« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

47/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم



#تقرير_درس_التفسير

عنوان الدرس : الرشد(٦) ▫️ الرشد بين الولاية والنبوة ▫️

تأريخ الدرس : الأثنين 24 جمادي الأخرة ١٤٤٧ ه‌

 

كنا نستعرض الايات التي فيها الرشد وامس مر بنا هذا التعليل الموجود في اية الكرسي انه لماذا لا اكراه في الدين سواء بمعنى الجبر او المعاني اخرى؟ لانه قد تبين الرشد من الغي فالرشد متضمن للعلم ومن المقومات العظيمة للاختيار هو العلم ومن المقومات العظيمة للقدرة هوالعلم فهذا تعليل عقلي بين في الوحي فلا اكراه في البين لانه العلم موجود الا ان في الاية الكريمة زيادة على العلم كما مر بنا ان الرشد ليس فقط علم وانما علم وزيادة يعني ممارسة واقامة لهذا الصرح الكبير للعلم وللمعلومات وللهداية فالرشد بعد هويتي مجتمعي مما يشير الى ان البيئة تؤثر على الانسان وكلما كانت البيئة المجتمعية راشدة كانت حرية الانسان وارادته وقدرته اكثر وكلما كانت فاسدة حيوانية شهوانية تتضائل الحريات والقدرة والاختيار .

في المجتمعات الغربية رغم ما يقولون ويدعون من الحرية لكنك ترى الاجرام على قدم وساق وحتى الاجرام الفردي والاسري فضلا عن المجتمعي فهذا نوع تجاوز على المجتمع فضلا عن تجاوز عصابات الانظمة الحاكمة لان كل الانظمة عبارة عن عصابات ومافيات لاستعباد او تسخير جهود وثروات المجتمع فالفساد والجور بيئتان لسلب الحريات وان ادعوا انهم ليبرالية وديمقراطية بينما البيئة السالمة غير المنفلتة ليست هكذا يعني انفلات الغرائز الحيوانية سواء من الغضب او الشهوات المتعددة يستلزم سلب حرية الانسان فمن المحال ان تنفلت الشهوة ولا يسبب اجرام فطبيعة الشهوة انه ليس فيها حكمة وهذا ليس تحريما للشهوة من رأس لكن طبيعتها انها اذا جعلتها منفلتة فمحال ان لا يحصل اجرام .

كذلك اذا جعلت الغضب منفلتا يكون فيه اجرام لا محالة والذي يحمي من الاجرام ومن العداوات ومن الحروب ومن سفك الدماء هو العقلنة وهذا ما يشير له الوحي والقرآن الكريم : وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ( 36 ) فمن المحال ان تقول حرية الشهوات بلا قيد وتقول ليس في البين اجرام وليس بالبين تحرش واغتصاب وقتل ودماء وسرقات هذا كلام فارغ .

هناك مسؤولين كبار غربيين يعترفون بان ظاهرة الاربعين لا يمكن ان يسيطر عليه لا جيش ولا شرطة ولا غيرهما فكيف ما تحدث فيه حوادث الاجرام? مع انه في البراري وفي الطرق وفي البيوت فكل اسرة تحمي نفسها بالبيت وبالقفل وبالباب ولكن تجد مختلف الفئات بمختلف العمر منتشرة وليس هناك من حوادث الا ان يأتي امثال داعش وهذا من الاول هو منهج السقيفة وليس منهج اهل البيت فاهل السقيفة دمويين شرسين واهل اجرام .

اذن اقامة الدين والرشد والعلم الديني وما شابه ذلك هو السبيل الوحيد للامان وللامن وللسلم الدولي المجتمعي وللحريات فالانفلات ظاهره حرية ولكن هي حرية للحيوانيات وللغرائز وللنزوات ولكن يعقبها اجرام هم قالوا حرية المرأة انها تكون بدون حجاب ولكن هي اصبحت ملعبة بل فريسة وسلعة للذئاب بل يعلكوها مدة ثم يرموها في المزابل لان قيمة المرأة عندهم بجسدها وليس بكرامتها وبروحها فهم يفسرون حرية المرأة بالشهويات والحيوانيات وليس بكرامتها وروحها وعقلها وعلمها وقيامها هذا مع غض النظر عن النسل الحرام الذي ينشأ عندهم والخيانات والاجرام والذي يتعقب الخيانات من قتل وسرقة مثلا سرقة الاموال كل زوج يريد يسرق زوجه الاخر لانه ليس الزواج مبنيا على المودة الروحية وانما مبني على الحيوانيات والشهوانيات والغرائزيات والنزويات فمحال ان لا تكون فيه اجرام ودماء ولو تستر الغرب العلماني والمادية ببريق العمارات والابراج فلا تقل الشرطة تحمي فماذا وراء الشرطة? بل لاحظ كم فقير رازح في ضواحي المدن فنفس هذه الدول التي عندها ناطحات السحاب هي ناطحات حيوانية وحضارة حيوانية .

فلاحظ القرآن الكريم يؤكد ان التمدن والمدنية هي للتوحيد ولو كانت قرية القران يعبر عنها بالمدينة وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى فحبيب النجار اتى من القرية ولكن سماها القرآن مدينة لان فيها الايمان والتوحيد والدين وانطاكيا التي هي مدينة كبيرة ضخمة عمرانية سماها القران قرية لان فيها الجنبة الحيوانية وان من قرية الا نحن مهلكوها يعني حيوانية وما قال وان من مدينة الا نحن مهلوكوها فالتمدن لا يهلكه الله وانما هذه الحيوانات يهلكها فلا دواء لها الا الهلاك .

فهنا ارتباط بين سمو الانسان وقدرته واختياره وكرامته والمبادئ العليا مع الرشد سواء على صعيد الشعب او المجتمعات او الدول او البيئة العالمية او على صعيد الاسرة وعلى صعيد الفرد فالانسان بنفسه امة سواء امة خير او امة شر فاما الانسان يتحين او يجعل الحيوانيات والشهوات والنزوات والغرائز منقادة لنور العقل فهذا يكون رشدا واختيارا وقدرة هذه معادلة يبينها الوحي في سور وايات عديدة .

اذن الحريات الليبرالية هي في ظل الشهوانيات انت لاحظ لقطات من اخبار العوالم الرأسمالية تجد انعدام الرحمة فلولا سطوة القانون في بعض المجالات ستجد العجائب فما ان تنطفئ كهرباء المدينة سترى الاجرام يقول لي قائل لاحظ هذه الابراج العظيمة في المدينة الصينية الفلانية ولاحظ العظمة ، نقول له لو انطفأت الكهرباء وانشغلت الشرطة هل يبقى امان? او يصير هرج حيواني فهذا حيوان امسكته بقضبان من حديد ما ان ينفلت تجده وحشا كاسرا فهذه ليست انسانية وبناء مجتمع .

حتى في الجانب المادي الفردي الذي يعيش في الدول الرأسمالية يقولون دخله كذا دولار ولكن كم يدفع ضرائب للدولة? وكم يبقى له? فلا يمكن ان يؤجر بيتا بينما في البلدان الإسلامية مع فساد جل الانظمة الموجودة فيها والعصابات وكذا مع ذلك ببركة الاسلام تجد حتى النعمة الفردية اكثر من تلك البلدان وهذه الاحصائيات مغيبة عنا فنعمة الاسلام والرشد عظيمة لكنهم يجهلونها بل يجهلون النخب وحتى الساسة فكثيرا ما تلتقي بساسة كبار عندهم جهل بالاحصاءات الدقيقة الحقيقية التي انت تستشعر بها ميدانيا هذه الاحصائيات لا تحصل عليها من شبكات التواصل فهذه كلها مزيفة انت ان تشاهد تستطيع ان تقيم احصائية مادية فضلا عن الروحية فاين من اين?

لاحظ ما الذي ابتغى النبي موسى من الخضر ابتغى العلم الذي يؤدي الى الرشد فهل موسى ليس براشد? فاي رشد يطلبه زيادة على الرشد الموجود عنده ؟ من ثم قالوا علم الخضر علم ولاية واما علم النبي موسى علم نبوة وكل له فضل متميز به عن الاخر وان كان في الكسر والانكسار يقدم النبي موسى عليه لان نبوته من الدرجة العالية وهو من اولي العزم ولكن مع ذلك التقدم لا يجعله واجدا للامتياز الذي اختص به الخضر وهو علم الولاية يعني علم الجانب التنفيذي للوحي على صعيد المجتمع فلاحظ ارتباط علم الولاية باقامة احكام الله في المجتمع وهذا ما الامام بينه الامامان الرضا والصادق .

من ثم انت لاحظ في هذه الثلاث موارد انشطة الخضر الخفية كلها مجتمعية فعدم التعامل المالي المادي ملك ياخذ كل سفينة غصبا يعني هذا الدفاع عن المظلومين فهو بعد اجتماعي سياسي اما السفينة فكانت لمساكين وليس لمسلمين ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين وليس المسلمين والمؤمنين فمن مسئوليات الحاكم الاسلامي ان يدافع عن المستضعفين فلم يقل ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمتقين والمؤمنين والموقنين والمخلصين او المصطفين نعم هؤلاء بطريق اولى .

طبعا كذلك ما قال ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والخائنين وحكام الجور واهل الباطل لاحظ هذه القوالب دقيقة ولم تأت صدفة وعبثا وهو موجود في زيارة عاشوراء فالمستضعف ينصر من جهة استضعافه لا من جهة ضلاله وموجود هذا في زيارة امير المؤمنين وزيارات الائمة الضعيف عندك قوي حتى تأخذ الحق لا ان الضعيف عندك قوي في كل شؤونه وفي الضلال والباطل نعم المظلوم بمقدار ما هو مظلوم لا بمقدار ما هو ضال ولا بمقدار ما يصطف مع اهل الباطل فهذا غير صحيح وانما لمظلوميته واستضعافه ومسكنته ، فصحيح هو لم يتقيد بالايمان والاسلام ولكن ما اطلق العنان لذلك في صحيحة يونس بن عبدالرحمن عن الامام الرضا يساله حصلت حرب عسكرية بين مدينة على الثغور مع الكفار هل اقاتل مطلقا او لا اقاتل مطلقا ام هناك تفصيل? فالامام الرضا قال لا تحارب مطلقا ولا تتركه مطلقا قال حارب من جهة الا يندرس الاسلام لا لاجل حفظ بني العباس .

فهذا التفكيك في الملفات من اصعب الصعاب على العلماء فضلا عن الفضلاء فضلا عن عموم المؤمنين وهذا ما لا يتقنه الكثير الكثير ويصعب حتى على دهاة السياسة وهو التفكيك بين الملفات والحيثيات فالهدف يبرمج العمل ويرسم خطة عمل مع انا نفكر ان النية وخلوصها امر روحاني معنوي لا صلة له بتخطيط العمل المادي في اجتماعات الانسان وهذه احدى المعايير الكبرى في التفكيك بين الملفات بين الزيغ والرشد وبين الصلاح والفساد وبين الهداية والضلال فكل امرئ وما نوى ليست جانبا خلقيا روحيا لا ربط لها بخطة العمل كلا هي عبارة عن ملف تخطيطي لنفس العمل شئت ام ابيت .

خلوص النية يعني انك تخطط للعمل لا على طبق النزوات والغرائز والشهوات والحيوانيات وانما تخطط على ما يصب في صالح الدين والمصلحة العامة وليست المصلحة الخاصة هذا معنى الاخلاص شئت ام ابيت الاخلاص في النية اكبر عامل عيار مبرمج لعمل الانسان ولمسيره وان كان الانسان ساذج التخطيط وغير واجد للفطنة والكياسة والدهاء نفس النية بوصل الهية عجيبة توجب التخطيط التلقائي السليم للعمل وفي بيانات الوحي تجد ان التركيز على سلامة النية وصفاء النية والغاية والهدف والاضمار ما تضمنه مؤثر ان اضمرت شرا ينعكس على تخطيط عملك وان اضمرت خيرا فالله يوفقك تلقائيا اما بيانه بعلم اداري وباخلاقي وعقلي هذا بحث اخر لكن هذه سنة من الله كونية ان نية الخير تبرمج لك الخير شعرت ام لم تشعر? طبعا ليس معناه ان القرآن يدعو الى السذاجة لكن يقول ما استطعتم فانت ما استطعت من كياسة او فطنة وحذر لابد منه لكن لا تظن ان الامر موكول لك فقط وانما عمدة الامر موكول الى الله تعالى فنفس النية لها تأثير ودور لبرمجة العمل وللرشد ان نويت خيرا ترشد .

ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الغيبيات من حيث لا يشعرون وتسددهم تلقائيا والقلب السليم ليس فيه كدورة وليس فيه غل وغش وورد في الروايات ان ذا القرنين رجل نصح لله فناصحه الله يعني اعطاه هذي القدرة فلا تقول اريد ان انصر الدين لكن نسبة مئوية للدين ونسبة مئوية لي هذا صار غش هل الغضب هو خالص لله او للذات ؟ وهذا من اصعب الامور بان تجعل الميول النفسانية خالصة من النفسانيات وتجعلها خالصة لله نعم هذا بالكلام وبالفكر سهل لكن بالممارسة هو من اصعب الصعاب من ثم صارت الولاية اعظم من اي عمل عبادي اخر لانها مرتبطة بالميول القلبية النفسانية فالسيطرة عليها صعب .

اذن هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا? هو جانب التطبيق الخالص على الصعيد المجتمعي وسليم عن المصلحيات والانانيات والذاتيات يسبب الرشد وليس فقط تنظيم فكري بل جانب تطبيقي لاحظ النبي موسى مع انه من اولي العزم لم يطغى بنبوته عن علم الولاية لكي يبسط العدل في الارض فليس من العبط ان نرى القرآن يسند الولاية باموال الارض لقرب النبي ولا يسندها للنبي عيسى الحي يعني نفس المنطق في اية الفيء وفي اية الخمس وفي قصة الخضر وموسى فهو من اولي العزم وصاحب شريعة والتوراة انزلت عليه لكن الكتاب لا يغني عن علم الولاية والتعبير روحا من امرنا هذا شيء اخر .

لذلك القرآن يقول لسيد الانبياء او لبعض الانبياء الاخرين يعلمك الكتاب والحكمة والنبوة فالنبوة شيء والحكمة شيء والكتاب شيء اخر النبي داوود نبي ورسول مع ذلك كان يأنس بلقمان حكيم لحكمته فهناك علوم متعددة فهو نبي وامام وخليفة للناس فاحكم بينهم بالعدل لذلك كان يأنس ويشتاق ويتعطش للقمان الحكيم ولحكمته فالحكمة شيء والكتاب شيء والنبوة شيء والولاية شيء هذه علوم متعددة في الوحي وما يمكن ان نقول بعضها تغني عن الاخر .

لذلك القرآن في جملة من الانبياء الكبار يعدد لهم ما اعطاهم فالقرآن كتاب لكن لابد من امام فما يكفي الكتاب وحده لابد من امام و ولي ايضا وهي معية الثقلين فقضية النبي موسى والخضر هي معية الثقلين يعني النبوة وولاية ، وولاية ونبوة لا سيما الرواية التي مرت بنا ولاية التوحيد وولاية في النبوة وولاية الامامة لاحظ كيف قواعد المعارف في العلوم الدينية في الوحي متشابهة مع بعضها البعض ولو بالفاظ وقوالب مختلفة ولكن هي هي .

 

logo