« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/11/19

بسم الله الرحمن الرحيم

تباين تعدد الشرط والأسباب والمسببات

الموضوع: تباين تعدد الشرط والأسباب والمسببات

 

كان الكلام في وجه الجمع بين تعدد الجملتين الشرطيتين ومر ان ان تعددهما مقدم على بحث تداخل الاسلاب وهو مقدم على بحث تداخل المسببات.

فهذا البحث يقع على انحاء ثلاثة.

المرتبة الأولى في مقام الدلالة واللفظ. وبعد ما يتم الفراغ عن إمكانية الجمع بين الدلالتين للجملتين الشرطيتين بان يكون كل شرط مستقلا وغاية ما يزعزع في الظهور ظهور الانحصار وله الاطلاق بنحو «او» ورفع الانحصار بلحاظ الاطلاق في مقابل التقييد بنحو «أو». وهو يختلف عن رفع الاستقلال. لان الانحصار فرع الاستقلال.

اذا تم البقاء على الاستقلال في الجمل الشرطية فتصل النوبة الى بحث تداخل الأسباب ثم بعد فرض عدم تداخل الأسباب يمهد الطريق على بحث تداخل المسببات.

هذا البحث يقع الخلط في المقامات الثلاثة حتى من الأكابر ويسجل بعضهم على بعضهم المؤاخذة. فنحن لا زلنا في القسم الأول، تعدد الجمل الشرطية هل يعني تعدد الشرط استقلالا او لا؟

الخطوة التي يبني عليه السيد الخوئي ابتداء هي ان التعارض ليس بين المنطوقين في الجملة الشرطية بالدقة كما ان التعارض ليس بين المفهومين.

بحث التعارض يراه الانسان بين الأدلة لكن الأهم تشخيص والتدقيق في مركز التعارض. كما لابد ان يشخص الانسان مركز المرض وهو اهم من تداعيات المرض المعلولة من مرضه الأصلي.

فيجب تشخيص مركز التعارض حتى يعالج بحسبه لان الضرورات تقدر بقدرها وهذا هو مبنى المشهور، المعالجة بحسب مركز التعارض وتقدير الضرورات بقدرها لان رفع اليد عن ظهور الأدلة بلا مقتضي له لا دليل عليه ولا يصح.

فلماذا ليس التعارض بين المنطوقين والمفهومين؟ لان التعارض بين الدليلين لابد ان يكون مع اختلاف السلب والايجاب بين الدليلين لان التناقض مبني على الوجود والعلم او السلب والايجاب. حتى الضدين الذين وجوديان بالدقة يتعارضان بكون مآلهما الوجود والعدم. لان الضد الأول مآله الى عدم الضد الثاني وهو مع وجود الضد الثاني تناقض. والا بالدقة كما نقحوا في بحث المعقول التناقض ليس بين الوجودين بل بين الوجود والعدم. كما ان المتضايفين كذلك. فلا بد في تعارض الأدلة من الوجود والعدم او السلب والايجاب.

المفهومان نفيان وليس بينهما تناقض. نفي التقصير بعدم خفاء الجدران ونفيه بعدم خفاء الاذان ليسا متناقضين. وكذلك اثبات التقصير في جانب المنطوقين ليس بينهما تناقض. لذلك مر بنا مرارا التنويه الى مبحث هام يبحث في العام والخاص والمطلق والمقيد يقولون ان العام والخاص المثبتين او العام والخاص النافيين ليس بينهما تناقض اصطلاحا. واذا لم يكن في البين تناقض وتنافي لا يقيد العام بالخاص.

لذلك اذا كان العام والخاص متوافقين اثباتا او نفيا ليس من باب التخصيص والتقييد الاصطلاحي. الاصطلاح فيما اذا كان بين الحكمين التنافي في الكيفية.

فلماذا يحمل العام على الخاص؟ لا يحمل الا بشروط تصيّر احدهما مخالفا للآخر. المقيد الموافق منطوقا مع العام قد يكون له مفهوم صغير وهذا المفهوم يخالف العام في الكيفية فيقيد العام بالمفهوم الصغير بشروط ستأتي في بحث العام والخاص. اذاً لا يحمل العام على الخاص المتوافقين الا بشروط تقرر المفهوم المنافي كذلك في المطلق والمقيد المتوافقين. والشروط تولد مفهوما للمقيد والخاص يخالف منطوق الاطلاق والعام.

هذه الشروط يعتمد عليه السيد الخوئي هنا في الجملتين الشرطيتين فيقول انه بين المنطوقين ليس تعارضا وكذلك بين المفهومين. بل التعارض بين منطوق احداهما ومفهوم الآخر وبالعكس.

«اذا خفي الاذان فقصر» مفهومه «اذا لم يخف الاذان لا تقصر» وتعارض مع «اذا خفي الجدران فقصر» وكذلك بالعكس.

العلاج بين المنطوقين يعني نرفع الاستقلال ونقول هذا وهذا بالجمع الواوي. وهذا لاموجب له لانه ليس بينهما تعارض. فلابد اذا من أن نتصرف بين المتعارضين وهما مفهوم احداهما ومنطوق الآخر وبالدقة التعارض بين الانحصارين.

الانحصار ليس مفادا مطابقيا. بل مفاد المفهوم. المفاد المطابقي هو الاستقلال والانحصار آت من المفهوم. هذه العناوين جدا مهمة ولازم ان يدقق الانسان في مفهوم الانحصار والاستقلال سيما في الفقه السياسي والاجتهاد والتقليد. هل مقتضى ادلة التقليد هو الانحصار او الاستقلال مع عدم الانحصار او الجمع. ففرق بين الانحصار والاستقلال. كذلك في القضاء جعل منصب القضاء للفقهاء بنحو الاستقلال او الانحصار او بنحو الضميمة؟ هل عندنا قضاء بنحو الانضمام؟ هل يتصور الفتيا بنحو الانضمام؟

حجية الائمة بنحو الاستقلال او الانحصار او غيرهما؟ اللطيف اذا واحد يتوسع في هذه الأبحاث وهي محل الابتلاء في الفقه السياسي والمعاملي.

عدم الاستقلال أيضا على انحاء. مثلا الدولة الاتحادية، الارتباط بين المحافظات او الولايات بنحو الحكومة المركزية الاتحادية. هذا نمط لعدم الاستقلال لكن ليس نفي الاستقلال بقول مطلق بل مزيج بين الاستقلال واللااستقلال ويعبرون عنه بالفدرالية. نموذج آخر كنفدرالية وهي صياغة أخرى. انضمام اقل من الانضمام الموجود في الفدرالية. قضية الاستقلال درجات. حتى التقييد بنحو الاستقلال على درجات وله أنماط وليس على نمط واحد.

مر كرارا التنبيه على ان قوالب العموم الاستغراقي والمجموعي (عدم الاستقلال) والبدلي والامتدادي (هو أيضا على أنماط) يمكن للمقنن ان يركب بين اشكال العموم. في الأبواب الفقهية ليس بضروري ان تجد التقنين من ناحية الموضوع او المتعلق ان الصياغة بنحو عموم بسيط. العموم البدلي او الاستغراقي او المجموعي او الامتدادي يسمونها بسيطة يعني هو بدلي بقول مطلق او استغراقي بقول مطلق.

الاستغراقي يلائم الاستقلال في قبال المجموعي وعدم الاستقلال. الامتدادي طبيعة أخرى وهذه الأربعة أنماط هي بسيطة وكل منها متمحضة في شكله لكن كثيرا ما هذه العمومات تتركب مع العموم الآخر فترى حكما وقضية قانونية من جهة استغراقي ومن جهة مجموعي ومن جهة بدلي ومن جهة امتدادي. فاذا العموم عبارة عن قالب هندسي لكيفية الحكم والقانون والتقنين وهذا القالب يمكن ان يتخذ اشكالا مختلفة كما يقال في علم الهندسة من التركيب بين الاشكال البسيطة وإيجاد الاشكال منها الى ما لانهاية. بالدقة القضية القانونية يمكن ان يترجم بشكل هندسي من ثم علم القانون علم رياضي وهندسي في جملة من ابعاده.

فالخطوة الأولى عند السيد الخوئي والمرحوم المظفر ولعل هذا كلام الاصفهاني لانه أستاذ مشترك لهما ان مركز التنافي والتعارض هو مفهوم احداهما ومنطوق الأخرى وهذا التنافي يعالج بأو. ولا يعالج بالتقييد بالواو ولا معنى له. التقييد بالواو لا معنى له لان التنافي ليس بين المنطوقين. بين استقلالية كل من الشرطين لا تنافي ولا تناقض. التناقض في الانحصار وهو بلحاظ المفهوم لا المنطوق. الانحصار مفاد يستفيده المستنبط من المفهوم. هذه مداقة جيدة. الانحصار شكل من الاشكال الهندسية القانونية والاستقلال شكل آخر.

ربما يقال في تقريب هذا المدعى في كيفية العلاج يعتمد على وجه آخر ويستدل عليه بان الانحصار معنى مغاير ومتأخر رتبة عن الاستقلال. مثلا الشركاء في المال مثل شراكة الورثة بالدقة كل في ما يملكه من المال المشترك له سلطنة مستقلة وله ان يبيعه او يهبه. والشركاء كل فيما يملكه مستقل لكن ملكية مجموع هذا المال ليست انحصارية لأحدهم. هذا نمط لانتفاء الانحصار في ان الاستقلال موجود. وطبعا الانحصار أيضا أنواع.

كثيرا ما يقع الاشتباه في الأبواب الفقهية بين معنى الانحصار ومعنى الاستقلال. ويجب ان نتبه اليه كما انه يجب أن نتنبه الى ان الاستقلال درجات ولابد ان نميز بين الدرجات. هذه بحوث محل الابتلاء في باب القضاء وباب الحدود وباب الديات وباب الفقه السياسي والعقائد. احد البحوث التي ذكرها الاصوليون في الحجج الأربع الكتاب وسنة المعصومين والعقل والفطرة (الاجماع يرجع الى السنة) لا شك ان رباعية الحجج عدم الانحصار. هل معناه الاستقلال او عدم الاستقلال او ضميمة محل البحث.

معية الثقلين بين الأصوليين والاخباريين ومعية العقل والفطرة بين العرفاء وعلم المعقول بحوث بين أصحاب العلوم يشتد النزاع فيها.

النبوة علم وحياني في جانب القلب او علم وحياني في جانب الفكر او كلاهما؟ البحوث شيقة ولذيذة ان معنى الانحصار والاستقلال ومراتبهما ما هو؟ هذا البحث في أبحاث عديدة وعلوم عديدة.

قول هناك يمكننا ان نصير الى الجمع بالتقييد بأو يعني نرفع اليد عن الانحصار والتقييد بأو. الاطلاق أنواع والعموم أنواع. هناك اطلاق في مقابل التقييد بالواو يفيد الاستقلال واطلاق في مقابل التقييد بأو يفيد الانحصار. الاطلاق على اشكال وانماط وكذلك التقييد والعموم. هذه تدقيقات في الدليل الاجتهادي

هذا القول والوجه الآخر يقول يمكن لنا ان نصل الى التقييد الاوي ونرفع اليد عن الاطلاق المقابل له والانحصاري ويمكن ان نحافظ على ا لاطلاق المقابل للتقييد الواوي بتقريب آخر يعتمد على الرتبة. يرفضه السيد الخوئي. هل الرتب في عالم الدلالة تلاحظ؟ مدعى السيد الخوئي عموما في بحث الدلالات او باب التعارض ان الرتبة تلاحظ بشروط والا لا تلاحظ مطلقا. بينما هذا التقريب يقرب الرتبة. انقلاب النسبة المعقد في بحوث التعارض بصوره المتعددة يعتمد على فكرة الرتبة في الدلالة. وهذه الرتبة بنيان مهم هل يعتمد في الظهور او لا؟

logo