيه إشكالٌ لأنّه لا يناسب مع ما ورد في موثّقة عمّار، بقوله: (قلت: فلا يصلّى على الميّت إذا دفن؟ أجاب عليه‌السلام: لا يصلّى على الميّت بعدما يدفن)، الشامل لمن لم يُصلّ عليه فضلاً عمّن صُلّي عليه، وحمله على خصوص من صلّى عليه فقط بعيدٌ.

اللهمَّ إلاّ أن يقال: رغم أنّ ظاهره يفيد الإطلاق، لكن يرفع اليد عنه لأجل الجمع بينه و بين أخبار الجواز، فحينئذٍ يكون له وجه لو لم نجد محملاً وجمعاً أحسن منه، لأنّ القاعدة تقتضي حمل كلّ خبر على ما هو القدر المتيقّن فيه، ويرفع اليد عن ظاهره في غيره.

الوجه الثاني: بأن تحمل نصوص الجواز على إرادة محض الدُّعاء من الصلاة لا الصلاة المتعارفة، و تحمل نصوص المنع بعد الدفن على الصلاة المعمولة ، ويشهد لهذا الجمع صحيح محمّد بن مسلم أو زرارة، قال:

«الصلاة على الميّت بعدما يُدفن إنّما هو الدُّعاء. قال: قلت: فالنجاشي لم يُصلّ عليه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله؟ فقال: لا، إنّما دعا له»[2] .

 


[1] الوسائل، ج2، الباب6 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 20.
[2] الوسائل، ج2، الباب18 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 5.
logo