47/06/09
التفسير
تأريخ الدرس : الاحد 9 جمادى الثانية ١٤٤٧ ه
عنوان الدرس : حرية المعتقد والاعتقاد في الاسلام
كنا في هذه الجملة من ايات الكرسي ومر بنا هي ايات التوحيد واية الولاية ففي جملة لا اكراه في الدين قاعدة ومعادلة خطيرة جدا ربما عصريا تترجم بالحرية في المعتقدات فكيف تلتئم مع اجبار الاخرين على الاسلام? وهذا شيء معروف في الكلمات والاثارات فلا اكراه في الدين يعني حرية المعتقدات فان المعتقدات الاصل فيها الحرية فكيف يجبر الاسلام الامم والشعوب على الدخول في الاسلام? هذا تساؤل قديم وحديث مطروح لكن بعد الفحص والتثبت نرى ان هذه الاثارة ليست واردة ولا يمكن يكون لها حقيقة واقعية فهذا الاعتراض مبني في الحقيقة على فقه السقيفة والمذاهب التي انشعبت عن السقيفة وليس هذا الاعتراض واردا على فقه مدرسة اهل البيت بتاتا واوضحناه اجمالا في كتاب عدالة الصحابة باعتبار ان هدف الجهاد وفلسفة جهاد الدعوة والجهاد الابتدائي للاسلام عند السقيفة وبني امية وبني العباس هو لاسلمة العقائد ولكن هذا بحسب القرآن الكريم وبيانات اهل البيت هذه الغاية غير سديدة فليس الجهاد لاسلمة العقائد انما لاسلمة الانظمة السياسية والاجتماعية وبينهما فرق .
عندما فسرت هذه الغاية بجهاد الدعوة اللي هو الجهاد الابتدائي وهو غير الجهاد الدفاعي هذا الجهاد ليس اسلمة العقائد وانما اسلمة الانظمة السياسية والاجتماعية وعندما انا استنبط هذا المطلب ليس هو على مستند ودليل ظني اجتهادي وانما نعتمد في ذلك على دليل قطعي قرآني وقطعي عند العترة وهذا شيء مهم وهو بحث معرفي اكثر مما هو بحث فقهي فرعي لان مذهب اهل البيت ومذهب القرآن ان الجهاد الابتدائي ليس لاسلمة العقائد وانما لاسلمة النظام السياسي الاجتماعي كطابع عام ، حيث اسلمة العقائد يعني اما تسلم او تقتل اما اسلمة النظام السياسي انه انت خذ ما تشاء من عقيدة لكن ليس لك حق ان تجعل النظام السياسي في هذه البلاد المفتوحة تجعلها نظاما سياسيا كافرا مبنيا على احكام الكفار فلا يحق لك ذلك بل يجب ان تكون مظاهر اسلامية وسأبين كيف هذا الحكم في القران والعطرة مطابق للقوانين العقلائية الموجودة عصريا .
اذن ليس في الاسلام اجبار واكراه والجاء ودكتاتورية وخنق لحريات العقائد اذن فرق بين اسلمة النظام السياسي الاجتماعي وبين اسلمة العقائد وسنبين ان الارتداد هو ارتداد عن هذا وليس ارتدادا عن العقيدة ، ففي المرتد على هذا النظام انه جزاؤه كذا وكذا فيكون الارتكاب بمعنى اخر فالفرق بين اسلمة النظام السياسي والاجتماعي عن اسلمة العقائد واضح لكن دليله قطعي وليس ظنيا جملة من فقهاء الامامية غفلة استرسلوا مع فقه العامة انه ظني والا هو قطعي عندهم وعند جميع علماء الامامية وسابين حكما معينا قطعيا برهانيا على ان غاية الجهاد الابتدائي ليس اسلمة العقائد وانما اسلمة الانظمة السياسية سواء بحسب القرآن او بحسب احكام اهل البيت والدليل على ذلك القطعي .
اولا :
اهل الكتاب واهل الذمة لا يجبرون على الدخول في الاسلام فيمكن لهم ان يختاروا عقد الذمة فالنصارى واليهود والمجوس هم من اهل الكتاب خلافا لبعض النواصب الذين يقولون المجوس ليسوا من اهل الكتاب فانت ح ترد على رسول الله فكافة مذاهب المسلمين المجوس عندهم من اهل الكتاب اما اذا انت وثني انت علماني انت ناصبي للنبي هذا بحث اخر يعني يلقي حممه على المجوس ولايلقيها على النصارى واليهود فهو اذا يتواطأ مع اليهود فهذا حلال محلل يعني هو ملكي ازيد من الملك فهو خارج عن اتباع سيد الانبياء والا المجوس عند كافة المسلمين من اهل الكتاب وهذه هرطقات ونعوقات بكفر الجاهلية .
قريش اعترضت على النبي لماذا تتعامل مع المجوس كاهل الذمة? ونحن قريش ابناء عمومتك لا تتعامل معنا كاهل الذمة قال لان هؤلاء اتباع نبي وانحرفوا اما انتم اصلا لستم على تبعية الانبياء فالبعض ينعق بكفر الجاهلية والرد على الرسول باسم اني متأصل في الاسلام كذبت وخسئت انت لا صلة لك بالنبي ولا باتباع دين النبي تريد ان تحيي الجاهلية الكافرة والا في منطق الاسلام عند كافة المذاهب الاسلامية المجوس من اهل الكتاب وحالهم حال النصارى واليهود يعني حمية الجاهلية ورد على رسول الله ولا صلة لها بالاسلام فيجب ان نلتفت في الخطاب الاسلامي من يروج الخطاب الجاهلي الكافر جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فما يقبل تشريع رسول الله فليس ابو حنيفة ومالك وانما كل المذاهب تذعن بهذا الشيء وضرورة عند المسلمين اما هذا فهو خارج عن الاسلام فاذن بالنسبة لاهل الكتاب والنصارى واليهود والمجوس ليس هناك اجبار لاسلمة عقائدهم يمكن ان يعيشوا بعقد اهل الذمة فالجهاد معهم ليس لاسلمة العقائد .
هنا نكتة نفيسة في حين ان بلدان اهل الكتاب من المجوس او النصارى او اليهود لم يجبروا على اسلمة العقائد لكن اجبروا على اسلمة النظام السياسي والاجتماعي فمن بنود عقد الذمة ان لا يكون الطابع الاجتماعي طابعا غير اسلامي سواء نصراني او يهودي او مجوسي بل لابد ان يكون طابع النظام السياسي والاجتماعي طابعا اسلاميا .
ان قلت هذا اجبار .
نقول حتى الدول الغربية الان لاتسمح لك بان يكون الطابع العام لديها طابعا اسلاميا هم حتى الاذان ما سمحوا به وكذلك القبب الا شيئا يسيرا استثنائيا وكذلك الحجاب لم يسمحوا به وكذلك المظاهر الاسلامية لا يسمحون بها وانما خناق في الدول الغربية وهم يدعون الحرية فلذلك يفرقون بين حرية المعتقد وحرية الطابع الاجتماعي فهم في النظام القانوني يلزمون عوائل المسلمين في تربية الاطفال بقانونهم فهم يفرقون بين المعتقد وبين الطابع الاجتماعي والطابع الاسري والطابع السياسي فانت ايها المعترض لماذا تخلط? اليس هم قدوة لك? فهم يفرقون بين حرية المعتقد وحرية الطابع السياسي العام والطابع الاجتماعي والطابع الاسري .
لاحظ الغرب بكل وحشية ياخذوا ابناء المسلمين جبرا وقسوة ويعزلهم عن ابائهم فاهل الذمة لا يجبرون على اسلمة العقائد ولكنهم يجبرون على اسلمة النظام الاجتماعي والسياسي وفي بعض القضايا الفردية والسلوك الفردي اذا اخذ طابعا اجتماعيا فليس من الحرية الخاصة وانما من النظام السياسي والحق العام فالنظام السياسي والنظام الاجتماعي حق عام وكذلك السلوك الفردي فاذا اخذ جانبا معلنا يخرج عن كونه فرديا الى كونه طابعا عاما فهل الغرب يسمح لك ان تمارس طقوسا اسلامية في الطابع العام? في كثير من البلدان الغربية لو تصلي الصلاة العادية في الرصيف او في البارك ستسجن او تجرم بغرامة مالية باهضة لان هذا الطابع يقولون خرجت عن الممارسة الفردية واخذت في ترويج الاسلام انظر كيف هم يفككون بين الطابع الفردي والطابع العام وهذي نكتة جدا مهمة في فلسفات التشريع متى الفعل الفردي حق خاص? ومتى الفعل الفردي حق عام? نعم من جهة هو طابع فردي لكن من جهة طابع عام فالاسرة صحيح حق فردي لكن من جهة طابع عام اذا كان معلنا .
مر ان الجهاد لاسلمة النظام السياسي والنظام الاجتماعي ولاسلمة النظام العام وهذا غير اسلمة العقائد هذا كله بالنسبة لاهل الذمة .
نأتي لغير اهل الذمة وندعي على انه ليس القتال لاسلمة العقائد وانما لاسلمة النظام الاجتماعي ونتمسك بدليل قطعي وليس ظنيا في سنة اهل البيت والقرآن الكريم ان الاسير ولو كان مشركا او وثنيا او دهريا او ملحدا بعد ان تضع الحرب اوزارها لا يحل قتله فاما ان يسلم واما ان يسترق اما منا او فداء هذا الحكم بدرجته القطعية والضرورة القطعية من القرآن مختص بمذهب اهل البيت اما المذاهب الاسلامية الاخرى اكثرها تذهب الى جواز قتل اسير نعم البعض يرى حرمة قتل الاسير ولكن ليس حرمة قتل الاسير عندهم بدرجة الضرورة بل دليله ظني عندهم بينما في مذهب اهل البيت هو ضروري انا اريد ربط البحث الفقهي بالعقائدي ففي مذهب اهل البيت حرمة قتل اسير هو حكم قطعي بضرورة المذهب نصا قرآنيا ونصا روائيا قطعيا ضروريا فلما تضع الحرب اوزارها بنصر المسلمين فهنا لا يلزم الاسير بالعقيدة بالاسلام وانما له ان يسترق يعني هو مواطن في البلاد الاسلام من الدرجة الثانية او يسلم فيحوز جنسية المواطن الاسلامية .
انت لاحظ الذين ذهبوا الى المهجر في الغرب هل يعطونهم خدمات المواطن من الدرجة الاولى ابدا? والف كلا حتى هذا رئيس العمدة في مدينة نيويورك لا يسمحون له ان يكون رئيس جمهورية لانه لم يولد عندهم يعني هو مواطن من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة، فانت تعترض على الاسلام لماذا لم يجعل هذا? فالمهاجرين عليهم رقابة، فاحكام الاسلام بالدقة هي احكام عقلائية ولا تختلف عنهم هم يكذبون في الاعتراض على الاسلام سيما على اطار مدرسة اهل البيت فلك حق ان تعتنق ما تريد ولكن لا تطالب بخدمات وامتيازات وكفاءات من الدولة كمواطن درجة اولى واما الرقية في الاسلام فبينا سابقا هو بمعنى موجود عند العقلاء وهو عبارة عن تكافل خدمي يعني الاسلام ابقى الاسم ولكن غير المعنى الماهوي تماما وهذا بحث مهم في التفسير وعلوم الحديث ان الله او النبي او الائمة يستعملون الكلمة مجاراة بالمعنى المغلوط عند البشر وجريا مع اهل الكتاب وللكفار او لغيرهم لكنهم لا يريدون نفس المعنى السلبي الموجود عند البشر وهذا باب مهم في الوحي وله نظائر في موارد عديدة لا اريد استعراضها ولكن هذه قاعدة مهمة في بنية الظهور في التفسير وفي علوم الحديث ان الوحي سواء بنمط كلام الله او كلام النبي او كلام الائمة في الاستعمال يجاري الذهنية الخاطئة عند المخاطب سواء المخاطب اهل الكتاب او المشركين او الكفار او بشر اخرين ولكنه لا يريدون المعنى الذي يريدونه وقد يسمى هذا من التجانس اللفظي وليس هو في الحقيقة اشتراك معنوي ابدا هذه قاعدة مهمة تفسيرية لم نتطرق اليها في بداية التفسير قبل عشرين عاما ولكن في هذا العام حصل التفات وتنبه اليها وهي قاعدة مجاراة القرآن او النص النبوي او العترة على لفظة معينة مجاراة مع ما في ذهنية الاخرين من دون ارادة المعنى السلبي والخاطئ الموجود عندهم .
هذا شبيه استعمال النبي والائمة بيت المقدس لمسجد الصخرة فهذا من باب المجاراة فبيت المقدس ليس هو الذي في فلسطين كذلك بحث العبيد والاماء فاذن غير اهل الكتاب من الوثنيين والملاحدة والدهريين لا يلزمون باسلمة العقيدة لكن لا يحق لهم ان يكونوا مواطنين من الدرجة الاولى وانما من الدرجة الثانية والثالثة والعبد في مدرسة الاسلام ولا سيما ال البيت مالكه يملك منفعته في مقابل ان يسدي المالك خدمات له من قبيل ايواءه واكله وشربه وسكنه على حسابه فهذه رعاية يقدمها وهناك حدود وحقوق فاصلة بين السيد والعبد فهذه ليست عبودية وانما كالاجرة .
فالجهاد مع غير اهل الكتاب ليس الغاية هي اسلمة العقائد وانما اسلمة النظام السياسي والاجتماعي نعم مذهب السقيفة ومذاهب الطرف الاخر غير مدرسة اهل البيت عندهم اجبار على اسلمة العقائد ولكن هذا غير مذه اهل البيت وتبين لنا بالتالي حتى في السيرة العقلائية سيرة النصارى العصرية يفككون بين حرية المعتقد والطابع السياسي والاجتماعي العام فعلى مدرسة ال البيت اجبار على حرية المعتقد غير موجود وانما الاجبار على الطابع الاجتماعي والسياسي والرد والمرتد بهذا المعنى انه انت بعد ان تدخل في المواطنة من الدرجة الاولى اذا ترتد حينئذ هذه الفرصة تسلب منك ان تكون مواطن من الدرجة الثانية والرابعة فاما تلتزم بنفس المواطن الاولى او خروجك عن المواطنة يعتبر حرب للنظام الاجتماعي والسياسي والمحاربة حكمها حكم اخر .
نحن بحثنا في الجهاد الابتدائي اخيرا العام الماضي ونقحنا بحث الارتداد للمرة السادسة ووصلنا الى هذه النتيجة ان الردة في الحقيقة عبارة عن المحاربة للنظام السياسي والاجتماعي فاذا بلغ هذه الدرجة يكون مرتدا والا ليس مرتدا بالاصطلاح الفقهي وهذا مبحث وسيع ذكرته باختصار وخلاصته ليس كما يرى انه عدم حرية المعتقد في المرتد وانما يرجع الى الطابع السياسي والاجتماعي فاذا صار محاربا ومناوئا للطابع العام السياسي للاسلام هذا يكون مرتدا والا لو بقي ملتزما بالطابع السياسي والاجتماعي للاسلام ولكن فكريا لا يسلم وبدون ان يرتد عن الطابع السياسي للاسلام والطابع الاجتماعي فهو لم يرتد ولم يحارب وانما مجرد اثارات .
الزنادقة في زمن الامام الصادق كانوا يتحاورون معه لكنهم منقادون للطابع السياسي الاجتماعي غير مناوئين وغير محاربين فهذا ليس ارتدادا اصطلاحيا وكذلك الموارد التي حارب فيها امير المؤمنين المرتدين لانهم ارادوا ان يغيروا الطابع السياسي والاجتماعي وليس في المعتقد وهذا البحث من فرز معنى الارتداد عند مدرسة اهل البيت عن مذهب السقيفة حيث صار التباس كثير حتى في كتب الامامية كما ان عدم فرز الجهاد الابتدائي عند مدرسة اهل البيت عن الجهاد الابتدائي عند العامة سبب التباس يعني هذه التشويهات للاسلام التي نجت عن السقيفة انعكست ارتداداتها حتى على الامامية فيجب على الباحث ان يفرز بين الامرين بقطعيات لا بظنيات فما ذكرته كلها له شواهد قطعية وليست ظنية اجتهادية فهي ترسم معالم معنى الارتداد ومعنى العبيد والاماء ومعنى الجهاد المحاور الثلاثة وهذا تصل اليه بعد بحث طويل في الادلة وفي القطعيات التي يتلألأ بها مذهب اهل البيت.