« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

47/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم



#تقرير_درس_التفسير

عنوان الدرس : أبعاد الرشد(٨) و الولاية و الهداية

تأريخ الدرس : الثلاثاء 25 جمادي الأخرة ١٤٤٧ ه‌

 

كنا في هذه الجملة من اية الكرسي لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله وكنا في كلمة الرشد والغي واستعرضنا سلسلة الايات الواردة في الرشد من الايات الاخرى ايضا في سورة الجن وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا هنا ايضا ربط الرشد بالحياة الارضية المجتمعية وهو في مقابل الشر فالرشد اطلق في مقابل الشر فالخير الاجتماعي والمجتمعي رشد والشر فيهما هو في الرشد فالرشد يقابل الشر والفساد .

الاية الاخرى من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا فهنا الرشد من شئون الولاية الالهية ومن شؤون الهداية فبالتالي الرشاد كما مر في علم الخضر هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا? الرشد هو من شؤون الولاية والا هو جانب تنفيذي للاحكام الشرعية فاذن الصلة بين الرشد والولاية والهداية وطيدة والهداية هي من اعمدة الولاية احد عناوين الولاية في القرآن هي الهداية انما انت منذر ولكل قوم هاد فالهداية عنوان من عناوين الولاية والامامة فهي من عناوين الرشد والرشد فالولاية والامامة والهداية مرتبطة مع بعضها البعض واللطيف في نفس تعريف الامامة مأخوذ فيها المنظومة الاجتماعية الامام يعني اللولب والمدير للشبكة الاجتماعية امام ومأموم قيادة ومقود فبيئته ودائرته وساحته هو المجتمع فالاعتقاد بالامامة هو اعتقاد بان الادارة الاجتماعية من اخطر المسئوليات فالامام يعني بعد الادارة الاجتماعية وادارة البشر سواء في الارض او في عوالم متعددة .

فاذن من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا فحتى الولاية هناك ولي وهناك مولى عليه اي بعد الارتباط مع المجتمع فالرشد والرشاد مرتبط بالنظام الاجتماعي واقامة الكيان والبناء والرشد من العناوين المرادفة عقلا للامامة وللهداية وللولاية لا لغة فهناك قائمة في الترادف العقلي للامامة من ثم استدل ائمة اهل البيت على امامتهم بايات عديدة جدا ليست فيها لفظ امام وانما الفاظ اخرى كالهداية والملك والرشد والخليفة وهلم جرا .

فالمعنى في خوارزميات الماهية واحدة وهي ترادف عقلي شبيه الايات الواردة في مؤمن ال فرعون يا قوم اتبعوني اهدكم سبيل الرشاد يعني الرشاد بلحاظ النسيج الاجتماعي والمجتمع وهدايته وعندنا اضل فرعون قومه وما هدى وهو بعد المسيرة الاجتماعية .

الاية الاخرى في الرشد واذكر ربك اذا نسيته فقل عسى ان يهديني ربي لاقرب من هذا رشدا فهذه الاية فيها عدة زوايا ومحاور واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى ان يهديني ربي لاقرب من هذا رشدا هذه نكتة مهمة في الرشد المرتبط بالدين وبالامامة والولاية درجات والطبقات والولاية والهداية والادارة والتدبير درجات فلا يقنع الانسان بدرجة من الهداية او درجة من الرشاد او درجة من التولي لان الاخير درجات ففي هذه الاية ما الربط بين ذكر الله كعبادة والرشد الذي هو مسئولية اجتماعية ؟

كما مر بنا الايات الكثيرة تدل ذلك وتدل على ان العبادة الفردية يجب ان تصب ثمرتها وثمارها في تحمل الانسان لمسؤوليته الاجتماعية وربطه ان الرشد في العديد من الايات التي مرت بنا مرتبط بالصلاح الاجتماعي والسداد ثمرة البعد الفردي لايمان العباد يجب ان يصب في تحمل المسؤولية الاجتماعية وتحمل موقعيته في نصرة المشروع الالهي يعني تحمله في تولي الامام لان الامام هو مشروع الهي .

لاحظ حتى في زيارة عاشوراء عندما تؤمن بالائمة بعد ذلك تقول ولي لمن والاكم فليس الولاية مع الائمة معرفية عقائدي ببعد فردي بل ترتبط بنسيجهم الاجتماعي ولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم هذه مسؤولية اجتماعية وهي مسرح وبيئة وكيان الامامة هذه ابعاد الرشد والولاية فالولاية والتولي لهم او للرسول او لله تتجسد عينيا في تحمل الانسان لمسؤولية المشروع الالهي في المجتمع وكما قال النبي المؤمن كيس وهذا ليس في البعد الفردي حيث فسر امير المؤمنين الكياسة يعني الدهاء في الادارة السياسية الناجحة فما ربط الايمان ببعده الفردي بهذه المسؤولية? حيث فطن وحذر في التعامل مع الاخرين .

اذن نسيج الامامة والولاية والمشروع الالهي مترابطة وشيج جذوره وساحته ببيئة المجتمع وتكوين بنائه لا انه فقط بعد فردي وانما طابع اجتماعي لاحظ الله لما امر النبي موسى وهارون ان يذهبا الى فرعون وقالوا نخشى او نخاف ان يفتك بنا ويطغى قال لا تخافا وثم في مورد اخر يقول ولا تنيا في ذكري فما ربط كثرة الذكر من النبي موسى وهارون في اداء المسؤولية الالهية التي هي مخاطرة ومصادمة ومناطحة مع دولة عظمى فرعونية انذاك ؟ مما يعني البعد الروحي والذكر الفردي يصب في اداء المسؤولية الاجتماعية الدينية الحضارية اذهبا الى فرعون ولا تنيا في ذكري يعني لا يفتر لسانكما وقلبكما عن ذكري وناى يناي يأتي بمعنى الفتور فهذا الشحن الفردي يصب في اداء مسؤولية اجتماعية سياسية دينية فكلفهم بالمواجهة مع دولة عظمى ولم تكن تلك المواجهة عسكرية وانما مواجهة معارضة سلمية ناعمة وكان غاية النبي موسى تتمثل في بعدين الاول اسلمة النظام الفرعوني وليس اسلمة العقائد وبعد اخر ارسل معنا بني اسرائيل ولا تعذبهم يعني الدفاع عن المظلوم فيطالبون بحرية المظلوم وكلمات اخرى ايضا في سور اخرى للنبي موسى .

فلاحظ حتى اسلمة النظام لما يدعو الى توحيد الله ليس يدعو انك انت فرعون بينك وبين الله هذا بحث اخر يدعو ان هذا النظام الفرعنة كحاكم يجب ان يؤسلم لاحظ هذه الاية اني رسول من رب العالمين يعني دعوة الى الله جئتكم بالبينة من ربكم على التوحيد فحرية البشر وتخليص المظلوم مما يتعني انه انت كحاكم جور ودولة عظمى ليس من صلاحيتك هذه الامور وانما التوحيد يتجسد عينيا في هذا المشروع المجتمعي البشري السياسي مع ان مواجهة النبي موسى وهارون لفرعون لم تكن مواجهة عسكرية وانما مواجهة مفاوضات ومناكفات .

قوله تعالى وما امر فرعون برشيد بلحاظ النظام الاجتماعي فربط الرشد بعناوين الحاكمية والقيادة والادارة والولاية والامامة ليس البعد الفردي .

قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ( 20 )

قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ( 21 )

قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ( 22 )

هذه الاية في سورة الجن فالوهابية والسلفية وربما بعض الصوفية وبعض العرفاء يقولون النبي حيث يقول اني لا املك ضرا ولا رشدا فهذا الكلام منه دال على انه بنفسه لا يملك وانما لا املك الا ما يشاء الله وقد شاء الله كما يقول القرآن قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم فالاخير ليس لديه قدرة ولكن باذن الله يتمكن منها لا ان تقول ان ملك الموت اصلا لا يملك شيئا فهو يملك لكن باذن الله ويصلح ان يكون شفيعا بينك وبين الله فهو بنفسه لا يملك لكن ليس معناه انه باذن الله لا يملك اليس فتح الله باب الشفاعة? انتم ايها الوهابية والسلفية لا تؤمنوا بالشفاعة يعني كانما لا تعطون للنبي اي شفاعة فعندما انا ادعو النبي واسأله اسأل من? كما يقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء انت تسأل الله ولكن وفدت على الله من خلال الشفيع .

المشكلة عندهم انهم يخلطون بين الشفيع والشريك وبين الولي وبين النبي ولي وشفيع ووسيلة عند الله وليس شريكا ولا ضدا ولا ندا في قبال الله فدعاء النبي لا يغير دعاء الله فاطاعة الرسول لا تناق طاعة الله والحال القرآن يقول اطيعوا الله واطيعوا الرسول فاي مغالطة هذه منهم ? نعم لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا ولكن باذن الله تفتح باب الشفاعة والشفاعة هي تكوينية قبل ان تشريفاتية ووسطات اعتبارية والا ما معنى قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم? فليس معناه ان الله انعزل وانما خيوط الاماتة لا زالت بيد الله فلماذا الله يوكل عزرائيل بالاماتة? هل هو عجز من الله ايات كثيرة توفتهم رسلنا او اذ الملائكة باسطوا ايديهم يخاطبون الكفار او المنافقين اخرجوا انفسكم او عندما يقول الله ولله جنود السماوات والارض نعم الله لا يحتاج الى جنود ولكن هي تجليات قدرة الله وكذا فالمدبرات امرا انت لما تكفر بالمدبرات وبالملائكة كفرت بالنظام الالهي واذا تكفر بالشفاعة تكفر بالنظام الالهي ولا توحيد عندك فاذا تكفر بالوسيلة والتوسل الذي اذن الله به انت كفرت بالنظام الالهي ونازعت الله في سلطانه كما هو الحال في ابليس حيث امره الله بان يسجد لادم وهو قال كلا انا اريد العلاقة مباشرة بيني وبينك ولا تجعل بيننا واسطة انا لا اريد الواسطة فحينئذ كفر بالنظام الالهي وتمرد على الله .

فانت لما تكفر بالواسطة التي نصبها الله لك تمردت على الله وتمردت على الواسطة حينئذ تمردت على الله فاي توحيد تنادي به? فانت لا تنادي بالتوحيد وانما تنادي بالتمرد على الله حيث النظام الالهي هو هكذا .

لاحظ ما كنت متخذ المضلين عضدا يعني هل الله بحاجة الى معاضدة? ان تنصروا الله ينصركم هل الله عاجز حتى ننصره? ان تقرضوا الله قرضا حسنا اذن لا بد ان يكفروا بهذه المعاني لا تجعلوا دعاء النبي كدعاء بعضكم بعضا ما قال لا تدعوا الرسول وانما قال تأدبوا في الدعاء مع الرسول كذلك في سورة الحجرات لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول يقول الامام زين العابدين الاداب التي ذكرها القرآن في سورة الحجرات اعظم من الاداب التي رآها ملوك البشر لانفسهم فالبروتوكولات التي امر الله عز وجل بها البشر في التعامل مع الرسول اعظم مما رآه الملوك لانفسهم .

فالقرآن الكريم هنا يبين ان سوء الادب مع الرسول يحبط اصل الايمان فكما ان ساب النبي هو من ابواب جهنم كذلك سيء الادب بالنبي يتبخر ايمانه ، البعض يقرأ الاية انك ميت فالرسول ميت ويحك هل هو ميت بقول مطلق? فاذن ما معنى قوله تعالى" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون اتؤمن باية وتكفر بالايات الاخرى ؟ وهذه الاية ليست فقط نزلت في العهد المدني للرسول وانما هي باقية ليوم القيامة فرؤية الله للاعمال باقية الى يوم القيامة بل ما قبله حتى وكذلك الرسول هو رائي لاعمال نوح وادم وابراهيم بنص القرآن الكريم ان الرسول شاهد على قيادات البشر وهم الانبياء فضلا عن البشر العاديين يوم نأتي من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا .

فرؤية الرسول للاعمال ليس فقط في عشر سنوات في المدينة المنورة وانما القرآن في سور عديدة يشهد لذلك انت ايها الوهابي الذي تقول الرسول ميت الا تستحي ان تترك بقية الايات? الرسول ليس فقط ولد في عام الفيل وانما هو منذ ادم شهيد على ادم فالقرآن يثبت للرسول عدة اكوان كون بدني كون روحي كون نوري ليكون الرسول شهيدا عليكم اي كون هذا? فكيف تتركون هذه الاكوان وتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض? اي مغالطة هذه بان تقول لا تدعوا الرسول فماذا عن قوله تعالى/ ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك هل هذا فقط في حياة الرسول? والقرآن تعطل اياته ثم يقول فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول فما دخل الرسول في توبة الله على عباده? حتى توبة ادم كان باستشفاع الرسول لان هذه المعادلة ليست خاصة بزمن الرسول هذه المعادلة حتى لادم وموسى وعيسى وابراهيم وللملائكة فحتى الملائكة تخاطب بهذه الاية ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك يعني توسلوا بك .

فلاحظ جاؤوك هو عين وابتغوا اليه الوسيلة واستغفر لهم الرسول اين الشفاعة؟ فالتوسل فقط لا يكفي وانما لا بد من طاعة النبي فالعبادة يكتنفها التوسل ويكتنفها الشفاعة والا لا تقبل لاحظ استغفارنا الذي هو اعظم العبادات لا يقبله الله الا بمداخلة سيد الرسل فيا ايها العارف وايها الصوفي وايها الوهابي الذي تقول لا نحتاج للوسيلة والوساطة لماذا الله يقول الغفران والتوبة التي هي اعظم كمالات العبد لماذا الله يقحم الرسول بينه وبين خلقه؟ وهو شرط ابدي فهذا الاقحام ليس منا وانما من الله فقبل العبادة وبعد العبادة هو دور الرسول فما دور هذا المخلوق وهو سيد الرسل في الرحمة الالهية? حيث التوبة رحمة الهية وما ارسلناك الا رحمة للعالمين فيجب ان تقرأ النافي في القرآن كما تقرأ الاثبات وهم خلطوا بين الشفيع والشريك يعني سولت لهم انفسهم وسول لهم الشيطان بل الشيطان سولت له نفسه بعداوة ادم مع ان الاخير هو وسيط بينه وبين الله ما هذا التسويل الخطير ؟

 

logo