« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 التنظير والتطبيق في دلالة العموم وعملية التخصيص/ مبحث العام والخاص/باب الالفاظ

 

الموضوع: باب الألفاظ/ مبحث العام والخاص / التنظير والتطبيق في دلالة العموم وعملية التخصيص

 

كان الكلام في التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص ومر انها ليست شبهة موضوعية فقط بالضرورة بل قد تكون شبهة حكمية مصداقة لحكمية أخرى او تندرج مسألة كلية أخرى.

وتقدم ان الاعلام بينوا ان طبيعة الدليل او القضية القانونية لا تتعرض الى تطبيق الموضوع في الخارج وإن تعرض الموضوع للنظر الى الافراد وترتب المحمول على عموم الافراد التي ينظر اليها بتوسط المفهوم الكلي للموضوع. هذا صحيح من جهة التنظير وهو المفهوم الكلي ينظر الى الافراد واما من جهة التطبيق الخارجي فالدليل لا يتكفله. التطبيق الخارجي لا يعني الجزئية فقط بل يمكن ان يكون مصداقا لمسألة كلية أخرى فالدليل لا يتكفل التطبيق.

بناء على هذا المبنى فالتمسك بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص لا يمكن لان الشبهة المصداقية يحتاج الى التنقيح والمفروض انه في الجانب التطبيقي لا يتكفل الدليل التطبيق على المصداق فلا يصح التمسك بالعموم في المصداق المشتبه بين العام والخاص. هذا استدلال الاعلام اجمالا.

طبعا كلامنا انه لا يجوز التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية بمفرده والا بضميمة الأصل العملي او الامارة الأخرى التي تنقح الموضوع فلا مانع من ذلك. بل الكلام انه لا يمكن التمسك بالعموم بمفرده في تنقيح التطبيق الخارجي

ولكن نسب الى القدماء او جملة من الاعلام نه يمكن التمسك بالعموم بمفرده في الشبهة المصداقية للمخصص.

استدل بأن العام منطبق على هذا المصداق قطعا لان الصورة التي نحن فيها هي الشبهة المصداقية للمخصص المنفصل وليست شبهة مصداقية للعام نفسه.

مرت بنا صورتان وهذه الصورة ثالثة وكل البحث في الشبهة والشك الآتي من التخصيص وليس الشك في مورد يشك انه مصداق العام او لا. هذا ليس محل البحث. مثلا «انظروا الى رجل منكم يعني فقيه» لا يمكن التمسك بالعام اذا نشك في فقه واحد. الكبرى لها مقام والصغرى لها مقام. والاستدلال للكبرى له فوائد ولابد من اتمامها حتى نستدل للصغرى.

الاعلام ذكروا الشبهة والشك الآتي من التخصيص والمقيد وليس كلامهم في الشبهة المصداقية لأصل العام. مثل ان نتمسك بعموم حجية فتوى الفقيه لإثبات فقه شخص واحد. فلا يمكن.

طبعا الاعلام هنا ما بسطوا بيانهم واوكلوه في استصحاب العدم الازلي والمفروض ان يأتوا به هنا. الخاص ماذا يصنع بالعام بعد التخصيص او المقيد ماذا يصنع بالمطلق بعد التقييد؟ هذا بحث مهم واثاروه بشكل مبسوط في استصحاب العدم الازلي.

خلاصة مدعى المشهور او الأكثر:

مر بنا نقاط من هذا البحث ولازم ان نعيدها كي نربطها بالنقاط السابقة .ان الخاص يتصرف في العام بأي كيفية؟ هذا بحث مهم. المقيد والتقييد يتصرف في المطلق بأي نحو؟ وفي أي مرتبة؟ يعني تصرف الخاص المنفصل هل في المعنى الاستعمالي وبنية الظهور الاستعمالي او في بنية الظهور التفهيمي او بنية الظهور الجدي او ان المخصص المنفصل لا يتصرف في أي منها بل يتصرف في الحجية؟ وهذا الترديد في كلمات صاحب الكفاية والسيد الخوئي دمج.

الفرق بين الثالث والرابع دقيق ومهم. أربعة احتمالات. مر بنا ان القدماء من الفريقين كانوا يبنون على ان المخصص المنفصل او المقيد المنفصل يتصرف في البنية الاستعمالية. مر انها مراتب استعمال المفردات واستعمال التركيب الناقص وهيئة ناقصة واستعمال التركيب التام وهيئة الجملة التامة وهي ثلاث عناصر وثلاث مراتب. في التفهيمية أيضا هذه ثلاث عناصر وفي الجدية أيضا هكذا.

عندما يقال ان الركوع ركن هل كل شئونه ركن؟ لا. المعروف عندهم انه ليس كل ما في الركن ركن. ذكر الركوع ليس ركنا. الاستقرار في الركوع ليس ركنا ولو هو شرط. وهكذا في السجدتين والقبلة. الاستقبال ركن ولكن ليس كل درجات الاستقبال ركن بل مابين المشرق والمغرب ركن أما مقدار الزاوية بالدقة ليس ركنا ولو انحرف عنه جهلا او نسيانا لا يعيد الصلاة وفيه تفصيل بين القضاء والأداء لا ندخل فيه.

بالتالي المرتبة الاستعمالية أيضا فيها عناصر او مراتب وكذلك بنية الظهور التفهيمي والجدي. فهذا المخصص عند القدماء انه يتصرف في ظهور المفردة فيكون مجازا. بينما لو قالوا انه يتصرف في الهيئة التركيبية الاستعمالية فما كان مجازا بل من باب تعدد الدال والمدلول. او لا يتصرف في الاستعمالي كما يذهب اليه المتاخرون ولا يتصرف في التفهيمي بل يتصرف في الجدي.

مر بنا كلام صاحب الكفاية والسيد الخوئي انه دمج بين الثالث والرابع. الثالث ظهور الجدي والرابع حجيته.

ما الفرق بينهما؟ ثم ما التصرف الذي يحدث فيها؟ تارة نتكلم عن موطن تصرف المخصص في العام وأين يتصرف؟ تارة نتكلم في انه يتصرف فيها بأي نحو بأي كيفية؟

نوضح شيئا من كلا المقامين وان كان البحث يأتي بعد قليل في استصحاب العدم الازلي ولا مانع من سبق هذا البحث.

الفرق بين ظهور الجدي و حجيته ان الظهور موضوع والحجية محمول. قيد الحكم غير قيد الموضوع. يعني بعبارة أخرى ان الخاص يتصرف في الظهور الجدي الذي هو موضوع الحجية او يتصرف في الحجية والحكم فيكون قيد الحكم.

مرارا مر بنا الفرق بين قيد الحكم وهو الموضوع وبين قيد الموضوع. قصد الاباحة من السفر قيد للمسافة او قيد لوجوب القصر؟ قيد المسافة بالتالي مآلا قيد الوجوب لكن قيد الوجوب بالواسطة او قيد الوجوب مباشرة. مر بنا بينهما فرق كثير جدا. كما لو ترقص قصره وتارة ينوي الحلال وتارة ينوي الحرام. التمام والقصر يبتني على هذا البحث. وكما ذكر الميرزا النائيني في رسالته في اللباس المشكوك وهو متمركز على هذا البحث وما يتصل به. كيف هي القيود وهي قيود لأي شيء.

فبحث القيود (قيود الوجوب وقيود الواجب وقيود الموضوع وقيود المتعلق وقيود المحمول) جدا مهم. قيد ماذا؟ ومرحلة أخرى كيفية التقييد.

استصحاب العدم الازلي هو معركة في كلا المرحلتين. قيد ماذا وكيفية التقييد. مثل صياغات الذهب لها صياغات بسبائك وقوالب مختلفة وكل قالب له آثار. الشكل نفسه له قيمة. والتقييد وكيفية التقييد له اثر كبير.

اذا في المخصص والمقيد بحث في ان المخصص يتصرف في أي مرتبة من العام؟ ومر انه فرق بين ان نقول انه يتصرف في الظهور الجدي وبين ان نقول انه يتصرف في حجية الظهور الجدي. وان كان في كلام لاسيد الخوئي والاخوند دمج بينهما.

بيان آخر بين الثالث والرابع: نلاحظ مقدمات الاطلاق نتيجتها الاطلاق. ومر بنا ان الاطلاق في المقدمات معناه غير الاطلاق في نتيجة المقدمات.

مقدمات الاطلاق عناصرها كموضوع في مرتبة الظهور الجدي او بعضها تفيهيمي وبعضها استعمالي؟ عناصر مقدمات الاطلاق ثلاثة او اربع مقدمات الحكمة بعضها ليس في بنية الظهور الجدي بل في بنية الظهور الاستعمالي او التفهيمي. الا انه اخذت كقرينة كموضوع للظهور الجدي. اما نتيجة مقدمات الحكمة وهو الاطلاق المحمولي عنصر في نفس بنية الظهور الجدي. الحجية وعدم الحجية ما بعد ذلك. فالمرتبة الرابعة حجية الظهور الجدي والمرتبة الثالثة نفس بنية الظهور الجدي. فلا ندمج بينهما.

هذا هو المبحث الأول وذكرناه فهرسيا بتحليل.

المرحلة الثانية: ان التصرف من الخاص المنفصل او المقيد او القرينة الحاكمة والمبينة يعني كل دليل منفصل يكون بمثابة قرينة على ذي القرينة فكيف يتصرف؟

متاخروا الاعصار قالوا ان تصرفه في العام ان يكسب العام عنوانا. ما هو العنوان؟ يبحث في المرحلة الثالثة. يكسبه يعني يضيف اليه عنوانا.

بعض الاعلام مثل المحقق العراقي ذهب الى ان الخاص لا يكسب العام عنوانا. قبل ان الخاص يزعزع حجية العام ولكن ما قبل ان الخاص يكسب العام عنوانا. أن هذا العنوان الذي يكتسبه العام من تصرف الخاص يعني عملية التخصيص والتقييد.

في المرحلة الثالثة يبحث عن العنوان هل هو وجودي او عدمي؟ وهل هو عنوان نعتي او تركيبي؟ يأتي في استصحاب العدم الازلي.

فأين يتصرف الخاص في العام وكيف يتصرف؟ العراقي يقول ان الخاص يتصرف في الحجية ولكن لا يتصرف في ظهور العام لا في ظهور الاستعمالي ولا التفهيمي ولا الجدي. قال: نظير ما نقول «من كان من الفقهاء ... فللعوام ان يقلدوه» اذا مات احد الفقهاء فهل انعدام مصداق من العام يزعزع بنية ظهور العام؟ لا، لا يزلزل. انعدام المصاديق ليس تصرفا من الخاص في العام. فعند المحقق العراقي ولو ما بنى عليه في كل مكان ان التخصيص اعدام لبعض افراد ومصاديق العام من قبيل الإعدام الخارجي.

كيف الإعدام الخارجي ليس تصرفا تنظيريا في العام وقالبه وانما هو إزالة مصاديق العام. فالتصرف في المصاديق لا يعني التصرف في التظير الكلي البنيوي للعام فيكون شبيها بالتخصص. فالمحقق ا لعراقي في هذه المقالة وجماعة ذهبوا الى ان الخاص لا يتصرف في التنظير القالبي الدلالي لمتن العام. انما يعدم مصاديقه ليس الا.

بينما الاعلام في العصر الأخير بين القدماء وبين ما قاله المحقق العراقي. يعني حقيقة كلام المحقق العراقي في قبال المشهور ان الخاص لا يتصرف في المراحل الانشائية للعام. تتذكرون ان المرحلة الانشائية ثلاث مراحل. بل الخاص تصرف في الوجود الخارجي.

logo