« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث التفسیر

47/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الشهادة الأولى والثانية قوامها ولاية التوحيد

 

الموضوع: الشهادة الأولى والثانية قوامها ولاية التوحيد

كنا في اية الكرسي او قل اية الولاية او اية التوحيد فالاية الثالثة في اية الكرسي متمحضة في بيان حقيقة الامامة والحقيقة الملكوتية للامامة الله ولي الذين امنوا ومر بنا الله ولي هو ﴿انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا﴾ امير المؤمنين فاذن هنا عندما يقول القرآن انما وليكم الله ورسوله هنا بيان نبوة النبي او ولاية النبي وهذه نكتة مهمة ان البحث في سيد الانبياء اذا اتي به هل يعني الشهادة الثانية والشهادة الثالثة انها الشهادة الثالثة انما وليكم الله هذا بحث في الشهادة الاولى .

فهل الشهادة الاولى هي بالمعنى الدارج وهي صرف معرفة الذات الازلية؟ ام هي في صدد بيان الولاية ؟ واضح انها في صدد بيان الولاية لكن مبدأ الولاية من الله اذن هذه الاية تدل على ان الشهادة الاولى ليست مفرغة عن الولاية ونفس الشهادة الثالثة مبدأها هل امير المؤمنين ام الله؟ ان مبدأها هو الله وايضا عندما يقول القرآن انما وليكم الله ورسوله هل الرسول بما هو فقط نبي ينبئ ويشرع او بما هو ولي ؟ انه بما هو ولي اذن البحث في الشهادة الثانية من الخطأ ان نفرغه من الولاية ، اليوم يعني بالولاية اكملت لكم دينكم يعني بالشهادة الاولى من دون ان تضم للشهادة الاولى ولاية الله فهذه ليست شهادة اولى وانما هذه خاوية مفرغة عن حقيقتها الشهادة الاولى فيها ولاية الله بل يداه مبسوطتان ذو القدرة فكيف تثبت الشهادة الاولى من دون ان تقر بقدرته تعالى ؟ فالشهادة الاولى من دون الولاية لله هي خاوية ومجمدة والشهادة الثانية ان لم تقر لرسول الله ولم تقارنه بالولاية لم تقارنها بالشهادة الثانية وانما هي مفرغة خاوية .

لاحظ ما في سورة النساء فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك انت يا نبي الله فحاكمية النبي غير نبوته ، حاكمية النبي ولايته لماذا تضمين الولاية؟ لان ولاية النبي في الشهادة الثانية من دون تضمين الولاية في الشهادة الثانية هذا مفرغة عن المضمون ، قوله تعالى انما ارسلناك بشيرا ونذيرا ولم يقتصر عليه وانما قال انما ارسلناك شاهدا فمقام الشاهد هو مقام الولاية هي شهادة ملكوتية وهيمنة وتربية مثل الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور فلماذا جعله الله شاهدا على الاعمال؟ سواء اعمال القلب اعمال الروح اعمال النفس اللي هي خفية واخطر من اعمال البدن فهو شاهد على كل هذه المراتب ؟

اتفاقا الله في ايتين من سورتين بين ان ارسال النبي كولي مقدم على ارسال النبي كبشير ونذير حيث قال انا ارسلناك شاهدا اولا فذكر شاهدا ومبشرا ونذيرا ففي الحقيقة اذن ولاية النبي قدمت في هاتين الايتين على انباء النبي حتى يحكموك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك يعني الشهادة الثانية لا تجعلوها خاوية فارغة عن الولاية كما ان الشهادة الاولى على هذا الفرض تكون خاوية والله لا يكون وليا وليس حاكما وانما مجمدة وليست له حاكمية في خلقه فاي ذات الهية؟ واي شيء افترضته بانه ذات ازلي ؟ فليس الايمان بالذات الازلي وانما الايمان هو الولاية بالله في معرفة التوحيد والايمان بالتوحيد فالايمان بالتوحيد ما يمكن ان يكون بدون ولاية الله .

اذن الولاية مبحث توحيدي وولاية الله شأن من شؤون الذات الالهية وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله عمل يعني غير تشريع باب الجزاء والمراقبة هذا باب الولاية فسيرى الله عملكم ورسوله وفي اية فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وهذا مقام الشهادة يعني هيمنة مراقبة ملكوتية ، فالنبي حسب القرآن ارسل شاهدا ليس عند مولده الشريف لان القرآن يثبت مقام الشهادة للنبي على كل الشهداء الذين اصطفاهم الله ، يوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من انفسهم وجئنا بك على هؤلاء ، شهيدا فمتى ارسل النبي شهيدا؟ انه قبل مولده الشريف لانه سوف يكون شاهدا على ادم وعلى نوح وعلى ابراهيم وموسى وعيسى بروحه ، خلق الله الارواح قبل الاجساد بالفي عام اذن ارسال النبي والشاهد هي الولاية .

احد عناوين الامامة والولاية بالنسبة للباري تعالى نقول الولاية اصل لله لكن لا نقول امام ولكنها ولاية فاذن سيد الانبياء ارسل وليا على الانبياء قبل ان يولد ببدنه الشريف فبعثته وارساله من قبل الله على الانبياء قبل ان يولد ببدنه الشريف اشهد ان محمدا رسول الله ارسله بالشهادة وليس ارسله فقط بشيرا ونذيرا فارسال النبي شاهدا قبل رتبة ارساله بشيرا ونذيرا يعني ارسال النبي وليا قبل ارساله بشيرا نذيرا قوله تعالى الم تر الى الملأ من بني اسرائيل اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا ولم يقل نبيا وانما ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال ان الله بعث لكم طالوت ملكا فالتصرف وتدبير في الامور بعثة الهية وولاية فالولاية اية عظيمة اني جاعلك للناس اماما .

فبعثة الله لسيد الانبياء كولي هو هذا انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ونفس القرآن يقول انت شاهد على الانبياء يعني شاهد على الشهداء فاذن حقيقة الشهادة الاولى الله ولي انما وليكم الله هنالك الولاية لله الحق فهل هذا الوصف لله غير مأخوذ في الشهادة الاولى؟ هل هذا معقول؟ اليوم اكملت لكم دينكم يعني اذا اعتقدتم ان الله ولي يكمل الدين اني جاعل في الارض خليفة يعني اماما هذه من شؤون الله وصلاحياته لذلك اللطيف في سورة البقرة اذ قال ربك للملائكة اني جاعل يعني من شؤون الباري تعالى نصب الامام فكيف تسلب عنه؟ هي قبل ان تكون شأن ادم وخلفاء الله هي شأنها الله عز وجل اني جاعل في الارض خليفة مثل تعبير يا موسى اني انا الله التركيز على انه شأن الهي فاذن كيف يمكن تخويه او تفرغ الشهادة الاولى عن ولاية الله ؟

اذن اية الكرسي بثلاث اياتها تريد ان تركز على المعرفة بالله والمعرفة بالنبي لابد ان تتضمن المعرفة بولاية الله وولاية النبي ولما تكون ولاية هذه الولاية ممتدة بعد النبي في وصيه ومن اهم ادوار الولاية هي الهداية الملكوتية والهداية القلبية اعظم من الهداية السياسية او الاجتماعية او الحسية لا انها تنفصل عن الهداية السياسية لكن اعظم من الهداية الاجتماعية والهداية البدنية والحسية مثل ما مر انه لماذا يتقوم التوحيد ودين الله بالشهادة الثانية باجماع كل المسلمين؟ فما دخل الشهادة الثانية في الدين وفي التوحيد؟ اجمع المسلمون على ان الشهادة الثانية دخيلة في اصل الدين وفي اصل التوحيد فكيف ضمنت الشهادة الثانية في الشهادة الاولى ؟ مما يدل على ان معنى الشهادة الاولى ليس صرف معرفة الذات الازلية كمعرفة مجردة خاوية وانما يعني حاكمية الله في التشريع فالشهادة الثانية حاكمية الله في التشريع هذه ملحمة عقائدية كلامية فقهية تفسيرية عظيمة جدا وهو اخذ الشهادة الثانية في اصل الدين وفي اصل التوحيد فما ربط الشهادة الثانية بالشهادة الاولى ؟ مما يدل على ان الشهادة الثانية من شأن الشهادة الاولى ومن شؤونها الركنية بحيث بدونها كانما الاقرار بالشهادة الاولى يتزلزل وحتى الوهابية والسلفية لا يستطيعون ان ينكروا دخل الشهادة الثانية في التوحيد مما يدل على ان الشهادة الاولى من دون معرفة الشهادة الثانية خاوية عن معناها ومعنى الشهادة الاولى ان تقول ان لله صلاحية التشريع احكم الحاكمين صفة من صفات الله ليس من الضروري التركيز عليها .

ونفس الكلام في الشهادة الثالثة ففي الحقيقة هي الولاية تبين هذا البعد عن الشهادة الاولى لابد ان تكون متقومة بحاكمية الله في التشريع وحاكميته في التنفيذ وحاكميته الملكوتية في الهداية وفي الهداية السياسية واللطيف فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم هذا بعد سياسي قضائي ثم لا يجدوا في انفسهم حرج بعد معرفي عقائدي ويسلموا تسليما هذا التسليم قلبي وشامل للتسليم البدني فاذن حاكمية الله في التشريع وحاكميته في التنفيذ وحاكميته في القضاء وحاكميته في كل الابعاد هذا مقوم للتوحيد وللشهادة الاولى حاكميته في التشريع الشهادة الثانية حاكميته في التنفيذ الشهادة الثالثة بل الشهادة الثانية اذا امنا ان الرسول فقط نبشر ونذير كما الان كثير من العلمانيين هكذا يقررون ان النبي دوره في النبوة وليس للنبي صلاحية الحكم السياسي مع ان القرآن يقول وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله فكيف انت تقتصر فقط على ذلك ؟

فلاحظ الشهادة الثانية دون الثالثة اصلا ليست متقومة فاذا امر وشأن الحاكمية في كل مجالاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والسياسية والملكوتية هذا لاحظ انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا يعني ولاية تشريعية سياسية او هي ولاية ملكوتية ؟ اية الكرسي تقول الاصل في الولاية هي الولاية الملكوتية الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور فوليكم الله اساسا في الولاية التكوينية يعني الولاية التي يبدأها الملكوت والتكوين وهي تكوينية وملكوتية ثم تشريعية وتنفيذية وقانونية واعتبارية هذي التي تسند الى الله وتتنزل في الولاية ايضا تكوينية ملكوتية ثم في امير المؤمنين .

اذن ما يمكن حمل الاية الكريمة انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا على خصوص الولاية التشريعية والسياسية هذا خطأ فبحسب الاية الكرسي في ولاية الله تعالى ورسوله الاساس هو ولاية تكوينية ملكوتية ثم تأتي بقية مراتب الولاية شبيه قوله تعالى لمن الملك اليوم؟ فهي ملك الولاية والسيطرة وقدرة.

في سورة الحمد ﴿الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين﴾ يعني ولي مالك القدرة والملك كما مر بنا عنوان من العناوين العقلية للولاية ابعث لنا طالوت ملكا ام يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله فلقد اتينا ال ابراهيم الكتاب والحكم والنبوة واتيناهم ملكا عظيما اي الامامة فلم يصف الله ملك فرعون بالعظيم ولكن وصف ملك ابراهيم بالعظيم فاي ملك هذا؟ ملك الملكوت ملك صغير المتوسطة .

النبي يوسف يقول ربي اتيتني من الملك هذا الملك الظاهري وهو غير الملك الملكوتي اذن مالك يوم الدين اشارة الى ولاية الله فالولاية الدخيلة في التوحيد ولاية الله ثم ولاية الرسول ثم ولاية وصي الرسول اذن في بداية سورة الحمد اشار الى الولاية وتقوم الشهادة الاولى بالشهادة الثالثة يعني ولاية الله تقوم يعني تقوم الشهادة اولى بالولاية كما ان الصراط المستقيم مسير هداية ايصالية وهذه الهداية حقيقتها غير حقيقة الهداية في النبوة فالنبوة فقط اراءة بشير يري نذير يري يخبر من الله اما عندما تقول اهدنا الصراط المستقيم يعني فيه السير يعني بحث ولاية الله ولاية الرسول وولاية وصي الرسول .

فلاحظ سورة الحمد من بدايتها الى نهايتها ايضا مثل اية الكرسي بحث في الولاية في اية الكرسي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله يكفر بالطاغوت يعني الولاية ويؤمن بالله ربط بين الولاية والتولي والتبري والايمان بالله اصل الايمان بالله معرفة الله شيء ولكن الايمان والتوحيد لا يتحقق من دون توليه وولاية لله فتجريد التوحيد او معرفة التوحيد عن الايمان بالتوحيد ليس توحيد وهو تفكيك معرفة التوحيد وعدل ايمان بالتوحيد ليس توحيد ، التوحيد معرفة بالتوحيد وايمان بالتوحيد الايمان بالتوحيد متقوم اساسا بالولاية اي ولاية الله ، فالايمان بالرسول من دون ان تؤمن بولاية الرسول ليس ايمان بالرسول وبالشهادة الثانية لابد تقرن معه فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك كولي فلاحظ فلا وربك لا يؤمنون بنبوتك ولا توحيد الله حتى يحكموك في الولاية ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما اذن حتى الشهادة الثانية ان لم تقر للنبي بالولاية وبانه ولي لم تقر بالشهادة الثانية فالشهادة الثانية هي تبيين وتفسير لحقيقة الشهادة الاولى والشهادة الثالثة تبيين لحقيقة الشهادة الاولى والثانية انه بدون الشهادة الثالثة انت لم تقر بالشهادة الاولى اصلا ولم تقر بالشهادة الثانية اصلا فكيف لو اقر شخص بالشهادة الاولى من دون ان يقر بالشهادة الثانية لا يدخل في الاسلام ولا يكون موحدا ولا يكون مؤمنا لان الشهادة الثانية تفسر الشهادة الاولى تفسير ركني ويجب ان تصرح بلسانك فلا يكفي القلبي كذلك الشهادة الثالثة يجب ان تصرح بان في الشهادة الاولى الله ولي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله حينئذ يكون الايمان بالله .

اذن معرفة التوحيد شأن والايمان بالتوحيد شيء وشأن اخر فالمعرفة الفكرية الادراكية شيء والايمان بالولاية شيء اخر عجبا لنظام هذا القرآن الذي يبينه اهل البيت من بدء الاسلام ويأتيك بعد غافل عن هذه المنظومة وهو بعيدا عن الروايات العلمية لاهل البيت فيقول ما يهلكه ويؤدي به الى مزالق في العلوم الدينية فالتمسك علميا يجب ان يكون بكلا الثقلين وهذا ليس شعار وانما يجب ان يكون منهج علمي ففي الخطوات العلمية يجب ان يكون معية بين الثقلين لا مجرد شعار فظفاظ.

 

logo