47/06/09
المحاضرة 648
يوم الاحد 9/جمادي الثاني/1447
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
استصحاب العدم الازلي (2)
استصحاب العدم الازلي وبنية الظهور للعام والخاص
كان البحث في استصحاب العدم الازلي ويتحدث فيه في باب العام والخاص مع انه من باب الالفاظ والحديث عنه بلحاظ احراز مصداق العام او الخاص. فالشبهة المصداقية سوا ء كانت حكمية او موضوعية (ويجب ان لا نغفل عن عمومية الشبهة المصداقية لكل من الشبهة الموضوعية والحكمية فلا يأخذ بنا الوهم في حصر الشبهة المصداقية في الشبهة الموضوعية) فيجري استصحاب العدم الازلي لتنقيح المصداق.
طبعا معنى الشبهة المصداقية الحكمية يعني ان الشبهة الحكمية تندرج في قضية قانونية كلية أخرى واندراجها مشكوك فتكون شبهة مصداقية لما فوقها. فمن ثم يمكن ان تكون الشبهة المصداقية تنظيرية كلية. فالاستصحاب ينقح الموضوع وانطباق الموضوع وينقح مقام تطبيق الدليل.
مر بنا كلام الاعلام ان الدليل لا يتكفل الموضوع. هذه العبارة مختصرة. المقصود ان الدليل لا يتكفل الموضوع تطبيقا لكنه يتكفل الموضوع تنظيرا.
فالاستصحاب هنا لتنقيح تطبيق الموضوع سواء في موضوع العام او موضوع الخاص. فتنطبق الكبرى التنظيرية للدليل فتكون النتيجة متولدة من مجموع الدليلين. الاستصحاب لتنقيح التطبيق والتنظير الكلي للكبرى للدليل. فلم يجر الدليلان في مورد واحد بل احدهما في التطبيق وينقح الصغرى والآخر ينقح التنظير الكلي. فمن ثم ليس مورد الدليلين شيء واحدا كي يقال كيف يجمع بين الأصل العملي والدليل الاجتهادي.
بعبارة أخرى: حتى القضية القانونية التي فيها موضوع ومحمول قال المنطقيون ان الموضوع والمحمول في القضية الواحدة بالدقة هما قضيتان. ان الموضوع بمفرده قضية ويفكك الى قضية والمحمول بنفسه أيضا يمكن ان يفكك الى قضية وهلم جرا. يمكن ان هذا الموضوع الذي فككناه الى قضية مشتملة على موضوع ومحمول يفكك كل من الموضوع والمحمول منها يفكك الى قضية ويترامى الى ان تصل الى المعنى والماهية البسيطة. مادامت الماهية مركبة والمعنى مركبا يمكن ان تفككه الى قضية وموضوع ومحمول الى ان تصل الى ابسط المعاني.
اصل الفكرة اقحام استصحاب العدم الازلي في العام والخاص الوجه فيه هذا. كانما مزاوجة بين الأصل العملي والدليل الاجتهادي. لان مجرى الاثنين مختلف. هذا بيان عند الاعلام.
بيان آخر عندهم: ان البحث في الاستصحاب العدم الازلي ليس في استصحاب العدم بما هو هو. ليس النزاع والخلاف في الاستصحاب بما هو هو. طبعا يعتمد على الاستصحاب العدمي لتنقيح المصداق وهو صحيح لكن البحث ليس في استسصحاب العدم الازلي من حيث هو استصحاب واصل عملي. هو استعمال للاصل العملي لكن بالدقة النزاع عند الاعلام ليس في الاصل العملي. من جانب يبينون كيف ينضم الأصل العملي مع الدليل الاجتهادي ومن جانب يقولون ان النزاع بالدقة ليس في الأصل العملي مع انهم يستعملون الأصل العملي هنا في تنقيح التطبيق. مع ذلك يقولون بالدقة ليس النقاش في الأصل العملي.
يقولون ان النزاع بالدقة يترامى ويتمادى الى موضوع الاستصحاب لا الى الاستصحاب. الاستصحاب لتنقيح الموضوع والنزاع في موضوع الاستصحاب وهو ينقحه بحث العام والخاص. الاستصحاب ينقح تطبيق العام والخاص ومع ذلك ينقح العام والخاص موضوع الاستصحاب.
باب صناعات الخمس في كتاب المنطق جدا مهم في نظرية المعرفة وفي المعارف وفي علم الكلام والأصول الصناعة وفي المناهج. الجزء الثالث في المنطق المظفر جدا ضروري مع اني مختلف مع المظفر وخواجه نصير الدين الطوسي وابن سينا في البرهان او الخطاب وهذه الضوابط التي ذكروها وذكرنا في العقل العملي ونوافق متكلمي الامامية والفارابي من الفلاسفة ونخالف فلاسفة الامامية المتاخرين. لكن مع ذلك هذه المباحث مهمة جدا. ما هي ضابطة البرهان وما هي ضابطة الخطابة وما هي ضابطة الجدل وما هي ضابطة المغالطة وما هي ضابطة الشعر؟ خمس صناعات جدا مهمة في بحث نظرية المعرفة والمدارس الفكرية والفلسفية والالسنيات ومدارسته عدة مرات مهم. لا سيما صناعة البرهان. على كل كلها مهمة لانها متشابكة.
في مبحث البرهان المظفر ذكر هذه الفائدة: ان الموضوع له موضوع وموضوع الموضوع له موضوع يعني فيه ترامي نزولا. وكذلك المحمول ومحمول المحمول. يعني شبيه ان القضية الواحدة تفكك الى موضوع ومحمول ونفس موضوعها تفكك الى قضية وعقد. وكذلك الموضوع الثاني تفكك الى قضية لها موضوع ومحمول الى ان تصل الى ماهية بسيطة.
دائما كل ممكن زوج تركيبي ولو هذا التركيب بين الوجود والماهية.
ربطه بالبحث في المقام ان استصحاب العدم الازلي ينقح موضوع العام والخاص ونفس الاستصحاب له موضوع يحتاج الى منقح. المنقح لموضوع الاستصحاب بحوث العام والخاص. من ثم اقحموا استصحاب العدم الازلي في العام والخاص ولم يذكروه في باب الاستصحاب.
اذا ذكر استصحاب العدم الازلي مع انه اصل عملي وليس دليلا اجتهاديا في باب الخاص بسببين. السبب الأول ان هذا الاستصحاب ينقح تطبيق العام والخاص في موارد الشك في التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للخاص.
السبب الثاني: نفس هذا الاستصحاب تنقيح موضوعه بالعام والخاص تنظيريا. هو دوره تطبيقي لكن موضوعه تنظيري.
المقصود من جهتين وبسببين ذكر استصحاب العدم الازلي في العام والخاص. البحث في موضوع الاستصحاب وينقح بالتنظير الكلي في العام والخاص. هذه نكتة جدا مهمة تذكر في الاستصحاب في باب الأصول العملية ان الميزان والمعيار في موضوع الاستصحاب ماذا؟ ان الاستصحاب يحتاج الى موضوع. حتى الاستصحاب الذي يجري في الموضوع وينقح الموضوع في مقابل الاستصحاب الذي ينقح المحمول (كما ان الأصل العملي تارة يجري في الموضوع وتارة يجري في المحمول) يحتاج الى موضوع أيضا. فضلا عن الاستصحاب الذي يجري في المحمول فهو أيضا يحتاج الى الموضوع وتنقيحه.
دائما الاستصحاب لكي يجري يحتاج الى تنقيح الموضوع واي دليل يحتاج الى موضوعه المختص به سواء الأصل العملي او الدليل الاجتهادي. الحكم الظاهري يحتاج الى موضوع بغض النظر عن الموضوع الواقعي.
هذه الأمور يجب ان يفككها الانسان فيما بينها في الاستنباط.
اذا البحث في استصحاب العدم الازلي في العام والخاص لسببين وهذان السببان كلاهما لفظيان ومن مباحث الالفاظ وليسا من الأصول العملية. فالمنشأ في البحث ليس في الأصل العملي لكنه يثمر في الأصل العملي وهو استصحاب العدم الازلي وهو استصحاب عدمي.
الدخول في التفاصيل بدون التركيز في اصل الهيكلة خطأ.
في بداية مباحث الالفاظ هناك أصول لفظية بل الاستصحاب يسمونه الاستصحاب القهقرايي لكن بالدقة انها ليست من الأصول العملية. بل هي أصول لفظية شبيهة بالاصول العملية ولكنها أصول تجري عند العقلاء في بنية الظهور مثل اصالة الحقيقة واصالة عدم المجاز واصالة تطابق المراد الجدي مع التفهيمي واصول لفظية كثيرة. فالاصول اللفظية المتعددة صورتها كانها أصول عملية لكنها سنخا وحقيقة ليست أصول عملية. واحدها يسمى الاستصحاب القهقرايي في اللغة ولكنها ليست استصحاب اصطلاحي. هذه المباحث والاصطلاحات يجب ان نميزها الانسان.
نرجع الى البحث في استصحاب العدم الازلي. هو ينقح تطبيق العام و الخاص وهو انما ينقح موضوعه بالعموم والخصوص والنقاش والاختلاف والشجار بين الاعلام شجار في نقاط لفظية في الدليل الاجتهادي وفي العام والخاص وليس نقاشهم في نفس الاستصحاب.
أيضا نتوقف مليا في اصل الخارطة وهذا ضروري في أي مبحث في أي علم. كثيرا ما تجذب الانسان تفاصيل البحث ولكن هذه التفاصيل تلبس للإنسان.
أيضا مرت بنا هذه النقطة ان هذه المباحث في استصحاب العدم الازلي هي خلاصة لرسالة اللباس المشكوك للميرزا النائيني.
اللباس المشكوك مزيج من الصناعة الأصولية والصناعة الفقهية تطبيقا على مثال اللباس والا البحث صناعي بحث مزدوج. خلاصته او احد لبابه هو الذي يذكر في استصحاب العدم الازلي.
طبعا صاحب الجواهر رحمه الله ذكر كل هيكل هذه الرسالة وبحث استصحاب العدم الازلي في ثلثي صفحة وانا تعجبت من جزالة ودقة صاحب الجواهر. لان ضغط رسالة كاملة في صفحة قبل الميرزا النائيني شيء عجيب. مع انه كتب كتاب الطهارة في شبابه. ذكر هذا المبحث كله بهيكله واعمدته في مسألة ان المصلي لو شك في الدم في لباسه. البحث في الدم المشكوك في لباس المصلي. ذكره في ثلثي صفحة. انصافا جزالة لطيفة ودقة.
صاحب الكفاية ذكر أيضا استصحاب العدم الازلي في الكفاية.
بسم الله الرحمن الرحيم. نبدأ في عنوان اللباس المشكوك.
اصل المبحث في التمسك بالعام عند الشبهة المصداقية للمخصص هل يمكن او لا؟ هذا مثال حقيقي فقهي وتبناه المشهور. كل امرأة تحيض الى الخمسين الا القرشية. وشككنا ان هذه المرأة قرشية او لا. صاحب الكفاية أشار انه لا يمكن التمسك بالعام لانها شاكة انها من قريش او لا. فصاحب الكفاية ذكر انه تجري استصحاب عدم القرشية. فيتنقح موضوع العام. لانها مرأة وكل امرأة تحيض الى الخمسين.
او كل ميت يجهز الا الكافر فيستصحب عدم الكفر. هذا لو كان موضوع العام تجهيز كل ميت اما لو كان موضوعه تجهيز المسلم فلا يحرز انه مسلم باستصحاب عدم الكفر. عندنا «كل ميت يجهز الا الكفار» او «الا الضال» والمستضعف يدخل في العام. فنشك ان هذا الميت كافر او لا فيستصحب عدم الكفر. هذا لو لم يكن المخصص منوعا للعام. مر بنا هذا البحث ان المخصص اصل فعله في العام انه يكسب العام عنوانا عدميا أي عدم الخاص. مع ان التخصيص سواء في المخصص المنفصل او المتصل يتصرف في العام. المتصل من عناصر ظهور العام ولا كلام في ذلك. انما الكلام في الخاص المنفصل. ان الخاص المنفصل يكسب العام عنوانا عدميا لانه خرج الخاص ويكسب العام عنوانا عدميا. مر بنا هذا البحث. لا اقل على مستوى المراد الجدي.
سوال سبق ان طرحناه وسبق الجواب لكنه سوال معقد: يقولون ان الخاص يكسب العام عنوانا تصرفا في الموضوع. مع انهم يقولون ان التخصص حكمي وليس خروجا موضوعيا. ان الورود خروج موضوعي لكن التخصص خروج حكمي وهو يعني انه موضوعا داخل. من ثم هذا الخاص لا يتصرف في بقية آثار الموضوع.
المخصص خروج حكمي. والخروج الحكمي يقتصر فيه على حكم واحد. لانه ليس خروجا موضوعيا. فبقية آثار الموضوع تترتب في منطقة الخاص. لان الخاص ليس خروجا موضوعيا بل خروج حكمي.
هذه المباحث لباب البحث.
مثلا عندنا دليل: «ذبح المحرم ميتة» «ذبح المحل في الحرم ميتة» هل هذا خروج موضوعي عن عموم حلية الصيد او خروج حكمي؟ الأكثر على انه خروج موضوعي. يعني ان هذا الصيد في الحرم ميتة حقيقة. الخروج الموضوعي يعني كل آثار الميتة تترتب عليه. من ثم يسمونه الجعل في الموضوع وليس تخصيصا. هو صورة كانما تخصيص لكنه لبا حكومة واقعية يعني خروج موضوعي. الحكومة الواقعية سنخها يغاير التخصيص. لان التخصيص خروج حكمي أما الحكومة الواقعي فهو نمط من اقسام الحكومة وهو خروج موضوعي.
مر بنا هذا البحث وهذا اهم حتى من بحث استصحاب العدم الازلي. الخروج من العموم على نمطين: نمط خروج موضوعي ونمط خروج حكمي. ان التخصيص خروج حكمي.
فكيف يقولون ان الخاص يتصرف في موضوع العام؟ هذا سؤال سبق ان اجبنا عنه.