« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

النقاط الثلاث الكلية في أبواب الأصول والمفاهيم

الموضوع: النقاط الثلاث الكلية في أبواب الأصول والمفاهيم

 

وصل بنا الكلام الى مفهوم الوصف ومر بنا ان كل المفاهيم يبحث فيها عن مفهومين: المفهوم الصغير والمفهوم الكبير، والمفهوم الصغير ثابت لكل هذه المفاهيم لانها بالنظرة الاصولية كالغاية واللقب والوصف والحصر كل هذه الادوات في الحقيقة تعتبر قيود فالقيد عند الاصولي لا يختص بالوصف فكل ما يذكر في الجمل يكون قيدا فلا يختص بالوصف فالقيد عند الاصولي هو كل المتعلقات في الجملة فاحترازية القيود والمفهوم الصغير هذا متفق على وجود الدلالة هذه الادوات عليه .

القيد بمعنى الغاية بمعنى الوصف بمعنى العدد بمعنى اللقب فالقيد احترازا دال على المفهوم الصغير وهو ان الحكم لا يترتب على الطبيعة المجردة عن هذا القيد ، مثلا يقول اكرم رجلا عادلا فلا يثبت الحكم على الرجل بما هو رجل؟ عندما يقول اكرم رجلا عادلا ينفي الحكم عن مطلق الرجل في نفسه فهذا المقدار من نفي الحكم موجود وهو نفي الحكم فقط عن الطبيعة المجردة اما نفي الحكم عن الطبيعة المقيدة بقيود اخرى فهذا لا ينفيه المفهوم الصغير .

مثلا لو شككنا ان العدالة او العلم السابقة عن الايمان توجب الاكرام ام لا؟ فالتقييد بالقيد الاول وهو المفهوم الصغير لا ينفي الحكم عن الطبيعة المقيدة وانما فقط ينفي الحكم عن الطبيعة المجردة ، ففي الطبيعة المجردة هذه المساحة ضيقة فيسمى بالمفهوم الصغير اما اذا اريد البحث عن المفهوم المصطلح في باب المفاهيم الذي هو المفهوم الكبير هو عبارة عن نفي الحكم عن الطبيعة المجردة ونفي الحكم عن الطبيعة المقيدة ولو بقيود اخرى مشكوكة فالنفي في هاتين الدائرتين او مجموعهما الاوسع هذا هو المفهوم الاصطلاحي .

اما المفهوم الصغير له ثمار كبيرة لكن ليس هو المفهوم المصطلح الاصلي المبحوث عنه في مباحث المفاهيم ، فالقيد عند الاصوليين لا يختص بالوصف وانما يشمل الشرط والغاية ويشمل اي متعلق بالمعنى النحوي الذي يذكر في تركيب الجملة يسمى بالاصطلاح الاصولي فالقيد لا يختص بالوصف والمفهوم الصغير ينطلق من قاعدة احترازية القيود فهذا المبحث مهم وهو التفرقة بين المفهوم الصغير والمفهوم الكبير سواء بني على المفهومين او اختص الاثبات بالمفهوم الصغير المرة ان هناك دائرتين من المفهوم المفهوم الصغير والمفهوم الكبير ، وهذا يرتبط بالقيود وليس خاصا بالوصف سواء صيغة الشرط صيغة الوصف صيغة اللقب صيغة العدد صيغة الغاية صيغة الانحصار فكل كلمة تكون متعلقا في تركيب الجملة تسمى قيدا ولها المفهوم الصغير وهذا متفق عليه .

انما النزاع في المفهوم الكبير ، ففي الجملة الشرطية الاكثر قالوا به مطلقا او تفصيلا اما في غير الجملة الشرطية لم يقولوا بالمفهوم الكبير نعم المتأخرين البلاغيين قالوا بالمفهوم الكبير في مفهوم التحديد بل اعتبروا ان التحديد اقوى دلالة على المفهوم الكبير في الجملة الشرطية ، فاذن كلمة القيد مفهوم عام لكل المفاهيم والنقطة الثانية ان المفهوم الصغير عام لكل المفاهيم والنقطة الثالثة وهي القلب النابض لبحث المفاهيم وهي كالتالي :

يقولون ان بحث المفاهيم بالدقة المفهوم الكبير النزاع فيه في اقسام المفاهيم فمركز النزاع فيه انه هل القيد يرجع الى الحكم؟ او يرجع الى الموضوع ؟ او يرجع الى المتعلق ؟ وهذا هو لب لباب المفاهيم فالقيد في اصطلاح الاصوليين ليس خصوص الوصف وانما يعم كل اقسام المفاهيم ، لان المفاهيم كلها ادوات تركيبية في الجملة ، فلما يقولون القيد يرجع الى الحكم او الى الموضوع او الى المتعلق مرادهم من القيد هو كل اقسام المفاهيم وهذا تحليل صناعي لتركيب الجملة جدا مهم عند الاصوليين فالمراد من القيد هو كل اقسام المفاهيم وليس خصوص مفهوم الوصف وحتى الشرط هو هكذا .

فالملحمة عند الاصوليين في مفهوم الشرط كانت تدور على ان الشرط كقيد هل هو قيد الحكم ؟او قيد الموضوع؟ او قيد المتعلق؟ فاصل الملحمة على هذا والموضوع هو مقصودهم الاصولي يعني قيود الوجوب هذه النقطة الثالثة مصيرية جدا في كل مباحث الالفاظ وليس خصوصا المفاهيم ان القيد يرجع الى الحكم او الى الموضوع او الى المتعلق وهذا المبحث في نفسه خطير بغض النظر عن جميع اقسام المفاهيم وهي مصيرية في كل مباحث الالفاظ حتى الحجج لانها ترتبط بالهندسة الاولية للقضية القانونية الشرعية لان مر بنا ان الفباء الاستنباط ان تعرف ان القضية القانونية ابعادها ثلاثة ان لم يكن اربعة :

اولا قيود الحكم هو الذي يسمى بالموضوع

والضلع الثاني : هو الحكم

والضلع الثالث هو متعلق الحكم وهو الفعل .

والفعل هو من الافعال التكليفية سواء في فقه السياسة فقه القضاء فقه الاسرة فقه الحدود وفقه الديات، هذه الابجديات يجب ان تتقنها انه كيف تستخرجها من الادلة في كل باب؟ فنظام الحكم في الاسلام هل هو نظام مشاركة الامة؟ او نظام احادي ؟ فحتى هندسة الفقه السياسي تبدأ من هذا البحث وهي الاضلاع الثلاثة في القضية القانونية في الفقه السياسي وهذه الهندسة اذا راعاها المستنبط والباحث يصير حصيفا في كل الابواب .

هذه النقطة المركزية هي ضميمة الى العمود ان القيد يرجع الى الحكم او الى الموضوع او الى المتعلق قيود المتعلق كالطهارة والاستقبال وهلم جرا هذه قيود المتعلق في الصلاة مثلا كالساتر وقيود الطواف ، لإقيود الحكم هو الوجوب فالدلوك والزوال قيد الحكم اقم الصلاة لدلوك الشمس والشمس هنا ايضا قيد موضوع الحكم وهو زوال الشمس وزوال النهار فموضوع الحكم باصطلاح الاصوليين هو قيد الحكم.

ما الفرق بين قيد الحكم و قيد قيد الحكم؟ لانه ثلاث خيارات الوصف او الغاية او العدد او الحصر هو قيد الحكم مباشرة او قيد موضوع الحكم وهو قيد الحكم هو قيد القيد يعني قيد غير مباشر فهو اما قيد الحكم مباشرة او قيد موضوع الحكم فيكون قيد قيد الحكم فليس هو قيد للحكم مباشرة بل بواسطة وهذا له اثار الى ما شاء الله .

ففي جملة من الابواب تعقيد البحث في الاستنباط هو بهذا السبب انه هل هذا قيد الحكم مباشرة او قيد موضوع الحكم؟ يعني قيد للحكم ليس مباشرة وانما قيد قيد الحكم ، مثلا صلاة المسافر كما يقول الاعلام جملة من العقد فيها كما يقول الكمباني او السيد الميلاني ان خمس مسائل في صلاة المسافر لا يمكن حلها ولكن الحمد لله نحن بجهودهم استطعنا ان نحلها فالعقد في صلاة المسافر انه هل القيد قيد للحكم مباشرة؟ او قيد قيد الحكم؟ طبعا يختلف عن الخيار الثالث وهو قيد المتعلق ، مثلا لابد ان يكون السفر سفر مباح لا معصية فهل الاباحة التي تقصدها هو قيد لوجوب القصر او قيد للمسافة؟ فالمسافة هي موضوع وجوب القصر فهل الغاية قيد الوجوب مباشرة او قيد المسافة فما هي الثمرة؟

ان الثمرة الى ما شاء الله من الثمرة انه اذا طيلة المسافة نوى المعصية الى ان وصل الى المدينة التي نوى فيها ارتكاب الاثم ولكن تاب ورجع فهل له ان يقصر ام لا؟ اذا قلنا عدم المعصية هو قيد للمسافة فهنا لا فائدة لان المسافة طواها بنية المعصية ولابد ان يطوي المسافة الجديدة لكي يقصر اما اذا قلنا بانها قيد لنفس وجوب القصر فالمسافة لم تتقيد بعدم المعصية وانما وجوب القصر قيد فهو في اثناء الطريق يتم لانه نوى المعصية ولكن لما وصل للمدينة وتاب فيصلي قصرا لان قيود القصر اكتملت فالمسافة غير مقيدة بعدم المعصية ، فاذا كان قيد الحكم وهو في السفر نوى المعصية ففي الفرسخ الاول يتم وفي الفرسخ الثاني نوى الطاعة فيقصر وفي الفرسخ الثالث نوى المعصية فيتم فاذا كان القيد قيد الحكم هكذا يكون تكليفه لان المسافة اجنبية عن قصد الطاعة اذا كان قيد الحكم مباشرة وليس قيد قيد الحكم .

وكما ذكر الاعلام ان صلاة المسافر لها ثمان قيود لاحظ الان اعمدة السقف كل عمود مرتبط بالسقف مباشرة فليس كل عمود تبع لعمود اخر انت افترض ان السقف هو وجوب القصر هل هذه الثمان قيود هي ثمان اعمدة يقوم عليها السقف وهو وجوب القصر ام ان بعضها مستقل؟ فقيد مباشر للحكم وبعضها ليس كذلك؟ فبعضها تبعي للبعض فهنا هندسة اخرى وبحث صلاة المسافر بحاجة الى ممارسة قوية جدا صناعة فقهية واصولية لذلك هذه النقطة ليست خاصة بالمفاهيم وانما في كل ابواب الاصول وابواب الفقه فالقيد اما قيد الحكم مباشرة او قيد للحكم بالواسطة او قيد المتعلق وهذا اصطلاح اصولي اخر انفجاري مهم لان متعلق الحكم كالصلاة فعندنا وجوب وهو حكم الصلاة وعندنا الصلاة متعلق والدلوك والزوال هو موضوع الحكم ، فالمتعلق في اصطلاح الاصوليين هو ايضا قيد الحكم لان الوجوب لا يبقى في الهواء وانما الوجوب هو فعل معين فالفعل وهو المتعلق ايضا قيد الحكم ولكن هذا المتعلق كقيد للحكم يختلف عن الزوال سنخا فهما سنخان متباينان هذه الهندسة يجب اتقانها في كل مباحث الالفاظ والحجج حتى في الفقه فهو قلب نابض فالمتعلق ايضا هو قيد الحكم لكن سنخه يختلف لان الحكم يدعو الى ايجاد المتعلق فالوجوب يدعو الى ايجاد الصلاة او الطهارة او الساتر اما في الدلوك والزوال والاستطاعة الحكم لا يدعو الى ايجاد قيود الحكم هاي الموضوع تختلف الاثار بين متعلق وموضوع الحكم مع ان كل منهما قيد الحكم لذلك قالوا فرق بين قيد الواجب وقيد الوجوب فالواجب هو قيد للحكم وقيد الواجب قيد للحكم ايضا لكن يختلف عن قيد الوجوب سنخا وهذا المطلب ذكره في اجود التقريرات وذكره الاصوليون عموما .

من ثم يقولون كل قيد وجوب هو قيد واجب وايضا كل قيد واجب هو قيد وجوب فما هو مرادهم؟ ان هذا مرتبط بنفس النقطة الثالثة مع انهم قالوا ان قيد الوجوب يغاير القيد الواجب والقيد اما للموضوع او للحكم او للمتعلق فهي خيارات ثلاثة ، فكيف الان يدمجون ظ ان هذا له معنى سنوضحه ولو غدا لان القضية القانونية مبنى يتكون من اعمدة ثلاثة الموضوع والحكم والمتعلق فيذكرون مبنى واحد وهذا المبنى مترابط متشابك في حين انهم اعمدة ثلاثة متغايرة لكنه متشابك هذه نقطة جدا صناعية مهمة وتحلحل كثيرا من المسائل وهي ام هندسة الصناعة الفقهية والاصولية وهناك نقطة رابعة انه ما هي ثمرة النقطة الثالثة؟ وهذه النقطة الثالثة ليست خاصة باقسام المفاهيم فهي تعم المفاهيم وزيادة على ذلك هي نقطة ثمينة جدا في كل ابواب الاصول وكل ابواب الفقه وهذه ابجديات اذا لم يتقنها الباحث سوف يكون ضعيفا.

logo