« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام النسبة بين ظهور الآيات وظهور الروايات/ مبحث العام والخاص/باب الالفاظ

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث العام والخاص/ نظام النسبة بين ظهور الآيات وظهور الروايات

 

كان الكلام في التمسك بالعام في الشبهة المفهومية للمخصص.

المخصص مجمل إما مردد بين الأقل والأكثر او مردد بين المتباينين.

فإن كان متصلا فالأكثر يقولون ان اجماله يسري الى العام سواء كان الترديد بين الأقل والأكثر او بين المتباينين.

نعم هناك من ذهب الى ان المخصص المجمل المردد بين الأقل والأكثر لا يمانع ظهور العام سواء كان متصلا او منفصلا. وهم قليلون ذهبوا الى ذلك وفصلوا بين الأقل والأكثر وبين المتباينين.

وأما في المنفصل فإن كان بين المتباينين فإجماله يؤثر على العام. بحث في كيف يؤثر على العام. وأما ان كان الأقل والأكثر فيمانع العام في الأقل المتيقن ولا يمانع في الزائد على الأقل. هذا تفصيل ذكره الاعلام.

مر بنا امس: ما هي ضابطة الاتصال والانفصال والاقوال فيها سواء في المخصص او المقيد او الحاكم او المفسر او أي قرينة.

هل في جملة واحدة ولعل هذا بلحاظ الاستعمال التركيبي؟ او في سياق واحد بلحاظ الفهيمي؟ او في فقرة واحدة بلحاظ التفهيمي؟ او في مجلس واحد ولعله بلحاظ الحجية؟ فالاتصال درجات وبالتالي اتصال القرينة بذي القرينة درجات وهذه الدرجات قوة وبعدا وقربا من ذي القرينة تؤثر في تصرف القرينة في أي مرتبة من ظهور ذي القرينة الذي هو الدليل الأول. هذا له ثمرات وليس كلاما نظريا تحليليا دقيا في دلالة الظهور اللغوية بل فيه ثمرات في باب انقلاب النسبة والابواب العديدة. علماء البلاغة علم المعاني والبيان ومباحث الالفاظ في الأصول اخذوا في تحليل مراتب الدلالة بل في مرتبة واحدة كالدلالة الاستعمالية او التصورية او التفهيمية او الحجية، مفردات التركيب الاستعمالي والتركيب الناقص والتركيب التام وهلم جرا.

اذا القرينة أي مرتبتها من ذي القرينة بحسب قوة اتصالها وضعف اتصالها كلها مؤثر. اقوال ووجوه وآراء ولعل التفصيل هو الصحيح.

مثلا صحيحة حماد بن عيسى التي قام الامام الصادق عليه السلام بالتعليم العملي للحماد الفقيه وهو كان من صغار تلاميذ الامام الصادق عليه السلام. كل امام كان عنده ثلاث طبقات من التلامذة كبار السن والعلم والمتوسطون والصغار. وحماد كان من صغار السن في أصحاب الامام الصادق عليه السلام مثل ابن ابي يعفور وهو توفي في زمن الامام الرضا في مدينة المنورة اذا ما اشتبه. فكل امام عنده طبقات من التلاميذ. فحماد بن عيسى مع انه كان فقيها واللطيف يقول احفظ كتاب حريز في الصلاة. الحريز من الطبقة المتوسطة من تلاميذ الامام الصادق عليه السلام. فقام الامام الصادق عليه السلام بالتعليم العملي. طبعا التعليم العملي لا يعني ان نظرة حماد للاعمال كان معصوما. أصلا ما أمكنه ان يلتقي من المعصوم كل ما عمله.

هذه نقطة مهمة. ما كان ما نقله حريز هو عين الواقع. بل هو ما انطبع عنده وما فهمه وما التقطه وهذا بحث جدا مهم. الفرق بين واقع فعل المعصوم وفعل النبي صلى الله عليه وآله وفعل آله وبين ما ينطبع مع من يحيط بالنبي ويحيط بالمعصوم. الفاصل كبير. هو حجة ظنية لكنه لا نقول انه وحي نازل. والامام الصادق عليه السلام يقول ان كثيرا من انحرافات المذاهب الأخرى انهم كانوا يعتمدون على الصحابة او زوجات النبي فيما ينطبع عندهم من فعل النبي وهذا خطأ. سبب انحراف فقه الفروع عند العامة فضلا عن العامة بسبب انهم يعتمدون ما يحكيه من يساور او يعايش النبي او يعايش الائمة وبنوا على ان ما ينطبع عندهم عين الواقع. والحال انه ليس كالوحي. هذا باب كبير في العلوم الدينية والمعارف والسيرة والمقتل والتاريخ.

فلان نقل ان الأمام الحسين تعامل مع فلان في واقعة عاشورا هكذا. هذا انطباع الراوي والا فعل الامام حقيقته غير ما انطبع عند الراوي. هذه حجة ظنية وليست حجة قطعية وحيانية. الكثير من إشكالات او التساؤلات العقائدية او الفقهية بسبب ما ينطبع عند الراوي ومن يساور المعصوم. من ثم لم يفهم النبي احد قط الا امير المؤمنين عليه السلام فاطمة سلام الله عليها والحسن والحسين سلام الله عليهما. حتى في الكلمات وفهم الكلمات. فمن ثم الحفاظ حتى سنة النبي صلى الله عليه وآله فعلا وقولا وتقريرا الأمة عاجزة. انما يقدر عليه المعصوم. حفاظ الفقهاء والمراجع والمجتهدون على الدين بالمدارسة بالجسم العقل الجمعي لأجيال الفقهاء حفاظ بشري محدود. انما الذي يحافظ على الدين وسنة النبي والأئمة عليهم السلام الى الان هو امام الزمان عليه السلام. هذه نكتة مهمة أشار اليه الشيخ الطوسي والسيد المرتضى في الاجماع اللطفي. في هذا البحث بحث عقائدي لطيف ان امام العصر عليه السلام كيف يحافظ على الدين والقرآن. هذا القرآن الذي يطبع اول ما طبع كان فيه خطأ ولا زالت فيها أخطاء. عالم الحس عالم صغير والحافظ هو المعصوم. هذه نكتة لطيفة في حجية القرآن انها ليست بالصحابة والتابعين واجيال المسلمين. حتى التواتر فيه آفات. مع انه يقين لكن انزل درجات اليقين. اما اذا تريد ان تثبت ان القرآن وحياني وسنة النبي وحيانية هذا بوجود نفس السنة او نفس القرآن ونفس العترة يعني وجود الامام الثاني عشر. والا ما فيه ضبط وحياني.

من ثم قالت الامامية اجماع الأمة من بكرة ابيها ليس بحجة وحيانية. بل حجة حسية نازلة. وحيانية الدين لا تثبت بالبشر بل بالوحي ليس الا. العقول تدرك لكن ليس لها على الحفظ الوحياني. ﴿انا نزلنا الذكر وانا له لحافظون﴾ وهذا دليل يستدل به الشيخ الطوسي والسيد المرتضى والشيخ المفيد على حجية هذا التراث انه علم اجمالي ملزم لنا بالاخذ به. قبل السند وقبل الطريق عندنا علم اجمالي بالادلة العقائدية الوحيانية تلزم انوفنا وتلزمنا بالاخذ به والا نخرج من الدين. ذكره الاصوليون كلهم في اول الانسداد. هذه المقدمة ضرورة من الدين ومن يتنكر لها علماني وان كان من رجال الدين. ما ذكره الاصوليون في اول الانسداد محض الدين انا نحن ملزمون بهذا التراث. لابد من دليل يخلصني من هذا العلم الإجمالي. هنا علوم اجمالية كلها ذكره الاصوليون عن المكلمين والمفسرين ونحن ملزمون. لابد من معذر عن هذا العلم الإجمالي. لا نقدر ان نرفع اليد. فإما ان تحتاط او تتمسك بالمعذر.

نرجع الى نفس البحث: فالقرينة المنفصلة والمتصلة بحسب درجات الاتصال ودرجات الانفصال تؤثر في بنية الظهور والصحيح هو التفصيل.

هذا البحث في بنيان الظهور بحث خطير. ما هي العلاقة بين تراث اهل البيت وظهور القرآن؟ هذا بحث ملحمي حججي صناعي معقد جدا زل فيه كبار. او غفل فيه كبار. رحمة الله عليه العلامة الطباطبايي وهو حضر خمس دورات أصولية. دورتان عند النائيني ودورتان عند الاصفهاني ودورة عند السيد ابوالحسن الاصفهاني واما الأبواب الفقهية حضر عند كثير. حتى السيد الخوئي نقل عنه ان الطباطبايي لو تصدى المرجعية لم يقل عنا نحن مستوى. هذه شهادة السيد الخوئي له في حق بلسان احد تلاميذه. في كيفية تنظيره في العلاقة المعية في الحجية بين تراث المعصومين وظهور القرآن ذكر نظرية واعترض عليه كثيرا. حاشيته على الكفاية حاشية جدا دقيقة فيها دقة أصولية عقلية عظيمة. مع ذلك في كيفية نظام الحجية في الظهور بين ظهور القرآن وتراث الحديث دخل في معركة علمية كبيرة في قم. فهناك الاعلام اعترضوا عليه بقوة. وقالوا ان هذا التفسير ليس صحيحا. أصلا نزاع شديد بين الأصوليين والاخباريين في كيفية حجية ظهور القرآن. الان انقل الفهرسة الاجمالية. تسبب إدارة التحكم العلمي في مسير المناهج. كيف نتحكم في المسير المنهجي لانفسنا وكيف نحتاط واندقق في المسير المنهجي. فمبحث صعب. أخيرا ذكرت لكم ان بعض من يتصدى لبحث الخارج ما ملتفت الى ان بنية الظهور في القرآن كيف يرتبط بالظهور بالروايات. هل القرينة متصلة او منفصلة او ليست قرينة؟ هو قال ان الروايات ليست قرينة لا متصلة ولا منفصلة. هذه الأبحاث جدا مهمة. ما هو الانفصال والاتصال؟ هل الاتصال بين القرينة القرآنية والقرآنية او ان الحديث قرينة متصلة او منفصلة والقرآن أيضا قرينة متصلة او منفصلة للحديث. هل هكذا معية الثقلين؟ يعني المعية في بنية الظهور؟ كثير من علماء الامامية في المعارف او العلوم الدينية الأخرى بنوا على ان بنية الظهور في الفروع مترابطة ولو بنحو منفصل لكن في المعارف والتفسير والعلوم الدينية الأخرى قال الكثير ان لم يكن اكثر ان روايات اهل البيت تعالج التأويل ولا تعالج الظاهر. لا قرينة متصلة ولا قرينة منفصلة مع ظهور الايات. هل نقبله او لا نقبله؟ فالقرينة تارة مع الظهور وتارة مع التأويل. ماذا الرابطة بين الظهو روالتأويل؟ ثم هذا تراث الحديث مرتبط بالتأويل؟ بينما الراوندي المذكور في ترجمته انه محدث رجالي فقيه مورخ اديب اريب جامع موسوعي للعلوم كانا اثنين وكلاهما اسمهما قطب الدين الراوندي. لكن واحد سيد وواحد شيخ. واللطيف ان اثنينهما جحبذة ولهما تأليفات كثيرة واشتبه حتى على المعاصرين كتبهما. واحدها عنده مبنى ان روايات اهل البيت في التفسير في العلوم الدينية كلها تعالج بنية الظهور. هذا مبحث تطبيق هذا البحث في المتصل والمنفصل. فيقول الراوندي وملا شريف الفتوني جد صاحب الجواهر ودفن في أصفهان او نجف وكان فقيها متبحر في الفقه وعلم الحديث وفي علم التفسير وعلم الكلام. يقول العلامة الاميني ا ن الفقيه الفتوني كتاب الامامة في سبع او تسع مجلدات. يقول العلامة الاميني لم يكتب في الامامة كتاب مثله. طبع هذا الكتاب في مجلدات وكتاب راقي في الامامة الإلهية. يذكره في موضع صاحب الجواهر. ملا شريف الدين الفتوني رأيه رأي الراوندي وكذلك الفيض الكاشاني واحصيت عددا من علماء الكبار الذين يرون ان تراث الحديث لاهل البيت قرينة منفصلة تعالج بنية الظهور في الآيات. هذا بحثنا الان وتطبيق عملي في العلوم الدينية. احد تلاميذ السيد الخوئي عنده منهج في التفسير عنده هذ االمبنى. وبعض المحققن عندهم الان هذا المبنى ان روايات اهل البيت في غير الفروع تعالج بنية الظهور. ليس تأويلا تعبديا. هذا بحث مهم يؤثر في علم التفسير وعلم الكلام والعلوم الدينية. هل يؤثر على الظهور الاستعمالي او التفهيمي؟

اكثر من قطب الدين الراوندي يذكره في كتابه فقه القرآن وهو كتاب في آيات الاحكام ودورة كاملة ولكن مشحون بالفروع الفقهية وهناك يذكر الوجه الواضح البديهي في ان من زنى بذات البعل تحرم عليه مؤبدا. الان الموجودون والمعاصرون يقولون انه ليس دليل عليه الا الاجماع. بينما الراوندي يذكر الأدلة البديهية. المقصود ان الراوندي عنده هذا المبنى ان الروايات ليس فقط تعالج الظهور بل ارشاد الى عناصر الظهور في القرآن. ماذا هو الفرق بين الارشاد وبين كلام الاعلام ان القرينة المنفصلة حجة. الحجية شيء وا لارشاد شيء آخر.

الصيوري الحلي عنده كتاب عظيم اسمه كنز العرفان في ايات الاحكام كتاب جزل. في باب حد المحارب يعصب على قطب الدين الراوندي. لان قطب الراوندي يحاول ان ينتزع الاحكام الواردة في روايات اهل البيت على المحارب من كل لفظة لفظة في آيات المحارب. كل رأس ابرة في الايات يجعل الروايات مرشدة اليها. قطب الراوندي كان اديبا فيجعل روايات اهل البيت في فروع الاحكام مرشدة ومنبهة الى فهمها من عناصر الظهور في آيات القرآن.

هذا المبحث دقيق ولابد ان ندقق فيها حتى لا نبتلي بالمزالق لا سمح الله.

logo