47/06/10
المحاضرة 649
يوم الاثنين 10/جمادي الثاني/1447
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص
استصحاب العدم الازلي لتنقيح موضوع العام والخاص
استصحاب العدم الازلي والعام والخاص
كان الكلام في ما هي الحاجة للاستصحاب مع الدليل الاجتهادي وكيف يجمع بين العام و الأصل العملي، باعتبار ان العام يتكفل التنظير ولا يتكفل التطبيق.
في هذه الأيام تبين ان التطبيق ليس بالضرورة شبهة موضوعية بل يمكن ان يكون شبهة حكمية. بعبارة أخرى ان الأدلة الكلية التنظيرية في الانشاء والتشريع في الاحكام لها عدة تنزلات تطبيقية الى ان تصل الى التطبيق الجزئي الخارجي. هذه طبيعة علم القانون وهذه ظاهرة جدا مهمة في علم أصول القانون. باعتبار ان الفقه هو قانون شرعي ولغته نفس لغة منظومية للقانون العقلائي. فطبيعة هذه العمومات او القوانين الكلية عندما تطبق يعني ان تتنزل الى ان تصل الى الجزئي الخارجي الحقيقي. فليس ضروريا ان يكون التطبيق شبهة موضوعية.
نقطة: ظاهرة غامضة وتحتاج الى عدة منبهات في الأبواب العديدة ان القوانين الكلية والعمومات كيف تتنزل وكيف يتنزل تطبيقها الى ان يصل الى الجزئي الخارجي.
فالدليل طبيعته من أي درجة من مراتب القانون (ان العمومات لها درجات عند المتاخرين ويعبرون عنها درجات العموم كالعموم الفوقي والعموم الوسطي والعموم النازل.) يتكفل تنظير الرتبة التي هي فيها ولا يتكفل كيفية تنزله الى رتبة نازلة أخرى. التنزل يعني التطبيق ولا يتكفله الدليل فلا بد من دليل آخر اصل عملي او دليل اجتهادي او علم جزمي بانطباق قهري.
ربما يقال ان الدليل يتكفل التنظير في رتبة نفسه وما فوقه وهذا ليس بعيد لان الدليل يفسر ما فوقه لكنه لا يتكفل التطبيق الى رتبة نازلة منه.
في كل مبحث نقف على خاصية علم أصول القانون لان هذا العلم كما يعترف الدكتور عبد الرزاق الصنهوري ان العلم الذي للتو في العلوم الاكادمية يدرس في علم الأصول موجود ولكن ليس بلفظ علم أصول القانون. هذا العلم في علم الأصول له عدة أسماء منها المبادئ الاحكامية ولعله من اقدم الأسماء لعلم أصول القانون. المبدأ يعني الأصل والحكم يعني القانون. علم الأصول علم في سلسلة الاعلام الامامية لم تتوقف منذ عهد الامام الصادق او حتى منذ عهد امير المؤمنين سلام الله عليهما الى اليوم. هذه نكتة جدا مهمة. من الأسماء لعلم أصول القانون أصول التشريع ومن الأسماء أصول المذهب وقواعده كما في تعبيرات المحقق الحلي في الشرايع. هذه الأبواب الجديدة ضروري ان يدخل فيها. لابد ان يكتشف المخفي. ذكرت للاخوان الحكم الارشادي والامر الارشادي في كل علم الأصول وهذا بحث حساس دقيق ومقترح للاخوان ان يدونوه. رسالة وجيزة يمكن ان تفتح للحوزات العلمية طفرة. ان مطوج من علماء البحرين كتب في آيات الاحكام ولكنه فتح بابا للسيوري ان يكتب كنز العرفان. الكركي كتب في كيفية الاجتهاد او ابن المطوج. الأبحاث الجديدة ولو في عشر أوراق اهم من الدورة الكاملة في أصول الفقه لانه باب جديد يفتح أبوابا جديدة. اللباس المشكوك للميرزا النائيني فتح أبوابا. كتابة عبائر المحقق الحلي في الشرايع. هذا موافق لاصول المذهب والقواعد. هذا تعبير لاصول القانون.
أيضا هذا بحث وتحقيق: ما هو أسماء علم أصول القانون في علم الأصول. وهو بحث ثبوتي وليس في دليلية الدليل. من الأسماء لعلم أصول القانون فقه المقاصد وان كان في مدرسة أخرى لكنها متقاربة او التعبير بمذاق الشريعة. هذه تعابير تقارب مدرسة أصول القانون ولو يختلف.
ليس القانون ذاك التطبيق على الجزئي الخارجي. هذه مرحلة نازلة جدا من علم القانون وقد يسمى الفقه التعليقي. بينما الطبقات التي هي فوقها غموضها اكثر.
اجمالا اصل اقحام فكرة استصحاب العدم الازلي في العام والخاص تبين لماذا. ليكن الاخوة على ذكر من هذا المطلب الذي ذكره الاعلام.
نقطة: فما هو دور استصحاب العدم الازلي؟ التمسك بالعام «كل امرأة تحيض الى خمسين الا القرشية» وان كان مفاد هذا النص نفسره بغير تفسير المشهور في باب اليأس و الحيض والبلوغ وذكرناها في المنهاج انه في واد آخر.
على أي حال اذا شك ان هذه المرأة قرشية او غير قرشية فلا يمكن التمسك بالعام لان العام يتكفل المفاد التنظيري ولا يتكفل التطبيق والتطبيق لابد ان ينقح بالاصل العملي او الدليل الاجتهادي او العلم. فهنا يأتي دور استصحاب العدم الازلي أي استصحاب عدم كونها قرشية. هذه هي الفهرسة الاصلية لهذا البحث.
نقطة: لماذا يسمونه الازلي؟ باعتبار ان هذه المرأة قبل ولادتها ووجودها لم يكن وصفها بالقرشية وهذا العدم يمتد الى الازل لان الأشياء اعدام فوجدت. ليس عدما ثابتا زمنيا موقتا بل عدم ممتد الى كبد العدم.
لا زلنا في الفهرسة وهي مهمة على ان يكون الانسان على الوعي العلمي منها.
نقطة: اذاً الاستصحاب العدمي انما يثمر في التمسك بالعام فيما كان المخصص وجوديا كالقرشية وهي عنوان وجودي. والا اذا كان المخصص ليس وجوديا فاستصحاب العدم الازلي يحرز لنا الخاص ولا يحرز لنا العام.
(هذه النقاط مهمة في ان يكون الانسان على يقظة في كيفية استثمار البحث. بعض الاعلام ليس عنده قوة في ابتكار النظريات لكنه عنده قوة في استثمار النظريات اكثر من صاحب النظرية. هذا بعد آخر في الملكة العلمية. متى يكون لدى الانسان قوة لاستثمار النظرية اذا التفت الى الفهرسة الاجمالية. ويجب ان لا تدخل في التفاصيل قبل ان تلتفت الى كيفية استثمار النظرية. لذلك يذكرون ان من تعاريف الشيء تعريفه بالغاية يعني الثمرة.)
نقطة تساهم في الاستثمار: كلمة المخصص عند الأصوليين والفقهاء تستعمل في عدة معاني او عدة مصطلحات. مر بنا ان كلمة الاطلاق تستعمل في سبعة معاني على الأقل كذلك كلمة المخصص تستعمل في عدة معاني.
المخصص يستعمل بمعنى العنوان المخرج مساحة من العام. مثل «كل امرأة تحيض الى الخمسين الا القرشية» هذه المساحة خرجت من العام. وهذا معنى معهود.
وأيضا يستعمل المخصص بمعنى المضيق. أي جهة التضييق لا جهة الإخراج. مثلا يقال «انظروا الى رجل منكم» يعني مؤمن. هذا قيد موجود في معتبرة ابي خديجة في منصب الفقيه في الفتوى والقضاء. «نظر في حلالنا وحرامنا ... فاجعلوه حكما فاني جعلته عليكم حاكما» فكلمة «منكم» قيد يعني مؤمنا لا المخالف.
كما انه في قوله تعالى «استشهدوا شهيدين من رجالكم» يعني المسلم. هذا يسمونه مخصص او مقيد لكنه مضيق.
طبعا المخصص المخرج أيضا يضيق لكنه دوره الأول انه مخرج للقرشية من عموم المرأة والدور الثاني له انه مضيق. وتارة المخصص والمقيد يطلق على المضيق نفسه. هنا يعنون العام بان يكون مؤمنا مثلا. فهذا المضيق عنوان وجودي واستصحاب العدم الازلي لا يثمر شيئا معه. اذا شككنا ان هذا الرجل مؤمن او لا فلا يمكن تحرزه باستصحاب العدم الازلي. شاهد ما تدري مسلما او غير مسلم فاستصحاب العدم الازلي لا يثمر لك شيئا لان المخصص و المقيد بمعنى المضيق والمعنون للعام بعنوان وجودي. بينما في مثال «كل مرأة تحيض» العنوان الوجودي خرج من العام فيعنون العام بعنوان عدمي. هنا في مثال القرشية يكون محل استثمار استصحاب العدم الازلي دون القسم الاخر فلا يمكن التمسك بالعام باستصحاب العدم الازلي. فيكون شبهة مصداقية للعام نفسه لان هنا المخصص بمعنى المضيق وعنون العام بعنوان وجودي.
فنكتة مهمة ان المخصص والمقيد في اصطلاح الأصوليين والفقهاء يطلق على معنيين او اكثر. فمخصص مخرج ثم يضيق ومخصص يضيق من البداية كمثال «ضيق فم الركية» يوجدها ضيقة لا انه يوسعها ثم يضيقها.
الاقوال في المسألة:
فإذاً صارت الخارطة الاجمالية لبحث استصحاب العدم الازلي.
ثم الميرزا النائيني واكثر تلاميذه واستاذنا السيد محمد الروحاني بنى على انه لا يجري. بينما صاحب الكفاية والشيخ الانصاري والمشهور قبل الشيخ الانصاري والسيد الخوئي يبنون على جريانه وهو الصحيح كما سنرى.
الشهيد الصدر أيضا اختار عدم الجريان لمانع بنى عليه وسنعترض اليه.
المهم هذا المطلب ان استصحاب العدم الازلي هل يجري لتنقيح الموضوع او لا؟
منع جريان استصحاب العدم الازلي ليس لقصور في ادلة الاستصحاب ولكن يريد الميرزا النائيني ان يبين ان هذا الاستصحاب هنا مثبت والاصل المثبت ليس بحجة. هذا البحث ليس بحثا في نفس الاستصحاب بل بحث في الالفاظ. لان الاستصحاب لجريانه يحتاج لتنقيح موضوعه لانه لا ينقح موضوع نفسه لضابطة ان كل دليل لا ينقح تطبيق موضوع نفسه تطبيقا ولو ينقحه تنظيرا. انما ينقح تطبيق موضوع الاستصحاب العام و الخاص. والاستصحاب ينقح موضوع العام والخاص وهل هذا دور او لا سوف نبين ان شاء الله.