47/03/28
مفهوم الوصف/ مبحث المفاهيم/باب الالفاظ
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ مفهوم الوصف
مفهوم الوصف وباب حمل المطلق على المقيد
مما استدل على المفهوم الكبير للوصف قاعدة احترازية القيود.
لكن هذا الاستدلال إنما يثبت المفهوم الصغير ولا يثبت المفهوم الكبير وقد مر ان المفهوم الصغير ثابت لكل أدوات المفهوم لأنه ليس نابعا عن وصفية الوصف وانما نابع عن قيدية القيد.
في نهاية المطاف في مفهوم الوصف حيث تبين ان المفهوم الصغير مقرر فيه وانما النزاع في المفهوم الكبير وهو يتم لو راجع القيد الى الحكم وهذا الاستدلال الذي مر ان الوصف مشعر بالعلية يعني ارتباط القيد بالحكم وليس القيد قيد الموضوع او المتعلق. يعني ان آلية من آليات الدلالة رجوع القيد الى الحكم مباشرة ولا يرجع الى الموضوع ولا الى المتعلق احد الاليات في الدلالة هو ان الوصف يشعر بالعلية او مع القرائن الأخرى.
هذا فيما اذا اردنا المفهوم الكبير المشروط برجوع القيد الى الحكم
اما المفهوم الصغير حتى لو كان القيد قيد الموضوع او قيد المتعلق فهو متقرر وثابت على أي حال. سواء رجع القيد الى الحكم او المتعلق او الموضوع. هذا في كل أنواع المفهوم هكذا يعني في الغاية او العدد او اللقب. القيد سواء رجع الى الحكم او الموضوع او المتعلق فالمفهوم الصغير ثابت.
نقطة أخيرة في مفهوم الوصف وهي غير مختصة به بما ان المفهوم الصغير غير مختص بالوصف: بمقتضى المفهوم الصغير الذي مر انه متقرر سواء كان القيد راجعا الى الموضوع او الى المتعلق او الى الحكم وبناء على هذه النقطة، لو اتى دليل آخر للحكم مرتبا الحكم على الطبيعة المطلقة وكان هذا الدليل العام والمطلق متوافقا مع الدليل المقيد يعني أن يكون كلاهما مثبتين او نافيين. يعبرون عنه باب حمل المطلق على المقيد او حمل العام على الخاص اصطلاحا في علم الأصول.
باب الحمل فيما اذا كان الدليلان متوافقين إيجابا او سلبا. فتوافق العام والخاص وتوافق المطلق والمقيد ليس من باب التخصيص او من باب التقييد. فهل يحمل المطلق على المقيد او يحمل العام على الخاص؟ لماذا يحمل؟ بسبب المفهوم الصغير. لان المفهوم الصغير للخاص او المقيد ينفي الحكم عن الطبيعة المجردة يعني الطبيعة العامة والمطلقة. فيكون مفهوم الخاص او المقيد يختلف سلبا وايجابا مع العام.
مثل «اكرم رجلا عالما» وورد «اكرم رجلا» مقتضى الدليل الأول ان ينفى حكم الاكرام عن الرجل وهو الطبيعة المطلقة. هذا هو المفهوم الصغير وهو نفي الحكم عن الطبيعة المجردة. فالمطلق والمقيد منطوقا متوافقان لكن مفهوم المقيد متخالف مع المطلق لانه نفي الحكم ويكون النسبة عموما وخصوصا مطلقا فيصير تخصيصا.
في المثال: اكرم واكرم متوافقان. لكن مفهوم اكرم رجلا عالما نفي إجزاء الإكرام عن الرجل غير العالم والرجل بما هي هي. فيكون نفيا مع الدليل الثاني الذي يثبت مطلقا.
مثال آخر: منطوق «اعتق رقبة مؤمنة» ومنطوق «اعتق رقبة» متوافقان وليسا من باب التخصيص او التقييد. لكن مفهوم الدليل الخاص او المقيد انه لا يجزئ عتق رقبة غير مؤمنة. فإذاً مفهوم المقيد غير متوافق مع المنطوق المطابقي للعام.
فإذاً في موارد العام والخاص او المقيد والمطلق المتوافق منطوقهما ليس مفهومهما متوافقين. فلهذا السبب يحمل المطلق على المقيد وفيه التقييد. المقيد لا يقيد المطلق بمنطوقه لكن يقيده بمفهومه.
فيرجع باب المطلق والمقيد المتوافقين لبا الى التخصيص او التقييد. لان التخصيص والتقييد في المتخالفين. ك«اعتق» و«لا تعتق» هما من باب التخصيص والتقييد المعروف. لكن اذا كان كلاهما «اعتق» فليس من باب التخصيص مطابقا ومنطوقا لكن من باب المفهوم لبا يندرج في باب التخصيص والتقييد.
مثال آخر:
«تحرم الغيبة» «لا يغتب بعضكم بعضا» وورد «لا تغتب مؤمنا» حرمة الغيبة في الدليل الأول مطلق. او ورد «لا تغتب المؤمن العادل» كلا الدليلين متوافقان. ليس من باب التخصيص. باب التخصيص والتقييد يجب ان يكون كلا المنطوقين متخالفين. العام مخالف سلبا او إيجابا للخاص وكذلك المطلق والمقيد.
فالدليل المقيد لا يقيد الدليل العام من باب التخصيص والتقييد لان كلاهما متوافقان. لكن مفهوم «يحرم غيبة المؤمن» نفي الحرمة عن غير المؤمن. نفي الحرمة يعني الحلية. فمفهوم القيد الصغير يكون مخالفا للعام. واذا كان مخالفا للعام يكون من باب التخصيص والتقييد.
فاذا باب حمل المطلق على المقيد صورة متوافقان لكن بسبب المفهوم الصغير يصير متخالفين. فنكتة حمل المطلق على المقيد الموافق ليس بسبب المنطوق المطابقي بل بسبب المفهوم الصغير.
هنا وقع الخلاف بين الاعلام.
متى يحمل العام الموافق على الخاص ومتى يحمل المطلق على المقيد؟ المشهور قالوا انما يحمل فيما اذا كان الحكم في كل منهما بدليا. «اعتق رقبة» حكم بدلي وعتق رقبة واحدة كاف. في هذا الحكم البدلي يحمل الحكم العام على الخاص بسبب المفهوم الصغير واحترازية القيود.
اما اذا كان الحكم انحلاليا واستغراقيا بمعنى تكثر الحكم مثل «وأتموا العمرة والحج لله» وجوب الاتمام وليس وجوب الإنشاء يعني ان الحج المستحب والعمرة المستحبة اذا انشأتها ودخلتها بها بدءا مستحبة لكنها استمرارا تنقلب من الاستحباب الى الوجوب. دليل «اتموا الحج والعمرة لله» يختلف عن دليل «لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» هذا الدليل يتعرض الى لزوم إنشاء وابتداء الحج. يعني لازم ان ينشؤون الحج ولو في العمر مرة وهذا يسمى بحجة الإسلام. اما الدليل الأول ليس يتعرض الى انشاء ابتداء الحج او العمرة وانما هو في صدد ان من انشأ العمرة او الحج يلزم بالاتمام ولو كان ذلك الانشاء كان مستحبا. اذا لبى وقرأ التلبية وينوي بها العمرة المستحبة او الحج المستحب فيخاطب بالآية الثانية الكريمة بوجوب الاتمام. هذا شبيه الصلاة النافلة. لا يجوز قطعها مع ان الابتداء بها مستحب. بدون العذر لا يسوغ ابطال العمل.
«أتموا الحج لله» دليل استغراقي. ليس خاصا بعمرة دون عمرة. شامل لكل عمرة. شبيه قوله تعالى «يوفون بنذورهم» وجوب الوفاء استغراقي. فعندنا وجوبات استغراقية.
نفترض ورد «اتموا الحج والعمرة لله في شهر رجب» مثلا التقييد بشهر رجب معناه انه في غير شهر رجب لا يجب. فهل يحمل العموم الاستغراقي في الآية الكريمة على الخاص في الدليل الثاني؟ المشهور يقولون لا. في موارد الحكم الاستغراقي لا يحمل العام على الخاص. اما في موارد الحكم البدلي فيحمل العام على الخاص او المطلق على المقيد. لماذا هذا التفصيل؟
يقولون لان الحكم البدلي يعني حكما واحدا. وجوب الاعتاق واحد فإما مطلق الرقبة مجزية او خصوص الرقبة المؤمنة. وحدة الحكم شرط حمل المطلق على المقيد المتوافقين. هذا الشرط متحقق في الحكم البدلي لان طبيعة الحكم البدلي انه حكم واحد. بخلاف الحكم الاستغراقي انه كثير.
تفصيل المشهور متين. في الحكم الاستغراقي الوحدة الفردية ما موجودة ولا يكترس الوحدة الجنسية والطبعية. السيد الخوئي وافق المشهور في سيره في الفقه. هنا في تقرير الأصول كانما خالف المشهور ويقول انه لا فرق في حمل المطلق على المقيد الموافق سواء كان الحكم استغراقيا او بدليا.
هذا ما لم يلتزم به السيد الخوئي في الفقه حسب سيري معه في الفقه. هنا في تقرير الأصول والعهدة على المقرر خالف المشهور. في هذا الموضع لازم ان نراجع السيد علي الشاهرودي الذي حضر عند السيد الخوئي عشرين سنة ولم يتغيب يوما قط وهو من تلاميذ السيد في الدورة الأولى التي ما حاضرها الاعلام الموجودون.
يقول السيد في التقرير اننا نحمل العام على الخاص سواء كان استغراقيا او بدليا. والحق مع المشهور.
اللطيف انه في الفقه في موارد عديدة يشرح متانة استدلال المشهور وضعف هذا الاستدلال الذي يذكره في الأصول والعهدة على المقرر.
هذا البحث مسيري في كل أبواب الفقه وهو جدا حساس. وما لا يبحثونه بالذات في العام والخاص بل يبحونه هنا في المفهوم الصغير اكثر.
في قول الصديقة سلام الله عليها «أم انتم اعلم بعموم القرآن وخصوصه من ابي وابن عمي» قرن امير المؤمنين سلام الله عليه برسول الله صلى الله عليه وآله في العلم الوحياني.
فقولها سلام الله عليها هذا مرادها العام والخاص المتخالفين. باب العام والخاص يعني المتخالفين كما ان قولهم من المطلق والمقيد مرادهم المطلق والمقيد المتخالفان. هذان البابان خاص بالدليلين المتخالفين سلبا وايجابا. أما اذا توافقا يجي حزورة حمل العام على الخاص او حمل المطلق على المقيد.
بحسب علم الفقه السيد الخوئي سيره موافق للمشهور في التفصيل. فلا يحمل المطلق على المقيد اذا كانا استغراقيين. لان الحكم كثيرة وهم يشترطون وحدة الحكم وهي لا تكون الا في البدليين. هذا سيد السيد الخوئي في كل الأبواب في الفقه ولم اجد ما يخالف المشهور. لكن هنا في التقريرات في الأصول خالف المشهور وقال سواء كانا استغراقيين او بدليين يحمل العام على الخاص او المطلق على المقيد.