« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

باب الالفاظ، مبحث العام والخاص

الموضوع: باب الالفاظ، مبحث العام والخاص

كان الكلام في ما ذهب اليه الشيخ الانصاري بالتفصيل بين المخصص اللبي فيمكن التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص وبين المخصص اللفظي فلا يمكن التمسك ومحصل كلام الشيخ أن الخارج عن العام في المخصص اللبي هو ما علم من المخصص باعتبار انه لبي فيقتصر على القدر المتيقن وما كان معلوما انه مصداق المخصص وليس فيه اطلاق لفظي كي يتمسك به.

ردوا كلام الشيخ بانه مادام الدليل اللبي دل على التخصيص فبالتالي يكسب العام عنوانا فالعام بما هو حجة لا يمكن التمسك به في الافراد المشكوكة.

تفصيل الميرزا النائيني:

ان المخصص اللبي على ثلاثة اقسام:

القسم الأول: ما كان بمنزلة المخصص اللفظي يعني العنواني

القسم الثاني: ما كان مخصصا بلحاظ الملاك يعني ليس بلحاظ قالب القضية القانونية في العام.

هذا القسم مهم في مبنى الميرزا النائيني. هذا نظير ما بنى عليه في مبحث التعبدي والتوصلي. هناك ذهب الى متمم الجعل وهو ليس بمخصص ولا بمقيد اصطلاحي. الامر الأول تعلق بالصلاة و الامر الثاني يتعلق بامتثال الصلاة بقصد الامر الثاني المستقل في الجعل فيسميه متمم الجعل.

هذا المتمم للجعل في قالبه الانشائي لا صلة له بالجعل الأول فليس مخصصا ولا مقيدا ولا واردا ولا حاكما. هذه الفكرة موجودة في الرسائل لعله في التعبدي والتوصلي لان هذا المبنى بنى عليه الميرزا النائيني في خمسة أبواب أصولية. ان الجعل الثاني لا هو جزء ولا هو شرط ولا هو قيد ولا هو مانع لكن امتثال الجعل الأول بدون الجعل الثاني غير صحيح. الارتباط بين الجعل الأول والثاني ارتباط ملاكي أي فلسفة التشريع. هذه نكتة لطيفة صناعية. في الترتب والتعارض واحراز الامتثال يلتزم بمتمم الجعل. ربما يجد الباحث اكثر من خمسة موارد

طبعا السيد الخوئي وغيره من تلاميذ النائيني لا يردون اصل الفكرة امكانا وصناعيا ولعل الآخوند والشيخ اشارا الى هذا الوجه. يعني من جهة الإمكان الصناعي لم يستشكلوا في سلامة هذا الوجه صناعيا. نعم لم يلتزموا به تطبيقا وعملا وهذا بحث آخر.

قد يلتزم الاعلام بصحة شيء امكانا وإن لم يلتزموا به عملا من جهة عدم الحاجة او من جهة ان الأدلة لم ترد بهذا القالب الصناعي. مثلا الدليل في هذا الباب لم يرد بلفظ العموم بل ورد بالاطلاق. ولو بعض الاعلام اشكلوا كالمحقق العراقي لكن الاعلام عموما قبلوا متمم الجعل صناعيا. هذه نكتة مهمة انهم قبلوا. معناها ان صحة الشيء وصحة ماهية المركب لا يكتفى بها بادلة الأجزاء والشرائط والموانع سواء الماهية العبادية او المعاملية. لازم ان نرى الأدلة الأخرى المتعلقة بماهية أخرى او هذه الماهية وقد تستفيد من الملاك في ذلك الجعل دخالته في الجعل الأول. اذا دعوى عدم الارتباط في القالب اللفظي لا يصغى اليه لانه قد يرتبط فلسفة الملاك.

من الخطأ ان يقتصر الفقيه في الماهيات العبادية او المعاملية على الأدلة الخاصة فقط. بل فيه ادلة عامة ترتبط بهذا الباب بشكل او بآخر وأحد الاشكال هو متمم الجعل وفيه ارتباطات أخرى ذكرها الاعلام. مثلا اجتماع الامر والنهي. ان النهي يقيد الامر لكن يقيده لا نظير المخصص. النهي لا يقيد الامر كالمخصص والمقيد (خلافا للميرزا النائيني) مع ذلك له دخالة في صحة المأمور به.

بعبارة أخرى هناك وجوه متعددة فيها ادلة صورتها القانونية ثبوتا ليس جزءا ولا قيد ولا مانعا لكنها دخيلة في الصحة. كما ذهب اليه صاحب الكفاية من حكم العقل في بحث التعبدي والتوصلي. يعني ادلة ارشادية تأتي او نشم به ان الملاك تعبدي فالعقل يحكم به.

المقصود في أبواب الأصول ذكر الاصوليون وجوه متعددة لغير الجزء وغير المانع وغير الدليل الخاص دخيل في صحة الماهية المعاملية او العبادية.

لذلك بحر العلوم رحمه الله يقول في ارجوزته الفقهية في الشهادة الثالثة في الاذان ان الذي ذكره المشهور في عدم جزئية الشهادة الثالثة في الاذان بلحاظ الأدلة الخاصة أما بلحاظ الأدلة العامة فهو واجب وضروري وان لم يكن بقالب الجزء وينسبه الى الجميع وليس بدرجة الوجوب حسب كلامه بل بنحو الضرورة بل الكل ملتزمون به بنحو الضرورة وانما نفوها بلحاظ الأدلة الخاصة. هذا الفهم منه اين وفهم الشهيد الثاني اين ان القدماء بنوا على من ذهب الى جزئية الشهادة الثالثة بدعة.

الفقيه الثالث الشيخ حسين عصفور يقول ونعم ما يقول: ان الشيخ الطوسي في المبسوط في الروايات الخاصة في الشهادة الثالثة في الاذان (وينسحب الى التشهد في الصلاة باعتبار انها ماهية واحدة) التي ذكرها الصدوق يقول ان من عمل بها صناعيا فعمله صحيح. وان كان الشيخ لا يعمل به لا ان العمل بها صناعيا خطأ. قال ان من يفتي بالوجوب لم يرتكب خلاف الموازين استنادا الى هذه الروايات.

فلاحظ ان التأني صناعيا في المواد والاستدلال شيء مهم اما ا لمسارعة السطحية تفقد للإنسان كثيرا من المسائل.

على أي حال: الميرزا النائيني يقول ان بعض الأدلة اللبية المخصصة ليست مخصصة اصطلاحية مثل متمم الجعل. انها ليست قيدا اصطلاحيا بل دخيل في الملاك ويشير اليه. فهو في صدد تقييد الملاك لا بالتقييد الاصطلاحي. هذا الكلام ليس خاصا باللبي والمفروض انه اعم حتى في اللفظي.

القسم الثالث: مشكوك هل هو من قبيل الأول او الثاني. بعض المقيدات ترد لنا يشك الفقيه انه من قبيل قيد الملاك او من قبيل القيد اللفظي. لكن على أي حال له دخل في الصحة.

حينئذ يقول المحقق النائيني: ان القسم الأول فواضح انه يتصرف. والقسم الثاني لا يتصرف فيمكن التمسك بالعموم. ويفصل في القسم الثالث. فيه جهة مشتركة انه دخيل في الصحة. لكن بلحاظ مقام الاثبات فيه فارق.

يقول: اما القسم الثالث فتارة يكون المخصص اللبي بديهيا او كالبديهي او بينا كانما هو قرينة محتفة بالكلام مثل حكم العقل اللبي البيّن والواضح بحيث يعتمد عليه المتكلم في سياق الكلام فيكون كالمخصص اللفظي. اذا كان كذلك فهو مانع من العموم والاطلاق. فيسبب اجمال العام.

وان لم يكن بيّنا فيمكن التمسك بالعموم لان ظهور العموم واضح وهذا المقيد اللبي المنفصل لا هو متصل كي يسبب الاجمال ولا هو منفصل بانفصال يكون قيدا. يمكن ان يكون قيدا ملاكيا وان كان دخله في القسم الأول والثاني سواء لكن ليس بقالب صناعي مقيد.

السيد الخوئي يرد على استاذه بأن لا نتعقل قيد الملاك مع انه يقبل إمكانية متمم الجعل. فيشك في كلية القسم الثاني. هذا الرد محل تأمل لانه بنفسه قبل كلام الآخوند في حكم العقل من جهة الإمكان الصناعي وكلام استاذه في متمم الجعل من جهة الإمكان.

مباحث الصحيح والاعم مباحث دقيقة ومهمة ومن صميم علم الأصول والتوسع فيه جدا مؤثر.

فلاحظ ما ذهب اليه صاحب الكفاية من ان حكم العقل دخيل في الصحة وكذلك كلام النائيني في متمم الجعل ووجوه أخرى والسيد الخوئي قبل إمكانية هذه الوجوه. لكن كيف هنا يرد ما ندري.

فيه تفصيل آخر ومعروف وربما التزم به الشيخ والنائيني أيضا. في القضايا الخارجية يصح التمسك بالعموم اذا كان المخصص لبيا. أما في القضايا الحقيقة فلا يصح.

القضايا الخارجية مثل «اكرم جيراني» «اكرم عشيرة ال فلان» هو لبا يدري اذا كان واحد من الجيران عدوه فلا يدعوه للصيافة. فاذا شك في بعض الجيران انه عدو أو لا فله ان يتمسك بالعموم. لان الذي خرج هو خصوص من هو عدو. وقد يمثلون (لعن الله بني امية قاطبة) ومعلوم خروج المؤمن منهم. مثل سعد الخير.

لكن لو شك الانسان في شخص فالعموم شامل. وان كان بني أمية في الروايات ليس المراد منها خصوص النسب. يعني العقيدة الاموية وان كان في الاموية نسب ومنهج. من هذا القبيل الاستعالات موجود. مثل ان يقال لواحد انه إمريكي مع انه ليس فيها. يعني ان مرامه ومنهجه امريكي. فليس النسب مرادا فقط ولا المنهج فقط. بل كلاهما.

كثيرا ما في روايات الظهور للصاحب عجل الله تعالى فرجه يقال ان اسمه كذا مثل اليماني والحسني غيرهما ليس بالدقة المراد منها اسم العلم فقط. بل المراد اسم وصفي. يعني المرام والمنهج بالدقة. مثل ان يقال «يوسف آل محمد» يعني بهذه الموقعية. اكثر الموارد في علامات الظهور المراد منه الوصف وليس اسم العلم وفيه شواهد كثيرة دامغة عليها.

هذه نكتة مهمة معرفية في روايات علامات الظهور ان ليس المراد منها اسم العلم. مثلا أسماء 313 أسماء وصفية. شبيه ما يقال في جعفر بن محمد سلام الله عليه بانه صادق بار. يقال انا فحصنا وما وجدنا اسم الرقية. هل (رقية) اسم او لقب او وصف اشتهرت به؟ من يشتغل في علم الرجال والانساب والتاريخ ولا يعرف هذه المهمة فهو مترجل في العلوم. حتى يمكن ان يكون لشخص واحد عدة أسماء علمية وكثير منها الاسم الوصفي. مثل العباسية انها منهج وليس قصة النسب فقط. الشيعي المتصلب لما يأخذ الحكم فمصالح الحكومة شيئا فشيء يكون من اشد عداوة على مكتب اهل البيت.

هذا المرام يقال له في الروايات «العباسية» المنصور الدوانيقي كان فدائيا لأمير المؤمنين عليه السلام وتعرض للاغتيال عدة مرات. ما استلم السلطة انقلب حيث كان يرى ضرورة اخماد مكتب اهل البيت عليهم السلام تحت إصلاحات الحكومة. هذا هو معنى العباسية.

فهذه تحذيرات من بيانات اهل البيت. كذلك الزيدية ليس المراد نسب الزيدية وعقيدة الزيدية بل يعني التطرف بالجانب الساخن من دون التوازن. ليست الزيدية على خلاف ما هو مشتهر بين الاعلام مذمومة بقول مطلق. حسب التتبع القاصر الزيدية لها إيجابيات ولها سلبيات. المقصود ان قضية الوصف والاسم والعلمية لابد من التنبه اليها.

كما ان الدجال شخص ومنهج وليس فقط شخصا. شخص ولد في زمن رسول الله الى الان. يعبد ابليس وكثيرا ما يراد من هذه العناوين علما ووصف ومنهجا. هذه نكتة مهمة.

ففي القضية الخارجية يمكن التمسك بالعموم عند الشبهة المصداقية للمخصص البي.

logo