« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم



المحاضرة 654

يوم الاثنين 17/جمادي الثاني/1447

باب الالفاظ، مبحث العام والخاص

التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للخاص

استصحاب العدم الازلي

أنواع الارتباط والتراكيب في الأبواب الفقهية

 

كان في ان الماهيات المأخوذة في متعلقات الاحكام مثل الصلاة والصوم والحج وغيرها طريقة التأليف فيها إما تركيب انضمامي او تركيب نعتي.

طبعا ورد ان «الحج شريعة» يعني كل منظومة الشريعة نموذجها تجده في الحج. فيه الصلاة والصوم والزكاة. الأشواط لها تركيب والشوط الواحد له تركيب ثم تركب الطواف مع السعي وكيفية تركيب السعي أي ان أنواع من التراكيب موجودة في الحج. مثلا عند المشهور ان صلاة الطواف في العمرة والحج ليست جزءا ولا شرطا للحج بينما عند مشهور المتاخرين عكس ذلك.

مثلا اعمال الحج يوم الحادي عشر في منى ويوم الثاني عشر او الثالث عشر ليست جزءا ولا شرطا مسلما. هي واجبة وإذا اخل الانسان بواحد منها تجب عليه كفارات ولكن مع ذلك هي ليست جزء ولا شرطا بل واجب مستقل ظرفه عقب الحج. البيتوتة في منى ورمي الجمرات والبيتوتة يوم الثاني عشر ورمي الجمرات والنفر من منى واجبات ويجب فيه القضاء إما الأداء في ذي الحجة او العام القادم مع ذلك هذه الاعمال ليست جزءا لماهية الحج ولا شرطا. فللحج طبيعة خاصة في التركيب فيه.

هذا التركيب بين اعمال منى والحج أي تركيب؟ ليس تركيبا لكنه ارتباط ظرفية فلا هو تركيب انضمامي ولا تركيب نعتي. فعندنا في الحج واجبات ظرفها الحج. هذا نوع من الارتباط. للاخوان ان يلقوا النظرة الى ارتباط روسيا ربما عشر أنواع من هيكل نظام الروسيا. التركيبات تختلف وعديدة في أبواب الفقه وابواب القانون وابواب الفقه السياسي وابواب فقه القضاء.

ما العلاقة بين القضاة؟ بضرورة مذهب الامامية القاضي الشرعي لا ينحصر بالاعلم. بالفعل كل من كان فقيها بالاوصاف المذكورة فهو قد حاز المنصب العام والسلطة القضائية. فهذه السلطة في المذهب الجعفري جهاز. فكيف هذا الجهاز؟ هل هو استقلالي او فدرالي او كنفدرالي؟ «فاني جعلت عليكم حاكما» هذا ربما في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والفتاوى. فبالتالي في موارد عديدة الكلام الكلام. كيف الارتباط؟

مثلا بالنسبة الى المسؤولية الأمنية العسكرية افتى الفقهاء ان الأقرب فالاقرب. يعني ان الذين هم اقرب جغرافيا لمحل الخطر او العدو مسؤوليتهم الأمنية العسكرية اكثر من الابعدين وان كانت المسؤولية للكل. فكيف هذه المسؤولية؟ والقادر اولويته في المسؤولية العسكرية او الأمنية او النخبة فيها مسؤوليته اشد من مسؤولية غير القادر. الواعي مسؤوليته اكثر غير الواعي وكذلك النخبة وان كانت المسؤولية عامة.

فالمهم اذا متعلق الوظائف الشرعية لها أنواع من التراكيب او الارتباطات لا تحصر في اقسام وأنواع محصورة بل هي كثيرة جدا.

مثلا القنوت هناك جماعة كثيرة يبنون على ان القنوت في الصلاة ليس جزءا ولا شرطا بل مستحب راجح ظرفه الصلاة. هذا مبنى من المباني. كذلك التسليم الثاني والثالث في الصلاة الذي هو مخرج منها الكثير من متاخري الاعصار بنوا على انه لا هو جزء ولا شرط بل مخرج. هذه صيغة أخرى من صياغ الارتباط ويترتب عليه آثار.

ما الربط بين التسليم والصلاة؟ نفس الكلام في التقصير. هل هو جزء او شرط او لا هو جزء ولا شرط ولا هو مانع؟ اذا أيها المستنبط لا تحصر المفاد بل أنواع عديدة في الارتباطات الموجودة المسلمة والمتفق عليها او لا اقل يلتزم بها جماعة من الفقهاء كثيرة.

من ثم مر بنا متمم الجعل ارتباط ملاكي وليس ارتباطا في الجزء ولا شرط ولا ظرف. القضية الحينية شبيه الظرفية التي بنى عليها المحقق العراقي. العنوان المشير الذي التزم به المحقق الاصفهاني وحكم العقل الذي بنى عليه المحقق الخراساني ولا هي جزء ولا شرط لكنه دخيل في اصل الماهية.

اذا يستشكل بعض أصحاب الفتيا في دعاء معين او عبادة معينة او في الشهادة الثالثة اتعجب من هذه الغفلات. الصياغات الموجودة لا تعد ولا تحصى. أصلا الارتباط بين الأشياء كمركب او كارتباط ما وراء المركب أنواع عديدة.

ما هو الارتباط بين الاذان والصلاة؟ هل هو شرط متقدم او ليس بشرط؟ فيه كلام. تعقيبات الصلاة ما هي ارتباطها بالصلاة؟ هل هي شرط متأخر او مستحب مستقل ظرفها عقب الصلاة؟

لذا لابد من الالتفات الى هذه الأمور ان الأدلة الواردة في ارتباط شيء بشيء لا تنحصر بالجزء ولا بالشرط ولا بالمانع ولا بالظرف بل أنواع من الارتباط. من ثم الاقتصار في استنباط ماهية معينة على الأدلة الخاصة منهج خاطئ وسطحي.

فضلا عن ان نفس الارتباط في الجزئية فيه جزء عام وجزء خاص وجزء مستحب وجزء واجب وجزء الماهية الفردية وجزء الماهية النوعية. أي جزء هو المراد؟

اذا تقول عشرين او ثلاثين نوعا ليس مبالغة. كيف تريد ان تستنبط نوعين او ثلاثة أنواع؟ هذه زبدة لباب مبحث الالفاظ كيف الارتباط بين الماهيات بدءا من الصحيح والاعم الى نهاية باب الالفاظ. مثلا اجتماع الامر والنهي ان لا يكون الصلاة في الأرض الغصبية. من اين جاء هذا الاشتراط؟ باب اجتماع الامر والنهي باب يولد لك موانع ليس من الأدلة الخاصة ولا من الأدلة العامة بل من الأدلة الاتفاقية والصدفة في اجتماع الامر والنهي والعقل يحكم باستحالة الاجتماع.

بحث الترتب والتزاحم سيما على نظرية الميرزا النائيني يأتي بقيد ويدخل في اصل الحكم لا في الصحة. باب اجتماع الامر والنهي وباب التزاحم وباب ان النهي يقتضي الفساد أبواب ليست من الأدلة الخاصة ولا الأدلة العامة بل ادلة اتفاقية وتصادفية تتدخل في الصحة والماهية بحكم العقل نظير ما بنى عليه المرحوم الاخوند في باب التعبدي والتوصلي.

اذا تنظر بنظرة هيكلية ترى ان أنواع الارتباط كثيرة وعديدة جدا. لابد من ان نراعي علم الأصول في يوميات الاستنباط.

كتب زرارة في اجتماع الامر والنهي او ان النهي يقتضي الفساد وكذلك هشام بن حكم وهو اول كتاب كتب في علم الأصول. كتبوا من البعد الكلام في هذا البحث الاصولي. هكذا تاريخ علم الأصول من بداية القرن الثاني عند الامامية قبل ان يتولد الشافعي. هذا غير بيانات امير المؤمنين سلام الله عليه المعروف في تفسير النعماني حيث ذكر سلام الله عليه كل أبواب الأصول. عام وخاص ومجمل ومبين والناسخ والمنسوخ والامر والنهي. كما ان الصديقة سلام الله عليها ذكر أبواب علم الأصول في الخطبة الفدكية. هذا علم الأصول ولابد ان يراعى. منهج الرواة بما هو راوي ليس منهجا استنباطيا. اما دراية الروايات تحتاج الى صناعة.

المقصود ان التراكيب ليست محصورة. ما ان تشم ربطا ما بين شيء وشيء ادرسه وان لم يكن جزئية ولا شرطية ولا مانعية. قد يكون ظرفية وقد يكون حكما عقليا وقد يكون ارتباطا من نوع اخر.

كما يعترف السيد الخوئي ان هذه الآية ( اليوم «يعني الشهادة الثالثة» رضيت لكم الإسلام دينا وأكملت لكم دينكم (يعني الشهادتين)» هذه الآية تربط بين الشهادة الثالثة والشهادتين. يقول السيد الخوئي في شرح العروة انها ضرورة دينية. فلاحظ هذه ارتباط ما فلابد من ان ندرسه.

بحر العلوم رحمه الله يقول ان هذا ارتباط الجزئية الواجبة و السيد الخوئي يستنبط انه مستحبة. أيا ما كان فهو ارتباط لابد من ان ندرسه ونحقق فيه. هذه ضرورة بديهية.

هناك من الاعلام من ذهب الى الضرورة كبحر العلوم والسيد المرتضى والشيخ الطوسي في بعض فتاواه في الخلاف والسيد الخوئي. المقصود ان قضية التركيب او الارتباط الاعم من التركيب ليس بنمط ونموذج واحد بل نماذج وانماط كثيرة ومن يستشكل فيه فهو واضح انه ترك منهج الأصول واخذ طريقة الرواة مع احترامنا للرواة.

هذا كاف لتبيان أنواع التركيب وأنواع الارتباط في أبواب الشريعة في موارد مسلمة.

نذهب الان الى كلام الميرزا النائيني في استصحاب العدم الازلي.

البحث الان في التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص بالاستعانة بالاستصحاب.

نقطة أخرى في استصحاب العدم الازلي وهذه النقاط لباب البحث وهي اهم من الدخول في تفاصيل متن الاستصحاب للعدم.

نقطة أخرى: التركيب في ماهية المعاملات وماهيات العبادات مر بنا كيف هو. سوال هنا يطرح: ما هو نوع التركيب الموجود بين قيود الوجوب؟ ذاك الذي مر بنا كله كان في المتعلق. لكن قيود الوجوب مثل الزوال والبلوغ او ثمانية قيود في صلاة المسافر هل هي ماهية وتركيب؟ عادة الاعلام في كلماتهم لا يعبرون عن قيود الوجوب او الموضوع الاصولي انها ماهية. لانها لا يجمعها ماهية معينة. قيود الوجوب ليس لدينا عنوان ماهية. مع ذلك يقولون ان الموضوع مركب. الموضوع يعني ما له دخل في الحكم والمحمول ويعبرون عنه انه مركب. لا يجمعه عنوان واحد. هذه حالة وليست حالة نادرة بل جل الموضوعات الأصولية وقيود الوجوب هكذا.

المهم ان الموضوعات جلها لا يجمعها ماهية واحدة ولا عنوان واحد بل عناوين انضمامية ارتباطها بنحو من الارتباط. هذا نوع من الارتباط دخيل في الملاك ودخيل في الحكم المحمول.

هذه الارتباطات لا يتخذ طابع ماهية واحدة ولا طابع عنوان واحد. هذه شواهد كثيرة على ان أنواع الارتباط لا تعد في أبواب الفقه ولا تحصى.

ان شاء الله غدا ندخل في متن استصحاب العدم الازلي.

logo