47/06/23
المحاضرة 658
يوم الاحد 23/جمادي الثاني/1447
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص
استصحاب العدم الازلي
أنواع التراكيب والتقييد والتضييق
كان الكلام في المقدمة الرابعة التي بنى عليها الميرزا النائيني في منع استصحاب العدم الازلي، بعد أن يكون الخاص الوجودي الخارج يكسب العام عنوانا عدميا، فهل هذا العنوان العدمي عدم محمولي (يعني يلحظ العدم في نفسه ليس كصفه لموضوع العام) أو عدم نعتي (فيلحظ صفة).
إذا كان صفة فيكون تركيبا نعتيا وإذا كان عدما محموليا فلا يكون صفة ويكون تركيبا انضماميا.
استدلال الميرزا النائيني: كي نركز على اشكالات السيد الخوئي عليه وهو بيت القصيد في مبنى الميرزا النائيني في منع استصحاب العدم الازلي خلافا للاخوند. تقريبا بقية الاعلام الذين منعوا اصحاب العدم الازلي استندوا الى نفس النكتة.
الموضوع العام «كل امراة» ومحموله «تحيض الى الخمسين» وخرجت «الا القرشية» وعنوان «عدم القرشية» داخل. هل عنوان «عدم القرشية» بنحو العدم النعتي فيكون من قبيل الصفة او الشرط لكن لا بمعنى مطلق الشرط لان بعض الشروط التي هي كالصفة عدمها نعتي. فهل العدم نعتي بمعنى (غير القرشية) او محمولي بمعنى (ليست قرشية)؟ جملة (ليست قرشية) جملة ناقصة لان المعدوم نعت وليس العدم نعتا. فرق بين المعدوم والمنفي وبين النفي والكلام هنا ليس في المنفي النعت بل في العدم والنفي نفسه، هل هو نعت او لا؟ طبعا (غير القرشية) يعبرون عنها بمعدولة المحمول.
هنا يقول الميرزا النائيني: إن لاحظنا العدم محموليا فيكون هنا جزءان: المرأة ونفي قرشيتها. هل الجزء الأول (المرأة) لاحظه الشارع مهملا فيكون ممتنعا لان اللحاظ الواقعي سيما عند الشارع لا يمكن ان يكون مهملا. وهل لاحظه مطلقا فيكون ممتنعا لانه لاحظها سواء تكون قرشية او غير قرشية وهو خلاف الفرض. وهل لاحظه بوجود القرشية وهذا أيضا ممتنع لانه خارج حسب الفرض. فبقي ان يكون مقيدا بعدم القرشية فيصير نعتيا. هذا هو برهان عقلي للميرزا النائيني.
عمدة رد السيد الخوئي عليه: عنده اعتراضات بعدة بيانات.
الاعتراض الأول: هذا الكلام جار في المركبات من الأجزاء أيضا. كما مر في الجلسة السابقة مفصلا. هل الشارع لاحظ تكبيرة الاحرام مهملة او مطلقة او مقيدة بعدم السجود او مقيدة بالسجود؟ يتعين القسم الرابع فلا نحتاج الى انضمام السجود كالجزء لانها مقيدة به ولا يلتزم به أحد. هذا جواب نقضي. فتكون كل التركيبات الانضمامية تركيبات نعتية وتكون كل الأجزاء شرائط نعتية لانه مر بنا ان بعض الشرائط انضمامية.
سوال: ... الجواب: المنفي عرض والنفي شيء آخر.
الاعتراض الثاني بالحل وهو متين: ان احد التركيبين يغني عن الآخر. يعني ان الشارع اذا لاحظ التركيب الانضمامي يغني عن ملاحظة الشارع التركيب النعتي.
بعبارة أخرى: ان فيه شقا ثالثا ما ذكره الميرزا النائيني. إما الإهمال او الاطلاق او المقيد بالوجود والعدم والشق الخامس. التقريرات هنا ما بسطوا الكلام.
التركيب يعني ماذا؟ يعني التقييد والتضييق. وهذه من براعة علم الأصول ان التقييد والتضييق يتم بنحوين او انحاء عديدة كما ذكرنا (الظرف و المظروف والقضية الحينية ومتمم الجعل والعنوان المشير وحكم العقل وعام العام وضيق الملاك واجتماع الامر والنهي والتزاحم على مبنى الميرزا النائيني وكثيرين والترتب وأنحاء غيرها من أنواع التضييقات والتقييدات) كل هذه انحاء للتقييد وان لم تكن تقييدا ثبوتيا او اثباتيا الا انها تقييد لبي يعني انه مآلا تقييد ويقال له نتيجة التقييد. قالبا وثبوتا واثباتا ليس تقييدا ولكنه لبا تقييد.
فالتقييد والتضييق مر بنا انه انحاء عديدة. ومن ثم ذكرنا ان هذه المقولة ان توقيفية العبادة كالتشهد في الصلاة على العين والرأس. لكن ما هو معنى التوقيفية؟ اذا كان التوقيفية معناها الدليل الخاص فهذا ليس استنباط الفقهاء بل هذا استنباط الرواة. ان الفقيه عنده اثناعشر نوعا من التقييد والتوقيفة او اكثر. كلها ادلة شرعية وليست من غير الشرع. انحاء وأساليب التقييد عند الشرع حتى حكم العقل. المرحوم الاخوند اخذ في كل العبادات ركن الأركان بحكم العقل ولا احد استنكره على المرحوم الاخوند بان هذا فضول من العقل. فماذا معنى حجية العقل؟ معنى التوقيفية يعني وجود الدليل لا الدليل الخاص وليس التوسل بالادلة هذه بدعة. نعم، بدعة عند الوهابية لانهم لا استنباط عندهم يريدون تسطيح العقول. دراية الرواية غير رواية الرواية. حديث تدريه اضعاف حديث ترويه. الفقيه الفحل يستخرج من رواية واحدة ألف حكم. مثل هذه المغالطات تنتشر في الجو العام وغلط وخطر على العلم.
هنا روح علم الأصول. تركيب كالعام والخاص لكنه ليس بنحو العام والخاص الاصطلاحي. هنا مكمن المؤاخذة على الميرزا النائيني على رأي السيد الخوئي وهي متينة وان قلنا انها في التقريرات مختلفة ولابد من البسط في هذه النكتة. لعل السيد الخوئي بسطها في الدرس ولكن المقررين اجملوا.
النزاع الطويل والعريض بين الأصوليين والاخباريين ان كلما حكم به العقل حكم به الشرع ماذا معناه؟ دليل عقلي يستولد منه حكم الشرع.
ما معنى التوقيفية ان العقل ليس له ان يحكم. العبادات ملاكها لا يعلم وشرعها الشارع وهذا واضح. لكن أ لا تقولون ان نية القربة هي روح العبادة وهي العين التي تنبع منها عبادية العبادة. هذه العين وهي التعبدية وان العبادات توقيفية يقول الاخوند الخراساني انها بحكم العقل ولا يستنكر عليه احد وحتى الشيخ الانصاري احد الوجوه عنده ويميل اليه وغيره من الاعلام قبله وبعده. العقل يستكشف ان الشارع هكذا وأوقفنا وتعبدنا. هذا نمط من التقييد ولا ينافي العبادية.
كذلك في التشهد بالشهادة الثالثة عندنا ادلة بكل هذه أربعة عشر ادلة حتى الدليل الخاص والدليل العام والدليل عام العام. والسيد الخوئي يقبل أيضا ويقول بضرورة الدين وآية اكمال الدين دالة على رجحان اقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين. الضرورة تعني انها منسوبة الى كل علماء الامامية. هذا الدليل عام العام يعني لكل العبادات وغير العبادات. ما ان تذكر الشهادتين فيأمر الشارع بذكر الشهادة الثالثة لكن يقول السيد الخوئي من دون قصد الجزئية. فالسيد الخوئي ينسب الى كل علماء الامامية انه دائما يأمر الشارع باقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين. ولا يضر بالصلاة لانها خارجة عن الصلاة ولا تأتي بها بقصد الجزئية كما يمكن ان تأتي بالمستحبات التي ظرفها الصلاة وليست جزءا للصلاة. لذلك انا اسند جزما بفتوى السيد الخوئي باستحباب الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة من دون قصد الجزئية. احتياطه المذكور في بحث الصلاة يعني بقصد الجزئية.
ان الشبهة في الفتنة الكاظمية أيضا كانت هكذا. ان الاذان عبادة وإدخال ما ليس في العبادة فيها بدعة. وأجاب ثمانون فقيها عنها ان المجيء بشيء في العبادة ليس معناه جزئيته وبدعة.
لذلك ذكر السيد الخوئي في الاذان وغيره ومن يفتي بهذه الفتوى في المنهاج يجب ان يلتفت الى هذه النكتة انا اجزم ان الفحول من تلامذته يلتفتون ان ارتكاز السيد الخوئي استحبابها ولكن ما صرحوا بسبب او بآخر.
نرجع الى مؤاخذات السيد الخوئي على الميرزا النائيني:
يقول: ان الجزء الأول مقيد لكن أي تقييد؟ فيه تركيب انضمامي. التركيب يعني التقييد وهو يعطي نفس النتيجة والضيق. فسواء يكون التركيب انضماميا او نعتيا او متمم الجعل او اجتماع الامر والنهي واي نوع من أنواع التركيب أنواع من التقييد. فالتقييد لا ينحصر بالتركيب الانضمامي والنعتي. هذا البحث نفسه جوهرة علم الأصول انه كم نوع عندنا من التقييد والتصرف في الأدلة.
الاعتراض الثالث: عند السيد الخوئي رسالة في اللباس المشكوك بقلم المرحوم الشيخ اللطفي وهي مطبوعة وعنده اللباس المشكوك المذكور في شرح العروة. المهم ان استصحاب العدم الازلي بحثه السيد الخوئي في الأصول وفي باب الصلاة بقلم الاعلام الذين قرروا كتاب الصلاة.
في اجود التقريرات تعليقة منه بقلم السيد نفسه في نفس بحث العام والخاص. هذا البحث في استصحاب العدم الازلي ليس بحثا سهلا. أتذكر في السنة الثانية التي درست الخارج جلست مع بعض الفقهاء الشيخ محمد تقي المجلسي من احفاد صاحب البحار وكان من تلاميذ السيد الخميني والشيخ حسين الحلي والسيد الخوئي وتوفي رحمه الله من الليل الى طلوع الشمس عدا صلاة الصبح في النقاش في استصحاب العدم الازلي وبعده قبل ما قلته ومدح.
بحث الشهادة الثالثة يرتبط بهذا البحث. البعض من الاعلام يستشكل فيها بانها بدعة. افتى السيد اليزدي في العروة انه يجوز ان تأتي بالسبحانيات في الركعة الثالثة والرابعة الف مرة او مأة مرة بالدليل العام. افتى بذلك في باب صلاة جعفر الطيار. قال تستطيع ان تأتي بصلاة جعفر الطيار داخل الفريضة والسيد الخوئي قال يجوز بتفصيل. هذا ليس خلاف توقيفية الصلاة. هذه هي الصناعة. لاحظوا كتاب عروة الوثقى في أواخر مسائل صلاة جعفر الطيار وكثير من محشي العروة وافقوه. هذه من ضوابط عامة تأتي في الصلاة.
ان شاء الله نذكر الملاحظات الأخرى.
جوهرة البحث هي معرفة كيفية الماهيات الشرعية وليس خصوص الاستصحاب العدم الازلي.