« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

أدوات العموم ومقدمات الحكمة/ مبحث العام والخاص /باب الالفاظ

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث العام والخاص / أدوات العموم ومقدمات الحكمة

 

أدوات العموم ومقدمات الحكمة

كان الكلام في أدوات العموم انها هل تحتاج الى مقدمات الحكمة او لا؟

فالأعلام كصاحب الكفاية والنائيني بنوا على انها تحتاج الى إجراء مقدمات الحكمة والاطلاق في مدخولها، بينما السيد الخوئي قال: لا حاجة لإجراءها في مدخول أداة العموم بل هي بنفسها كافية في بيان العموم وعدم القيد والا فما فائدة العموم بالوضع فيكون لغوا.

نعم، قبل السيد الخوئي ان العموم اذا كان مستفادا من الاستعمالي او التفهيمي مثل وقوع النكرة في سياق النفي او النهي نحتاج الى إجراء مقدمات الحكمة في مدخول النفي او النهي. هذا التفصيل في الصورة الظاهرة كأنما تدافع.

كما انه قد أثار رحمه الله تساؤلين:

التساؤل الأول: كيف يمزج بين مقدمات الحكمة وأدوات العموم؟ والحال انه يرد عليه نفس التساؤل لأنه قال بالتفصيل بين أدوات العموم وضعا وبينها استعمالا وتفهيما.

بعبارة أخرى مر بنا امس: ان مقدمات الحكمة قرينة جدية والأدوات في مقام الوضع او الاستعمال او التفهيم، فكيف يمزج بين هذه القرائن في المراتب المتعددة؟

التساؤل الآخر:

ما الفرق بين دلالة الوضع على العموم وبين دلالة الاستعمال عليه؟ لان أداة العموم دالة على العموم بتركيبها. فما الفرق بينها وضعا او تركيب الاستعمال او تركيب التفهيم؟ لان الوضع أيضا يحتاج الى التركيب.

هذان التساؤلان متقاربان. ولعل الجواب لهما واحد.

الاستدلال الذي استدل به صاحب الكفاية والنائيني ان أدوات العموم وضعا او استعمالا او تفهيما او بعبارة أخرى ان الدال الوضعي على العموم تارة وضع الاسم او وضع الحرف وتارة التركيب. ولابد ان يحدد المدخول حتى تدل على العموم والمدخول لا يحدد الا بمقدمات الحكمة.

هذا الاستدلال قبله السيد الخوئي أدوات العموم ك«لا» النافية والناهية التي يستفاد منها العموم من التركيب الاستعمالي او التركيب التفهيمي. ولم يقبله السيد الخوئي في الأدوات التي تدل بالوضع.

استدلال السيد الخوئي في الأدوات وضعا: يقول: مثلا لفظة «كل» هي بنفسها تدل على سعة مدخولها. «كل رجل» فهي إما تدل على السعة فلا يحتاج الى ان نعتمد على قرينة أخرى كمقدمات الحكمة.

هي موضوعة للشمول والسريان والسعة فهي تزيح لموضوعه إزاحة الضيق فهي نافية للقيد فلا نحتاج الى قيد آخر. هي نافية للقيد بنحو المفاد الوضعي في السعة والشمول.

عنده بيان آخر: يقول: ان أداة العموم تدخل على مدخولها «كل رجل» والرجل مدخولها، فتارة نقول ان المدخول ما اريد منه وما استعمل فيه وتارة نقول ان المدخول ما وضع له.

اذا كان المدخول ما استعمل فيه، فكأنما نحتاج الى ما قاله صاحب الكفاية.

لنعلم أن السيد الخوئي لا يقبل الدلالة التصورية والمعنى الموضوع عنده المعنى الاستعمالي. والمعنى التفهيمي تارة يسميه الاستعمالي وتارة تفهيمي. المهم انه ليس عنده التصورية والاستعمالي والتفيهيمة والجدية. انما عنده الاستعمالية التي هي نفس الموضوع له على مبناه في الوضع ان اللفظ موضوع للفظة المراد لا المعنى بما هو هو. المهم عنده ثلاث مراتب في الدلالة وليست أربعة.

فيقول ان المدخول اذا كان المعنى الموضوع له وليس المراد التفهيمي والجدي فلا نحتاج الى مقدمات الحكمة لانها موضوعة لإزاحة الضيق عما وضع له والمراد الاستعمالي. فهي موضوعة لإزاحة الضيق والقيود ودفعها. فلا حاجة لمقدمات الحكمة.

هذا بيان آخر لمدعى السيد الخوئي.

هذا الكلام في قبال كلام الاعلام. كانما يشكل على نفسه انه اذا استعمل «كل عالم عادل» او «كل رجل قوي» فما الفرق بين استعمال «كل رجل» و «كل رجل قوي»؟

وفيه نزاعات أخرى ستأتي في بحث العام والخاص وبحوث معقدة وهامة وخطيرة في التمسك في العام وهو يعتمد على حل هذا البحث. ستأتي ثلاث او اربع صور بعد هذه الصور مثل التمسك في العام في الشبهة الحكمية بعد التخصيص او التمسك بالعام في الشبهة المفهومية للمخصص والتمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص. ثلاث صور حساسة ومحل الابتلاء في يوميات الاستنباط وفيها اقوال وآراء بين المتقدمين والمتاخرين والتركيز عليه يعتمد على حل هذا البحث الذي نحن فيه الان.

في الحقيقية اذا تلاحظ كلام السيد الخوئي ترى وجيها واذا ترى كلام النائيني تراه وجيها ففيه خلل. ما الخلل والتدافع؟

ذكرنا ان اكثر مباحث العام والخاص هي مباحث المطلق والمقيد وكذلك بالعكس الا القليل من المبحثين. والا التسعين بالمأة من بحوثهما واحدة.

من البحوث المختصة دلالة العموم لفظا ودلالة الاطلاق بمقدمات الحكمة و الا البحوث الأخرى بحوث مشتركة كالتمسك بالعام في الشبهات الثلاث نفس بحث التمسك بالاطلاق في الصور الثلاث.

بناء على هذا الانتباه ان بحوثهما واحدة ومشتركة الا انها وزعت بعضها في العام والخاص ووزعت بعضها في الاطلاق والمقيد. هناك بحث مهم موجود في باب المطلق، عنونه الاعلام باسم أنواع المطلق واقسامه.

كما ان هنا في بحث العام والخاص مبحث الاستغراق والمجموعي والبدلي ومر بنا بعضها وسيأتي اكمالها. اذا في كلا البابين تكلم الاعلام عن أنواع الشمولية سواء الشمولية في العام او الشمولية في المطلق. لكن هذه الأبحاث في الشمولية غير مختصة بالعام وبالمطلق. هنا بحثوا اقساما من الشمولية وهناك بحثوا اقساما أخرى من الشمولية والا البحث واحد.

الذي ذكروه في اقسام الاطلاق التي نفس مبحث اقسام العموم وبعينه يجري في العام الا في قسم واحد. هذه الأمور ضروري ان نستذكرها دائما. كما ان مر بنا في بداية العام والخاص ان أنواع العموم جدا خطيرة في الاستنباط وهي نفس أنواع الاطلاق. الا انهم ذكروا في العام والخاص ذكروا قسما منها وفي الاطلاق والخاص ذكروا قسما منها وكلها بحوث في الشمولية.

احد أنواع الاطلاق يعبرون عنه الاطلاق الملاكي. يعني ان نفس الملاك مطلق. يعني ان نوعية العموم او الاطلاق هي بلحاظ الملاك وليس بلحاظ القضية القانونية المجعولة في الدليل. ملاك الحكم مقام آخر غير القضية القانونية لنفس القانون. ملاك الحكم شيء والقضية القانونية شيء آخر.

هذا المبحث مهم ان الملاك قد يكون أوسع او اضيق من القضية القانونية. مثلا في الحكم الظاهري الملاك اضيق من الحكم الظاهري لانه قد يخطأ ويصيب. وقد يكون الملاك أوسع من الحكم القانوني او نوع العموم في الملاك يختلف عن نوع العموم في الحكم والقضية القانونية.

مبنى الميرزا النائيني في متمم الجعل في اخذ قصد الامر في الامر العبادي في بحث التعبدي والتوصلي كيف ابدأ حل وعلاج لمشكلة التعبدي واخذ قصد الامر في نفس وحل إشكال الدور. اتى بحل متمم الجعل. امران وحكمان ومستقلان صورةً وقالبا لكن ملاكهما مجموعي. لان عالم الملاك قد يكون مجموعي ولكن قالب القانون والحكم في القضية القانوني ليس مجموعي.

«أقم الصلاة» ما مقيدة بقصد الامر. وهناك ادلة أخرى مستقلة في قالبه صورة ملاكه مع «اقم الصلاة» متحد. مثل دليل «لا عمل الا بنية» الميرزا النائيني يقول: هذان الجعلان والقانونان المستقلان ملاكهما واحد.

اريد ان ابين ان العموم في مقام الملاك ربما يختلف قالبه عن قالب القانون والجعل. فعندنا إطلاق وعموم في مقام الملاك. انه مجموعي او استغراقي او بدلي والملاك عالم للحكم يختلف عن قالب الجعل والقانون الثبوتي للحكم. مسألة حساسة. هذه الأقسام للعموم والاطلاق اذا خلط الانسان بينها فيصير خلط في الاستنباط وينتج منه أمور خاطئة.

ورد دليل «يجزيك في التشهد الشهادتان» هذا لم يعمل به الا الامامية وقالوا بتعقيبه الصلاة على النبي والآل. ادلة الصلاة على النبي والآل يوجب رفع اليد عن الدليل الأول. فهو متمم الجعل. كذلك دليل «اليوم رضيت لكم الإسلام دينا» فبدون الشهادة الثالثة لا ارضى لكم الشهادتين تشهدا. انا الشارع اضع في كل الدين عقائديا وفروعا تشهدا. اللطيف ان السيد الخوئي يقول ان دلالة هذه الآية على اقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين بالضرورة وصراحة كلامه صحيح. بحر العلوم أيضا أشار الى هذه الضرورة. وهذه الضرورة ليست رجحان مستحب بل وجوب وجزء. ولو ما افصح السيد الخوئي. هذا دليل متمم الجعل.

لا يمكن ان تتمسك بالادلة الخاصة فقط. أبواب متمم الجعل أيضا عندنا. احد أنواع العموم والاطلاق في ملاك الحكم ولا يكفيك الاطلاق و العموم في الدليل اللفظي لان طبيعة التشريع منظومية.

هذه الأنواع للاطلاق التي ذكروها في باب الاطلاق جدا مهمة ومسيرية في يوميات الاستنباط. سبق في العام والخاص ذكرنا اقساما أخرى. هذه الأقسام في الاطلاق والتقييد اقسام أخرى.

اخطر بحث في الاستنباط قوالب العموم والاطلاق. لا يمكن التساهل والتسامح فيها ويحتاج الى يقظة علمية.

ان شاء الله سنتعرض الى اقسام أخرى من الاطلاق والتقيد وان الحق مع العلمين لا السيد الخوئي.

 

logo