47/06/15
بسم الله الرحمن الرحيم
المحاضرة 652
يوم السبت 15/جمادي الثاني/1447
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
استصحاب العدم الازلي وبنية الظهور للعام والخاص
الحديث في التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص بضميمة استصحاب العدم الازلي. لان الاستصحاب يجري لتنقيح المصداق و التطبيق والعموم نفسه لا يتكفل التطبيق الا ما شذ وندر والا هو يتكفل التنظير. لكن نفس الاستصحاب من جهة أخرى احراز موضوع والتثبت من موضوعه يحتاج الى شيء آخر وهو العموم نفسه فالعموم يتكفل التنظير. هذه من تعدد الحيثيات كما يعبر عنه الدور المعي ولا استحالة فيه.
فأصل البحث في استصحاب العدم الازلي لتنقيح موضوعه وهذا البحث في الحقيقة في موضوعه والتنظير اللفظي في العام والخاص.
حينئذ المبحث في استصحاب العدم الازلي في كيفية تقرير وقولبة موضوع الاستصحاب فبالتالي البحث الذي يقع في استصحاب العدم الازلي في كيفية استفادة تركب الموضوعات من الأدلة اللفظية. هذا هو اصل البحث في الحقيقة وهذا بحث لفظي محض ويمهد لموضوع الاستصحاب ثم الاستصحاب يمهد لإحراز المصداق التطبيقي للعموم. لكن اصل البحث هو الموضوعات التي تستفاد من الأدلة اللفظي وتركبها. ففي الحقيقة البحث في كيفية تركب الموضوعات المستفادة من الأدلة اللفظية كالعام والخاص والمطلق والمقيد.
المهم هنا يذكرون ان فيه تركبا نعتيا وتركبا انضماميا. هذا الاصطلاح هل خاص بالاصوليين او يشترك معهم علم آخر هذا بحث آخر لكنه بالتالي اصطلاح هل ينطبق بالدقة على ما عند النحويين او غيرهم من الفلسفة والمنطق والكلام. المهم هذا اصطلاح عند الأصوليين وهذا بحث عقلي.
هل تركب الموضوعات تركب نعتي او هو تركب انضمامي قد يعبر عنه بالمحمولي.
ما المراد من النعتي والانضمامي؟ التركب الانضمامي مثل أجزاء الصلاة او الحج او الصيام والاذان والإقامة وهلم جرا وكذلك قراءة السورة وقراءة الحمد.
هذا البحث بشيء من البسط بحثه الاصوليون في الصحيح و الاعم. مبحث سبق ان مر بنا وثمة ذكرنا للاخوة انه مبحث حساس ومن يرتئي انه خارج عن علم الأصول من بحوث الفضول في غفلة كبيرة لان مبحث الصحيح والاعم بالدقة هو نفس مبحث اللباس المشكوك عند الميرزا النائيني. لكن بحث الميرزا النائيني تطوير لبحث الصحيح و الاعم بشكل اكثر. ومن البحوث التي تبحث في الصحيح والاعم قضية تركب الماهيات من الأجزاء والشرائط والموانع التي لها أنواع ولكن زيادة على ذلك هناك تقسيم آخر في التركيب.
الأجزاء تركيبها انضمامي. في حين انه تركيب وليس تقطيع وليس استقلالا ليس بنحو النعت. فما هو الفرق بين التركيب الانضمامي والتركيب النعتي الذين هما ارتباطان.
فالتركيب الانضمامي لا هو لا ارتباط ولا هو ارتباط شديد بل بينا بين. هذه نكتة مهمة. ففي حين أن بينها ارتباط ارتباطها ليس وتيدا وشديدا. اما التركيب النعتي فارتباط وتيد وشديد.
مر بنا إشارة لابد ان نلتفت اليه بسطا. ما هو الفرق بين الأجزاء والشرائط؟ وهل الشرائط والاجزاء تركيبها انضمامي او نعتي؟ قد يتوهم ان الشرائط ارتباطها مع الأجزاء والماهية «سواء شرائط خارجية عن المركب كالطهارة او شرائط داخلية مثل استقامة الظهر والاطمئنان حين قراءة الحمد او السورة او قل هي شرائط في ماهية الأجزاء» دائما تركيبها مع الأجزاء والماهية نعتي. لكنه خطأ.
ما الثمرة في أنواع التركيب؟ احد الثمرات المهمة ان الاستصحاب لا يجري في الشيء بما هو هو. لابد ان يجري فيه بما هو نعت. بخلاف ما اذا جرى الاستصحاب او الأصل العملي او أي محرز آخر فيه بما هو انضمامي فيجري فيه بما هو هو لا بما هو نعت.
ما هو الفرق بين شيئية الشيء بما هو وبين شيئية الشيء بما هو هو؟ شيئية الشيء بما هو نعت يعني وجوده الإضافي والاسنادي أي بما هو نعت ووصف. اما الشيء بما هو هو شيء آخر. ففي الشيء الانضمامي يمكن ان تحرزه بما هو هو.
ما الثمرة في ان احرزه بما هو هو او احرزه بما هو نعت؟ الثمرة انه اذا يجري الاستصحاب بما هو نعت يعني لابد ان يكون حالة سابقة في اتصاف المنعوت بالنعت والا لا يجري. بعبارة أخرى ان النعت يحصص اما الانضمام سبب التحصيص او لا لكن هذا التحصيص غير مأخوذ.
بعبارة أخرى انه في احراز الوجود النعتي يجب ان يكون عندك يقين سابق بالنعت بما هو نعت الشيء متصف به. مثل ان هذا الماء في الحوض علمت انه كر واخذت منه مقادير، هل يجري الاستصحاب؟ تارة استصحاب كرية الماء او الماء الكر فيصح ويترتب عليه عدم انفعاله وتنجسه. وتارة يستصحب الكرية في الحوض بما هي هي. قد يشكل واحد ان الكرية التي احرزناها كانت بدون اخذ مقادير منها. الان هذا مقدار جديد وليس هو المقدار السابق فموضوع جديد. فلو كان الموضوع بنحو الانضمام فنقول ان الكرية كانت محرزة والان نستصحب وجوده. اذا اخذ الموضوع بنحو الانضمام يكفي احراز الكرية ولو هذا مقدار جديد لكن كرية هذا الماء محرزة فنستصحب الكرية. ففرق بين الشيء بما هو هو وبينه بما هو نعت. ففي التركيب النعتي لابد من ان يكون عندنا يقين بالحالة السابقة النعتية. «امرأة غير قرشية» هذا نعت وما احرزنا المرأة بوصف انها غير قرشية. اما اذا قيل «المرأة وليست قرشية» يمكن الاحراز. لم تكن هي موجودة ولم تكن قرشيتها موجودة. هل وجدت النعت؟ فتستصحب عدم النعت بما هي هي. اما لو كانت عدم القرشية نعت للمرأة فما عندنا حالة سابقة كي نستصحبه. فاذا التركيب النعتي لابد من اليقين فيه للحالة السابقة كي تستصحب. سواء في العدم او الوجود النعنتيين.
طبعا المناطقة يقرون ان القضية معدولة المحمول هي قضية موجبة ولكنها معدولة المحمول. اما القضية السالبة فليست هي قضية موجبة وهي عدم محمولي. العدم المحمولي كانما شيء انضمامي. «زيد ليس بضارب» شيء ضميمي. اما العدم النعتي «زيد غير ضارب» ولو تجيء بصيغة التركيب المبتدأ والخبر لكنه قالب انضمامي. فالمراد من التركيب النعتي ليس الاصطلاح النحوي بل اصطلاح منطقي يعني قضية إيجابية وليست القضية سلبية. اما ان تقول مرأة ليست بقرشية ليس التركيب نعتيا.
فاذا قضية التركيب النعتي ليس الوصف والموصوف فقط بل حتى المبتدأ والخبر. اما المرأة ليست بقرشية ليس نعتا بل انضمام. هذه جملة سالبة تسلب المحمول فسلب المحمول ضميمة للمبتدأ. فالعلاقة بين المبتدأ والخبر او الموضوع والمحمول علاقة الانضمام وليست علاقة النعت. الانضمام جملة ارتباط لكن ارتباط غير وتيد وغير شديد.
ربما يكون التركيب بمحمول غير معدول. مثل ان تقول الصلاة تكبير وقراءة وركوع وسجود وتشهد. هذا تركيب إيجابي ولكنه انضمامي وليس نعتيا. فالتركيبات اذا عندنا سواء تركيب الجزء والجزء وتركيب الجزء والشرط وتركيب الشرط وعدم المانع يمكن ان يكون تركيبا انضماميا. فلا يتوهم واحد ان الشرط علاقته مع المشروط دائما نعت. ليس كل شرط هو ناعت للمشروط. كثير ان لم يكن اكثر من الشروط ارتباطها انضمامي وليس نعتيا. اذا اين التركيب النعتي؟ في بعض الشروط وبعض الموانع.
اين هذا التركيب النعتي؟ الميرزا النائيني يأخذه في العرض و المعروض كما عند المنطقيين. طبعا في العرض والمعروض خارجا العرض نعت للمعروض. حتى في هذه الموارد يمكن للشارع تقنينا ان لا يأخذ الوجود النعتي للعرض بل يلاحظ العرض بما هو هو ويلاحظ المعروض بما هو هو ويلاحظ الارتباط الانضمامي بينهما. فليس كل نعت ومنعوت بالضرورة ان الشارع يأخذها تركيبا نعتيا بل يمكن ان يأخذه بنحو التركيب الانضمامي.
وللميرزا النائيني كلام انه يمكن للشارع ان يأخذ موارد التركيب الانضمامي بنحو النعتي. مثلا هذا العمود وذاك العمود ليس العرض والمعروض لكن الشارع يأخذه نعت كما يقال ان هذا العمود مقترنا بذاك العمود. سورة الحمد والسورة التي يعقبها. فيمكن للشارع ان يأخذ في الانضماميات نعوتا. وان كان ظاهرها المنساق انها انضمامي وليس نعتيا. وظاهر النعتي في غالب الموارد انه تركيب نعتي يعني العرض والمعروض.
موارد الانضمامي الأخرى مثل العرضين لمعروض واحد والعلاقة بين العرضين انضمامية وليست نعتية. طبعا عندنا في باب التكوين عرض اول وعرض ثاني والعرض الثاني نعت للعرض الثاني. مثل القراءة والجهر و الاخفات. اذا قلنا ان القراءة عرض فالجهر عرض ثاني. فضابطة التركيب النعتي هي العرض والمعروض والمعروض سواء يكون عرضا و جوهرا.
هذا البحث يثمر في أبواب عديدة وليس خاصا باستصحاب العدم الازلي. مبحث الالفاظ في الدليل الاجتهادي في نفسه بغض النظر عن استصحاب العدم الازلي.
ما دمنا في هذا المبحث دعونا نستعرض الأنواع والاقسام في النعتي والانضمامي في أبواب عديدة أصولية وفقهية.
من التقسيمات التي ذكرها الاعلام كالنائيني والكمباني والعراقي والاخوند والشيخ الانصاري وقبلهم وبعدهم رحمهم الله. من التقسيمات التي ذكرها الاعلام للنعتية والانضمامية كما ذكره المحقق الاصفهاني ووافقه تيمذه السيد الخوئي ان الجزء تارة جزء للماهية وتارة جزء للهوية الفردية. الانضمام يعني جزء وجزء او شرطا وجزءا ولا نتوهم ان الشرط دائما نعتي. الشرط النعتي هو الذي عرض للمشروط لكن الشرط اذا لم يكن عرضا فليس بتركيب نعتي بل تركيب انضمامي. بل كما مر بنا ان اكثر الشروط هي انضمامية. تكون نعتية اذا كان الشرط عرضا والمشروط معروضا. فليس المشروط يعني المعروض دائما.
من الأمور التي ذكروها في الصحيح والاعم: الشرط في التكوين ما فرقه عن الجزء؟ يقولون ان الجزء هو الرحم الذي يولد منه المعلول وهو مقتضي كالرحم. اما الشرط فليس رحما ومقتضيا بل انما هو حالات تكمل اما فاعلية الفاعل او قابلية القابل. أيا ما كان هذا بعد تكويني. المهم في البعد القانوني ليست الشروط كلها نعوت. الشرط تارة بمعنى متمم قابلية القابل او فاعلية الفاعل. ليس ضروريا ان يكون ناعتا. فالشرط ليس بمعنى الناعت بل الشرط بمعنى المتمم والمكمل بخلاف الجزء. فهنا الشرط في علم القانون اصطلاحه عقلي وليس عرفيا.
من تصنيفاتهم ان الأجزاء بعضها جزء الماهية وبعضها جزء الهوية الفردية والماهية الفردية في قبال الماهية بما هي هي. أيضا هناك جزء الجنس او جزء النوع وجزء الصنف. الأجزاء أنواع. لذلك بحر العلوم رحمه الله يقول خلافا للشهيد الثاني ان ما ذكره الاعلام من ان الشهادة الثالثة ليست جزءا مقصودهم بحسب الأدلة الخاصة لا بحسب الأدلة العامة جزما. هو ليس جزء النوع لا انه ليس جزء الجنس. الأدلة العامة تعني الجنس. فهناك أجزاء الجنس وهناك أجزاء النوع وهي التي تنوع النوع مثل الفصل. اذا ليس التركيب الانضمامي على مكيال وسياق واحد. بحث بديع.
فيه جزء الجنس او جنس الجنس وليس جزء النوع ولا الصنف. الأدلة مختلفة كيف تركب المركبات. فهناك جزء تصنيفي وجزء فردي.
المرحوم الاصفهاني والسيد الخوئي عندهم حسب مبناهم آثار الجزء في الماهية الفردية تختلف عن آثار الجزء للنوع. في الفرد لا تجري قاعدة الفراغ والتجاوز وانما تجري جزء النوع.
اذا فيه فرق في الآثار سواء على مستوى الظاهر او مستوى الثبوت بين جزء الفرد او جزء النوع او جزء الجنس. تركيبات مختلفة وآثارها مختلفة.
أيضا لديهم فرق بين الجزء المستحب وبين الجزء الواجب. طبعا الاصفهاني والسيد الخوئي يقولان ان الجزء المستحب محال. فيه فرق بين الجزء المستحب والجزء الواجب. هذه بحوث مهمة أشار اليها ثمانين فقيها جمعها السيد عبد الرزاق في الشهادة الثالثة. هذا البحث في الشهادة الثالثة فرصة لتدقيق المباحص الصناعية في أنواع المركبات. كل علم من الاعلام يقول بفذلكة صناعية لطيفة لمشروعية الشهادة الثالثة والذي لا يلتفت يقول انه بدعة.
السيد الخوئي في الاذان يجزم بان الشهادة الثالثة في الاذان جزء مستحب ويقول هو ضرورة. رجحانه بدرجة الضرورة عند السيد الخوئي لكنه يقول انه غير الجزء الواجب او جزء الماهية بل هو جزء الهوية الفردية. فالادلة الواردة في الماهية ربما يكون ادلة في الماهية النوعية ولا ربط لها بالماهية الفردية ولا منافاة في البين. الهوية الفردية ادلتها شيء آخر.
أيضا جزء الهوية الفردية فيه جزء عام وجزء خاص. جزء مستحب لماهية فردية يمكن ان يكون جزءا عاما وجزءا خاصا. الجزء العام يعني انه ليس لفرد هذا النوع بل هو جزء لفرد من النوع الآخر. الهوية الفردية لكنها جزء عام. وفيه جزء خاص يعني انه جزء للهوية الفردية خاص بهذا النوع.
نواصل بقية الأقسام المهمة في التركيب الانضمامي والتركيب النعتي. والذي لم يشم رائحة هذه التقسيمات لا صناعة عنده.