« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم



المحاضرة 657

يوم السبت 22/جمادي الثاني/1447

باب الالفاظ، مبحث العام والخاص

بنية الظهور في العام بعد التخصيص

 

كان الكلام فيما ذهب اليه الميرزا النائيني من عدم جريان استصحاب العدم الازلي.

طبعا ممانعة الميرزا النائيني عن استصحاب العدم ليس لوجود المانع في الاستصحاب بنفسه وانما من جهة ان استصحاب يجري في العدم المحمولي بينما الموضوع للعام هو العدم النعتي. هذه خلاصة مدعاه رحمه الله.

العدم المحمولي يعني العدم الذي يلحظ مضافا الى ماهية والاستصحاب يجري فيه. اما العدم النعتي بمعنى العدم بما هو نعت للموضوع (المرأة غير قرشية) فحيث لا حالة سابقة لها فلا يجري الاستصحاب فيه.

بعبارة أخرى انه يبني على ان التخصيص يكسب موضوع العام عدما نعتيا لا عدم النعت فقط. فلا يجعل المعدوم نعتيا بل العدم نفسه نعتي. هذا لب مدعى الميرزا النائيني رحمه الله. فليس عدم النعت فقط (كل امرأة ليست بقرشية) بل يبني على ان النعت نفسه نعتي (امرأة غير قرشية) فليس له حالة سابقة كنعت. اول ما ولدت هذه المرأة إما قرشية او غير قرشية.

بخلاف ما اذا كان عدما محموليا. العدم المحمولي يعني عدم الشيء. قد يكون الشيء نعتا كقرشية المرأة لكن عدمه ليس نعتا ويسمى عدما محموليا. فرق بين المعدوم وبين العدم. المعدوم قد يكون نعتا لكن عدمه عدم محمولي. مثل ما تقول ان مقولة الإضافة موجودة او غير موجودة. هنا لاحظت وجودها المحمولي انها موجودة او لا. مع ان وجود الإضافة طبيعتها وجود نعتي. لكن قد لا تلاحظها نعتية.

اذاً مركز النزاع بين المانعين عن استصحاب العدم الازلي وعلى رأسهم الميرزا النائيني والقائلين به كالآخوند والشيخ والسيد الخوئي والمحقق العراقي رحمهم الله ان القائلين به يقولون ان العدم محمولي وليس ملحوظا كنعت. فلا يغرنك المعدوم لانه قد يكون وجودا نعتيا كقرشية المرأة وهي نعت لكن عدمه محمولي. يمكن صياغة العدم المحمولي بالعدم النعتي لكن لا موجب لذلك. ففرق بين العدم المحمولي والعدم النعتي وفرق بين المعدوم المحمولي والمعدوم النعتي. الكلام ليس في المعدوم بل الكلام في العدم نفسه.

هذا النزاع في الحقيقة نزاع في باب بنية الظهور وليس في الاستصحاب. بعبارة أخرى ان الظهور ماذا يحدد؟ مر بنا انه عندما تقول «المرأة ليست بقرشية» «ليست» وان كان المعدوم نعتا لكن العدم والنفي عدم محمولي وليس عدما نعتيا. العدم النعتي يجب ان تحور السلب فيه الى صياغة النعت. انما النزاع هنا.

استعرضنا المقدمات الثلاث للميرزا النائيني:

الأولى: ان الخاص الوجودي يتصرف في العام ويكسبه عدما.

الثانية: هو ماذكرنا قبل قليل ان العدم النعتي ما هو والعدم المحمولي ما هو وكذلك الوجود النعتي والوجود المحمولي.

الثالثة: ان العرض والمعروض دائما نعت او عرض العرض نعت وبقية الحالات ليست حالات نعتية.

بتعبير السيد الخوئي ان هذه المقدمات متفق عليها لكنها بمفردها لا تثبت ان العدم نعتي. ان الخاص ليتصرف في العام لكنه هل يكسبه عدما محموليا كتركيب انضمامي او عدما نعتيا؟

نلاحظ: ان المركبات التي يعتبر الشارع فيها الموانع كمانعية الحدث ومانعية الكلام الآدمي وغيرها انما اخذت فيها الموانع بنحو العدم المحمولي ليس العدم النعتي. العدم المحمولي يعني التركيب الانضمامي.

فالموانع ليست من الضروري ان تأخذ بنحو التركيب النعتي. المانع يعني أن عدمه مأخوذ غالبا وأخذ بنحو العدم الانضمامي لا النعتي. لذلك لو شك في انه حدث او لا فيستصحب عدم الحدث ومن هذا القبيل أمور أخرى.

فالموانع بالدقة اخذ عدمها المحمولي بنحو الانضمام غالبا. هذه نقوض على الميرزا النائيني.

فبهذه المقدمات الثلاث لا يثبت مدعى الميرزا النائيني.

المقدمة الرابعة هي التي يصر عليها الميرزا النائيني. طبعا لابد من المقدمة الرابعة للنتيجة. لكن المقدمات الثلاث واضحة.

المقدمة الرابعة ويعتمد عليها استاذنا السيد محمد الروحاني على رد استصحاب العدم الازلي.

هب ان العدم الذي اكتسبه العام من الخاص الوجودي الخارج. محل البحث اذا عنون العام بعنوان عدمي لخروج العنوان الوجودي كالقرشية او الكافر في (جهز كل ميت الا الكافر) أما اذا كان بالعكس وكان الخاص عنوانا عدميا فيكسب العام عنوانا وجوديا فهو خارج عن محل البحث لان العنوان الوجودي غالبا نعتي والوجود النعتي تركيب نعتي وليس تركيبا انضماميا. فمحل البحث والنزاع في استصحاب العدم الازلي فيما اذا كان الخارج عنوانا وجوديا فيكسب العام عنوانا عدميا. انما النزاع في ان هذا العنوان العدمي هل هو تركيب نعتي او تركيب انضمامي؟ هذا هو محل البحث فلا نغفل عنه.

(الذين لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم) الخارج وجودي. (قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم...) عناوين وجودية. فالتصرف من الخاص في العام بعنوان عدمي. فيكون مما نحن فيه لو شك المرأة ان هذا من المحارم او لا فيستصحب عدمه فلا يجوز لها ان تبدي زينتها. وكذلك في (الذين لفروجهم حافظون). لذلك لو تساهل واحد وأتى اجنبية وشك انها زوجته او لا ويجامع ففي الروايات انه يحد او يعزر. لانه لازم ان تحرز انها زوجتك. الخارج في الجواز هو الزوج او ملك اليمين والباقي ممنوع.

المهم البحث في العنوان الوجودي الخارج ويكسب العام عنوانا عدميا. والعكس لا يكون مورد البحث. لانه في موارد كون الخارج عدميا والعام اكتسب العنوان الوجودي استصحاب العدم يحرز لنا الخاص ولا يحرز لنا العام. فمحل الكلام فيما اذا كان الخارج وجوديا اكسب العام عنوانا عدميا.

فالميرزا النائيني يقول: هب ان هذا العدم الذي اكتسبه العام من الخارج ليس نعتيا بل عدم محمولي وانضمامي. ان الجزء الأول في موضوع العام هل اخذه الشارع مطلقا او مقيدا بالعدم او مقيدا بوجود الخاص الخارج؟ ما فيه شق رابع. (كل امرأة) هو الجزء الأول. خرجت القرشية واكتسب العام (عدم القرشية) هل اخذ الشارع هذا العدم بنحو المطلق؟ المرأة سواء تكون قرشية او غير قرشية فلا يمكن القول به. او اخذه مقيدا بالقرشية وهذا الشق الثالث ليس معقولا لان القرشية خارجة. هل اخذه الشارع مقيدا بعدم القرشية؟ المقيد يعني المنعوت (مرأة غير قرشية) فيكون تركيبا نعتيا. فاذا حصحص وضيقت المرأة فلا نحتاج الى عدم محمولي (المرأة ليست قرشية) لان نفس القيد الأول في المرأة ضيقها بمرأة غير قرشية ونعت فيثبت المطلوب ان العدم نعتي.

اعيد مرة أخرى: القرشية خرجت من العموم (لا يبدين زينتهن للرجال الا المحارم) المحارم عنوان وجودي. غير المحارم وعدم المحارم اما عدم محمولي يعني جزء ينضم الى (لا يبدين زينتهن للرجال مع كونهم غير المحارم) فيكون جزئين. هل الجزء الأول (الرجال) مطلق اعم من المحارم وغير المحارم؟ لا، لان المحرم يمكن ابداء الزينة له لانه خرج عن حرمة ابداء الزينة.

هذا القيد (ليس بمحرم) لنفترض انه تركيب انضمامي وعدم محمولي والجزء الأول (رجال) هل هو مطلق فلا يمكن. هل مقيد بكونه محارم؟ لا يمكن لان المحارم خرجوا عن حرمة ابداء الزينة. فيبقى عدم المحارم.

نرجع الى مثال (كل امرأة تحيض الى الخمسين الا القرشية) القائل بالتركيب الانضمامي يقول ان المرأة وعدم القرشية. في لسان الأدلة اذا أتت «واو» يعني تركيبا انضماميا وعدما محموليا. يقول الميرزا النائيني لنسلم ان التركيب انضمامي والعدم محمولي. حينئذ جزءان. مع ان الإهمال محال فهل الجزء الأول (المرأة) مطلق؟ لا يمكن لان القرشية خرجت. هل هو مقيد بوجود الخاص؟ لا يمكن لان الخاص خرج. فيثبت انه مقيد بعدم الخاص والتقييد يعني العدم النعتي. فما نحتاج الى ضميمة العدم المحمولي لان العدم النعتي يغني عن العدم المحمولي. هذا لب استدلال الميرزا النائيني ومن الواضح ان هذا الاستدلال بالدقة استدلال في بنية الظهور.

لنستعرض إشكالات السيد الخوئي: هو يقول ان هذا الاستدلال في المقدمة الرابعة مقتضاه ان كل التركيبات الانضمامية تنقلب الى تركيبات نعتية.

مثلا «السجود والركوع والتشهد والقراءة» تركيبات انضمامية. نقول ان الركوع هل مقيد بالسجود بتركيب نعتي؟ فيقول: نعم. فلا نحتاج الى التركيب الانضمامي في السجود فانما السجود نعت للركوع. والركوع أيضا ليس بجزء لان القراءة مقيد بالسجود والركوع. بالتالي تتحول المركبات من الأجزاء الانضمامية الى الشروط.

حتى تكبيرة الاحرام التي هي اول الجزء هل هي مقيدة بالقراءة والسجود والركوع وتمام أجزاء الصلاة؟ نعم. فلا نحتاج الى الامر بالاجزاء. تكبيرة الاحرام التي نعتت بان عقبها الركوع والسجود والتشهد. الاستدلال نفس الاستدلال من الميرزا النائيني. هل تكبيرة الاحرام مطلقة بالنسبة الى وجود الركوع وعدمه فلا يمكن. هل هي مقيدة بعدمه فلا يمكن. فهي مقيدة بوجود الركوع فيكون التركيب نعتيا. وهذا لا يمكن ان يتفوه به احد. عندنا مركبات انضماميه.

لذلك بحثنا حول التركيب كثيرا لهذه الجهة. تتذكرون ان قلنا ان كل شرط ليس تركيبا نعتيا.

logo