« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

47/06/10

بسم الله الرحمن الرحيم



_التفسير

تأريخ الدرس : الاثنين 10 جمادى الآخره 1447

عنوان الدرس : الارتداد وحرية المعتقد في الدين

 

كنا في قوله تعالى في اية الكرسي لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي وصار البحث في مجموعة معاني ذكرناها في معنى الاكراه في الدين وبالتالي المعادلة مهمة ولعلنا صار لنا اسبوعين فيها او اقل امس مر بنا احد معاني لا اكراه في الدين هو حرية المعتقد والاعتقاد حتى تشريعا ومر بنا ان حرية المعتقد والاعتقاد الذي يدعيه الغرب بعينها موجودة في دين الاسلام بل اكثر لان الجهاد الابتدائي كما مر ليس الهدف منه اسلمة العقائد طبعا النشاط الديني هو هدف لهداية البشر لكن استعمال القوة في الجهاد الابتدائي غير الجهاد الدفاعي الجهاد الابتدائي اللي عبر عنه بجهاد الدعوة منهج مذاهب السقيفة هو ان الجهاد الابتدائي لاسلمة العقائد بينما بينا بدلائل قطعية لا ظنية بحسب القرآن وبيانات اهل البيت انه ليس لدينا جهاد لاسلمة الشعوب عقائديا وانما لاسلمة الانظمة السياسية الاجتماعية للشعوب يعني النظام السياسي يجب ان يكون نظام الاسلام ولو كان كل هذا البلد مسيحيين او وثنيين بوذيين او ما شابه ذلك فطابع النظام الاجتماعي في هذا البلد يجب ان يكون فيه اذان بغض النظر عن ان هؤلاء يبقون اهل ذمة او يبقون مهاجرين او مواطنين من الدرجة الثالثة او الرابعة يعني يصيرون عبيد هذا بحث اخر .

حتى التعبير في القرآن الكريم هكذا اذا صارت غلبة على الكفار اما منا او فداءا ربما حتى يطلق الامام سراحهم او النبي لكن هذه هدنة فالهدنة او الصلح لا يختص باهل الذمة اليهود والنصارى والمجوس وربما يجعلهم اهل هدنة يفرض عليهم ضرائب ولا يكونون مواطنين من الدرجة الاولى لكن طابع النظام السياسي والمظهر العام في البلد الذي يفتح من قبل الاسلام يجب ان يكون طابعا اسلاميا وليس لهم حق ان يروجوا غير الاسلام كظاهرة اجتماعية ويجب ان يمتنعوا من المحرمات الشرعية في الظاهر طبعا اهل الذمة ربما عندهم صلاحيات اكثر من بقية الكفار فلو عقدت عقد هدنة مع الوثنية او البوذيين او الملاحدة لهم امتياز ولكن اهل الكتاب لهم امتيازات اكثر ولكن يبقون اهل الذمة مواطنين من الدرجة الثالثة او الثانية اما الوثنيين ربما من الدرجة الرابعة والخامسة من جهة رعاية الدولة الاسلامية لهم .

لاحظ قوله تعالى في سورة النساء وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ( 75 ) ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين يعني حماية المظلومين بغض النظر عن ان يكونوا مسلمين او غير مسلمين مؤمنين او غير مؤمنين وانما بعد انهم مظلومين مستضعفين لا يقر الله الظلم في الارض ولا يقر الظالم هذه الاية في سورة النساء في صدد الجهاد الابتدائي وهو نصرة المظلومين المستضعفين وليس اسلمة المستضعفين الاية خمسة وسبعين في سورة النساء .

طبعا النظام العادل تنبثق العدالة من الاسلام لا من غيره ومن مدرسة الثقلين لا من القرآن وحده سورة الحشر اية الفي تبين ان العدالة في الارض لم ولن تستتب الا بتولي قربى النبي لاموال الارض ما افاء الله على رسوله واول من استلم الفيء في زمن سيد الانبياء هي فاطمة فالذي يقرأ فدك بدون ما يقرأ مفاد ايات الفيء لم يعرف حقيقة النزاع في فدك ففدك ليست ارضا وانما هي فيء وهي ليست بيد زعماء السقيفة وانما بيد فاطمة وعلي والحسن والحسين وهلم جرا ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى وهم فاطمة وعلي وليسوا زعماء السقيفة فلماذا جعل الله الولاية في مصطلح القرآن الكريم وحتى باعتراف المذاهب الاسلامية هي ثروات الارض كلها حكرا على الله وعلى الرسول وعلى قربى الرسول الائمة ولم يسم باسمائهم؟ فما معنى القربى? فاقرب المقربين الى رسول الله من? فيأتي الابعد وهم تيم وعدي من ابناء عم قبائل قريش واقرب المقربين لرسول الله يبعدون كما يقول حاججتم الانصار بالقربى ونحن القربى فلماذا الباء تجر هناك ولا تجر هنا? فهناك دجل وخداع فلماذا الله حصر الولاية في الله وفي الرسول وفي القربى? واللام لم يكرر في واليتامى والمساكين فما قال ولليتامى وللمساكين ولابن السبيل وانما الولاية لله وللرسول ولذي القربى .

فصرف الثروات العامة في الارض على المحرومين والطبقات الضعيفة فالاخيران هم مصرف وليسوا اولياء ثم في الخمس ايضا هكذا فلماذا فلسفة التشريع من الله? مع ان النبي عيسى من اولي العزم وهو حي لماذا لا تصل الولاية اليه بعد رسول الله? وانما تسندها الى فاطمة وولدها ومنهم صاحب العصر والزمان وابعد الله عيسى ولم يجعل له شأنا في ثروات الارض بالاصالة وكذلك النبي ادريس ايضا حي حاضر عند المسلمين لماذا لم يذكر له شأن وهو جد النبي نوح? وعمره اطول من النبي نوح ومن الخضر وربما هو اطول موجود بشري عمرا على وجه الارض ورفعناه مكانا عليا لماذا الله عز وجل ابعده وجعله تحت ولاية الامام الثاني عشر من ولد فاطمة وانما الامام الثاني عشر له هذه الولاية بنظام الوراثة من الرسول وفاطمة وعلي ثم الحسن ثم الحسين وهلم جرا وهو بنظام الوراثة وليس بنظام اخر فالقربى يعني نظام وراثة والياس ايضا حي حاضر والخضر حي حاضر هؤلاء كلهم عبادنا فوجد عبدا من عبادنا وهم مجموعة كبيرة في الارض لان الله يقول كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم اذا تريدون ان لا تكون ثروات الارض محتكرة عند الاغنياء فهي بيد القربى ولا تحصل على علم الادارة العادلة والقوانين العادلة عند النبي عيسى مع انه من اولي العزم .

فنظام العدالة تنظيره تطبيقا لن يرى الله مجموعة مؤهلة كفؤ لذلك الا سيد الانبياء والا قرباه دون غيرهم هذه اية تشريعية من الله عز وجل باقية الى يوم القيامة وبعقيدة الرجعة النبي ابراهيم سيرجع وكذا نوح وموسى وكل الانبياء يرجعون وكلهم تحت ظل ولاية الرسول وقرباه وهذا نص واضح في القرآن الكريم هذه الاية ليست اية فقهية سياسية وانما هذه اية اعتقادية قبل ان تكون سياسية وان العدالة في الارض وانه يملؤها قسطا وعدلا ، فالنبي عيسى لا يمكن ان يملأها قسطا وعدلا لان القرآن مهيمن على الانجيل وفيه العدالة في الارض الشاملة ولكن الانجيل لم يودع الله فيه نظام العدالة الشاملة وكذلك التوراة وصحف ابراهيم لم يودع فيها علم سيد الانبياء .

فلا اكراه في الدين هو لبسط العدالة في الارض هذه العدالة من صميم القرآن والاسلام وليست من صميم شرائع بقية الانبياء فبالتالي اسلمة الارض يعني اسلمة النظام العادل ينبثق من الاسلام ومن شريعة سيد الانبياء ومن القرآن وليس من الانجيل وانما الاخير هو بنود قانونية تحت ظل القانون الدستوري للقرآن اما الانجيل او التوراة او الزبور او صحف ابراهيم هذه بنود الطبقات المتوسطة وليس كهيمنة القرآن فبسط العدل عليه عبارة عن اسلمة الانظمة السياسية والاجتماعية في الارض بيد اهل البيت عليهم السلام .

فاذن هدف الجهاد الابتدائي هو هذا الشيء وفي بسط نفوذ الاسلام في الارض لاجل عدم الظلم ولاجل العدل فمن ابرز الاهداف التي يركز عليها القرآن هو العدل وهو وجه اخر للاسلام الذي هو عند اهل البيت والقرآن اي الثقلين ، نعم النبي ابراهيم عنده اسلام حنيفا مسلما ولكن درجة التسليم ليست بتلك المرتبة ، فابراهيم يقول ربنا واجعلنا مسلمين لك وكان هذا في اخر حياة النبي ابراهيم يدعو الله ان يكون مسلما فاي درجة من الاسلام واي من التسليم ؟ هذه درجة اخرى لم ينالها النبي ابراهيم بالنبوة ولا بالرسالة ولا بالامامة العامة ولا بالخلة وانما يطمع في درجة من التسليم اعلى هذا الاسلام الذي يعلو ولا يعلى عليه هو موجود عند سيد الانبياء واهل بيته ، ومن ذريتنا امة مسلمة ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فالعدل في الارض هو النظام السياسي الاجتماعي .

من ثم بالدقة الشهادتين التزام بعقد ديني سياسي اجتماعي والفقهاء عندهم بحث طويل ان حقيقة التشهد بالشهادتين ما هو? هل هو اخبار عن عقيدة في القلب? او انقياد والتزام بنظام الاسلام كنظام ديني سياسي اجتماعي والارتداد على ضوء ذلك هو خروج عن هذا العقد والتعهد ، هذا عقد ديني سياسي اجتماعي وليس اجتماعيا محضا لا سياسيا محضا ولا دينيا محضا هو مزيج من الثلاثة والدخول في الاسلام يعني الدخول في هذا النظام كي تكون مواطنا في هذا النظام الديني السياسي الاجتماعي .

لاحظ التعبير في بيانات اهل البيت دار الاسلام يعني نظام اجتماعي سياسي ديني ما قال دار الخزرج او دار الاوس او دار قريش او دار العرب وانما دار الاسلام هذه الدار دار الدين بعد ديني سياسي اجتماعي وكذلك قال دار الكفر ما قال دار فلانة وفلانة وفلان وعرب وعجم فهذه الدار النسيج الديموغرافي فيها اما الدين او اللا دين ايضا ورد في بيانات الوحي دار الايمان يعني عنده دار الايمان ودار الاسلام احكام دار الايمان تختلف عن احكام دار الاسلام .

اذن هدف الاسلام من الجهاد وكنشاط من انشطة نظام الدولة وهلم جرا وانشطة سياسية وكذا في البناء الديموغرافي الديني السياسي الاجتماعي الهدف هو هذا من ثم لاحظوا ان الفقهاء سواء من مذهب اهل البيت وعلماء الامامية او من المذاهب الاخرى اذا اراد الطرف الاخر ان يحول هذه الدار الى دار كفر فسوف تصل الامور الى ما وصلت اليها ، فيجب الدفاع عن الهوية .

امير المؤمنين قال لاسلمن يعني ادخل في حالة هدنة مع زعماء السقيفة لكن بشرط الا يغيروا الهوية الاسلامية نعم هم يغيروا هوية الايمان بحث اخر اما هوية الاسلام فلا واذا خرج احد منهم عن هذه الدائرة يصيبه ما يصيبه يعني عندما امر امير المؤمنين بالهدنة مع الطرف الاخر من قبل الله ورسوله فهو بمقدار الهوية الاسلامية اما اذا كانوا يريدون يعيدون الامور الى الجاهلية الاولى فهنا لا يجوز السكوت فقال لاسلمن ما سلمت امور المسلمين وامور الاسلام اما اذا شخص يريد ان يخرج عن الخط فليس هنا هدنة وتسليم فلاحظ امير المؤمنين حضوره لصلاة الجمعة او الجماعة هذه ليست هوية للسقيفة وانما هو هوية لبناء رسول الله صلى الله عليه واله للاسلام فيقول انتم احق بصلاة الجماعة منهم وكذلك بيت الله فهو مرتبط بهوية الاسلام او زيارة النبي نفس الكلام ليست ابد لاحد وانما مرتبطة بهوية الاسلام فعندنا دار الاسلام ودار الايمان تختلف احدهما عن الاخر .

هناك شخص من الموالين باع بيته في الكوفة وقال للامام الصادق اريد ان اهاجر واجاور النبي او في مكة قال ابق مكانك ويحك لان الكوفة كانت دار ايمان والنسيج فيها نسيج المؤمنين انظروا الى رجل منكم عندما الامام يأمر زرارة وغيره بان يقيموا صلاة الجمعة فيأتي يوم الجمعة زرارة الى بيت الامام الصادق في المدينة المنورة قال ليس عندي وانما عندكم في الكوفة لانه بدأت تتشكل دار الايمان كنسيج اجتماعي يعني رغم وجود ائمة اهل البيت في المدينة المنورة الا ان المدينة المنورة لم تكن بيئة نسيج اجتماعي لدار الايمان نعم رأس الايمان فيها لكن بنية النسيج الاجتماعي ليست دار ايمان فمن الواضح ان الايمان ايضا ليس فقط تنظير او عقيدة في القلب او كلام باللسان الايمان عبارة عن الشهادة الثالثة وعبارة عن الالتزام بعقد ديني سياسي اجتماعي وهوية ديموغرافية وطابع وعقد اجتماعي ديموغرافي ليس عرقي وقبلي واعراقي وقومي وانما هوية دينية سياسية اجتماعية والا كيف يفسر التشهد بالشهادتين او بالشهادات الثلاث? فالتشهد هو التزام فاي التزام هو? واي تعاقد هذا? الالتزام ممن ومع من? فالفقهاء من كل المذاهب يعبرون عن الشهادتين بالتزام وانشاء واصلا الشهادتين هو التزام ؟ ام اخبار? او التزام محض ؟ او اخبار محض؟ او انشاء محض ؟ او مجموعهما ؟ حتى الشهادة الثالثة نفس الكلام الكل التفت الى ان الشهادتين او الشهادات الثلاث ليس فقط انشاء وليس فقط اخبار وانما جمعهما .

لماذا عند المسلمين كلهم من لم يتلفظ الشهادتين لا يدخل الاسلام ، فالاسلام عقيدة معرفة فما دور التلفظ? فالاسلام الذي يتولد من التشهد بالشهادتين عبارة عن بعد للاسلام المجتمعي يعني الاسلام كعقد اجتماعي والتزام الردة عن هذه الهوية يعني انا لا اؤمن بهذا العقد الاجتماعي ولا التزم بالتزاماته وبالتالي اتخذ مناوءة او حرب او مواجهة مع الهوية فهذا محارب فالتفسير الدقيق الغامض والخفي للارتداد هو يرجع الى انه محارب يعني يحارب هذه الهوية الاجتماعية الدينية الديموغرافية للاسلام .

الارتداد عن الايمان ايضا هكذا لان الاسلام عبارة عن دار وليس عبارة عن عقائد فقط فهو التزام بدولة اجتماعية والدولة ليست نظام سياسي فقط الدولة هي الهوية الاجتماعية والطابع الاجتماعي لذلك الان بلاد المسلمين دار الاسلام يعني لا زالت دولة الرسول موجودة كدولة اجتماعية وعقد اجتماعي وسياسي وديني دولة دينية من يجرأ في بلدان المسلمين يقول دستور هذه البلاد يخالف محمد رسول الله ؟ لا يجرأ احد ابدا فمجبور ان يقول اول بنود الدستور هو ان دين هذه الدولة وهذه البلاد هو الاسلام فلماذا يذكر الدين? ليقل ندع الدين جانبا وليكن الحكم مدنيا دون ديني لماذا تجبر كل دساتير الدول الاسلامية انه اول ما تذكر الدين فما ربط الدين بالدولة? لان الدين دولة ودولة فوق الدول ونظام فوق الانظمة ولا يتبدل فلماذا يقولون الدول اسلامية? لماذا لا يقولون الدول اموية او عباسية او سقيفية او ملكية ؟ كلا اكبر دولة هو الاسلام فهو نظام ديني اجتماعي سياسي فمن يجرأ يخالفه? هذه دولة الرسول لا زالت قائمة بغض النظر عن الانتهازيين للسلطة .

فاذن الردة يعني تقول انا لا اريد ان ان تكون البلاد بلاد اسلام فانت محارب فبالدقة الردة والارتداد ترجع الى هذا انت الان عندما تذهب الى الدول الغربية هل تجرأ ان تقول انا اريد اغير النظام الاجتماعي? كلا فلا يسمح لك ان تغير ديمغرافية وهوية هذا البلد والا يودعوك للاعدام فانت تريد ان ترتد عن هذا النظام الاجتماعي اذن الارتداد ليس شيء بعيد عن البشرية فالاسلام كما ركز الفقهاء دار وليس الاسلام معرفة وعقيدة انت في العقيدة استبطن اي شيء تريده لكن هذه الدار سلم بها وهذه الهوية سلم بها هذا الدرجة من الاسلام ونوع اسلام اسلام اجتماعي اسلام عقدي اجتماعي اذا ترتد عنه تكون محاربا.

 

 

logo