90/07/23
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الآیات
موضوع: صلاة الآیات
لا يقال: إنّه مع عدم تحقّق الوقت للكسوف، لا معنى للحكم بوجوب إتيان ما لا يلزم به القدرة على الامتثال، لأنّ وجوب الامتثال لا يتحقّق إلاّ بعد حصول السبب، فلا معنى لإيجاب تحصيله قبله.
لأنّا نقول: ربّما يمكن القول إنّه مع العلم بعدم قدرته على تحصيل الواجب في وقته، لو لم يحصّل شرطه قبل ذلك، كان الواجب عليه حفظه وتحصيله، نظير ما يقال لواجد الماء قبل دخول وقت الصلاة، وهو يعلم أنّه لو لم يحتفظ به يعجز عن تحصيله فيما بعد الوقت، فربّما قيل بوجوب حفظه مع أنّ وجوبه لو ثبت كان قبل وجوب ذيها.
وكيف كان، فالقول بوجوب حفظه لتحصيل الواجبين في وقتهما، قبل وجوبهما أو وجوب أحدهما، لا يخلو عن إشكالٍ، وإن كان القول به موافقٌ للاحتياط ، خصوصاً فيما إذا أسند ذلك إلى الإهمال كما عرفت.
نعم، لو لم يكن تأخيره في الحاضرة عن اختياره، بل حصل بنفسه وكذا في الكسوف، فالحكم بوجوب قضاء صلاة الكسوف حينئذٍ ممّا لا وجه له ؛ لعدم تنجّز التكليف في حقّه حتّى يوجب إسقاطه القضاء عنه، إذ لا يصدق عليه عنون (الفوت)، و بالتالي لا قضاء عليه.
و ممّا ذكرنا يظهر حكم ما لو كان تأخيره للحاضرة، و إنّما جمعها مع الكسوف لأجل وجود عذر يرفع به التكليف، كالصّغر والجنون والإغماء والحيض:
قال الشهيد الثاني رحمهالله: (فيه وجهان والعدم أوجه).
و جاء في «الذكرى»: إنّ عدم القضاء أظهر، لعدم التفريط، حيث إنّه لم يكن قادراً على الجمع، وإن كان قادراً على التقدير، وهو على ظرف عدم الإتيان بالآخر، لكنّه غير كاف في تنجيز التكليف، لأنّ الملاك فيه القدرة الفعلية لا التقديريّة اللولائيّة منها؛ لأنّ فرض مسألتنا وجوب تقديم اليوميّة لأهمّيتها، المستلزم لعدم القدرة على اداء صلاة الكسوف.
ولعلّ وجه التردّد وكون العدم هو أوجه، احتمال كفاية القدرة بصورة الإطلاق في إيجاب القضاء عليه، وإن كان في مقام العمل يقدّم اليوميّة، لكنّه لا يوجب نفي صدق (الفوت) عليه، فلذلك قالوا بأنّ الأظهر عدم القضاء، وإن كان الحكم بالقضاء أوفق بالاحتياط.
ثمّ قال الشهيد الثاني : (وفي إجراء النّاسي والكافر يُسلّم عند الضيق، مجرى المعذور عندي تردّدٌ؛ لأنّ التحفّظ من النسيان ممكنٌ غالباً، والكافر مأخوذٌ بالإسلام ومخاطبٌ بالصلاة، ومن عموم الرفع والإسلام يجُبّ ما قبله)، انتهى كلامه كما في «الجواهر».
قلنا: إن اعتبرنا ملاك وجوب القضاء تنجّز التكليف في حقّه والتفريط من جانبه، فالأَوْلى في ذلك هو عدم القضاء، لأنّه لم يصدق عليه ذلك؛ بمقتضى حديث الرفع، وإن كان التحفّظ عليه ممكناً، ولكن الله مَنَّ على العباد برفع المؤاخذة والقضاء عنهم بتحقّق النسيان وعروضه، فلا وجوب عليه فلا فوت ولا قضاء عليه.
وأمّا إن كان الملاك في التنجّز هو إمكان تحصيله، ولو من طريق التحفّظ، مع الغضّ عن مقتضى حديث الرفع بالنسبة إلى الحكم التكليفي، بل غايته نفي العقوبة والعذاب، فلازمه وجوب القضاء ، ولعلّه لذلك حكم صاحب «الجواهر» بالقضاء بقوله: (ولو قيل بقضاء الكسوف مطلقاً كان وجهاً، لوجود سبب الوجوب، فلا ينافيه العارض)؛ وقَبِله ثمّ أيّده بما عرفت من أنّ (إطلاق النصوص في المقام يقتضي وجوب الاشتغال بصلاة الكسوف، بل خلوّها عن التعرّض للسقوط فيما لو ضاق وقت الحاضرة، وكان الاشتغال بها يخرج معه الكسوف الذي هذا المقام مقام بيانه، باعتبار كون السؤال عن مثل ذلك ، فتأمّل جيّداً) . انتهى كلامه[1] .