47/05/28
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
الموضوع: باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
توقفنا مليا الى حد ما الى تقسيم الميرزا النائيني رحمه الله في الأدلة المقيدة اصطلاحا او بمثابة الأدلة المقيدة لبا. عنده وجهان او ثلاثة غير المخصص الاصطلاحي وكذلك عند الاصفهاني سياقة أخرى ثبوتا واثباتا والعراقي كذلك والمرحوم الاخوند كذلك رحمهم الله. ونقلنا عن فتاوى علماء النجف حول الشهادة الثالثة كمثال في الاذان التي يرصدها السيد عبد الرزاق المقرم. قريب ثمانين فتوى ومع هامش مصحح قريب مأة فتوى وهي وجوه صناعية للاعلام ان كيف يتصرف الأدلة العامة في الأدلة الخاصة لماهية التشهد. هذه هي النكتة الصناعية.
الحاذق اللبيب والذي يغوص في الاستنباط يستنبط من الاصطلاحات والقيد الذي أورده في الفتوى الوجه الصناعي الذي اعتمده. فالقضية ليست فقط في الفتوى بل الجانب الأهم هو النكات الصناعية التي اعتمدوا عليها وقالوا ان هذه الوجوه الصناعية تبين على وجه القطع ان المجيء بالشهادة الثالثة في التشهد ليس بدعة ومن قال بالبدعة فقد ابدع.
مع انهم رحمهم الله لو أعطوا النطر اكثر لرأوا الوجوه الأكثر فالاكثر. المقصود هذه النكات الصناعية ان الدليل العام يمكن صياغته بمثابة الدليل المخصص مع انه دليل عام واللطيف انه اعم من الدليل المخصَص. ان العام يخصص الخاص. هذه هي النكتة اللطيفة في حقيقة باب العام والخاص.
فلا ينساق الانسان حول هذا المشي السطحي في الاستنباط اذا جرى واحد على الاستنباط الجمودي بلا عمق.
فلنرجع الى التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص اللبي وذكرنا اشكال السيد الخوئي على الميرزا النائيني ودفعه.
اما مختار آخر انه يمكن التمسك بالعام في الوارد في القضية الخارجية مثل «لعن الله بني امية قاطبة» ففي موارد العموم في القضية الخارجية فيمكن التمسك بالعام. ففي موارد الشك لا يسوغ له رفع اليد عن العموم.
السيد الخوئي يختار هذا القول ويفصل فيه. يقول ليس كل القضايا الخارجية يصح التمسك بعمومها الخارجي في موارد الشك في المخصص اللبي. بل في تلك الأدلة الواردة في القضية الخارجية التي مفادها تكفل نفس المتكلم المولى للتطبيق وليس كل القضايا الخارجية هكذا.
هنا بغض النظر عن التفصيل الذي ذكره السيد الخوئي ان هذا مما يعطي منهجا صناعيا ان بعض الأدلة الواردة يمكن ان تتكفل التنظير والتطبيق وليس شيئا ممتنعا وحتى في الشبهة الحكمية. فاذا وجدنا في مفاد الأدلة انها تتكفل التنظير والتطبيق فيمكن التمسك فيها بالعموم.
اجمالا في هذه الصور الثلاثة في التمسك بالعام في الشبهات لا يمكن التمسك بالعام في كثير من مواردها.
في الصورة الثالثة فصلوا او في المساحة الكثيرة منها قالوا بعدم امكان التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص. في الصورتين الأولى والثانية يمكن التمسك بالعام ولكنه في الصورة الثالثة لا يمكن التمسك بالعام لان البحث تطبيقي وليس تنظيريا وهي الشبهة المصداقية للمخصص. لكن في الصورة الثانية في الشبهة المفهومية للمخصص لان البحث تنظيري فيتمسكون بالعام وكذلك في الصورة الأولى.
في الصورة الثالثة استعانوا بضميمة الأصل العملي الذي ينقح لنا عدم الخاص. لان العام لا يتكفل التطبيق بل يتكفل التنظير وهل هذا مصداق الخاص او مصداق العام؟ هل فيه ترديد أنه مصداق العام؟ نعم ولا . لا بلحاظ المعنى الاستعمالي والمعنى التفهيمي ولكن بلحاظ المعنى الجدي او حجية المعنى الجدي فيه ترديد.
(كل امرأة تحيض الى الخمسين) وورد ان (القرشية تحيض الى الستين) فبالتالي المحصل ان (كل امرأة تحيض الى الخمسين الا القرشية) اذا شك في انها قرشية او ليست قرشية. القريش كان جد النبي. هذا من علم الاشتقاق وصار نسيا منسيا في الحوزة العلمية.
فيه تشابه عجيب بين علم الصرف وعلم الاشتقاق كما ان هناك تشابه بين علم المعاني وعلم البيان. لكن فيه فرق دقيق بينها. علم الصرف وعلم الاشتقاق علمان متباينان. علم الاشتقاق اخطر من علم الصرف. لماذا؟ علم الاشتقاق خمسة نظم من الاشتقاق وليس نظاما واحدا وكل نظام له ضوابطه الخاصة به. وهو غير علم الصرف. علم الصرف في مادة واحدة كضرب يشتق منه الهيئات الكثيرة. مادة واحدة مع اختلاف الهيئات. علم الاشتقاق شيء آخر. طبعا يقال في علم الصرف يشتق من مادة واحدة وبعبارة أخرى يمكن ان تقول ان علم الصرف احد أولاد عشيرة علم الاشتقاق. علم الاشتقاق خمسة أنواع وبهذه المناسبة يقال في علم الصرف يشتق من مادة واحدة هيئات. لكن كل علم الصرف فخذ من افخاذ علم الاشتقاق.
علم الاشتقاق اخطر من علم الصرف من أي جهة؟ لان علم الصرف المعهود هو في هيئة المادة الواحدة. لكن علم الاشتقاق تارة يذهب الى هيئة غير الهيئة الموجودة في علم الصرف وتارة يذهب الى غير المادة الاصلية مثل ضرب ورضب وبرض. هذا نظام واحد.
النظام الثاني في علم الاشتقاق في الكلمات التي تشترك مع ضرب في ض ب او في ض ر او في رب. هذا نظام ثاني.
نفس علم الصرف نظام ثالث.
النظام الرابع التي تشترك مع المادة في حرف واحد. هذا اشتراك في المادة ترتيبا وثنائيا وثلاثيا او حرف واحد.
هذا علم عفريت واخطر من الذكاء الصناعي يستكشف لك ان هناك قطعا اشتراك في المعنى وجزء المعنى. وهذا يدخل حتى في علم المفردات اللغوية.
كتاب العين للفراهيدي رحمة الله عليه استفاد شيئا ما من علم الاشتقاق. لذلك تبويبه غير تبويب كتب اللغة الأخرى. أصلا القدماء ترتيب كتبهم غير ترتيب كتب لسان العرب وغيره. بل ترتيبهم كان على نظام علم الاشتقاق.
اللغويون القداما كانوا ملمين بعلم الاشتقاق بخمسة نظم ورتبوا أساس المعاني في المفردات على ضوء علم الاشتقاق. كثير من الادباء الان لا يشمون منه شيئا سواء الاكادميون او غيرهم. لكن خليل بن احمد الفراهيدي او مقاييس اللغة وغيره من الكتب القديمة في اللغة كان عندهم مفردات اللغة معنى على هذا النظام.
في حجاج السيدة فاطمة الزهرا سلام الله عليها مع عمر بن خطاب لعنة الله عليه قال: ان كان الفيء لكم فماذا يبقى للمسلمين. قالت اليتامى من يأتم بنا. هذا بالاشتقاق. المساكين من سكن الى مودتنا. وابن السبيل من اتخذنا سبيلا. لما تحتج اليه فالجو العربي كان يفهم هذا الكلام. نقاد الادب في ذلك الزمن كانوا يفهمون علم الاشتقاق. من هذا القبيل احتجاجات كثيرة. لو بحث باحث في كلمات النبي وكلمات الأئمة عليهم قسم من احتجاجاتهم وجل تأويل اهل البيت للآيات هو بسبب علم الاشتقاق. الان المفسرون جلهم لا يشمون من ذلك شما ويقولون ان هذا الكلام منهم تأويل. لكن اهل البيت جاءوا به ببنية الظاهر. المفسرون حصروا باب الظهور بعلم الصرف وتناسوا علم الاشتقاق. يقولون انه ليس ظهورا عرفيا. علم الاشتقاق من علوم اللغة. صحيح ان عوام العرب ما كانوا يفهمونه. لكن عندهم كانوا مباريات في الشعر والادب والنقاد الجاهلية كانوا يفهمون الاشعار لا العوام. اللغة العربية لها مستوى فوقي.
انظر ان علم الاشتقاق كيف يؤثر في التفسير والاستنباط في كل العلوم الدينية. وتركه يؤثر مديات كارثية في الاستنباط. علم الاشتقاق حتى في اللغات الأخرى يجري بنفس النمط. نظام واحد بين اللغات البشرية. الان علم الصرف وعلم البلاغة والعلوم الأدبية يندرس وهذه كارثة.
على كل هذه خطورة محدقة. حتى المبلغ اذا كان قوي الأساس تبليغه يختلف عن ضعيف الأساس وكذلك الكاتب والخطيب والمحاضر. لابد من ان يكون الأداء قويا. الان في حالة التقهقر واستلام المسار العلمي ف يالحوزات اخطر شيء على الاطلاق.
اعظم مسؤولية على الحوزة العلمية مدارسة العلم. الجانب السياسي والاجتماعي واجبات لكن لابد من مدارسة العلم قبلها. السقيفة اداروا الجامعة الإسلامية ولم يجمعوا القرآن فضلا عن ان يفهموه. باي حكم تحكمون؟ افحكم الجاهلية تبغون. مدارسة العلم أساس وهو عرش كل شيء. ثبت العرش ثم انقش. اذا يضعف العلوم اللغوية جدا خطرة.
الشهيد الثاني بعد ما تصدى الاجتهاد والمرجعية أعاد دراسة العلوم اللغوية مرة أخرى. لان الانسان لابد ان يراجع بين فترة وأخرى. بعض المسائل معقدة ودقيقة. علم الاشتقاق علم مهم جدا جدا.
ملخص باب العام والخاص هو ان العام كيف يخصص الخاص. كيف بنية الظهور؟ وكيف يخصص الخاص العام؟ لابد من معرفة قواعد بنية الظهور.
جل المفسرين يعتبرون علم الاشتقاق تأويل وهو ليس بتأويل. بل ظهور. العلماء السابقون كانوا يعتبرون علم الاشتقاق أساس مفردات علم اللغة وعلم المفردات هو اول علم في العلوم اللغوية. علم المفردات مرتبط ارتباطا بعلم الاشتقاق لان علم الاشتقاق مرتبط بالمادة اكثر من ارتباطه بالهيئة. احد قبائل علم الاشتقاق علم الصرف والمراجعة لعلم الاشتقاق جدا مؤثر ومفيد. ان الذي لا يدرس علوم اللغة يرى كل شيء خيالات والناس أعداء ما جهلوا.
نكتة أخيرة: مر بنا أنواع التخصيص وان سنخ التخصيص متعددة.
من الأنواع التي ذكرناها ان بعض الخاص تصرفه في العام انه ينوّع العام. بعض الخاص يكسب العام عنوانا ونوع ثالث بعض الخاص يبدل عنوان موضوع العام وبعض الخاص عند بعض الاعلام لا يتصرف في العام وانما يعدم فرد العام.
نريد ان نذكر ان الخاص والدليل الثاني الذي يتصرف في الدليل الأول لابد من جرد قائمة عند الأصوليين في الأبواب ان الدليل الثاني كيف يتصرف في الدليل الأول. سواء يكون الدليل الثاني خاصا او عاما يتصرف في العام او غيرها.
الدليل الثاني يتصرف في الدليل الأول فكيف يتصرف؟ احد الأبواب باب انقلاب النسبة. انقلاب النسبة يذكره الاعلام في باب التعارض. انظروا العلاقات بين الأدلة.