47/03/21
طبيعة المتعلق وقواعد أخرى في التداخل
الموضوع: طبيعة المتعلق وقواعد أخرى في التداخل
كنا في ضابطة السيد اليزدي في طبيعة المتعلق العام الجامع بين المندوب والوجوب وهذه القاعدة ليست تثمر فقط في التداخل في المسببات والاسباب بل هي تثمر في قواعد وزوايا كثيرة مثلا بعض الادلة دالة على مطلوبية الشيء ورجحانه قد في الاستظهار يتردد المستنبط بين امر انه مستحب او واجب فكون القدر المتيقن من الظهور الرجحان والمطلوبية هذا ليس معناه استظهار الاستحباب وانما استظهر الجامع بين الوجوب والاستحباب وهذي نكتة مهمة لانه في موارد عديدة لا سيما على القاعدة الاستظهارية التي بنى عليها القدماء وهذه القاعدة موجودة حتى في بيانات اهل البيت ان اي امر قرآني لابد ان يكون احد مصاديقه الوجوب اما البقية قد تكون وجوبا وقد تكون ندبا هذه القاعدة ربما لم نتعرض لها في بحث الاوامر ولكن في بيانات اهل البيت موجودة .
مثلا ﴿ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ هذا الامر لا محالة اما مطلق وجوبا او احد مصاديقه الوجوب والبقية مندوب واستدل غالب القدماء على وجوب الصلاة على النبي في الفريضة بهذه الاية الكريمة فعندهم هذا المبنى ان الامر التشريعي في القرآن لابد ان يكون في فرد وفي مصداق ولابد ان يكون وجوب واما البقية اما وجوب او مندوب واخذوه ارسال المسلمات الى زمن العلامة الحلي والشهيد الاول والثاني وهذه القاعدة تحتاج الى بحث لطيف يعني لو تمت تفيد في موارد عديدة .
فاذن استظهار اصل المطلوبية والرجحان ليس بالضرورة بمعنى الاستحباب المصطلح بل بمعنى الجامع بين المندوب والوجوب ، وهذا الذي استظهره السيد اليزدي وبنى عليه في جوانب عديدة ومر بنا كيف ان هذا يفتح بابا لبحوث كثيرة سواء في العبادات او غيرها .
احد الوجوه التي هي بيت القصيد هو بحث الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة هذا البحث فيه زوايا صناعية ونبه السيد الخوئي على ان ايات اكمال الدين دالة على الشهادة الثالثة بالضرورة وليس بالظهور الظني المعتبر او بالظهور القطعي النظري وهذي نقطة علمية عظيمة لدى السيد الخوئي ان دلالة اية الاكمال هي على درجة الضرورة يعني كل علماء الامامية متسالمون على ان بنيتها هكذا وهي مبدهة في المذهب دلالتها على مطلوبية اقتران الشهادة الثالثة دوما في طبيعة الشهادتين وهذا سلم به السيد الخوئي في شرح له في مبحث اذان الصلاة قال لا معنى ان نتمسك بمرسلة الاحتجاج كما استدل به جملة من الاعلام وانما الاية الكريمة وغيرها من الادلة الواردة في الولاية بالضرورة دالة على اصل المطلوبية والرجحان كما ان العلامة الحلي في بحث تشهد الصلاة قال الصلاة على النبي واجبة ولابد ان تكون مقترنة باهل البيت فذكر اهل البيت في الصلاة واجب الان مصداقة ككبرى عندنا دليل على ان ذكر اهل البيت في الصلاة واجب سواء من صحيح الحلبي سمهم اجملهم او من الاية الكريمة فذكر اهل البيت في الصلاة واجب والنراقي وافق العلامة على هذا الاستدلال غاية الامر الان المصداق لذكر اهل البيت هي الصلاة على النبي والال او هي الشهادة الثالثة هذا امر اخر لكنه بلور العلامة الحلي في تشهد الصلاة والنراقي في المستند ان اصل الكبرى الكلية وهي وجوب ذكر اهل البيت في الصلاة مفروغ عنها ومصداقه المتعين هو التشهد بعد ذلك مقام الثالث انه يكون الصلاة على النبي والال هل هي هذا او لا هذا بحث اخر؟
فضميمة لهذه النقطة الصناعية المفيدة جدا من السيد اليزدي وذكرها السيد الخوئي ايضا مفيدة جدا وتوجب معالجة الخلل في العبادات كثيرا ما واشار لها السيد اليزدي في جملة من ابواب العبادات لكن السيد الخوئي ركز ونبه عليها اكثر ، بضميمة ما مر الى ان الجامع بين المندوب والوجوب ضميمة الى ذلك قضية القصد في العبادات والتفرقة بين الاشتباه في التطبيق من قبيل الداعي او الاشتباه في التطبيق بنحو التقييد هذه قاعدة فنية في العبادات بل حتى في المعاملات وهي قاعدة خطيرة وحساسة ونحن لا نريد ان ندخل فيها لانها قاعدة فقهية وليست صناعة اصولية ولكن نشير اليها اجمالا فهرسيا انه اذا كان القصد او النية بنحو الداعي والاشتباه في التطبيق فلا يخل بالقصد بخلاف ما اذا كان من باب التقييد اما ما هي ضابطة التقييد وما هي ضابطة الداعي؟ هذا بحث اخر .
افترض مثلا شخص كبير السن طول حياته كان يصلي بدون تكبيرة الاحرام فهل صلاته باطلة؟ نعم اذا نفترض انه لم يأت بتكبيرة الاحرام وهذا اخلال في الركن فتصير باطلة لكن الكلام ليس في الكبرى ان الاخلال في تكبيرة الاحرام مبطل للصلاة فان هذه الكبرى صحيحة وانما النقاش في الصغرى لانه كثير من طرق حلحلة المسائل المعضلة هي بلحاظ الصغرى فهو لم ينو التكبيرة او لم ينو تكبيرة الاحرام بالتفصيل ؟ وان نواها بالاجمال والنية الاجمالية كافية ولا حاجة للنية التفصيلية وهذه ضميمة اخرى ثالثة وهي كفاية النية الاجمالية في العبادات او في المعاملات عن النية التفصيلية ، طبعا الجانب الذي مر هو التفرقة بين باب الاشتباه في تطبيق في النية والداعي من جانب والتقييد من جانب اخر ضابطة القصدين والنيتين متاع لانه في التقييد يخل لانه قيد نيته بكذا والمفروض ان نيته لا تقع والنية الاخرى التي لا بد ان تقصد لم يقصدها فلا تصح عبادته ، اما متى ضابطة التطبيق والاشتباه في التطبيق في النية والداعي هذه معركة اراء بين الاعلام وبحث حري بالتنقيح .
فالسيد اليزدي جمع بين المندوب والواجب بالطبيعة العامة وقضية النية والقصد سواء في المعاملات او في العبادات وهل هو بنحو الداعي والاشتباه في التطبيق او بنحو التقييد ؟ هذا بحث مهم ، ثم نضمم اليها القاعدة الثالثة وهي توجب حل المشاكل في الخلل في العبادات في الحج في الصلاة في الصوم وفي موارد عديدة في المعاملات والقاعدة الثالثة هي ان النية الاجمالية مغنية عن النية التفصيلية فركب هذه القواعد الثلاث مع بعضها البعض تستطيع معالجة كثير من الخلل الذي يبتلي به العوام ولا حاجة للتفصيل وقصد الوجه وقصد التمييز اللي عليه طبقات القرن السابع والثامن والتاسع فهذه نافذة من نوافذ تداخل المسببات .
نقطة اخرى مرت بنا في بحث تداخل الاسباب والمسببات مثلا تارة الشارع يقول اكرم عالما واخرى يقول اكرم الهاشمي لنسبه لرسول الله فعندنا اكرم واكرم ، ففي مورد تجده هو سيد وعالم فيجتمع الحكمان هنا المسببات تتداخل ام لا؟ ذكر الاعلام نكتة لطيفة انه تارة يقول اكرم عالما واكرم هاشميا بنحو الوجوب البدلي او ندب بدلي فيلتقيان هذان العمومان في هذا العالم الهاشمي طبعا ليس يتلاقيا الحكمان السببان والمسببان لانه مر بنا ان قاعدة الاسباب والمسببات لا تنحصر بالجملة الشرطية تعم الجملة الحملية الاسمية ، فالموضوع في الجملة الحملية كالشرط والمحمول مسبب تعدد الاسباب وتعدد المسببات قاعدة عدم التداخل ولها معاني عديدة ففي مرحلة لا تتداخل وفي مرحلة تتداخل نفس القضيتين الشرعيتين وحتى في موارد نبهنا عليه انه لو كان الفعل غير قابل للتكرار كالقتل مع ذلك لم يلتزم المشهور بتداخل المسببات او الاسباب بقول مطلق ولها ثمار سبق ان نبهنا عليها وهو عدم القول بالتداخل بقول مطلق يعني تداخل من جهة وليس تداخل من كل جهة .
كما مر بنا لو عفا احد الورثة لا يسقط حق البقية في الاقتصاص انما هناك اثار اخرى فقهية فهنا القتل مع انه غير قابل للتكرر لكن ليس تداخل المسببات والاسباب بقول مطلق نرجع الى العموم الخصوص من وجه اذا كان متعلق الحكمين هو اكرم عالما واكرم هاشميا فديدن مراحل الاستنباط اول مرحلة نعين اضلاع القضية القانونية الشرعية اين المحمول؟ اين الموضوع؟ اين المتعلق للحكم ؟ فاكرم هو الوجوب او الامر الاكرام متعلق للفعل وليس موضوعه الضلع الثالث في القضية القانونية هو عالما ، والموضوع يعني السبب فعندنا سببان وهو العالم او الهاشمي وعندنا اكرامان اكرام العالم واكرام الهاشمي متعلقان والمسببان وجوبان وجوب او ندب اكرام العالم وندب اكرام الهاشمي فعندنا تعدد اسباب وهو العالم الهاشمي وعندنا تعدد امر وجوبي او ندبي بالاكرام والاكرام متعدد فهذه ثلاثة اضلاع في القضية القانونية الشرعية وهذا البحث اثاره السيد الخوئي بين المتأخرين ونعمت الاثارة بين قضية اكرم عالما وقضية اكرم هاشميا فالنسبة عموم وخصوص من وجه او مساوية ام ماذا؟
مر بنا المشهور عند الطبقات المتأخرة عندهم بان النسبة تلاحظ بين القضيتين بلحاظ الموضوع طبعا المقصود من الموضوع ليس خصوص قيود الوجوب وانما المقصود بالموضوع هو الموضوع اللغوي او المنطقي يعني الذي يذكر كمبتدأ في الجملة فالنسب الاربع تلاحظ بين القضيتين بلحاظ المتعارف وهو بلحاظ الموضوع الذي هو ذكر مبتدأ ، اما هل هو نفس الموضوع الاصولي او لا فهذا مطلب اخر .
طبعا يجب ان لا نغفل ان الموضوع في اللغة والموضوع في المنطق يختلف عن الموضوع الاصولي فالاول ما يبتدا به في الكلام مبتدأ مرفوع والخبر محمول هذا هو الموضوع المنطقي واللغوي اما في الموضوع الاصولي فهذه الضابطة لا يعول عليها فالاصولي عنده الموضوع الاصطلاحي هو قيود الوجوب وتسمى السبب ، فالموضوع الاصولي سواء ابتدء به الكلام او ذكر في وسط الكلام او ذكر في اخره لان الاصولي الموضوع عنده يدور مدار قيود الوجوب وليس قيود الواجب وبعبارة اخرى هندسة بنيان القضية القانونية الشرعية الدلالية او المدلولية او الثبوتية عند الاصولي تدور مدار قيود الوجوب ومتعلق الوجوب والموضوع هو قيود الوجوب طبعا الوجوب من باب المثال عندنا قيود الكراهة قيود الندب قيود الحرمة قيود الحلية قيود الحكم الوضعي ايضا تسمى موضوع ، فالوجوب هو مثال للحكم تكليفي او وضعي المهم قيود الحكم هي الموضوع عند الاصولي .
نذكر كلام السيد الخوئي الذي ذكره في العام والخاص وهو بحث مهم جدا اكرم عالما واكرم هاشميا السيد الخوئي يقول وكلامه صحيح ان المشهور دائما يلاحظون النسب الاربعة بين القضيتين القانونيتين يلاحظون الموضوع اللغوي مثلا الصلاة واجبة والصوم واجب ففي عالم الدلالة النسب الاربعة بين الدليلين يلاحظ بالموضوع اللغوي ولكن السيد الخوئي يقول هناك نسب اربعة بين القضيتين القانونيتين فتلاحظ بلحاظ المحمول وليس فقط الموضوع لا سيما المحمول من جهة متعلق المحمول وهو هنا اكرام .
وهذا بحث مهم سبق ان نبهنا عليه فهرسيا ومؤثر جدا جدا وموكول لبحث العام والخاص وعلاقتهما ما هو؟ هل هو عموم وخصوص من وجه ام لا ؟ فهنا السيد الخوئي يثير هذا السؤال وهو جدا ضروري انه هل نسبة العام والخاص او من وجه هل تلاحظ بلحاظ الموضوع الواحد كما هو المعروف؟ او بلحاظ المحمول والمتعلق؟ او بلحاظ المجموع؟ هذه ثلاث احتمالات، هذه الفهرسة للمسألة او للقاعدة مهمة جدا وهذه كأنما السيد الخوئي انتبه اليها في الدورة الثانية او الثالثة الاصولية اما في الدورة الاولى ما اثارها لان السيد الخوئي درس الاصول خمس دورات ونصف فبالتالي في اواخر الدورة الثانية او الثالثة ذكر هذا والتلاميذ الاوائل لم يطلعوا على ما ابتكره السيد الخوئي في اواخر الدورة الثانية والثالثة والرابعة منها هذا المبحث الذي هو معقد جدا وخطير وابتلائي في يوميات الاستنباط ان النسبة بين الدليلين او القضيتين الشرعيتين او القانونيتين هل يلاحظ الموضوع فقط؟ او يلاحظ المحمول بلحاظ المتعلق؟ او يلاحظ المجموع ؟ فالقضية معقدة حتى منطقيا وفلسفيا وخاض فيها الاصوليون ولن ندخل فيها وانما هي موكولة لبحث العام والخاص فلو قال اكرم عالما واكرم هاشميا اذا لاحظنا الاكرام فهو شيء واحد متساوي لكن اذا لاحظنا العالم الهاشمي وهو قيود الوجوب والموضوع سنرى ان القضية ليست متساوية وانما القضية عموم وخصوص من وجه ، فهاشمي ليس بعالم وعالم ليس بهاشمي وعندنا عالم هاشمي .
فهنا يقول الاصوليون ان كان الحكمان بدليين فهذا من باب تداخل الاسباب والمسببات وان كان الحكمان انحلاليين استغراقيين فهذا ليس من باب تداخل الاسباب والمسببات فالنكتة جدا نفيسة فاذا كان الحكمان استغراقيان انحلاليان هنا سيكون الحكم في العالم الهاشمي حكما مؤكدا مشددا ويسمى الحكم الشديد اصطلاحا وليس تداخل المسببات فهنا يقول اذا كان حكم استغراقي انحلالي ولو الامتثال واحد لكن لا صلة له بتداخل الاسباب والمسببات فهنا نقطة صناعية اصولية مهمة غدا نشرحها بخلاف ما اذا كان بدليا فالامتثال واحد ولكنه ليس من باب الحكم المشتد وانما من باب تداخل المسببات وهذا ذكره كثير من الاصوليين والمرحوم الاخوند سجلت عليه مؤاخذة ان هنا جعل كلا القسمين بدلي او استغراقي جعله من باب الحكم المشتد وغدا نشرح هذه النقطة .