« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

47/06/18

بسم الله الرحمن الرحيم



التفسير

تأريخ الدرس : الثلاثاء 18 جمادى الآخره 1447

عنوان الدرس : ▫️ الرشد والإمامة الإلهية ▫️

 

كنا في هذه الاية الكريمة من ايات الكرسي وهي ايات التوحيد والولاية لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ومر بنا امس ان الرشد عنوان خاص يختلف عن الهداية ويشترك ويختلف ، فالرشد ملحوظ فيه جنبتان جنبة الجانب العملي والجانب العلمي وهذه نقطة مهمة قد تبين للرشد ان الرشد لا يتحقق بمجرد التنظير والمعرفة النظرية بل لا بد من الخوض في البناء واقامة النظام الديني الاجتماعي الذي هو اعظم من النظام السياسي ومر بنا عن ائمة اهل البيت انهم اقاموا هذا النظام العظيم واكترثوا به اكثر مما يكترثون بالنظم السياسية المؤقتة .

نواصل بقية الايات في الرشد في سورة الاعراف الاية مئة وستة واربعين وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بانهم كذبوا باياتنا وكانوا عنها غافلين هنا القرآن يصر على ان الرشد فيه جانب اداء عملي ان ان يروا سبيل الرشد لا يتخذه سبيلا يعني هناك عملية سير وحركة وعمل وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا فالغواء كما مر بنا ليست عبارة عن مطلق الضلال وانما الغواية هو عناد وتمرد فانت تسلك الطريق الباطل مع العلم الى بطلان الباطل مع ذلك يستحب الباطل فيصير غواية وعناد وعنت وشقاوة شاقوا الله فالشقاق ليس عن جهل وانما لا يكون الا عن علم لكنه عناد وتمرد وهذا حسب بيانات القرآن وان لم يكن لدينا احصائيات دقيقة لذلك لا يبعد ان يقال ان الشقاق والعناد واللجاج في القرآن والروايات من اصعب واخطر الامراض التي يبتلى بها الانسان غلبت علينا شقوتنا فالغواية شقاق في قبال الرشد علم وتسليم والعكس .

ثم في تتمة الاية يقول ذلك بانهم كذبوا باياتنا هنا من الواضح ان سبب فلاح ونجاح هؤلاء انهم كذبوا بالايات لان الايات مرتبطة بالسبيل والرشاد فما ان يأتي حديث عن الحركة في الهداية فمعناها الامامة والقيادة فالنبوة هي الانذار كما ذكروا في العلوم اللغوية او العلوم العقلية النبوة هداية واراءة من بعيد مثل المصباح اما الامامة هي في الحقيقة حركة وسير يتبع فيه المهتدي الهادي وكما يعبر في الميزان في تعريف الامامة الالهية الامام قائد قافلة الارواح الى الكمال ويعبر عن ذلك ايضا بالهداية بينما النبوة هداية ارائية اما في الهداية الايصالية الامام يأخذ بيد المأموم الى الغاية المطلوبة فيأخذ بيده اختيارا لا الجاء فعندما قرنت الاية هنا بالسبيل يعني فيما انه امامة حركة .فالمراد من الاية هنا الحجة الناطقة .

قرينة اخرى على هذا البيان كلمة كذبوا فالاية هنا عندها ادعاء فهو يكذب هذا الادعاء ومن الواضح ان الاية الناطقة هي التي تنطق واذا الانسان يكذب بها يعني اذن هي حجة ناطقة وذكرنا في السنين السابقة هذه العبارة في سورة الاعراف مائة وثمانية واربعين ان الذين كذبوا اياتنا واستكبروا عنها يعني استكبروا عليها وصدوا عنها لا تفتح لهم الابواب يعني ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط هنا الايات المراد بها الحجة الناطقة البشرية بشاهد ان هذا التعبير نفسه استعمله القرآن في شأن المنافقين في تعاملهم مع سيد الرسل واذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون ونفس التعبير استعمله القرآن في شأن ابليس مع ادم ابى واستكبر .

فاذن ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها ثلاثة افعال توجب هلاك المخلوق التكذيب بالحجج الناطقة يعني هذا هو الاول وعدم المعرفة وعدم التصديق هو الثاني والاستكبار عليها وعدم الخضوع والتواضع لها هذا الثالث وونحن مأمورون ان نتواضع ونخضع للنبي ونطأطئ خضوعا بالرأس امام النبي واهل البيت بنص القرآن .

لماذا القرآن يذم استكبار ابليس على ادم? لانه هو يجب ان يتواضع و احد معاني اسجدوا يعني تواضعوا اخضعوا انقادوا ولا تستكبروا شبيه الاداب التي وردت في سورة الحجرات مع سيد الانبياء يقول عنها الامام زين العابدين مجموع هذه الاوامر الالهية في التأدب والتعامل مع النبي فمجموع هذه الاوامر الالهية في التأدب والتعامل مع النبي هي تعظيم للنبي وهذا التعظيم الذي امر به القرآن لم يعرفن حتى للملوك في الارض فالامام زين العابدين في الصحيفة السجادية يشرح الاية الاولى من سورة الحجرات لا ترفع لا تقدموا ان الذين ينادونك من وراء الحجرات هذه الاداب في الصوت والبدن هي التعظيم والله امر البشر ان يعظموا خاتم الانبياء بتعظيم غير موجود في عرف الملوك يعني كأنما الله عظم سيد الانبياء وامر بتعظيمه ازيد مما يعظم حتى الملوك في القرون وان كان النبي تواضع لله وللمخلوقات .

فبما رحمة من الله لنت لهم واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وبلا قياس تعبير القرآن الكريم بالنسبة للولد والوالد واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وليس من الصغر يعني تواضع النبي لغيره مع انه هو اعظم من غيره هو تواضع من باب رؤوف رحيم ولقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فهذه الرأفة والرحمة من سيد الرسل انه يتواضع بها للناس مع انه اعظم منهم .

فالمهلكات ثلاثة عدم المعرفة بالايات والاستكبار وعدم التواضع والانقياد والثالث انه قد لا يستكبر الانسان ولكنه مدبر عن الحجج الناطقة وغير مقبل عليها فلا يعرف مقامات النبي واهل بيته وشؤونهم ولا يزورهم وانما مدبر عنهم او حياته الدنيوية على معاش نفسه وعائلته فهذا جهاد صحيح ولكن هناك جهاد اعظم من هذا الجهاد ان يوظف الانسان معيشته لمشروع الدين ومشروع اهل البيت وراية اهل البيت يعني يعيش هم اهل البيت قبل ان يعيش هم نفسه فقد يكون الانسان عارفا ولا يستكبر لكنه مدبر عن مشروع اهل البيت وعن اهتماماتهم وعن التواصل والوصال معهم فحينئذ رأيتهم يصدون وهم مستكبرون فعندما لا اقبل على النور الالهي تلقائيا اصد واذا قيل لهم تعالوا يقولون كلا نتباعد ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فيقولون لا نأتي لرسول الله فبدل ان يجعلوا رسول الله باب الرحمة يبتعدون عنه فهم بدل ما ان يتخذوا ابواب الرحمة يتخذون ابواب العذاب .

يقول امام الرضا من اقبل من اقبل علينا اقبلنا عليه ومن ادبر عنا ادبرنا عنه من لزمنا لزمناه كذلك نفس الكلام في القرآن قل ما يعبا بكم ربي يعني يدبر عنكم لولا دعائكم يعني لولا اقبالكم ما يعبأ بكم هذا هو المعنى وهذا ليس فقط جانب فكري ايضا جانب روحي من لزمنا لزمناه من فارقنا فارقناه فاذن لا يكفي المعرفة والتصديق ولا يكفي الخضوع بل اللازم الاقبال والخضوع عبارة عن الولاية وعدم التكذيب في خلاف المعرفة ايضا ركن .

الشاهد ان هذه الاية اربعون هذه الاية في سورة الاعراف استعملت الايات في الحجج الناطقة الذي يكذب بها اما الايات السماوية وما شابه ذلك يقول كم من اية في السماوات والارض هم عنها معرضون يعني لا يتدبرون فيها واما يكذب يعني هي ناطقة وتدعي شيئا معينا فاما ان تصدقه او تكذب هذا ملف منظومي ويحتاج الى تتبع كثير وهو ملف الايات في القرآن الكريم وفي البيانات فجل استعمال الايات في سور القرآن ان الحجج ناطقة من البشر .

مثلا في سورة النمل اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون وكذلك سنريهم اياتنا فيعرفونها ومثل وجعلنا ابن مريم وامه اية فسيقت الاية في الحجج البشرية الناطقة وهذا امر كثير مفصلي منظومي وكلما تتبعه الانسان خوارزميا انفتحت له افاق كثيرة ونحن تعرضنا لهذا البحث بشكل جملة معترضة والا انجازه يحتاج الى بحث مستدام كي يشرف الانسان على جوانبه المتعددة ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بانهم كذبوا باياتنا مما يدل على ان التصديق بالامامة الالهية والحجج هو يأتي بالرشد .

واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم يعني لولا تكون عندكم طاعة تقعون في الشقاء والعنت والذي يجذبكم هو طاعة الرسول وطاعة الامام فالامامه يعني ولاية طاعة الرسول وطاعة الامام هي سفينة النجاة للنظام الاجتماعي الديني وهي بالتصديق اي بمعرفة مقامات النبي واهل البيت والتصديق بها والتولي لها تلقائيا فلو عرفوا النبي ووصيه حق معرفته لما قامت السقيفة ولكن المؤمنين لم يكن لديهم تلك الهمة فما فائدة المعرفة والمعارف والفضائل والمقامات? فتمام الصلة الوطيدة بين الاصلاح والرشد في الارض هو لمعرفة النبي واهل البيت وهذه معادلة وملحمة يتحدى بها القرآن .

فالاصلاح العادل وامن البشر وائتلاف قلوب البشر مرهون اولا بمعرفة النبي والال الكاملة ثانيا محبتهم وولايتهم وهو الذي يوجب الفة القلوب عن العداوات والحروب ومن ثم ولايتنا او مودتنا امان من الفرقة الامن الدولي والبشري ليس بمحبة النبي عيسى فقط ولا موسى ولا ابراهيم ولا الديانات الابراهيمية وانما القرآن والعترة فهي تتحدى ان المحبة والالفة والوئام بين البشر لا تقوم له قائمة الا بمحبة الله والنبي وقربى النبي اما محبة النبي عيسى غير كافية لالفة القلوب .

ففي خطبة القاصعة امير المؤمنين يقول بدون الولاية لله وللرسول ولقربى الرسول لا نصر ولا امن للبشر ولا امن ولا سلام دولي ولا قلع للرذائل ولا بسط للعدل وكذلك اية الحشر هذه الاية الكريمة ربطت بين الرشد والايمان بايات الحجج الالهية وبين الغواء والفساد في الارض والظلم والجور في البشر مع التكذيب بالحجج و احد اسباب تأخير ظهور عدم وصول معرفة البشر وايمانهم بالدرجة المطلوبة للامام الثاني عشر لانه يصير تمرد وسقيفة ثانية وانقلاب عسكري امني اموي او عباسي فالضمان لسرعة الظهور والفرج للبشر هو ازدياد المعرفة وازدياد الولاية والمحبة ولضمان السلام وضمان الالفة ضمان الصلاح ضمان انتشار العهد كله مرهون بهم بالله وبالنبي وبذي القربى .

وفي زيارات عديدة ان النبي وال بيته هما الالفة بين الانبياء فهم الحبل المؤلف والرابط بين الانبياء والا كان الانبياء مشتتين او في نزاع وتصادم بل بحسب ملف الدلالات القرآنية والروائية المتواترة الملائكة لولا وجود خليفة النبي وال البيت ليس بينهم الفة ونظام فليس ولايتهم فقط امانا من فرقة البشر وانما من فرقة الملكوت اذ يقتسمون في الملأ الاعلى ولذلك القرآن لما يقول اني جاعل في الارض خليفة هذا الخليفة نظام للأرض وللسماوات وللملكوت الاخرة وفي بيانات امير المؤمنين ان الامامة الالهية للنبي ولال بيت تتجلى في الرجعة اعظم من دار الدنيا وتتجلى في القيامة اعظم من الرجعة وتتجلى خطورتها والحاجة لها ودورها في الجنة اعظم لان الجنة والنار ما بعد عوالم القيامة فكل ما صرنا اقرب تتجلى وتشتد الضرورة والحاجة لهم اكثر فاكثر ملكهم وتدبيرهم اكثر والحاجة لهم اكثر فاكثر شبيه الذي يذهب للبرزخ والموت يعرف مدى حاجته للنبي واهل البيت فيفهم ان حاجته للشفيع ضرورية وكذلك للوسيلة والا لن تفتح له ابواب الرحمة في .

فحاجة اهل الجنة للامام اشد من حاجة اهل الارض له الم يقولوا تنتهي التكاليف في دار الدنيا بالعكس هذه التكاليف ومنها الامامة والائتمان في دار الاخرة اشد مسؤولية وحاجة وعطشا من دار الدنيا لذلك في بيانات اهل البيت كثير ورد ان الملكوت عندنا في الملكوت لا يسمح الله بالتمرد عن الامامة الالهية فاي شخص يتمرد في الملكوت يخرج منها بسرعة مذئوما مدحورا ليس لك ان تتكبر قال المأمون للامام الرضا هل يطيعكم الملكوت? فالامام قال كل ما في العوالم يطيعنا الا هذا البشر في دار الدنيا لان هناك الحاجة اشد والنظم اشد لا يمكن التلاعب فيه لا انه اقل وانما اشد .

فاذا ما عندك معرفة وما عندك انقياد تأتي العقوبات بسرعة هناك ملك في الملائكة ما تواضع لرسول الله اتته العقوبة ان يقف عقوبة الى يوم القيامة وهذا كان في معراج الرسول والان نحن لا نراعي الاداب والانقياد لهم ولا نراعي المعرفة ولعب ولهو فتأتي فيما بعد العقوبات فمن هنا اذا روضنا انفسنا سنتفادى العقوبات .

 

logo