« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

47/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم



#تقرير_درس_التفسير

عنوان الدرس : الرشد(٦) و أنواع الحجج الانسانية

تأريخ الدرس : الأحد ٢٣ جمادي الأخرة ١٤٤٧ ه‌

 

لا زلنا في هذه الجملة الخطيرة جدا في اية الكرسي لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ونستمر في بقية الايات التي استعملت كلمة الرشد منها وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي اتخذوه سبيلا هذه الاية جدا عظيمة تدل على ان الرشد مرتبط بالنظام الاجتماعي والهوية والمعلم الاجتماعي والاية في سورة الاعراف مئة وستة واربعين فهنا يبين ان الرشد هوية وطابع اجتماعي وكذلك لاحظ سورة الجن انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به هذا البيان العظيم الذي وصف القرآن ان حجيته ليست تعبدية وانما هو فوق التعبد الظني فالحجية يدركها العقل انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد والرشد امر عقلي يدركه العقل فامنا به فيكون قد تفرع الايمان على هذا الادراك العقلي .

مر بنا بيان الامام الصادق ان مبدأ الدين بالعقل ثم هو يرشدنا الى الوحي في اصل الالزام بالدين وكما قال الامام جعفر بن محمد الصادق وارشدنا الى هذه الحقائق فهذا اساس الدين ان الالتزام بتوسط العقل فاذن الوحي سواء قرآن او كلام سيد الانبياء واوصيائه حجيته لا تنحصر بالتعبد الظني سواء ثبوتا او اثباتا ولا باليقين الوحياني كالحجية فالوحي يدركها العقل ومعه ادراكات عقلية مرتبطة بالوحي فعندنا عقل عملي وفطرة وعقل ظاهر وعقل باطن .

ولاباس اذكر هذا النقطة ان حجية العقل بحسب الفلسفات البشرية القديمة والحديثة لم تنحصر بالعقل النظري والعملي بل تعم العقل الباطن والعقل الظاهر لان ذكر في بيانات القرآن واهل البيت بان الحجية لا تنحصر بالعقل النظري ولاالعقل العملي بل ترتبط بالتعليم في عالم الذر والميثاق والطينة والاظلة والاشباح وهذه العوالم مذكورة في روايات الفريقين ولا سيما الروايات المتواترة باعتراف المتكلمين عن اهل البيت عليهم السلام هذه الاخبار لم ينكرها الشيخ المفيد ولا السيد المرتضى ولا الشيخ الطوسي ولا بقية متكلمي الامامية ولكن لصعوبة معانيها اولوها بتأويلات بعيدة عن المراد كما ان ملا صدرا وفلاسفة الشيعة الى العلامة الطباطبائي رضوان الله عليهم اولوها بتأويلات قريبة من تأويلات متكلمي الشيعة ولكن هذه التأويلات عندنا وان كانت صحيحة في نفسها لكن لا صلة لها بمعاني هذه الروايات التي جملة منها مروية عند الفريقين .

طبعا نحن نتكلم مع من يتدين بدين الاسلام ويتدين بالوحي اما من يكون مشربه علماني فهذا داء ليس له دواء فهي سقيفة علمانية فلاحظ انه كيف الله يحتج : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ( 172 ) وفي الاية الاخرى وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ( 81 ) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( 82 )

هذه اية اخرى في الميثاق وهناك ايات اخرى نبه عليها اهل البيت ولولاهم لما تنبه اليها علماء الامة اجمعين من الفريقين فهم اصحاب القرآن الحقيقيين لاحظ في الايات الاخرى الميثاق او الذر من العوالم السابقة تجد فلاسفة الشيعة وهم اعظم فلاسفة الاسلام وكذا متكلميهم وهم اعظم علماء المعقول وان كنا نحن لا نبخس مثابرة الطرف الاخر في القضايا العقلية لكن بالتالي الريادة لعلماء الامامية في الجوانب عقلية رغم ذلك كله لم يستطيعوا ان يصوروا كيف يحتج القرآن بهذه الايات على العوالم السابقة حيث تقول أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ فالقرآن يقول فلسفة التعليم في عالم الذر انه حجة من حجج الله كما انه في اية الميثاق في سورة ال عمران احتجاج على هذا المعنى .

فكيف يكون تفسير حجية عالم الذر والعلم الحاصل فيه والحجية الحاصلة في عالم الميثاق وعالم الاظلة وذكرت لكم متكلمي الامامية ومتكلمي المدارس الاخرى قد بعضهم ما يؤمنون بعوالم سابقة لكن قطعين المحدثين منهم يؤمنون به لاحظ الفلسفات الحديثة اثبتت ان لدى الانسان عقلان وهذا امر صحيح عقل ظاهر وهو عقل نظري او عملي وعقل باطن يعني مثل الهارديسك وهذا دوره اكثر ولولا وجود العقل الباطن لما استطاع العقل الظاهر ان يتفعل باي معلومة من المعلومات واشار لهذا برهان امير المؤمنين فالعقل الباطن او ميثاق الفطرة شيئان فهو يقول عقل الباطن ليس عقلا واحدا وانما هناك دفائن العقول وميثاق الفطرة ليستئدوهم ميثاق فطرته ويثيروا فيهم دفائن العقول ويذكروهم منسي نعمته فيذكر اربعة امور لكن المهم هو دفائن العقول وميثاق الفطرة .

باب الفطرة كما يقول الشاه ابادي استاذ السيد الخميني في العلوم العقلية والعرفانية والفقه والاصول وهو ذو باع كبير في مجالات عديدة وكلامه صحيح ان بحث الفطرة لم يستطع احد غير مذهب الامامية وهم تبع لائمة اهل البيت ان يفسره فالفطرة باب واسع فالمقصود ان العقل الباطن له اقسام وانواع في بيانات القرآن والعترة والان ببيان سهل اقول لكم لابين ان العقل الباطن دوره اعظم من العقل الظاهر وهذا عكس ما يتصوره الشيخ المفيد او السيد المرتضى او الشيخ الطوسي فدور العقل الباطن والفطرة ودفائن العقول دور اعظم من العقل الظاهر ومدفون فهذا عقل الباطن الذي هو الفطرة والاخيرة هي اقسام وانواع كما قال الشاه ابادي وهذا مبحث جديد في الفلسفة وحتى في علم الكلام والمعارف وهو رحمة الله عليه لعله عنده كتاب في هذا المجال ولكن ما خاض فيه بشكل موسع .

فهذه الفطرة او دفائن العقول او العقل الباطن حجة وحجيته اعظم من حجية العقل الظاهر واعظم من العقل النظري والعملي فالعقل العملي باطن والعقل النظري باطن اعظم ، الميرزا القمي صاحب كتاب قوانين الاصول بين هذا شيئا ما في محاججته مع الاخباريين ولكنه لم يبسط البيان والتحقيق فيه حيث المعروف في علم المنطق الارسطي والعرفان ان استنتاجات الانسان في العقل النظري او العملي هذه الاستنتاجات النظرية برهانيتها الى البديهيات واذا لم ترجع الى البديهيات فليست ببرهان ونفس تصور البديهي وابده دائرة البديهيات او قل اليقينيات درجات الى ان تصل الى مركز ابده بديهيات في العقل النظري في العلم الحصولي فكل برهان حتى في الفيزياء والرياضيات والكيمياء حتى في ظل علم النانو والعلم الذري وحتى في علوم المال والمالية لابد ان ترجع الاستدلالات النظرية الى البديهيات او قل اليقينيات بالمعنى العام او الاخص وهي درجات مختلفة وهناك اقوال ومدرسات منطقية وفلسفية متعددة ونحن عندنا بديهيات تصورية وبديهيات تصديقية وهناك تحقيقات ان البديهيات التصورية والتصديقية ترجع الى بديهة واحدة في العلم الحصولي وهذا كلام طويل كله مرتبط بنظرية المعرفة التي انجزت في هذه الازمان من فلسفات وعلوم كلام قديمة وجديدة ومن علوم اصول قديمة وجديدة .

هذه التحقيقات سواء في الشرق الاوسط او في الشرق الاقصى او الشرق الادنى او الغرب وان كان الشرق الاوسط متميزا بهذه الامور اكثر من غيره فلاحظوا هنا البيت القصيد البديهيات هي العقل الباطن والعلم المخزون عند الانسان من اين حصل الانسان عليها? ومن اين اكتسبها? انه لم يكتسبها من عالم الدنيا وانما اكتسبها من عالم الذر وما اعظم الوحي وما اعظم القرآن وما اعظم العترة! فالبديهيات اكتسبها الانسان من عالم الذر والميثاق والاظلة والاشباح والطينة وكل هذه العوالم هي عدة عوالم وليست عالما واحدا ، فمن يشم هذه المطالب غير صقور العرش ائمة اهل البيت ؟ وتجد الاخرين يسرقون منهم ويتطفلون من دون ان يدرون به فكل الامة بل الانبياء يقتبسون منهم باعتبارهم خزنة نبوة خاتم الانبياء .

فلاحظ هذه البديهيات غير الكسبية يعبر عنها الميرزا القمي في القوانين ان الفطرة وحي من الله وكتاب القوانين في باب الحجج رائع جدا لو يقرأ ويدرس الان بلغة عصرية وليس بلغة ثلاثمائة او مئتين سنة قبل لانه شخص متضلع في علم الكلام وانصافا عباراته جدا جزلة ولطيفة فمن ضمن الامور التي يذكرها في كتاب الحجج في القوانين ان الفطرة وحي من الله فهو وحي فطري وهو رد على الاخباريين قال حكم الفطرة وحكم العقل البديهي هو نفسه وحي ففي بيانات القرآن واهل البيت الفطرة والبديهيات وحي فاوحى الله الى العباد في عالم الذر والميثاق وغيرها من العوالم السبعة او الاخرى وكل قسم له عوالم وليس عالما واحدا .

اذن لاحظ رأس مال الانسان في الاستنتاجات النظرية في كل العلوم اتت من العلوم التي اكتسبها في تلك العوالم وهذه عظمة معجزة القرآن والان الفلسفات الحديثة الغربية تعترف ان الباطن المخزون وهو الهارد ديسك عند الانسان اعظم تاثيرا في تدبير الانسان وادارته من العلوم التي يستحصلها كسبيا .

نرجع الى المطلب ان الرشد في الحجية هي اي حجية ؟ انها ليست فقط للعقل النظري ولا العقل العملي وانما الفطرة حجة وانواع الفطرة حجة الفقهاء في بحث الاجتهاد والتقليد عندهم هذه المسألة وكذلك في اول القطع انه يجب على الانسان اما يجتهد او يقلد او يحتاط ومقصودهم ليس فقط في الفروع وانما في كل علوم الدينية الا ان في العقاد التقليد ليس بحجة فاما يجتهد او يحتاط ففي جملة من العلوم الدينية لا يجوز التقليد حتى للعوام فاما ان يجتهد او يحتاط اما في الفروع او بعض العلوم الدينية القليلة الخيارات تكون ثلاث وهذا الالزام كما قال عنه الصادق عليه السلام هو الزام من العقل وهو العقل الفطري الذي قد يطلق على الفطرة وهي اقسام وهناك فطرة العقل وفطرة الغرائز وفطرة القلب .

كلامنا اليوم فهرسي وليس تفصيليا والفهرس الاجمالي اخطر من التفصيلي فالحجة لا تنحصر بالعقل الظاهري وبالعلم الحصولي التفصيلي الظاهر النظري او العملي بل ترتبط ايضا بالعقل الباطن والاخير ايضا هو اقسام وانواع فلاحظ الحجج كم تكون? عشرة عشرين او اكثر ، فليست الحجة واحدة او اثنتين بل متعددة .

لاحظ هذه الاية قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا ( 1 ) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ( 2 ) فالقران منشأه الرشد يعني حجية عقلية الفقهاء في ان المجتهد اما ان يجتهد او يحتاط قالوا هذا الالزام في كل العلوم الدينية وقالوا هذا الالزام ليس فقط وجوب عقلي نظري وانما وجوب عقلي عملي وايضا وجوب فطري والبعض قالوا وجوبه وحياني تعبدي وقالوا وجوب فطري وقالوا وجوب عقلي وقال وجوب نظري وقالوا عملي وقالوا جبلي فهناك عدة اقسام من الوجوب مما يدل على ان الحجج عند الاعلام متنوعة من العقل الظاهر والعقل الباطن ما شئت فعبر بالتسميات .

لذلك الراوي يسأل الامام او الامام الكاظم عليه السلام يسأله عن العقل الذي كان عند معاوية قال تلك النكراء يعني الامام نبه هشام بن الحكم الذي كان متفوقا على متكلمي الطرف الاخر كلهم نبهه على ان العقل واستعمالته عديدة ولاحظ حتى الفلاسفة في ذاك الزمن ما ملتفتين الى هذا المطلب فابن سينا وهو شيعي اسماعيلي او اثنى عشري يقول عن امير المؤمنين انه بين الصحابة كالعقل بين الاجسام .

لاحظ حتى هذا ابن سينا الشيعي بالمعنى الاعم او الاخص التبس عليه الامر في العقل النظري والعقل العملي وقد بيناه مفصلا في كتاب العقل العملي فالمقصود ان هذا البحث صعب و وعر ولكن انت انظر الى ائمة اهل البيت وكلام امير المؤمنين عندما يقول دفائن العقول وميثاق فطرته وهو غير العقل الفكري وغير الفكر ، فالفكر هو العقل الظاهر اما الفطرة ودفن العقول هي عقل باطن هذه براهين تزلزل الانسان في عظمة اهل البيت وانت بعد الف واربعمئة سنة تكتشفها وفلاسفة المسلمين وروادهم الشيعة والمتكلمين لم يكتشفوا العقل الباطن الا بعد توصلت البشرية الى ذلك بينما تجد بيانات اهل البيت والقرآن من قبل ذلك هذه هي المعجزة والعظمة .

 

logo