« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم



المحاضرة 653

يوم الاحد 16/جمادي الثاني/1447

باب الالفاظ، مبحث العام والخاص

التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للخاص

استصحاب العدم الازلي لتطبيق موضوع العام

حقيقة التركيب الانضمامي والنعتي في الماهيات

 

كنا في بحث التمسك بالعام مع الشبهة المصداقية للمخصص بالاستعانة باستصحاب العدم الازلي واصل فكرته التفكيك في الاحراز بين أجزاء المركب فالتقارن بين احراز أجزاء المركب يحرز لنا المركب سواء كان المركب متعلق الحكم او موضوع الحكم كقيود وجوب القصر في صلاة المسافر. فاصل فكرته ان التركيب انضمامي وليس عنصر وصفا لعنصر آخر ويعبر عنه بوجوده المحمولي لا النعتي. هذا اصطلاح فلسفي، لما يقال «زيد ضارب» هذا وجود نعتي وليس وجود محموليا. هذه القضية ليست مرتبطة بكان الناقصة وكان التامة فقط يعني هذه الضابطة ليست مطردة. ولكن المهم ان الوجود الرابطي يعبر عنه الوجود النعتي الذي يلاحظ فيه الإضافة للمعروض والعدم كذلك. باعتبار ان ماهية الضرب ووجود الضرب وعدم الضرب يعبر عنه بالوجود المحمولي مع ان الضرب عرض لكنه يسمى الوجود المحمولي يعني انه لوحظ بما هو هو. الوجود والعرض الذي يضاف الى الماهية يلاحظ وجوده بما هو هو فيسمى وجودا محموليا. اما العدم النعتي والوجود النعتي يلاحظ بما هو مضاف الى المعروض. فزيد ضارب يلاحظ وجوده النعتي يعني وجود الضرب بما هو عرض للمعروض والعدم النعتي أيضا لابد ان يلاحظ مضافا.

لعل التعبير موجود عند النائيني والسيد الخوئي او غيرهم من الاعلام ان «ليس» الناقصة عدم نعتي والحال انه ليس كذلك بالضرورة. مثلا «ليست المرأة بقرشية» ليس ضروريا ان يكون عدما نعتيا. العدم النعتي هو القضية الموجبة المعدولة. «امرأة غير قرشية» اما «امرأة ليست قرشية» ولو ان «ليس» ناقصة لكنها ليس عدما نعتيا.

البيت القصيد لكل البحث في هذه النقطة: ما هو معنى العدم النعتي او ليس الناقصة؟ مثلا تعبير عند السيد الخوئي ان «ليس» التامة عدم محمولي. اما «ليس» الناقصة فعدم نعتي. لكن هذا مسامحة. لان في «ليس» الناقصة نفي للوجود النعتي وليس اثبات ان العدم نعتي. فرق بين ان ننفي الوجود النعتي وبين اثبات العدم النعتي. نفي الوجود النعتي يعني ان النعتي هو المنفي وليس النفي نعتيا. اذا تنفي الوجود النعتي لا يعني ان تثبت ان النفي نعت. «ليس» التامة نفي الوجود المحمولي وليس النفي محموليا. «ليس» الناقصة نفي الوجود النعتي وليس النفي نعتيا. هنا النعتية او المحمولية نريدها وصف العدم والنفي ولا تكون وصفا الا اذا جعلتها موجبة معدولة.

من ثم احد المؤاخذة القوية للسيد الخوئي على الميرزا النائيني في هذا المجال وهو ان نفي الوجود النعتي وعدمه يعني ان النعتي صفة الوجود وليس صفة العدم.

نركز مرة أخرى: «كان» الناقصة وجود نعتي يعني ان تلاحظ العرض مرتبطا بالمعروض و«كان» التامة وجود محمولي وتلاحظ العرض بما هو هو. هذا صحيح.

اما «ليس» الناقصة نفي الوجود النعتي لا ان العدم هو نعتي. ههنا اكثر الاعلام تبعا للميرزا النائيني وقعوا في هذه الغفلة. السيد الخوئي يجعل «ليس المرأة قرشية» عدما نعتيا وهذا خطأ بل هو عدم الوجود النعتي. فرق بين عدم الوجود النعتي «النعتية صفة الوجود وليست صفة العدم» وبين العدم النعتي. هو سلب الحمل وليس حمل السلب.

حمل السلب أيضا على أنواع. ربما يشكل جملة خبرية واذا كان الخبر جملة فليس نعتا. يعني أنه في الجمل ليس ضروريا ان يكون الخبر بنحو النعت. فاذا قيل «مرأة ليست قرشية» تأويلها «مرأة غير قرشية» لكن قالبا يختلفان ويعول على هذا القالب الصوري حتى ثبوتا وملاكا واثباتا يختلف عند الشارع اذا يأخذ احدهما.

مر بنا في الجلسة السابقة الفرق بين الجزء والشرط. لا يمكن ان تجعل الشرط جزءا. لان الجزء هو ما يتولد منه المعلول وليس الشرط له دور في التوليد بل له دور في تكميل قابلية القابل او فاعلية الفاعل. فالشرط لا يمكن تقليبه الى الجزء وكذلك الجزء لا يمكن تقليبه الى الشرط. العجيب ان بعض الأجزاء مع انها أجزاء ليس بركن وبعض الشروط مع انها شروط لكنها ركن لانها دخيلة في اصل قابلية القابل وفاعلية الفاعل. فالركنية شيء والجزئية شيء آخر والشرطية شيء آخر. كل من الجزء والشرط ينقسم الى الركن وغير الركن. فلابد ان لا ندمج ونمزج بين هذه الاصطلاحات التكوينية والاعتبارية. ثم الشرط ليس ضروريا ان يكون كل شرط وجودا نعتيا. انه قد يؤخذ الوجود المحمولي للشرط وقد يؤخذ الوجود النعتي للشرط. هذه المطالب يسبب التشويش في الاستظهارات والاصطلاحات.

فلنرجع: ان «ليس» الناقصة ليس معدولة ونعتا بل المدخول والمنفي وجود نعتي. فالنعتية للمنفي لا للنفي.

اما تعبير الميرزا النائيني والسيد الخوئي او ربما عند الفلاسفة ان «ليس» التامة عدم محمولي ليس بصحيح. هو نفي الوجود المحمولي لا ان يكون هو نفسها عدما محموليا. «ليست المرأة بقرشية» نفي الوجود النعتي لا انه عدم محمولي. هذا بحسب علم البلاغة خطأ. «ليس» الناقصة عدم الوجود النعتي لا انه عدم نعتي. هذا العدم بحسب قالب القضية الشرعية هل يجعلها الشارع بنحو النعت او بنحو الضميمة.

لذلك عند السيد الخوئي مؤاخذة قوية ان العرض نعت «كل امرأة تحيض الا القرشية» ان القرشية نعت لكن من قال ان نفي القرشية نعت. هو نفي النعت وليس ضروريا ان يكون نفسه نعتا.

فالتركيب الانضمامي تركيب وارتباط لكنه ليس بنعت لان الوجود المحمولي لهذا العنصر هو الدخيل لا وجوده النعتي. الاعلام هكذا يقولون ان الفقاهة في الفقيه ليس وجودها النعتي مأخوذا مع الفقاهة هي وجود نعتي. لكن كل نعت له وجودان وجود محمولي كما يقال «الفقاهة موجودة» يعني لاحظت وجودها في نفسها. اما لما تقول «زيد فقيه» لاحظت الفقاهة وجودا نعتيا. هذا ليس تفلسفا بل دقة عجيبة. جملة من الاعلام في باب الاجتهاد والتقليد او باب الفقه السياسي يقولون ان الحاكم ليس زيدية زيد. اذا نفصل الفقاهة عن زيد هي الفقاهة حاكمة. هي بوجودها المحمولي حاكمة لا بوجودها النعتي. فبالدقة حكومة الفقه لا حكومة الفقيه. المدار كله على مدار الفقه والفقاهة لا مدار النعت. ان الصفات هي موضوعة لا بما هي منتسبة الى زيد. الفقاهة تتكلم وتنطق وتكون معيارا. فالكلام في الفقاهة ان لها الدور. مثلا لما يقال الحكومة الدينية لا تلاحظ الحاكم زيد بن ارقم. ان الحاكم هو الدين لا الفرد غير المعصومين باعتبار انهم يندمج الدين في شخصهم لكن في غيرهم الحاكم هو الفقه والموازين. فالملاك كانما مأخوذ بنحو الضميمة او كانما حيثية تعليلية لكنه هنا تقييدية. ما دام ذاكرته موجودة وحفظه وعلمه فهو فقيه لكن لما يتبخر يرتفع. الملكة نفسها تمام الملاك ولها الصلاحيات. لذلك في الفقه السياسي العلمانيين والمخالفون الذي يعارضون الدولة الدينية يخلطون بين حكم الدين والحاكم. هذا خطأ ان الحكومة غير شخص الحاكم. بل الحاكم هو الموازين لا الشخص. انما الحاكم هو الفقه بنظامه والولاية بزيد وهي المقيدة بمعنى ان الولاية للفقه بالدقة لا الفقيه. هذا خطأ قد يصير. انما الفقيه هو مجر للفقه. لذلك الضوابط والمعايير تحكم الجميع.

ذكرت هذا المطلب ان الوجود المحمولي أي مؤثر وان الوجود النعتي أي مؤثر. العدم النعتي او عدم الوجود النعتي وهما يختلفان. العدم المحمولي غير عدم الوجود المحمولي. ففي باب الفقه السياسي في الحقيقة الحاكم هو الفقه لا الفقيه والفقيه هو محكوم بالفقه. كذلك ولاية الأب اذا عزل الاب البنت سقط الولاية. انما الموازين هي الحاكمة. والحاكم انما هو امين لتطبيق هذه الموازين. هذه فكرة لطيفة في الولايات. ان الحاكم في الوقف هو الموازين لا المتولي.

أيضا مر بنا ان التركيبات في المركبات ليست على وتيرة واحدة. الفقاهة والفقيه انضمامي او نعتي؟ هذا بحث مهم. الاب والابوة لابد ان يتصرف بالمصلحة هل الاب والولاية انضمامي او نعتي؟ فليست السلطنة مطلقة. بخلاف المعصوم لان كل حركاته وسكناته نظام الدين بل تنبعث نظم الدين منها.

يجب ان ننتبه الى الفرق بين التركيب الانضمامي او التركيب النعتي سواء ان يكون العنصر الآخر وجودا محموليا او عدما محموليا فيكون ضميمة. اما اذا يكون العدم نعتيا فيكون التركيب نعتيا. مع ان التركيب الانضمامي تركيب لكن الدخيل في هذا التركيب هو الوجود المحمولي. والوجود المحمولي ليس خاصا بالجزء بل الشرائط أيضا لها وجود محمولي ولها وجود نعتي. مثلا الطهارة لها وجود محمولي بلحاظ الوضوء ولها وجود نعتي بلحاظ الوصف. «لا صلاة الا بالطهور» بنى الاعلام انها اخذ وجودها المحمولي لا النعتي.

فلا نخلط بين عدم الوجود النعتي وبين العدم النعتي. عدم الوجود النعتي قد يكون محموليا وقد يكون نعتيا. وكذلك عدم الوجود المحمولي قد يكون محموليا وقد يكون نعتيا. هذه نكات لازم ان نلتفت اليها.

فيها تركيبات ذكرنا ست تركيبات في الجزء الأول من الشهادة الثالثة وفي الجزء الثالث ذكرنا تركيبات اكثر فاكثر. استعرضنا الى هذه التركيبات للتوجه الى الحاجة في التركيب الانضمامي وانواعه. معرفة اقسام التركيب الانضمامي او النعتي مؤثر. لان البعض يتوهم ان التركيب الانضمامي ليس بتركيب. بل هو تركيب لكن نمط تركيبه انضمامي. البعض يتوهم ان كل شرط تركيب نعتي وهذا أيضا خطأ. بقية اقسام التركيبات جملة منها بعضهم يقول ان هذا ليس تركيبا. بل هو نوع من التركيب. هذا احد الأسباب التي حصل للمشهور غفلة في كيفية جزئية الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة.

في أصول الدين واصول المذهب كيف التركيب هناك؟ التركيبات لها دور خطير في الأبواب العديدة.

ان شاء الله نواصل.

 

logo