47/05/26
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
الموضوع: باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
كان الكلام في اقوال الاعلام في التفصيل في المخصص اللبي.
الشيخ الانصاري ذهب الى امكان التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص البي مطلقا.
المحقق النائيني فصل في اقسام المخصص.
هذا البحث في اقسام المخصص اهم خطورة من اصل التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص عندما يذكر ان المخصص أنواع وهذا هو أساس البحث في العام والخاص.
الميرزا النائيني يقول: بعض ما يتعامل معه كالمخصص قالبه الثبوتي صناعيا ليس مخصصا ولكن مآله مآل التخصيص. هذا المبحث نفسه عظيم جدا و مهم.
كما ان مبحث متمم الجعل مبحث مهم بغض النظر عن بحث التعبدي والتوصلي. هذه الكبريات التي يذكرها الاعلام في أنواع الاحكام وأنواع القوانين الشرعية وكبرياتها وهذه البحوث الكبروية الكلية اهم بكثير من تطبيقاتها. فالتركيز على مثل هذه الكبريات الكلية التي هي الأساس في الأبواب هام جدا ويوقف الباحث على حقيقة علم أصول القانون وطبقات القانون.
فالميرزا النائيني يقبل ان هناك ادلة مرتبطة بالملاك. ربما يشكل عليه السيد الخوئي او غيره بان الملاك من وظيفة المولى وليس من وظيفة المخاطبين العلماء او الفقهاء.
هنا نقطة كبروية كلية اهم من هذا البحث التطبيقي في الشبهة الحكمية. سبق ان التطبيق لا يعني الشبهة الموضوعية لان التطبيق كلي تنظيري على كلي تنظيري آخر. فليس من الضروري ان يكون التطبيق او الشبهة المصداقية معناه انه بحث في الشبهة الموضوعية. فيمكن تطبيق التنظير على تنظير آخر في الشبهة الحكمية.
هنا نقطة أخرى ولو سيثيرها الاعلام في اول بحث الحجج ولكن لا بأس ان نذكرها هنا: ان الخطاب في الشريعة تارة لعموم المكلفين وتارة للولاة وللقضاة وللفقهاء المفتين الذين لهم صلاحية تشريعية (لان الفتوى نوع من الولاية التشريعية والفقيه عنده هذه الصلاحية فكيف بالإمام الذي هو فوقه ولا يقاس)
فهناك خطابات يذكر النائيني والفقهاء في اول بحث الحجج انها للولاة والنواب عن المعصومين. مثلا مبحث التخصيص والتقييد ليس خطابا لعموم المكلفين الا بمقدار ما يفهمون والا هو خطاب للولاة او ما شابه ذلك. بل لك ان تقول أن المكلفين من عامة الناس بالمقدار البيّن وتنظيم الكلام قد يخاطبون بالعام والخاص في المقدار الذي لا يحتاج الى مؤونة كثيرة في الاستنباط. يعني ان مقدارا من الاستنباط يمكن ان يرتكبه عموم الناس. هذا المقدار أيضا يخاطب به الناس.
فتارة الوظائف عملية محضة وتارة الوظائف علمية بمعنى كيف ينظم معلوماته في الآيات والدلالات والأدلة والخطاب الشرعي. هذا التقسيم مهم جدا و سيأتي في مباحث الحجج.
أيا ما كان ان هذا التقسيم في الخاص اللبي من الوظائف العلمية. ان الخاص اللبي فيه خاص بمنزلة الخاص اللفظي وفيه خاص بمنزلة المقيد ملاكا وهو ليس مخصصا ثبوتا وقالبا بل من قبيل متمم الجعل. هذا مبحث مهم.
السيد الخوئي ربما يشكل عليه بان الملاك ليس من وظيفة المكلفين او انه مآله مآل المخصص اللفظي.
لكن يمكن رد هذا الاشكال بأن الملاك بمقدار ما ابرزه الشارع من وظيفة المخاطبين الفقهاء او المخاطبين من عامة الناس بمقدار ما يفهمون. لان عامة الناس في العقائد لا يجوز لهم التقليد.
تسعين بالمأة من الفقهاء لا يجوّزون التقليد حتى في الجزئيات. والصحيح عندنا هذا ان التقليد في العقائد غير جائز مطلقا.
لكن معنى حرمة التقليد في العقائد ليس بمعنى الانقطاع عن العلماء ومر بنا مرارا. بل معناه كحرمة التقليد في الفروع للمجتهد. معنى حرمة التقليد في الفروع للمجتهد ليس بمعنى الانقطاع عن العلماء ولو انقطع من العلماء لكان استنباطه على غير الموازين لانه لابد ان يفحص والفحص لا يتم بدون ان يستعين بكلمات العلماء. يعني كلمات العلماء لا من باب التقليد بل من باب التعرف على المعلومات والجهود العلمية. فاذا كان الفقيه بل المرجع الأعلى اذا يتصدى في باب او مسألة من دون ان يتتبع كلمات الفقهاء لايجوز الرجوع اليه في هذه المسألة. لانه لا يستوفي شرائط الاستنباط. لان الاستنباط يلزم الفقهاء ان ينفتحوا على بعضهم البعض طيلة قرون.
بتعبير السيد الخوئي في الاجتهاد والتقليد ان الغلو في الفقيه والمرجع ليس صحيحا وبالتالي ليس معصوما فلابد له ان ينفتح على جميع العلماء بمقدار ما امكنه. كذلك بالنسبة الى عموم الناس في العقائد يجب عليهم ان لا يكتفوا بفتوى الفقيه الاعلم في العقائد. بل يجب ان ينفتح على كافة العلماء بمقدار ما يسعه.
علاوة عليه يجب عليه ان ينفتح على الأدلة والقرآن واحاديث المعصومين. تجنيب عوام الناس قراءة كتب الحديث لا سيما في العقائد تحت ذريعة انهم لا يشتبهون وانهم لا ينحرفون ليس في محله. لابد من تنبيه عموم المؤمنين ان ليس لهم ان يستنبطوا الا بالاستعانة من العلماء لا ان تقطعه عن الأدلة والا هو مثل ان تقطعه من قراءة القرآن. وهل يتفوه احد بهذا. يجب على الكل ان يقرأ القرآن حتى اجهل الناس في الأمة كي يستحصل عقائده. بل حتى الفقه يجب على عامة المؤمنين قراءة رواياتها لان التقليد في الضروريات لا يجوز فكيف يستحصل على الضروريات من دون ان ينفتح على روايات العقائد.
ففي الحقيقة في مساحة من الفقه يحرم التقليد كما ذكره الفقهاء وكيف يحصل هذه المساحة من دون قراءة كتب الحديث في الفقه. تحصيل العلم ليس واجبا على الحوزات العلمية فقط بل عموم المكلفين يجب عليهم ان يكونوا بينهم وبين المصادر الدينية عهد مستمر.
بتعبير الامام الصادق كل أسبوع يحدد يوما يخصصه للتزود من هذه المعارف الدينية. هذا واجب. لان في ضروريات الفقه لا يجوز التقليد. قد يجيء شبهة علمانية وشبهة حداثوية تزيله عن الدين فلابد ان يستحصل. ضروريات الفقه في الحقيقة مساحة من العقائد. فتبين انه بحسب تسالم الكل في الكل ان عموم الناس يجب عليهم التزود بالثقافة الدينية والانفتاح على مصادر الروايات في الفروع فضلا عن الأصول ولا يعذرون بهذه الغفلات حتى لو صدر من بعض الاعلام. المقدار الذي لا يميز فيه يستعين بالعلماء لا بعالم واحد. لا يمكن ان يقال انظر لعالم واحد ماذا يقول في قضية ضرورية. هذه مسامحة ومجاملة مع احترامنا الكل. يجب ان ينفتح على جميع علماء الامامية. (خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر فان المجمع عليه لا ريب فيه) لابد من معرفة شهرة علماء الامامية طيلة عشرة قرون. هذا دين وليس مجاملات. وللدين موازين سيما في الضروريات والعقائد. هذا منهج تسالم عليه الكل.
فاطلاع عموم المكلفين على روايات الفقه فضلا عن روايات العقائد واجب بتسالم الكل. هذه بحوث كبروية اهم من تفاصيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. يبني عليها الثقافة الدينة والمعرفة الدينية.
آقا بزرگ في كل العلوم الدينية ابن بجدتها والعلامة الطباطبايي تخصصه في التفسير والعقائد لكنه حضر خمس دورات خارج في علم الأصول. مذكور في ترجمة حياته. دورتان كاملتان عند النائيني ودورتان عند الكمباني ودورة عند المحقق العراقي. لذلك يقول عنه السيد الخوئي لو انه تصدى في الفقه والمرجعية لا ينقص عنا. فلاحظ مع انه من بداية نشأته العلمية كان له ميول كثيرة في العقائد والتفسير لكن لا يعني ان لا ينفتح على العلوم الدينية الأخرى.
ذكرنا مرارا ان العلامة الطباطبايي مع السيد هادي الميلاني ومع عالم ثالث تباحثوا في الوسائل من اوله الى آخره. كونهم صناعيين واصوليين وفلسفيين لا يعني ان ينغلق عن مصادر الوحي.
المقصود ان هذا بحسب ماتسالم عليه جميع العلماء ان عامة المؤمنين يجب عليهم ان ينفتحوا على جميع العلماء حتى في الفقه لان في الفقه ضروريات ويجب عليهم ان ينفتحوا على جميع العلماء بقدر وسعهم وينفتحوا على الأدلة أيضا كليهما. فقراءة القرآن وكتب الحديث في العقائد وفقه الفروع فريضة على كل مكلف فكيف بنا نحن رجال الدين. اين قراءتنا بكتب الحديث ولو قراءة سطحية.
نرجع الى كلام الميرزا النائيني:
انه قدم مقدمة في التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص اللبي وهي ان المخصص اللبي ان كان ليس مخصصا اصطلاحيا وانما هو مآلا كالتخصيص مثل متمم الجعل. (نظرية متمم الجعل ليس تخصيصا لكنه نتيجة التخصيص.)
العراقي عنده ان بعض الأدلة لسانها ليس لسان التخصيص والتقييد وذكره في الصحيح والاعم والمعنى الحرفي. هذه النظرية تعني ان بعض الأدلة لسانها ليس لسان التخصيص والتقييد والشرطية ولكن مآلا كالتقييد يسميها المرحوم العراقي لسانها لسان القضية الحينية. هو يقول ان القضية الحينية في المنطق التفرقة بينها وبين القضية الشرطية (أي التقييد والتخصيص) من اشكل المواضع في علم المعقول. هو كان الأستاذ الأول في علم الكلام في زمانه قبل ان يتصدى في علم الأصول و الفقه. كان الأستاذ الأول في شرح التجريد في النجف الاشرف.
القضية الحينية تعني انه يزامن حين الدليل العام فيضيقه بنتيجة التضييق.
المهم ان هناك نمط من الأدلة لسانها القضية الحينية وليس لسانها التخصيص والتقييد لكن مؤداها التخصيص والتقييد. هذا شبيه متمم الجعل عند الميرزا النائيني.
المرحوم الاصفهاني أيضا في المعنى الحرفي وفي التعبدي والتوصلي عنده نظرية ثالثة. يقول ان بعض الأدلة ليس لسانها التقييد والشرطية والمانعية. لكن مآلا هي كالتخصيص والتقييد. هو استفاد هذا المطلب من المعقول في الأدلة. يقول ان الدليل تارة في الملاك مرتبط وفي اللسان في النظرة الاولى اجنبي. يعبر عنه بالعنوان المشير.
العنوان المشير ليس قيدا ولا شرطا وليس مرتبطا ثبوتا بالقالب القانوني العام لكنه يفعل في العام فعل المخصص.
مبنى متمم الجعل غير الملاك الذي ذكر في هذا المبحث. ان هذه النظرية في الملاك انه يخصص الجعل ليس عين متمم الجعل. يختلفان.
عندنا خمسة أنواع من المخصصات والمقيدات مع المخصص الاصطلاحي. من ثم اذا لم يكن الفقيه فطنا ولبيبا فيقول ان الدليل الاخر اجنبي. لكنه ليس اجنبيا. قد يكون اجنبيا قالبا وثبوتا لكنه مآلا يؤدي مؤدى التخصيص والتقييد.
نوع سادس ذكره الآخوند صورته ثبوتا ليس جزءا ولا مانعا ولا شرطا لكنه تفعل في الماهية المعاملية او العبادية فعل المخصص. وفيه اكثر اذا نستذكر مباني الاعلام في الأبواب الأصولية والفقهية سنقف على ما التزم به الاعلام على وجود ادلة في ظاهرها وباطنها ليست جزءا ولا قيدا ولا شرطا لكنها تفعل فعل المخصص. هذه البحوث اهم بكثير.
السيد الخوئي رحمه الله متضلع في التطبيق بينما اساتذته كانوا مبدعين في التنظير الكلي. التنظيرات الكلية في الأصول ابتكر السيد الخوئي في ثلاث موارد او اربع. لكنه في التطبيق كان متضلعا. هذه روية بين الاعلام ان واحدا قوي في التطبيق وواحدا في التنظير.
هذا المبحث في قضية أنواع الخاص مبحث تنظيري جدا مهم. قالبا وصورة ليس خاصا ولا ثبوتا خاص ولكنه مؤداه مؤدى الخاص التزم به الاعلام. فالنائيني والمحقق العراقي والكمباني وقبلهم صاحب الكفاية لا يكترسون ان يروا الدليل ليس لسانه لسان الشرطية والتخصيص والمانعية مع ذلك يقولون ان هذا الدليل المنفصل له ارتباط مسيري مع الدليل الآخر ويؤدي مؤدى التخصيص والشرطية والجزئية والخلل فيه يفسد. فلا يستغرب المبتدئ او حتى جملة من الأساتذة ان دليلا اجنبيا يفسد لان مؤداه مؤدى المخصص.
لا نكتف بالادلة المتعرضة بالماهية العبادية او المعاملية صراحة بل لابد من النظر الى ادلة أخرى ليست متعرضة بالماهية لكنها بشواهد معينة نلتفت الى انها دليل لبي له دخالة في ملاك الماهية او هو عنوان مشير او قضية حينية او قيد الملاك او متمم الجعل.
انقل هذا المطلب عن الاعلام وهذه النكات ما وراء البحوث وما جعلوا عليه اضائة مركزة. هذه المباحث اهم من التطبيقات.
فيه نمط آخر ان الدليل مخصص لكن ليس بقالب الخاص لا صورة ولا ثبوتا. دليل ثبوتا وصورة عام ولكنه يتصرف في عام آخر كتصرف الخاص في العام. قد يستغرب واحد. لماذا يقدم العام على دليل عام آخر. يعبرون عنه الفقهاء والاصوليون في عساعس كلامهم وما بلور بشكل مركز ولذلك يغفل عنه.
عندنا ادلة عامة في الشرطية او المانعية او الجزئية ليست خاصة بالصلاة والحج. ليست خاصة بادلة الصلاة لكنه يعامل معها معاملة الخاص في الأدلة. أنواع الخاص أنواع عجيبة.
غدا نواصل ستة وجوه ذكرنا في الجزء الأول ووجوه أخرى في الجزء الثاني من كتاب الشهادة الثالثة.