« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ عبدالله احمدي الشاهرودي

46/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

جلسات 53،54،55 - مسال۱۲ انه هل یجوز الشراء بالذمه فی صوره الاطلاق او لا

موضوع: جلسات 53،54،55 - مسال۱۲ انه هل یجوز الشراء بالذمه فی صوره الاطلاق او لا

مسألة12: المشهور على ما قيل إن في صورة الإطلاق يجب أن يشتري بعين المال‌ فلا يجوز الشراء في الذمة و بعبارة أخرى يجب أن يكون الثمن شخصيا من مال المالك لا كليا في الذمة و الظاهر أنه يلحق به الكلي في المعين أيضا و علل ذلك بأنه القدر المتيقن و أيضا الشراء في الذمة قد يؤدي إلى وجوب دفع غيره كما إذا تلف رأس المال قبل الوفاء و لعل المالك غير راض بذلك و أيضا إذا اشترى بكلي في الذمة لا يصدق على الربح أنه ربح مال المضاربة و لا يخفى ما في هذه العلل. و الأقوى كما هو المتعارف جواز الشراء في الذمة و الدفع من رأس المال ثمَّ إنهم لم يتعرضوا لبيعه و مقتضى ما ذكروه وجوب كون المبيع أيضا شخصيا لا كليا ثمَّ الدفع من الأجناس التي عنده و الأقوى فيه أيضا جواز كونه كليا و إن لم يكن في المتعارف مثل الشراء

انّ للمسالة صورا ثلاثة:

الاول ما اذا صرح المالک بالاطلاق بانه یجوز الشراء بالذمة کما یجوز ان یشتری بعین راس المال

الثانی ما اذا صرح بعدم جواز الشراء الّا شخصیا و بعین راس المال

الثالث ما اذا لم یصرح بشئ بل انما امره بالشراء

و لایخفی انّ الصورتین الاولتین یکون حکمُهما واضحا، و انما الکلام فی الصورة الثالثة ای صورة الاطلاق و عدم التصریح بالشراء شخصیا او کلیا.

فاختار المشهور بوجوب الشراء بعین راس المال حینئذ لوجوه ثلاثة ذُکرت فی المتن و قد تقدّم بیانها منّا.

و لکنّ الماتن قدس سره قد اختار جواز الشراء بالذمة حینئذ لِما فی تلک الوجوه الثلاثة من الاشکال.

اَما عدم تمامیة الوجه الاول فلانّ جریان اصالة الفساد انما یکون فیما اذا لم یکن لِکلام المالک اطلاقٌ فانه لو کان لکلامه ای «خذ هذا و اتجر به» اطلاقٌ لَحُکمَ بالصحة بمقتضی الاطلاق و لا وجه لجریان اصالة الفساد فیما اذا کان لِکلام المالک اطلاق فلا مجال حینئذ للاخذ بالقدر المتیقن و اِجراء الاصل فیما عداه کما لایخفی. و الاطلاقُ فی کلام المالک موجود، و سرُّ ذلک انّ المتعارف من الشراء و الغالب فیه هو الشراء بالذمة لا بالثمن الشخصی الجزئی فانه نادر جدا، و الغلبةُ المذکورة توجب اطلاق کلام المالک و شموله لِلشراء بالذمة بحیث انه لو اراد خصوص الشراء بالثمن الشخصی لکان علیه ان یُصرِّح بذلک فانّ الکلام منصرف الی الفرد المتعارف منه و المفروضُ انّ المتعارف هو ذلک.

ان قلتَ انّ المالک قد صرّح بذلک فانه قد قال حسب الفرض:«خذ هذا المال و اتجر به» و لایخفی انّ الاتجار بالمال المشار الیه انما یتحقق بجعل الثمن شخصَ راس المال لا ان یشتری بالذمة ثم یودی راس المال فی مقام اداء الدین

قلتُ انّ قول المالک لابد من ان یُحمَل علی ما هو المتفاهم لدی العرف و لایخفی انّ العرف یرون صدقَ الاتجار براس المال سواء اِشتری بجعل الثمن عین راس المال بنحو الشخصی او اشتری بالذمة و ادّی دینه براس المال؛ فالتعبیر المذکور لایکون شاهدا علی عدم الاطلاق.

مضافا الی انه لو قلنا بعدم شمول القول المذکور و عدم اطلاقه اللفظی للشراء بالذمة و لکن یکفی فی المقام الاطلاق المقامی فانّ العقلاء و لو قلنا بعدم فهمهم للاطلاق اللفظی و لکن حیث راوا انّ الغالب فی المعاملات هو الشراء بالذمة لا بعین المال فبنوا علی جواز الشراء بالذمة فانّ ارادة خلافه مما یغفل عنه العامة فیحتاج الی تصریح المالک به و المفروضُ عدم تصریحه بالخلاف فانّ العرف لایحکمون بواسطة کلامه المذکور انه یرید اختصاص جواز الشراء بالشراء بعین راس المال لا بالذمة.

و اَما عدم تمامیة الوجه الثانی فقد یقال انّ السرّ فیه هو انّ المعاملة بالثمن الشخصی حیث انه یکون نادرا جدا فیبنون علی کون المعاملة کلیةً فلابد حینئذ من اعطاء فرد آخر عند تلف المال کما هو الشان فی سائر المعاملات الکلیة.

و لکنّ هذا البیان غیرتام لانّا نسئل انّ المالک هل یقصد جواز المعاملة و لو بمال آخر عند تلف راس المال او لا؟ الظاهر انه علّق اذنه بالشراء علی خصوص ما اذا کان المدفوع الی البائع بعنوان الثمن هو نفسُ راس المال لا مال آخر منه، فلایَرضی بالشراء فیما اذا تلف راس المال، و هذا یکون تعلیقا فی الاذن و لایخفی انّ التعلیق فی العقود مُبطل و لذا کان المتعین هو ما ذهب الیه المشهور من وجوب الشراء براس المال و شخصیا لا بالذمة.

اللهم الّا ان یقال انه حیث کان المتعارف فی المعاملات هو الشراء بالذمة لا بالثمن الشخصی استقرت السیرة العقلائیة علی صحة الشراء بالذمة فی المقام و لایجب علی المالک دفعُ مال آخر اذا تلف راس قبل قبض البائع له لانّ المالک قد علّق اذنه بالشراء علی ما اذا کان المدفوع هو راس المال لا مال آخر منه، و هذا و ان کان تعلیقا فی العقد و لکن لایُضرّ بعد ما ذکرنا من قیام السیرة العقلائیة علی البیع المذکور فانّ الدلیل علی مبطلیة التعلیق انما هو الاجماع فلابد من الاخذ بالقدرالمتیقن منه و لایخفی انّ القدر المتیقن منه هو غیر المقام.

اَما عدم تمامیة الوجه الثالث فلانّ الشخص اذا اشتری بالذمة ثم ادّی الدین بمال المالک فحصل الربح صَدَق حینئذ انّ الربح الحاصل هو ربحُ مال المالک فلایتوقف صدقُ کون الربح ربحاً لِمال المالک علی جعل الثمن عین راس المال بل مجردُ اداء الدین براس المال یکفی فی الصدق.

و ان ابیت عن ذلک و قلتَ بعدم صدق کونه ربحاً لِمال المالک فبعدَ ما عرفتَ من استقرار بناء العقلاء علی جواز الشراء بالذمة من جانب العامل و کونه متعارفا و غالبا فی الشراء لامجال للاشکال فی صحة المضاربة حینئذ بل المعاملة صحیحة بالسیرة العقلائیة الغیر المردوعة من جانب الشارع، فیکون الربح بینهما و ان لم یصدق بالدقة کونه ربحا لذلک المال.

ثم قال الماتن قدس سره: ثمَّ إن الشراء في الذمة يتصور على وجوه أحدها أن يشتري العامل بقصد المالك و في ذمته من حيث المضاربة.

المراد من قوله:«من حیث المضاربة» هو انّ العامل و ان اشتری للمالک و بذمته لکن یقصد من ذلک کونه للمالک علی وجه المضاربة بحیث یکون الربح بینهما علی تقدیر حصوله، لا اجنبیا عن المضاربة فیکون الربح کلّه للمالک.

الثاني أن يقصد كون الثمن في ذمته من حيث إنه عامل و وكيل عن المالك و يرجع إلى الأول و حكمها الصحة و كون الربح مشتركا بينهما على ما ذكرنا و إذا فرض تلف مال المضاربة قبل الوفاء كان في ذمة المالك يؤدي من ماله الآخر. الثالث أن يقصد ذمة نفسه و كان قصده الشراء لنفسه و لم يقصد الوفاء حين الشراء من مال المضاربة ثمَّ دفع منه و على هذا الشراء صحيح‌ و يكون غاصبا في دفع مال المضاربة من غير إذن المالك إلا إذا كان مأذونا في الاستقراض و قَصَدَ القرض‌.

و قد ذُکرت طرق ثلاثة لِحلّیة اداء العامل لراس المال فی هذا الفرض:

الاول ان یکون العامل وکیلا من قبل المالک فی ان یُقرض نفسَه راسَ المال من قِبل المالک، فالمالکُ قد وکّل العامل فی الامرین: فی الشراء للمالک و دفعِ راس المال بعنوان الثمن و فی اِقراضه لِنفسه مِن قبل المالک و وکالةً عنه فالمالک قد وکّله فی ان یُقرض من جانبه الی نفسه

الثانی ما اشار الیه المحقق الحکیم قدس سره من انّ العامل یجوز له ان یشتری لنفسه و بذمته لا للمالک ثم دَفَعَ راس المال الی البائع بنیة انشاء المعاوضة الجدیدة بمعنی انه قد اشتری لنفسه ثم یشتری للمالک ما قد مَلکَه بالبیع الاول، و انما انشا العاملُ هذا البیع الثانی بالفعل لا بالقول، و المرادُ من الفعل نفسُ دَفعِه لراس الی البائع الاول فانّ هذا یکون انشاءً للبیع الثانی انشاءً بالفعل معاطاةً دون القول.

الثالث ان یشتری العامل لنفسه و بذمته و یدفع راس المال فی مقام اداء دینه الی البائع و لکن یقصد بنفس اعطائه لِراس المال تملیک المال الذی اشتراه لنفسه للمالک.

ثم انه هل تحتاج صحة عقد القرض او صحة عقد بیع المال الی المالک ثانیا الی انشاء القبول ایضا او یُکتفی فیهما بمجرد انشاء الایجاب؟

اختار المحقق الحکیم قدس سره انه لایحتاج هذا العقد الی القبول فانّ العقد اذا کان طرفاه شخصا واحدا وکالةً او ولایة یکفی فی صحته مجرد الایجاب و لایحتاج الی القبول. و لذا اذا زوّج الجدّ بنت ابنه لابن ابنه الآخر ولایةً کان مجرد انشائه ایجابا کافیا فی صحة النکاح و لایحتاج الی انشاء القبول.

و استشکل علیه المحقق الخویی قدس سره بانّ النکاح و القرض و نحوهما عقدٌ، و لایخفی انّ العقد یحتاج الی الایجاب و القبول و لایُکتَفی باحدهما دون الآخر سواء کان طرفاه شخصا واحدا او متعددا.

و الحقُّ فی هذا النزاع هو ما ذهب الیه السید الخویی قدس سره فانّه لافرق بین کون العاقد شخصا واحدا او متعددا فانّ السیرة العقلائیة قد استقرت علی لزوم انشاء القبول و عدم کفایة انشاء الایجاب مطلقا سواء اتحد العاقد او تعدد فلایُکتَفَی باحدهما عن الآخر.

نعم ربما یمکن ان یقال انّ للبیع مثلا استعمالین:

الاول ما یُستَعمَل فیه لفظ البیع فی خصوص صیغة الایجاب، مثل ما اذا سال الشخص عن الآخر:«هل بعتَ دارک امسِ؟» فاجابه:«نعم قد بعتُه و لکن هو لم یشترِ» فاستعمل لفظ البیع هنا فی خصوص طرف الایجاب

الثانی ما یُستعمل فیه اللفظ المذکور فی مجموع الایجاب و القبول مثل ان یرید شخص شراء دار زید فیقول له زید:«قد بعتُ داری امس من عمرو» فیرید من ذلک مجموع الایجاب و القبول الموجب لانتقاله الی عمرو.

و لو کان مراد السید الحکیم قدس سره خصوص هذا القسم الثانی بان یدعی انشاء الایجاب و القبول بمبرِز واحد و انشاء فارد من شخص واحد فهو لیس ببعید و ان لایخلو عن اشکال ایضا لانّا لم نحرز بناء العقلاء علی ذلک.

و اَما لو کان مراده هو القسم الاول بمعنی استعمال لفظ البیع فی خصوص طرف الایجاب و القول بکفایة ذلک عن القبول بحیث لانحتاج الی ابراز القبول و انشائه فهو غیرتام جدا کما ذکرنا لانّ بناء العقلاء استقرّ علی لزوم ابراز القبول و عدم جواز الاکتفاء بمجرد انشاء الایجاب عنه.

و لذا انّ اطلاق کلام المحقق الحکیم غیرتام جدا.

الرابع كذلك لكن مع قصد دفع الثمن من مال المضاربة حين الشراء حتى يكون الربح له فقصد نفسه حيلة منه و عليه يمكن الحكم بصحة الشراء و إن كان عاصيا في التصرف في مال المضاربة من غير إذن المالك و ضامنا له بل ضامنا للبائع ایضا حیث انّ الوفاء بمال الغیر غیرصحیح. و یُحتمل القول ببطلان الشراء لانّ رضی الباائع مقیّد بدفع الثمن و المفروضُ انّ الدفع بمال الغیر غیر صحیح فهو بمنزلة السرقة کما ورد فی بعض الاخبار انّ من استقرض و لم یکن قاصدا للاداء فهو سارق. و یحتمل صحة الشراء و کون قصده لنفسه لغوا بعد ان کان بناءه الدفع من مال المضاربة فانّ البیع و ان کان بقصد نفسه و کلیا فی ذمته الّا ان ینصبّ علی هذا الذی یدفعه فکانّ البیع وقع علیه. و الاوفق بالقواعد الوجه الاول و بالاحتیاط الثانی و اضعف الوجوه الثالث و ان لم یستبعده الآقا البهبهانی.

فالوجوه فی المسالة ثلاثة:

الاول صحة الشراء لنفسه و ان کان عاصیا فی اداء مال الغیر الی المدین فیصیر ضامنا للمالک و کذا یبقی شغل ذمته للبائع لعدم صحة الوفاء بمال الغیر اذا لم یرض بذلک.

الثانی بطلان الشراء راسا لا لنفسه و لا للمالک، اَما بطلان الاول فلانّ رضا البائع بالبیع مقید بدفع الثمن من المال الحلال فاذا دفعه من الحرام انکشف بطلان البیع من الاول لانّ رضاه کان مقیدا. و اَما بطلان الثانی فلانّ العقود تابعة للقصود فانّ العامل انما اشتری لنفسه لا للمالک فلایقع الشراء للمالک.

الثالث صحة الشراء و وقوعه للمالک لا لنفسه و کان قصدُ کونه لنفسه لغوا فهو واقع للمالک اذا قصد اداء الثمن حین الشراء من راس المال، نظیر ان یبیع الغاصب مال المغصوب لنفسه و لکن یقع الشراء للمغصوب منه-ای المالک- مع اجازته للشراء کما ذکره الشیخ الانصاری فی القسم الثالث من الفضولی فی المکاسب فمجردُ کون قصد الغاصب وقوع البیع له لایضرّ فانّ العقود و ان کانت تابعة للقصود و لکن الغاصب قد قصد بیعه للمالک لا لنفسه، غایة الامر انه یدعی کونه هو المالک و یُنزِّل نفسه هو المالک، فاصلُ قصده للبیع للمالک حاصل و انما الفرق فی المصداق فاذا اجاز المالک الواقعی للبیع صح البیع علی القاعدة لانه بیع وقع للمالک فاجازه فکان عن رضاه حین انتسابه الیه.

و اختار الماتن قدس سره الوجه الاول.

و لایخفی انّ تنظیر المقام الی مسالة بیع الغاصب یکون قیاسا مع الفارق فانّ الشیخ الانصاری قدس سره قد ذکر انّ بیع الغاصب یکون من جملة موارد البیع الفضولی فی خصوص ما اذا باع الغاصب العین المغصوبة لا ان یبیع بالذمة ثم یدفع فی مقام الاداء العین المغصوبة فانه اذا باع العین المغصوبة قد باع للمالک، غایة الامر انه قد ادعی کونه هو المالک، فاذا انکشف الخلاف انما تغیَّر مصداق المالک فلا خلل فی اصل البیع للمالک و نیة وقوع البیع للمالک، بخلاف المقام فانّ العامل قد اشتری لنفسه بالذمة و کلّیاً و انما یدفع فی مقام الاداء راس المال و حینئذ کیف یقع هذا الشراء للمالک مع انّ العقود تابعة للقصود و العامل انا قصد کون الشراء واقعا له لا للمالک.

و تبتنی المسالة علی انه هل النیة الارتکازیة مقدَّمة علی الرضا الفعلی الظاهری او الرضا المذکور مقدم علیها؟ مثلا یدخل شخص فی دار الآخر و صاحبُ الدار یزعم انّ ذلک الشخص یکون من الطلاب المشتغلین بالفقه و لکنه لایکون کذلک بل یکون مشتغلا بالفلسفة مثلا، و صاحب الدار یکون عدوا للفلاسفة و مبغضا لهم، فیضع عنده الطعام بحسب زعمه لکونه من الفقهاء فهل یجوز اکل ذلک الطعام له او لا؟ فلو قلنا بتقدیم الرضا الفعلی علی النیة الارتکازیة فهذا جائز، و لو قلنا بعکسه فلا. قد یقال انّ الارتکاز مقدم علی الرضا الفعلی فلایجوز الاکل فی المثال المذکور.

و اَما الماتن قدس سره فهو قد قدّم الرضا الفعلی علی النیة الارتکازیة و لذا قال بصحة الشراء المذکور فانّ البائع قد رضی بالشراء فعلا و هذا کاف فی صحة الشراء و لو لم یرض به لو علم بان المشتری سیدفع من المال الحرام.

و المحقق الخویی قدس سره قد فصّل فی هذه المسالة بین التصرف المترتب علی الرضا الاعتباری الانشائی و بین التصرف التکوینی المترتب علی مجرد الرضا الفعلی الظاهری الغیر الانشائی، بتقدیم الرضا الفعلی فی الاول و بتقدیم النیة الارتکازیة فی الثانی؛ و مثال الاول انه اذا کان لزید مقدارا من الفواکه و کان هو ذا شان لدی الناس فجاء شخص آخر فاخذ الفواکه بمرای زید و هو -ای زید- لم یزجره و لم یردعه عن ذلک و ان لم یرض بذلک حذرا من ان یتهم لدی الناس بالخسة فهذا التصرف حرام و یُقدَّم عدم الرضا الباطنی علی الرضا الظاهری.

و مثال الثانی-ای التصرفات المترتبة علی الرضا الانشائی الاعتباری- اذا طلب شخص من الآخر فی حضور جماعة ان یهب کتابه الیه و کان المطلوب منه شخصا وجیها یخاف من ان یتهم بالخسة عند الناس و لذلک یقبل و یهبه ذلک الکتاب مع انه لم یکن راضیا بذلک باطنا فمجردُ الرضا الانشائی و الهبة الاعتباریة الانشائیة یکفی فی جواز تصرف المتهب فی ذلک الکتاب فانّ الرضا الانشائی الاعتباری یُقدَّم علی عدم الرضا الباطنی فانّ العبرة و المدار فی حلّیة التصرف بالاول دون الثانی.

ان قلت انّ ما ذکرتَ من انّ العبرة بالرضا الانشائی لا عدم الرضا الباطنی مخالف لما ورد من انّ الماخوذ حیاءً کالماخوذ غصبا فانه قد دل علی انّ الشخص اذا وهب کتابه الی الآخر مثلا حیاءً من دون رضاه الباطنی کان التصرف فیه حراما

قلتُ انّ ما ورد من انّ الماخوذ حیاءً کالماخوذ غصبا انما هو ناظر الی خصوص القسم الاول بمعنی انه اذا تصرف الشخص فی مال الآخر من دون ان یاذن له و یُبرز رضاه و لم یردع عنه ایضا لِحیائه مثلا کان التصرف الذکور حراما و کالغصب، لا الی القسم الثانی الذی یُبرز المالک فیه رضاه انشائیا مع عدم رضاه باطنا فانّ التصرف حینئذ حلال.

ان قلتَ فعلی ذلک لابد من ان تقول بصحة البیع الاکراهی فانّ المُکرَه قد انشا البیع و المعاملة و ابرزه مع عدم رضاه باطنا، مع انه لایمکن الالتزام بصحته

قلتُ نعم انه بناءً علی القواعد لابد من القول بصحته و انما نقول ببطلانه و نرفع الید عن مقتضی القاعدة لورود النص علی البطلان؛ و لذا نقول فی نظیره من بیع المضطر بالصحة فانّ المضطر قد انشا البیع مع عدم رضاه باطنا بالمعاملة و البیع و مع ذلک نقول بصحة بیعه بمقتضی القاعدة و عدم ورود نص خاص علی خلافه.

و قد یقال انّ السیرة العقلائیة استقرت علی تقدیم النیة الارتکازیة علی الرضا الظاهری و هذه السیرة غیرمردعة فتکون حجة.

و فیه انّ السیرة غیرموجودة باطلاقها و انما تکون فی خصوص ما ذکرنا من القسم الاول فلاتکون حاصلة فی القسم الثانی فانّ العقلاء فیه یُقدّمون الرضا الظاهری الانشائی علی النیة الارتکازیة. مضافا الی ورود النقض علی هذه الدعوی فانه اذا افترضنا انّ شخصا اشتری متاعا و قد اراد حین الشراء عدم اداء الثمن ثم ندم من ذلک بعدُ فادّی الثمن الی البائع فهل یکون ذلک البیع باطلا؟ کلّا فانه صحیح قطعا مع انّ لازم الدعوی المذکورة بطلانه فانّ البائع لایرضی بالبیع المذکور فی ارتکازه بمعنی انه لو سالوه عن انه هل رضی ببیع ماله من شخص لم یرد اداء الثمن حین الشراء لاجاب ب:«لا» و لکنه قد غفل عن ذلک حین البیع فانشا البیع و ابرز رضاه المعاملی الانشائی و لذا یکون رضاه المعاملی مقدَّما علی نیته الارتکازیة. نعم ربما یهتم الشخص بالحلال و الحرام و یکون شخصا متدیّناً و لم یرض بنیته الارتکازیة من ان یدفع المشتری او البائع الیه من الاموال المتعلقة بها الخمس فاذا دفعه من تلک الاموال کانت المعاملة صحیحة لِما ذکرنا من حصول الرضا المعاملی الانشائی و لکن له الخیار للشرط الارتکازی الضمنی فانّ التزامه بالمعاملة کان مشروطا بالشرط الارتکازی بدفع المال الحلال الیه فاذا لم یُدفَع الیه المال الحلال کان له خیار الفسخ. و هکذا ما اذا اشتری سیارة و کان من نیته الارتکازیة کون لونه اصلیا فاذا کان لونه غیر اصلی کانت المعاملة صحیحة لوجود الرضا المعاملی الانشائی و انما یثبت له الخیار لِوجود الشرط الاتکازی الضمنی علی کون اللون اصلیا فاذا لم تکن السیارة کذلک کان له خیار تخلف الشرط. فالسیرة تکون علی الخیار لا البطلان و الظاهرُ انّ القائل قد اشتبه الامر له فی هذه الجهة فزعم انّ السیرة تکون علی البطلان مع انها تکون علی الخیار لا علی البطلان.

الخامس أن يقصد الشراء في ذمته من غير التفات إلى نفسه و غيره و عليه أيضا يكون المبيع له‌ و إذا دفعه من مال المضاربة يكون عاصيا.

و ربما یُناقَش بانّ هذا انما یتم اذا کان الشراء واقعا لِشخص معیَّن و انما شُک فی مقام الاثبات و فی انه هل کان ذلک الشخص هو العامل او غیره فانه حینئذ یُحکَم بکونه للعامل موافقا لظاهر الحال فانّه یقتضی شراء کل شخص لنفسه لا لغیره، بخلاف المقام فانّ الشراء لم یقع لشخص معینَّ ثبوتا و واقعا و حینئذ فلامعنی للحکم بظاهر الحال کما لایخفی.

و فیه انه یمکن ان لایکون البیع لشخص معیَّن ثبوتا و لکن السیرة العقلائیة قد استقرت فی الصورة المذکورة -ای عدم تعین الشخص المُشتَرَی له- علی وقوع البیع و الشراء للعاقد و الحکمِ بانه یقع له و لو مع عدم تعین الشخص المشتَرَی له واقعا فانّ هذا یکون من جملة السیر العقلائیة و اَحکامهم. نعم تُستثنی من ذلک صورة واحدة و هو ما اذا کان الشخص یتعارف من حاله البیع و الشراء لنفسه کما انه یتعارف وقوع البیع و الشراء منه لغیره بحیث لایکون الغالب من حاله احدهما المعین فانّ هذا الفرد نادر و قلَّما یتفق و لذلک لانُحرز استقرار السیرة العقلائیة و انها هل تکون علی کونه للعاقد او لغیره.

logo