46/08/26
تتمة فيما ذكره الشهيد الصدر
الموضوع: تتمة فيما ذكره الشهيد الصدر
انتهينا الى مطلب الشهيد الصدر والتعليق عليه في نهايات الدرس السابق وخضنا فيه بعض الخوف وادركنا الوقت وتجاوز فتوقفنا لا يزال الكلام في استعراض مباني القائلين بان الاحكام تتعلق بالعناوين وان تعدد العنوان يكفي لرفع غائلة اجتماع الامر والنهي ومن هؤلاء وقد قدمنا حديثه سابقا مختصرا الشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه اذ بعد الفراغ عن تعلق الاوامر والنواهي بالطبائع والعناوين والمفاهيم افاد بان المقولة المعروفة بين المحققين القائلين بذلك من ان تعلق الاحكام بها اي بالعناوين انما يكون بما هي فانية في الخارج لا بما هي هي في مقابل ما ادعاه الامام رضوان الله عليه يقول انا اؤيد هذه الدعوى واوافق عليها لكنني لا ارتضي ان المراد في المقام الفناء والسريان الحقيقي من العنوان الى المعنون اذ هذا واضح الاستحالة ولا ينبغي ان يدعى ووجه ذلك في غاية الوضوح فان العملية التشريعية التي يقوم بها الشارع العقلائي تتوقف على الادراك والحكم على المدرك وهو قبل وقوعه في الخارج بل ان الحكم يرسل او يحجز تشريعا عليه او عنه مقصود ايجاد المتعلق فالسريان التلقائي معلول بلا علة لانه المولى الحاكم حكم على الصورة الذهنية الموجودة عنده وكذلك ايضا لا ينبغي ان يكون المراد ان الصورة الذهنية التي يستحضرها المولى تكون سببا بالتداعي عنده لكي يحكم على الواقع الخارجي والمصداق الخارجي والفرد الخارجي بالفعل اذ لا يوجد واقع خارجي او مصداق خارجي بالفعل للمأمور به والمنهي عنه بهذا العنوان اي حين جعل الحكم السابق على وجود المتعلق بما هو متعلق لا معنى لفرضه موجودة لكي يكون الحكم ولو على سبيل التداعي عليه وحينئذ فاقصى ما نؤمن به يقول الشهيد الصدر ان الفاني والمفني فيه هو واحد وهي الصورة الذهنية باعتبارها موجودة بالحمل الشايع في الذهن هي الفانية وباعتبارها موجودة بالحمل الاولي اي حاكية عن الخارج مش حاكية حكاية فعلية ها المخترع ذهنا قبل ان يوجد بالفعل في الخارج هي المفني فيه ولا نستطيع ان نتصور غير ذلك بحيث يكون امرا معقولا في هذا المجال وعلى هذا الاساس استنتج رضوان الله عليه ان جواز اجتماع الامر والنهي يصبح نتيجة واضحة اذ مركز تعلق الامر هو عنوان غير مركز تعلق النهي فانه عنوان اخر هذا الصلاة وذاك الغسل والمفني فيه بالذات هو نفس الصورة بالحمل الاولي من الطرفين واجتماعهما في مصداق خارجي لا يقدم ولا يؤخر على مستوى عالم الحكم ذلك ان عروض الحكم هو افق المولى اي الشرع العقلاني وما يحصل ويحدث في الخارج هو خارج عن عالم عروض الحكم وان كان مصداقا من مصاديق متعلقه بقدر اراءة الحكم له اي الطبيعة دون المشخصات الفردية الملازمة له من خارجه خارج العنوان فعالم العروض هو الذهن وعالم الاجتماع هو الخارج خارج عن عالم الحكم اقول يا اخوة كأن الشهيد الصدر يغمز من قناة المحققين القائلين بان النظر لابد وان يكون الى الخارج من قبيل صاحب الكفاية من قبيل المحقق النائيني واتباع مدرسته حتى من قبيل المحقق العراقي ايضا واكثر المحققين على هذا اساسا ان الميزان في جواز وامتناع التقاء الخارجي مش العنواني ولذا صب كلامه باتجاه ان قولكم بالسريان او بالفنائية هو نقطة ارتكازكم في قولكم لازم كلماتي هذا بالامتناع اذا كان واحدا خارجا اه خارجيا جيد من هنا حاول لي عنق البحث للقول بان الخارج لا علاقة له بالاجتماع والامتناع وان عالم عروض الحكم هو ذهن المولى العقلائي فانا اؤمن بالفناء يقول لكن اؤمن بان الفاني والمفني فيه هو نفس الصورة لكن من حيثيتين بالحمل الشايع فاني بالحمل الاولي مفني فيه خير ان شاء الله النظرة الاستقلالية والمرآتية المهم صوغه لهذا الكلام يوهم يا اخوان حقيقة ان هنالك من يقول من المحققين بان العملية التشريعية تقتضي الفناء والسريان او السريان اي ما شئت تعبر بالواقع الخارجي في حين ان الواقع الخارجي معدوم قبل الاتيان بالمتعلق مع ان المحققين لم يظهر من كلام احد منهم ان المراد من الفناء والسريان هذا المعنى وان تحفظ على التعابير اذ مباحثهم في ان الاحكام تتعلق بالطبائع ام بالافراد تدل بصريح العبارة على ان تعلق الحكم بالواقع الخارجي غير ممكن في حالة كونه امرا عدميا لم يوجد بعد ومن البداهة بمكان ان الحكم التشريعي في افق المولى لا يصير الحكم على الطبيعة في عالم عروضه اي الذهن المولوي واقعا خارجيا بالفعل اي تحقق مصداقه فان علة الايجاد في الخارج خارجة عن المولى بما هو مولى بما هو مشرع وتحتاج الى عمل تكويني اختياره تكوينا بيد المكلف ولا يمكن ان يحصل بمجرد عملية التشريع او قبلها ان ما او بعدها كذلك فهذا من البديهيات والواضحات فما مقصود المحققين من التعبير بالسريان? من التعبير بالفناء الجواب ان مقصودهم بشكل واضح هو ان الحكم بتوسط الصورة الذهنية ليس حكما على العناوين والمفاهيم والماهيات بما هي هي بل بما هي مرآة لخارج غير ناجز غير موجود بالفعل يترقب الشارع وجوده بايجاد المكلف له وقد يوجده اي المكلف وقد لا يوجده اذا عصى او عجز او او الى اخره وعلى هذا الاساس فالمقصود من الفناء في المقام او السريان ليس شيئا غير ان محبوب المولى ومراده او مبغوضه وما يكرهه في طرف الحرام والنهي هو الواقع الخارجي بالقدر الذي تريه العناوين المذكورة اي ما تعكسه الطبيعة او العنوان او المفهوم المأخوذ في متعلق الامر او النهي من دون اللواصق الخارجية معه التي لا علاقة لها بالعنوان المتوسط في طرف الامر او الناهي وهذا المعنى صريح غير واحد من المحققين واكتفي هنا بنموذج المحقق العراقي رضوان الله عليه فقد افاد في الجزء الاول من نهاية الافكار واللي هو محل نظر الشهيد الصدر عادة كثيرا ما ينظر للعراقي ويتبنى اراءه ايضا مع شيء من الفذلكات فيخيل لاول وهلة انها اراء جديدة غير موجودة في السابق من الامور التي قدمها امام مبحث اجتماع الامر والناهي مبحثه يا اخوان يحتاج الى وقت لازم نوضحه ان شاء الله يأتي والحمد لله وصلى الله على محمد واله الطاهرين