47/06/11
التفسير
تأريخ الدرس : الثلاثاء 11 جمادى الآخره 1447
عنوان الدرس : حقيقة الارتداد عند علماء الإمامية وحرية المعتقد
كان الكلام في قوله لا اكراه في الدين و احد المعاني لها هو حرية المعتقد ونقلنا عن كثير من الباحثين من الفريقين جملة من المعاني المهمة لها ولا زلنا في هذا المعنى الذي كنا فيه من قبل جلستين وهو حرية الاعتقاد والمعتقد في الاسلام وهناك اعتراض من الغربيين او العلمانيين بشدة على الاسلام انه فيه اكراه واجبار على العقيدة ومر بنا ان هذا غير صحيح حتى على الصعيد الفردي فليس هناك اجبار بل الحرية في الاعتقاد والمعتقد في الاسلام اشد من الحرية التي يتبجح ويزعمها الغرب ووهذه مسألة عصرية فيها لغط كبير اعني حرية الاعتقاد وحرية المعتقد .
قبل ان نواصل لا بأس نذكر هذا المطلب وهو ان الاية الواحدة كيف يكون لها عدة معاني? فاذن ليس الا معنى واحد وبقية المحتملات مثلا لا يعبأ بها فقد يخطر في ذهن الباحثين منهج الاية واحدة والمعنى الواحد وكذا الرواية الواحدة لها معنى واحد اما المعاني المتعددة فلا يمكن لانه لو كانت كلها صحيحة سديدة يصير تعارض بين المعاني والدلالات وهذا المبحث مصيري وخطير في حجية الظهور وهو ايضا من علوم القرآن وعلوم الحديث ان النص القرآني او النص الروائي يكون له عدة معاني وكله مأخوذ به ومعتمد عليه ولا سيما اذا كانت هذا المعاني في عرض بعضها البعض لا في طولها فالاخير قد يكون هين من باب اللوازم والملازمات اما اذا كان في عرض بعضها البعض كيف يعني يصير?
هذا مبحث اصولي من علم الاصول ومن علم البلاغة ويرتبط بعلم البيان في البلاغة وليس بعلم المعاني نعم شيئا ما يرتبط بعلم المعاني لكن بالدقة هو من علم البيان لذلك هنا تكمن اهمية علم البيان عن علم المعاني في البلاغة فالبيان يعني الدلالة ومن ثم هناك ارتباط وطيد بين بحث الظهور في علم الاصول وعلم البيان لا نظن ان ارتباط الظهور بمباحث الالفاظ في علم الاصول مرتبط حصرا فقط بعلم البيان في البلاغة ايضا مباحث الالفاظ والظهور في علم الاصول له ارتباط وطيد ايضا بعلم المعاني ونحن نشير فقط الى فهرسة موجزة او اشارة اجمالية لهذه القاعدة الكلام طبعا يعم المعاني الطولية ايضا ولا يقتصر على المعاني العرضية لكن الجدل العلمي الموجود بين الاعلام فيما اذا كانت المعاني عرضية فكيف يكون ذلك?
فنحن نشير فقط الى هذه القاعدة الجحفلية الترسانية وهي ان الجملة الواحدة سواء في الاية او الرواية يمكن استظهار عدة معاني منها وجلها او جملة منها معتمدة مع انها معاني متغايرة متباينة والان نذكر شيئا من الاشارة الى ذلك فان علماء النحو يبنون على التعدد بكل رحابة صدر وهو على موازين وقواعد علم النحو يعني يسوغون هذا الشيء مثلا في القرآن الكريم يعبرون عنه بوجوه الاعراب ولا يخفى عليكم علم النحو ووجوه الاعراب يتناول بعدا من ابعاد الجملة وهي الهيئة الناقصة او الهيئة التامة ولا يتناول المواد ومع ذلك هم يبنون على التعدد ان هذه وجوه الاعراب ما دامت على الموازين والقواعد فكلها صحيحة ولو في عرض بعضها البعض وحتى لو تخالفت فهي صحيحة ما لم يأت دليل يفند احدها اما بالنسبة الى علماء اللغة فهم يبنون على صحة التعدد في مفردات اللغة .
انت لاحظ لسان العرب وكتاب العين للفراهيدي سترى كبار العلماء يأتون باحاديث او بجمل من الاحاديث او بالمفردة من الاحاديث او من الايات هذه المفردة تحتوي على عدة معاني وكلها صحيحة متأتية ايضا علماء الصرف انه هيئة الصرف هل هي اسم مفعول او اسم مكان? لان بعض هيئات الصرف تشتبه بين واسم المفعول واسم المكان واسم المصدر فيبنون على صحة تعدد المعاني والاستعمال فعلماء اللغة يبنون صحة تعدد المعاني وعلماء التفسير كذلك وعلماء الحديث كذلك وهلم جرا فالكثير منهم يبنون على ذلك وهذا بحث طويل الذيل هل يرتبط باستعمال اللفظ في اكثر من معنى ام ماذا? وانا اشرت الى هذا المبحث اشارة لانه ليس بحثنا في هذه القواعد وحققناها في قواعد التفسير ولعلها مطبوعة وبحثناها في الدورتين الاصوليتين السابقتين فهذه فائدة معترضة اردنا ان ننبه عليها في كيفية الاعتماد على معاني متعددة لجملة لا اكراه في الدين ولا مانع فيه ولا سيما الاية من الله عز وجل خالق الكلام او من النبي او الائمة الوحيانيين اولئك يحيطون بتداعيات الكلام فاذا كان كلام يمكن ان يتصرف الى وجوه وكلها على الموازين فلا محالة يريدها كلها والا لنصب قرينة على بعضها وعلى نفي بعضها ولو بقرينة منفصلة والا فيؤخذ بها كلها .
نرجع الى مبحث لا اكراه في الدين والمعنى الذي كنا فيه فبالنسبة لحرية الاعتقاد والمعتقد مر بنا ان هناك شواهد عديدة على ان الردة لا ترتبط بتبديل العقيدة بقدر ما ترتبط بفسخ العقد الاجتماعي الديني لدار الاسلام طبعا هذا التفسير للارتداد لملمته وشواهده من فقه الامامية ليس بالسهل من الايات والرواة بل ربما تعريف كثير من الفقهاء الامامية يعطي طابع المذاهب العامة ان الارتداد هو تبديل عقيدة لا المعنى الذي ذكرناه ولكن نحن نحمل مشهور رواد الفقهاء على هذا المعنى الذي ذكرناه في الارتداد وهذا المعنى ذكرنا انه مطابق حتى للقوانين الموجودة في البلدان والدول في العالم سواء كانت مسيحية او بوذية او علمانية وسبق ان قارنا بهذا المعنى عندهم ان الذي يهدد الامن الوطني او لا يلتزم بهوية البلد هذا بالتالي يعتبر معادي لمقدرات امن البلد ويجازوه بما يجازوه كالمحارب وربما المحارب بالناعم اخطر من المحارب بالساخن وهذا موجود في عرف العقلائي للدول والشعوب وهو درجات وانواع ، فالمعنى الذي نفسره للمرتد بمعنى عقد اجتماعي وسابين شواهد من كلمات الفقهاء على هذا المعنى وهي شواهد قطعية لا ظنية ولكن لو تراجع كلمات الفقهاء ينطبع لديك ان مرادهم من الردة نفس المفهوم الموجود في فقه العامة وهو تغيير الاعتقاد والمعتقد بينما الذي ندعيه ليس المعتقد كبعد قلبي او فردي بل المراد به الالتزام الاجتماعي الديني والالتزام بالنظام الديني كهوية اجتماعية وكنظام الديموغرافي فيجب الا تفسخ هذا الالتزام والا انت تسوغ لنفسك ان تسعى لازالة هذا النظام الاجتماعي وهو اخطر من ازالة وزعزعة النظام السياسي المؤقت ففي اعراف الدول والبلدان اذا كان شخص يتبنى زعزعة النظام لا حكومة معينة يعتبر محاربا لانهم يفرقون في العلوم السياسية والقانونية بين اصل النظام وتغيير الحكومات فمن يتبنى نشاط وموقف لزعزعة اصل النظام انه يهدد امن البلد وهوية البلد يجازى بما يجازى .
فالمقصود ان هذا المعنى من الارتداد معنى عرفي عقلائي عند الكل وليس خاصا بالاسلام وليس فيه الجاء او اجبار على الاعتقاد بل هو معنى عقلاءي الكل يقر به وذكرت لو تراجعون كلمات فقهاء الامامية يعبرون نفس تعبير فقهاء العامة انه من غير عقيدته الفردية وابرز ذلك فكيف ندعي نسبة معنى الارتداد لفتاوى المشهور? مع انه خلاف ظاهر عبائرهم بل خلاف ظاهر بعض الادلة حتى وشواهد المشهور كما ندعيه وليس كما يوهمه كثير من عبائرهم فللوقوف على هذا المطلب مضطرين نوضح فائدة صناعية في فهم كلمات العلماء في علم الفقه وعلم الكلام ملخصها ان الذي يريد ان يقف على حاق المعنى من النصوص او من كلمات الفقهاء لا يمكنه تحصيل المراد الجدي بمجرد الوقوف على فصل واحد وباب واحد منه وانما لابد من متابعة سائر الابواب سواء في الايات او في النصوص الروائية عن ائمة اهل البيت او فتاوى الفقهاء والا كما يعبر صاحب الجواهر سيكون الباحث مغرورا مخدوعا.
اذكر لكم مثال يقرب الفكرة فوجه استفتاء للسيد محمد الروحاني قبل وفاة السيد الخوئي بسنتين او ثلاث من المهجر انه هل ابن الزنا ليس بابن او هو ابن? فالسيد كلفني بان ابحث هذه المسألة كاملا في الابواب واذكر النتيجة والادلة له في رسالة واحدة لمدة اربعة ايام يعني استنفار وسابقا لا كتب حروفية مطبوعة وانما اكثرها حجرية وقليل منها حروفية منضدة فضلا عن الالكترونية فانت افتح وسد من الصبح الليل المهم اليوم الاول والثاني والثالث جزمت وقطعت بانهم ينفون اصل النسبة لكن اليوم الرابع في الوقت الضايع وقفت انه يصرحون ان ليس مرادنا من عدم البنوة ليس نفيا مطلقا وانما ليس بابن حلال طاهر ولا ننفي اصل البنوة التكوينية فلاحظ كل هذه الابواب يذكرون فيها ليس بابن ليس بابن بدون ان يوضحوا ويفصلوا وانما في فصل وباب واحد هناك صرحوا بمرادهم الاصلي ونحن من جهة نعذرهم .
النصوص ايضا هكذا لو تراجعها تقول لغية لغية لكن في باب معين تجد ذلك لذلك لاحظ اذا تريد تستدل ببعض السور القرآنية وبعض الايات يكون ضلال اتأمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض? الروايات هكذا تأمرون ببعض الابواب وتكفرون ببعضها الاخر طبيعة القانون او العلوم الدينية عموما هي منظومة ومن اخطر مناهج الاستنباط في العلوم الدينية ان يكون استنباطك تعليقي يعني مو بحسب هذا الباب وتغفل عن بقية الابواب هذا من المناهج الخطرة السطحية القشرية في الاجتهاد ، ففي العلوم الدينية اخطر شيء هو هذا بل العمود هو شبكة منظومية ومن ثم القدماء يحاربون منهج التجزئة والفصل والتفكيك بين الاخبار يقولون اخبار الاحد ليس حجة يعني بوحدها بمفردها اذا تنظر اليها فهذا خطأ بل بدعة في الدين ولكن انظر للخبر العلمي يعني انظر له في خيمة منظومة الروايات والايات ومنظومة الادلة يعبر عنها الشيخ المفيد او السيد المرتضى وابن ادريس والقدماء بالخبر العلمي يعني الخبر الذي بخيمة منظومة الادلة كلها يعبرون عنه بخبر علمي لا ان تنظر للرواة فقط فهذه النظرة التجزيئية التفكيكية البترية الانعزالية ان تعزل هذه الرواية عن بقية الروايات من اخطر المناهج وتمحو الدين وتبيده .
انت لاحظ كتاب السرائر ماذا يقول ابن ادريس عمن ينظر الى الخبر الواحد وبحجيته ، فيقول هذه بدعة في الدين وابادة للدين والشيخ المفيد نفس الكلام وانما طبيعة الروايات هي منظومة متشابكة اواني مختلفة ولا يمكن ان تقول انا اريد فقط اناء هذا البيت يجب ان تكون مرتبطة بشبكة طبيعة الكهرباء انها متصلة بمدن وببيوت نعم تلاحظ خصوصياتها ثم تلاحظها في ضمن الشبكة العامة هذا صحيح اما فقط تلاحظها بما هي لا يمكن فالنظرة التجزيئية لا ننفيها ولكن انه تنظر للخبر وللاية نظرة تجزيئية عزلية تفكيكية احادية فلا وهذا هو معنى خبر الاحاد وهذا خطأ فالحجية ليست للخبر الا منظوميا والاية حجتها منظومية والظهور حجيتها منظومية فما عندنا حجية مستقلة فان هذا خداع علمي في الصنعة الاستنباطية انت مضطر القضية تلاحظها بشكل منظومي فح سوف يخرج عن خبر الاحاد وكذلك الايات وهذا منهج جدا مهم في الروايات ، فخبر الواحد والاحاد هو منهج المتأخرين اما منهج القدماء بل حتى جملة من المتقدمين كمدرسة الوحيد البهبهاني ومدرسة الانسداد الى الشيخ الانصاري الى السيد محسن الحكيم والسيد محمد الروحاني منهج منظومية حجية الخبر فالسيد محمد الروحاني هو التلميذ السيد الخوئي لكن هو في قبال منهج استاذه السيد الخوئي في الاخبار وفي علم الرجال ومنهجه هو نفس المنظومية وكذلك قواعد علم الرجال المنظومية لا تلاحظها احاد نعم بنظرة سطحية تجزيئية بدوية ولكن لا تكتفي بها ثم اقرأها في ضمنها لتعرف الدين ما هو شجرة الانساب العلمية ويعبر عنها القدماء بالخبر العلمي يعني انظر للمفردة في ظل نسبها العلمي ومشجراته العلمية هكذا في قراءة الفقه وفتاوى الفقهاء مثل ابن الزنا الذي ذكرته لكم وحتى ان بعض المراجع الكبار لا اتي باسمه بنى على ان مراد المشهور نفي النسبة من ابن زنا من رأسها وهذا علميا اما هل فتوى التزم بذلك ام لا بحث اخر? وهو من المعاصرين الكبار قال لو تزوج الزاني من ابنته التي تولدت منه بالزنا فهو على القاعدة جائز فهو ذكرها كاثارة علمية ونفسه هو من المنظوميين وليس من البترين والاعتزالين .
فاذا انت تريد ان تحدد معلم مذهب الامامية اقرأه منظوميا وفي فتاوى مشهور كذلك الارتداد اذا تلاحظ كلماتهم كانه عندهم معنى المرتد هو تغيير العقيدة كما ذكره علماء العامة ومذهب السقيفة وكأنما ترى رأي علماء الامامية نفسه وقد يكون هذه غفلة لكن ارتكازهم ما التزموه بشكل قطعي فنخالف تفسير الارتداد بمعنى تبديل عقيدة وسآتي بالشواهد القطعية في الجلسة القادمة ولكن اذكر فقط هذا الملخص انه هذه الكلمات يجب ان لا نأخذ بها لانهم التزموا بفتاوى في موارد اخرى تفسر الارتداد بغير تغيير العقيدة بل بمعنى فسخ العقد الاجتماعي الديني يعني كأنما يكون مناوئا ولا يلتزم بهذا النظام الاجتماعي وذكرنا النظام الاجتماعي الديني اعظم خطورة من زعزعة النظام السياسي في كل الدول كذلك بحث الجهاد اذا تلاحظ كلمات فقهاء الامامية كانما في الصياغة تأثروا بفتاوى فقهاء الطرف الاخر لكن هناك شواهد قطعية وقفت عليها تري ان مرادهم الاصل او الارتكاز او لا اقل الكبار من الفقهاء وهم المعول عليهم والرواد ليس مرادهم من الجهاد الابتدائي ما ذكره العامة وانما هو اسلمة الانظمة الاجتماعية السياسية وليست اسلمة العقائد هذا كله شريطة ان يلتفت الانسان ان المنهج منظومي وليس تقطيعيا تفكيكيا او انعزاليا فلا يمكن ان نبتر هذا المطلب عن ذاك .
ان شاء الله بلحاظ الادلة والروايات سنبين شواهد قطعية وليست ظنية اجتهادي ان الارتداد ليس بالمعنى الموجود عند العامة من تغيير العقيدة .