« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

/ مبحث العموم والاطلاق/باب الالفاظ

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث العموم والاطلاق/

 

أدوات العموم ومقدمات الحكمة

 

من الأمور التي اثارها الاعلام البحث حول أدوات العموم.

أدوات العموم حسب ما هو مقرر في علم المعاني من علم البلاغة تارة موضوعة للعموم مثل «كل و أي» وهلم جرا. هي وضعت للشمولية والعموم بالمعنى التصوري.

بعض أدوات العموم لم توضع في نفسها للعموم ولكن بتوسط التركيب الاستعمالي سواء التركيب الناقص او الناقص، تستعمل في العموم او بحسب المدلول التفهيمي. وهذا طبعا من وظيفة علم المعاني وهي هندسة المعاني وقولبة المعاني في علم البلاغة. لذلك ترى بحوثه ليست لغوية بل كثيرا ما عقلية لغوية بمعنى المداقة العقلية في المعاني اللغوية بسبب التركيب التام او الناقص غالبا في الدلالة الاستعمالية والتفهيمية.

فأدوات العموم ليست دلالتها على العموم متوقفة على أن توضع للعموم فقط بل قد يستعمل للعموم بحسب التركيب الاستعمالي او التفهيمي. وهذا البحث يختص بالعام في قبال المطلق. والا كما مر ان غالب بحوث العام و الخاص مشتركة بينها وبين الاطلاق والتقييد.

على أي حال، فادوات العموم ليس من الضروري ان يكون بحسب الوضع اللغوي التصوري بل قد تكون بحسب التركيب الاستعمالي او التفهيمي. مع ذلك يقال انها أدوات العموم لانها بالتالي بقرينة لفظية سواء على مستوى المعنى الوضعي او الاستعمالي او التفهيمي تدل على العموم.

فرق المطلق عن أدوات العموم ان المطلق بقرينة في مقام الجد. مقدمات الحكمة قرينة في الدلالة لكنها قرينة في مقام الجد. اما القرينة في مقام الاستعمال والتفهيم فضلا عن الوضع تكون في أداة العموم.

طبعا فيه فرق بين أداة العموم الدالة على العموم بالوضع وبينها في مقام الاستعمال وبينها في مقام التفهيم.

دلالتها على العموم في مقام الوضع مقدمة رتبة على ما يكون في مقام الاستعمال ودلالتها في مقام الاستعمال مقدمة عليها في مقام التفهيم.

هذا بحث صعب سيأتي تفاصيله في التمسك بالعام في صور عديدة سواء بالمخصص المتصل او المخصص المنفصل.

بالتالي هذه الرتب مقدمة على قرينة الجد التي هي مقدمات الحكمة. فاذا فرق بين العموم الدالة عليه اللفظ وبين الاطلاق الدالة عليه مقدمات الحكمة.

طبعا يجب ان نلتفت ان القرائن على مراتب، فيها قرائن استعمالية وفيها قرائن في الدلالة التفهيمية وفيها قرائن في الدلالة الجدية. وليست في مرتبة واحدة

كذلك القرينة المتصلة تختلف عن القرينة المنفصلة سواء في التخصيص او التقييد. فاذا عندنا مراتب «الوضع والاستعمال والتفهيم والجد» و«القرينة المتصلة والقرينة المنفصلة»

قد يكون قرينة منفصلة لنفترض انها استعمالية بينما تكون قرينة متصلة لكنها تفهيمية فأيهما مقدم؟ هذا بحث لابد ان سيتم الخوض فيه في كلمات الاعلام.

اذا بحث العام في أدوات العموم المراد بها الأدوات بحسب الوضع او الاستعمال او التفهيم ما قبل المدلول الجدي لان مقدمات الحكمة قرينة في مقام الجد. نادر من الاعلام من اعتبرها من مقدمات التفهيم. وان كان في المدلول الجدي أيضا مراتب. مدلول جدي أول ومدلول جدي ثاني ومدلول جدي ثالث. ويلتزم به كثير من الاعلام ان الجدي مراتب وليس مرتبة واحدة وهذا نظام عظيم في بنيان الظهور.

 

صاحب الكفاية ولعل الميرزا النائيني بالنسبة الى النفي او النهي عن الطبيعة فهل هذه الطبيعة كونها في سياق النفي والنهي تفيد العموم. هنا تركيب بين «لا» النافية او الناهية وبين الطبيعة المدخولة بها. «لا رجل في الدار»

الدلالة علي العموم هنا ليست بالوضع بل بالاستعمال والتفهيم مع ذلك ليست من أدوات العموم. صاحب الكفاية يلتزم والنائيني ان أدوات العموم سواء بالوضع او بالاستعمال والتفهيم في حين انها أداة العموم وتدل على السريان والشمولية ولكن تحتاج الى مقدمات الحكمة في مدخولها.

فلما تقول «لا رجل في الدار» يمكن ان يكون المراد «لا رجل طويل في الدار» فنفي القيد يحتاج الى الاطلاق في المدخول.

استعمال المفردات في المدلول الاستعمالي شيء ولازم ان نلتفت اليه. وكذلك استعمال التركيب الناقص جزء آخر من الاستعمال وكذلك استعمال التركيب التام بعد آخر في الدلالة الاستعمالية. فعناصر الاستعمال يتجزئ. ففي باب الاستعمال كلمة رجل مفردة وكذلك استعمال «لا» نافية كلمة مفردة. غاية الامر يمكن ان يدخل على الخط قيد آخر كالطويل. فلان المعنى الاستعمالي والوضعي لا يختلف في «لا» النافية و الناهية الداخلة على الطبيعة المعينة الجنسية او الصنفية فتعيين المدخول يحتاج الى مقدمات الحكمة بالاطلاق.

فالمحصل ان أدوات العموم ودلالتها على العموم مزيجة بين الاطلاق وأدوات العموم. فلماذا تقدم على الاطلاق؟ لانها مع ذلك اقوى ظهورا من الاطلاق المحض. لانه بالتالي فيه عنصر لفظي وضعا او استعمالا او تفهيما موجود. بينما المقدمات الحكمة في الاطلاق المحض قرينة جدية متأخرة محضة. هذه اصل فكرة صاحب الكفاية والنائيني في كل أدوات العموم. ك«الف ولام» الداخلة على الجنس او الجمع «الانسان او العلماء» تركيب استعمالي فيجب ان ندقق في أدوات العموم أي منها بالوضع واي منها بالتركيب الاستعمالي والتفهيمي. لمراتب الدلالة والقرينة.

فاذا هذان العلمان وجماعة من الأصوليين قالوا ان أدوات العموم وضعا كانت او استعمالا او تفهيما تحتاج في مدخولها لإجراء مقدمات الحكمة.

السيد الخوئي رحمه الله فصّل بين أداة العموم التي هي بالوضع مثل «كل وأي وجميع» فانها لا تحتاج الى مقدمات الحكمة في مدخولها. سنوضح هذه الدعاوي من الاعلام والسيد الخوئي. لكن اذا كان الدلالة على العموم بالتركيب الاستعمالي او التفهيمي ك «لا النافية والناهية» يحتاج الى مقدمات الحكمة.

ما هي الثمرة؟ عبارة عن دراسة قوة الظهور ودرجة الظهور. مر بنا ان الوضعي مقدم على الاستعمالي وهو مقدم على التفهيمي وهو مقدم على الجدي في المتصل او المنفصل. ومقدمات الحكمة كقرينة للاطلاق مرتبتها متأخرة.

في عالم الظهور الذي هو دليل اجتهادي أيضا لدينا مراتب في حجية الظهور شبيه تقديم الدليل الاجتهادي على الأصل العملي.

لذلك ذكر الشيخ الانصاري في بحث الظهور ان الأصول اللفظية الجارية في بنيان الظهور كاصالة العموم واصالة الحقيقة وغيرها التي تجري في اللفظ عند الشك ليست اصولا عملية. هذه أصول بنى عليها العقلا في هندسة بنية الظهور. في حين انها أصول لفظية عند الشك يبني عليها العقلاء في رسم بنية الظهور عند الشك. هل الوصية مطلقة او مقيدة او جدية او غير جدية؟ اصالة تطابق الجد مع التفهيم واصالة تطابق التفهيم مع الاستعمال. اذا شككنا في وجود قرينة تفهيمية صارفة عن المعنى الاستعمالي فتجري اصالة الاستعمال يعني ان التفهيم مطابق للاستعمال كبناء عقلائي وظيفة عملية في رسم بنية الظهور. هذه هي حقيقة الأصل اللفظي. تعويل من العقلاء على الوظائف العملية في الاستنباط في تحديد بنية الظهور والأصول اللفظية كثيرة ذكروها في اول الالفاظ وفي اول الظنون في الحجج.

المقصود ان القرائن الخاصة في بنية الظهور سواء قرائن الاستعمال او التفهيم او الجد مقدمة على الأصول اللفظية لكن اذا كانا في مرتبة واحدة. فبالتالي فيه ثمرة.

عندما يقال ان أدوات العموم هل تحتاج الي قرينة مقدمات الحكمة او لا ففيه ثمرة.

السيد الخوئي خالف هؤلاء الاعلام وفصل بين أدوات العموم التي يستفاد العموم فيها من التركيب الاستعمالي ولو الناقص او التركيب التفهيمي فتلك تحتاج الى مقدمات الحكمة بخلاف ما اذا كانت أدوات العموم يستفاد منها العموم بالوضع.

سؤال لفهم تصور البحث: مراد الاعلام هنا ان أداة العموم بعضها وضعي وبعضها استعمالي وبعضها تفهيمي ومقدمات الحكمة التي تجري في المدخول جارية بالنسبة الى الجد. فكيف يكون بنية الظهور من مرتبتين مختلفتين؟ ما مقصودهم؟ لان المفروض قالوا ان «لا» النافية والناهية تدل على العموم في الاستعمال والتفهيم. فكيف يعلقون الدلالة على القرينة المتأخرة ومع ذلك يجعلون الظهور في العموم ظهورا استعماليا او تفهيميا. فكيف يتكأ على شيء متأخر رتبة؟ السيد الخوئي قبل هذا المطلب في الجملة في أدوات العموم التي تفيد العموم بالاستعمال والتفهيم.

ثم تساؤل آخر وهذه التساؤلات اهم من الأدلة والاقوال والنتائج لان تصور البحث اهم من البحث. هذا الذي يقوله الاعلام في الأصول والبلاغة ان بعض أدوات العموم تدل على العموم بالوضع وبعضها بالاستعمال وبعضها بالتفهيم ما مرادهم؟ «كل واي وجميع» أدوات العموم بالوضع. لابد ان تتركب مع مدخول مثل «كل رجل» او «كل صلاة» فرجعنا الى التركيب الاستعمالي او التركيب التفهيمي. والحال ان المفروض انهم يقولون ان أدوات العموم جملة منها او كثير منها دالة على العموم بالوضع. مع انها لا تدل على العموم الا اذا تتركب. فما المراد من التفصيل بين أدوات العموم بالوضع وبالاستعمال؟

عمدة استدلال صاحب الكفاية والنائيني انك لما تقول «كل» «لا رجل في الدار» لا يفترق مع قولك «كل رجل قوي في الدار» فلان هذه الأدوات لا تختلف استعمالا فيما ضيقت او وسعت فلتحديد مدخول أدوات العموم سواء بالوضع او الاستعمال او التفهيم لا محالة مضطر الى مقدمات الحكمة اذا شككت في القيد. هذا مدعى فيكون الظهور في العموم مزيج بين الوضع ومقدمات الحكمة او الاستعمال ومقدمات الحكمة او التفهيم ومقدمات الحكمة. والحال انهم يجعلونه مدلولا استعماليا فكيف يحتاج الى قرينة من مرتبة جدية؟ هذا التساؤل من جهة عدم فهم ما يريدون ان يقولوه.

هذا استدلال الاعلام ومتفقون في «لا» الناهية والنافية غالبا.

نذكر وجها يسيرا لكلام السيد الخوئي. هو في أدوات العموم وضعا يقول لا نحتاج الى مقدمات الحكمة في المدخول. عنده نقطة معينة في هذا المطلب. هذه النقطة سنذكرها بالاجمال فيقول: ان أدوات العموم التي وضعت على العموم هي بنفسها تؤدي مؤدى مقدمات الحكمة. هذه مدعى السيد الخوئي وكيف يثبتها ويحتاج الى تفصيل.

logo