4706/11/
المحاضرة 650
يوم الثلاثاء 11/جمادي الثاني/1447
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للخاص
استصحاب العدم الازلي وبنية الظهور للعام والخاص
كان البحث في التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص بالاستعانة بالاستصحاب في تنقيح المصداق باعتبار ان الدليل اللفظي لا يتمسك به في المصداقية.
البحث هنا ليس في الاستصحاب نفسه وانما في تنقيح العام والخاص لموضوع الاستصحاب.
من جهة الاستصحاب ينقح مصداق موضوع العام والخاص ونفس العام والخاص من جهة أخرى ينقح موضوع الاستصحاب.
بيان ذلك: العام والخاص الذي يبحث في التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص ينقح الموضوع تنظيرا ولا ينقح الموضوع تطبيقا ومصداقا. الاستصحاب ينقح الموضوع تطبيقا ولا ينقح الموضوع تنظيرا فيختلف الجهة. فحاجة الاستصحاب الى العام والخاص في تنقيح موضوعه بلحاظ التنظير لا بلحاظ التطبيق فلا دور في البين ولا تدافع ولا تناقض.
فلذلك الان بحث الاعلام في استصحاب العدم الازلي بالدقة ليس في الاستصحاب كأمارة او اصل عملي. طبعا يعتمدون هنا على الاستصحاب لكن السجال والنزاع بينهم في موضوع الاستصحاب، هل هو محقق او لا.
فالميرزا النائيني يريد ان يقرر ان موضوع الاستصحاب غير متحقق بتوسط العام والخاص تنظيرا للموضوع والبقية يقولون ان الموضوع للاستصحاب متحقق. فالنزاع في استصحاب العدم الازلي بين الاعلام في تنظير العام والخاص للموضوع الذي ينقح موضوع الاستصحاب.
قبل ان ندخل في ادلة القولين وتفاصيل القولين ما هي خلاصة مدعى الطرفين في تنظير موضوع الاستصحاب او تنظير موضوع العام والخاص؟
خلاصة كلام الميرزا النائيني: امس مر بنا معنى المخصص فيه مخصص بمعنى المخرج وفيه مخصص بمعنى المضيق. «اكرم العالم العادل» مخصص من نوع المضيق. الخاص الذي هو مضيق ابتداء غالبا او دائما يعنون موضوع العام بعنوان وجودي «العالم العادل» طبعا عنوان «المرأة غير القرشية» يعتبر عنوانا وجوديا مع انه سلبي. هو لبا ومعنى سلبي لكنه صورة وقالبا وجودي في النحو والأصول يعني انه عدم نعتي. يسمونه القضية المعدولة في المنطق.
القضية المعدولة صورة قضية موجبة وعنوان وجودي. مرأة غير قرشية وان كان لبا هو عدمي ويعبر عنه بالعدم النعتي. بخلاف ما يقال «مرأة ليست قرشية» انه عنوان عدمي يسمى العدم المحمولي. لما تقول «ليس» يعني انه يسلب.
ما هو الفرق؟ بلحاظ الانطباق الخارجي ليس بينهما فرق لكن بلحاظ التقنين الثبوتي بينهما فارق كبير. فرق بين يقال «مرأة غير قرشية» وبين ان يقال «مرأة ليست بقرشية» ربما يقال ان هذا سفسطة من الكلام لكنه ليس بصحيح. فيه فرق ثبوتي وملاكي وان كان في الانطباق ليس فرق بينهما. لكن من حيث القالب الثبوتي والقانوني والملاك يختلفان. سنبين في نهاية المطاف كيف يختلف. فالاثبات يختلف والثبوت يختلف والملاك أيضا يختلف بينهما.
حتى بين النعت العدمي و النعت الوجودي فارق كبير كأن يقال «عالم ليس بفاسق» و «عالم عادل» او ان يقال «عالم ليس بفاسق». كل هذه الثلاثة ثبوتا واثباتا وملاكا تختلف وسنبين في نهاية المطاف. وان كان من حيث الدائرة والانطباق هي واحدة طبعا اذا كان من قبيل لا ثالث لهما.
فالمقصود يجب ان يلتفت ان مقصودهم من العنوان الوجودي يعني النعتي سواء العدم النعتي او النعت الوجودي. بالتالي هذا تعنون وجودي وصفة. فالعدم في المنطق وفي علم البلاغة والنحو قسمان، عدم محمولي وعدم نعتي. هذه البحوث كلها محل الابتلاء اليومي في الاستنباط وليس زخرفة من الكلام.
المقصود من العدم النعتي والعدم المحمولي قد يتبادر في الذهن المبتدأ والخبر او الصفة والموصوف. هذا اشتباه. ليس المراد جملة خبرية او مركبة ناقصة؛ الصفة والموصوف. ليس المراد من المحمولي جملة خبرية.
«المرأة غير قرشية» يعتبرونه في علم الأصول نعتا مع انه ليس نعت نحوي بل هي مبتدأ وخبر. كذلك في علم المنطق يسمونه العدم النعتي. فالمراد من العدم النعتي ليس النعت والصفة في علم المحو.
العدم المحمولي منحصر بهذا «المرأة ليست بقرشية» لماذا؟ سنبين. عدم معرفة هذه الاصطلاحات يشوش الذهن.
فالمراد من النعت في باب التخصيص وماذا يتصرف الخاص او المقيد في العام ان الخاص يكسبه عنوانا عدميا. امس مر بنا ان المخصص او المقيد الذي يكسب العام عنوانا وجوديا خارج عن بحث استصحاب العدم الازلي. وكثير من المخصصات من هذا القبيل تكسب العام عنوانا وجوديا زائدا. مثل ما يقال في «كل ميت يجهر الا الكافر» أن خروج الكافر اكسب العام عنوانا وجوديا. يعني كل ميت مسلم. فاستصحاب عدم الكفر لا يحرز ان الميت مسلم فلا ثمرة للاستصحاب العدمي ولا يجري.
فمحل البحث في استصحاب العدم في المخصص والمقيد الذي يكسب العام عنوانا عدميا فيحرز الاستصحاب موضوع العام لكن الاستصحاب العدمي لا يحرز العنوان الوجودي.
العنوان العدمي اصطلاح يجب الالتفات اليه. هذا العنوان العدمي قسمان: عنوان عدمي نعتي وعنوان عدمي محمولي.
كلمة النعتي هنا ليست النعت النحوي بل هي النعت اللغوي. فالمقصود من النعت هنا هو العدم الذي عبارة عن قضية موجبة معدولة المحمول أي غير القرشية فيكون عنوانا وجوديا.
فإما الخاص يكسب العنوان عدما نعتيا بعبارة أخرى نعتا عدميا أي غير القرشية او غير الكافر. هذا يعبر عنه بالمعدولة عدل بالقضية السالبة الى القضية الموجبة.
اما اذا كان العدم محمولي تقول «مرأة ليست بقرشية» فقضية سالبة وليست قضية موجبة معدولة المحمول ويسمونه العدم المحمولي ومقصودهم ليس فقط المبتدأ والخبر بل مرادهم ان صيغته القضية المحمولية السلبية.
فاذا المراد من العدم النعتي او النعت العدمي هو ما يقال «غير القرشية» في ذهنكم قد يتبادر ان غير القرشية وليست بقرشية شيء واحد. نعم من حيث الانطباق شيء واحد. لكن من حيث الاثبات والثبوت والملاك يختلف بينهما وسيأتي.
شبيه ما في عامة الناس في باب القضاء يقول عبرت بعبارة «سددت الدين» او يقول« ما له علي دين» كما يكون على الأول مدعي وعلى الثاني منكرا. فطريقة البيان شيء مهم.
في باب القضاء في بعض الموارد من صالح طرف القضاء ان يطرح نزاعه بصيغة المدعي لا بصيغة المنكر. يعني اذا يطرح صيغة النزاع بصيغة المدعي يكسب القضاء بخلافه اذا يطرح بصيغة المنكر. ليس دائما طرح صيغة النزاع بصيغة المنكر يكسب حكم القضاء. فيه تفصيل طويل وصور عديدة.
الكلام في ان صيغة البيان مؤثرة. المعنى واحد من حيث الحدود والابعاد ولكن من حيث الاثار يختلف. كذلك ثبوتا في التقنين القالب يؤثر وكذلك ملاكا.
مرأة غير قرشية فيه فرق كبير بينه وبين مرأة ليست بقرشية. من حيث دائرة الافراد لا فرق لكن من حيث القالب القانوني في الظاهر والواقع والملاك يختلف. سيأتي بيانه.
فمحل البحث هنا بالدقة فيما اذا اكسب الخاص العام عنوانا عدميا. هذا العنوان العدمي هل هو عدم نعتي او عدم محمولي.
اذا صار عدما نعتي يمنع استصحاب العدم الازلي. واذا كان العدم الذي يكسبه الخاص عدما محمولي فيجري استصحاب العدم الازلي. فلاحظوا ان البحث لفظيا وليس البحث في الأصل العملي. هذا البحث في العام والخاص يهيئ الطريق لاستصحاب العدم الازلي الذي ينقح موضوع العام أيضا.
اعيد الملخص الذي قاله الاعلام وهو ملخص ثمين: اذا كان العدم الذي يكسبه الخاص نعتيا فلا يجري استصحاب العدم الازلي. لان هذه المرأة منذ ولادته اما قرشية او غير قرشية. المرأة قبل ولادته ليس موجودة وما لها حالة سابقة نعتية. من البداية اما كذا او كذا اذا كان نعتا. فاذا كان عدما نعتيا فلا يجري الاستصحاب.
اما اذا كان عدما محموليا فيجري ويحرز. فالنزاع بالدقة في استصحاب العدم الازلي في هذه النقطة حصرا.
لماذا؟ العدم النعتي يعني ان هذه المرأة منذ ولادته حتى النعوت الحادثة التي ليس لدينا علم سابق عليها كما يقال ان هذا الميت كافر او مسلم ولا له حالة سابقة. فمن ثم استصحاب العدم الازلي لا يجري ولا يحرز العدم النعتي.
اما اذا كان عدما محموليا يحرزه. لماذا؟ هذه بيت القصيد في الأدلة. وان كانت الأدلة معترك الآراء ومعقدة. العدم المحمولي من قبيل انضمام الجزء الى الجزء. هذا بحث نفيس نقحه الميرزا النائيني وان كان هو لا يقول باستصحاب العدم الازلي. هذا هو الفرق بين العدم النعتي و العدم المحمولي.
ثم ماذا؟ لماذا يجري استصحاب العدم الازلي؟ لان في الأجزاء احراز كل جزء على حدة لا مانع منه. اما في غير الأجزاء كالوصف والموصوف فلا. هذا البحث معقد انصافا وسيأتي.