46/11/16
تعدد الشرط في اللفظ أو التقنين أسبابا و مسببان
الموضوع: تعدد الشرط في اللفظ أو التقنين أسبابا و مسببان
كان الكلام في تعدد الشرط والمرحلة الأولى من بحث تعدد الجمل الشرطية على صعيد البحث الاثباتي ثم بعد الفراغ عن التعدد تأتي نوبة بحث التداخل في الأسباب وبعد الفراغ عن عدم تداخل الأسباب تأتي نوبة تداخل المسببات المتعددة.
«اذا خفي الاذان فقصر» و «اذا خفي الجدران فقصر» بحث في ان القضية الشرطية هل تقتضي تعدد الأسباب ام لا؟ ويقتضي دلالة واثباتا وكاشفية عدة قضايا شرعية قانونية ام لا يدل؟ فمن الاثبات نذهب الى الثبوت وواقع الامر للجعل الشرعي والقانوني.
اذا تعدد الجعل والقضية القانونية فنبحث عن تداخل الأسباب ثم المرحلة الثالثة اذا تعدد الأسباب بسب المرحلة الأولى ولم تتداخل بسبب المرحلة الثانية فتصل النوبة الى المرحلة الثالثة فلا محالة المسببات متعددة فهل تتداخل ام لا؟ فاذا هذه المراحل الثلاث يجب ان لا نخلط بينها بدءا من الاثبات ثم الثبوت ثم هلم جرا. انما نكرر لان الاعلام يؤاخذ بضعهم بعضا في التفكيك بين هذه المراحل الثلاث. وهي متراتبة على بعضها البعض وكل مرحلة مترتبة على المرتبة الأخرى.
فوصلنا الى بيان المرحوم الآخوند حيث أراد ان يوجه هذا البحث كانما هناك حكم واحد او جامع بين الشرطين وهو عنوان احدهما.
ما الفرق بين ان نقول جامع بين الاثنين والشرطين ويتحقق بكل منهما وبين ان نقول ان هذا بنفسه وهذا بنفسه؟ فيه فرق اجمالا وان كان هناك اشتراك.
المرحوم الاخوند استند في هذا الاستظهار بان الجزاء الواحد لابد ان يؤثر فيه شرط واحد ولايمكن ان يؤثر فيه شروط مختلفة والواحد لا يصدر منه الا الواحد ولا يصدر الا من الواحد. هذا بحث عقلي طويل.
يعني ان المتكلمين قد يفهمون من الفلاسفة او حتى بعض الفاسفة قد يفهمون انه اذا طبقت هذه القاعدة على الباري تعالى يعني ان الله تعالى عاجز عن الإصدار الا شيء واحد. وحتى بعض الفلاسفة هكذا فسروا. لكن هذا الفهم خاطئ. بتعبير ابن سينا وخواجة نصير الدين وملاصدرا ان جمهور الفلاسفة ليسوا متضلعين وهم متفلسفون. طبعا الفلسفة ليست عصمة وليست علما يعصم به الانسان بل هو تجربة وعلم بشري.
فما هو معنى هذه القاعدة ويحتاج الى بحث طويل. طبعا بحسب سلسلة البيانات الوحيانية أيضا هكذا. ان اول ما خلق الله خلق واحد ثم من هذا الخلق خلق كذا كذا.
هذا التعبير بأن «أول ما خلق الله مشيئة وخلقها بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة» الكثير يرون ان المشيئة اول خلق. هذا التعبير بأول ما خلق الله ورد في بيانات كثيرة. اول ما خلق الله نوري وأول ما خلق الله الأسماء وأول ما خلق الله كذا كذا. هذه الأولية نسبية والاولية بقول مطلق يحتاج الى بحث.
البعض فسر القاعدة بان الواحد الشخصي لا يصدر منه الا الواحد الشخصي. لكن مراد الكبار من الفلاسفة بغض النظر عن عدم عصمتهم يعني ان الوحدة اذا كانت نوعية فالنوعية والجنسية جنسية والشخصية شخصية. يعني بدرجة الوحدة الموجودة في العلة والخالق والفاعل ففي المعلول أيضا هكذا. المراد الصحيح بهذه القاعدة هي هذه. فكثير من نقوض المتكلمين او الفلاسفة على هذه القاعدة سببها عدم وضوح معنى هذه القاعدة عند رواد الفلاسفة.
هنا ذكر السيد ا لخوئي ان لدينا أسباب كالموضوعات للاحكام او لجزاء واحد وهذه من مقولات نسبية متباينة لان المقولات الفوقية من العرض ماهياتها متباينة. فكيف يكون وحدة. هنا فسر السيد الخوئي الوحدة بالوحدة الماهوية والحال ان الوحدة في القاعدة ليست ماهوية. على كل البحث في هذه القاعدة طويل.
لله في كل شيء آية. اذا نمط وحداني موجود. يعني ان كل المخلوقات تشير الى التوحيد وفيه جهة الوحدة ولو في الحكاية. هذا لابد منه. فلسنا في هذا الصدد. فهذه النقوض في كثير منها خدشة عقلية.
ثم هذه الأمثلة التي جاء بها السيد الخوئي للنقض الماهوي. من قال ان الموضوع هو هذا. بل قد يكون الموضوع شيء لازم متكرر مع هذه الماهيات المتباينة. وقابل للجواب.
المهم نترك هذا البحث الى المطولات ونأتي للبحث القادم.
هل القواعد العقلية تطبق في قوانين الاعتبار ام لا وهذا بحث طويل نذكرها فهرسيا.
السيد الخوئي يقول لا يأتي كالسيد الخوئي والطباطباي يفصل لكن الصحيح ان القضايا الاعتبارية تكتنفها أمور تكوينية كثيرة كموضوعها والفعل وقضايا أخرى. فالقضايا التكوينية تحكمها ضوابط التكوين والقواعد العقلية.
من جانب ثاني افترض نبني في حقيقة الاعتبار من النظريات المتعددة بانه اعتبار. لكنه ليس جزافا فلابد ان يشير الى جانب معين من التكوين فضلا عما انتهينا اليه في آخر مبحث في الاعتبار من انه اعتبار تكويني مجمل وليس جزافا خياليا. هذا بحث فيه ثمار عظيم وتعرضنا اليه مفصلا في كتاب ا لعقل العملي في بداياته ونهاياته.
العلامة عنده رسالة في هذا المجال وقال ان الفلاسفة لم ينقحوا هذا البحث بل الاصوليون نقحوها وكل ما ذكر العلامة الطباطبايي مأخوذ من اساتذته النائيني والكمباني. هذا بحث في نفسه مهم ويأتي في مباحث كثيرة أصولية فقهية في علم القانون.
خلاصة الكلام هذا الاستظهار الذي يستظهره صاحب الكفاية. هو قال: ان الشرط احدهما يعني ان المفهوم في كلا الطرفين يبقى في حالة ثابت. هذا نوع من العلاج في التعارض في الشرطيتين بان نحمل الشرطيتين المختلفتين على انهما شرط واحد وهو الطبيعي الكلي الجامع بينهما وبالتالي لا تنافي ولا تعارض بين الشرطيتين. هذا تقريب جيد بغض النظر عن انه استظهار صحيح او لا لكنه محاولة على إبقاء الشرطيتين المتعارضتين. لكنه تأتي النوبة الى هذا التصرف اذا لم يكن علاج اقرب منه.
العلاج الذي يذكره السيد الخوئي جدا لطيف. والمظفر كالسيد الخوئي افاد هذا الجمع. هنا يبين السيد الخوئي مختاره ويقول ان في هاتين الجملتين الشرطيتين التنافي من اين؟ والتناقض من اين يأتي؟ كي نريد ان نعالجه. هذه النكتة جدا مهمة انه في مبحث التعارض في الايات والروايات والتعارض بين الدليلين أيا ما كان، اذا بدا التنافي الخطوة العلمية الأولى ان نشخص اين مركز التنافي. اما اذا اخذنا التنافي بابهامه واجماله فالعلاج يكون مخبوطا وسوف يؤدي الى ان نتصرف في الدلالة وزوايا الدلالة التي لا صلة لها بالتنافي والتعارض ولا مسوغ لان نتصرف فيها لان رفع اليد عن الظهور يحتاج الى مسوغ وقرينة وموجب.
من ثم لابد من التدقيق في مركز التنافي بالدقة. هذه خطوة أولى في مبحث التعارض. التدبر الاصولي والصناعي بالاليات المتعددة اين مركز التنافي.
حينئذ يبدأ السيد الخوئي يبين ويقول: اذا لاحظنا المنطوقين في نفسهما ليس بينهما تنافي ولا تناقض. لان خفاء الجدران سبب للتقصير وخفاء الاذان سبب في التقصير وليس مانع فيه. التقصير يحصل بخفاء الاذان وإما بخفاء الجدران. المنطوق في نفسه ليس بينهما تنافي.
يقول: نلاحظ بين المفهومين. «ان لم يخف الاذان فلا تقصير» «ان لم تخف الجدران فلا تقصير» ما فيه تنافي في نفسهما. هل ينافي هاتان الجملتان؟ ينفي التقصير لنفي الخفاء.
اعطيكم ضابطة عقلية مسلمة في علم الأصول والمنطق. اذا كان كيفية الحكم متفقة ما فيه تنافي قطعا. غاية الامر يكون عاما وخاصا حتى لا يكون تخصيصا. نعم اذا كان كيفية الحكم مختلفا ففيه تنافي. التخصيص والتقييد عند التنافي او عند اختلاف كيفية الحكم. اذا كان العام او الخاص كيفيته إيجابي والثاني كيفيته السلب او نافي. والا بدون اختلاف كيفية الحكم لا تنافي بينهما. من ثم اذا كان عاما وعاما وخاصا وكلاهما ينفي الحكم او يثبت الحكم لا تنافي بينهما. نعم بينهما سعة وضيق او تباين لكن التنافي ليس في البين. التناقض بين الوجود والعدم. لكن بين الوجودين او بين العدمين لا تنافي.
اذا التنافي بين «ان لم تخف الجدران لا تقصير» وبين اثبات التقصير مع خفاء الاذان. والعكس كذلك يتنافى نفي التقصير مع عدم خفاء الاذان مع اثبات التقصير مع خفاء الجدران. فالتنافي بين التقصير ولا تقصير.
فدائما التنافي مع اختلاف كيفية الحكم بين السلب والايجاب والوجود والعدم. فالمفهومان لانهما سلبيان او وجوديان لا تنافي بينهما. هذه التدقيقات المنطقية ضرورية في الاستنباط وبديهية.
فالتنافي هنا بين المفهوم والمنطوق. مفهوم احدهما ومنطوق الاخر والمنطوق اقوى دلالة من المفهوم اجمالا عادة. وان كان البعض لا يقبل. يقولون ان منطوق الجملة الواحدة مقدم على مفهومها نفسها. اما منطوق جملة أخرى لا دليل على تقدمه على مفهوم هذه الجملة.
وهذا القول يدعي بتقريب وبدعم قرينة أخرى ان المفهوم في الجملة الواحدة قوته من المنطوق في الجملة نفسها. وهم يعبرون ان المنطوق والمفهوم في الجملة الواحدة ان المفهوم مستتر او مكدس في الموضوع او منطوي في المنطوق. فالمفهوم معنى تركيبي مضغوط في المنطوق. بناء على هذا التركيب فالمفهوم يكون جزء المنطوق وخصيصة من خصائص المنطوق. هذا مبنى جملة من الأصوليين والبلاغيين.
على أي حال قوة المنطوق على المفهوم في جملة واحدة صحيحة لكن بلحاظ المفهوم في جملة أخرى ليس صحيحا.
المهم نريد ان نعيد خارطة التعارض. هل التعارض الان بين المنطوق ومفهوم الجملة الأخرى تناقض في استقلال الشرط او في انحصار الشرط؟ اذا ندقق ان التنافي في انحصار الشرط. هذه الجملة مفادها انحصار الشرط بخفاء الجدران والجملة الأخرى مفادها انحصار الشرط بخفاء الاذان. فيتعارضان. اذا نرفع اليد عن الانحصار فيرتفع التناقض بين المنطوق والمفهوم.
صحيح لو رفعنا اليد عن استقلال الشرطين فيرتفع التنافي. لكن الاستقلال مقدم على انحصار الشرط. في الدرجة الأولى الاستقلال وفي الدرجة الثانية الانحصار.
ما الفرق بين الانحصار والاستقلال؟ الانحصار مترتبة على الاستقلال. اذا كان التنافي في شيء متأخر فلماذا نصاعد التنافي الى شيء متقدم؟ هذا شبيه ما مر بنا في البحوث السابقة ان الميرزا النائيني اذا صار التزاحم في الامتثال الذي هو مرحلة متاخرة فيصاعد التزاحم الى المرحلة الفعلية او المرحلة الانشائية في الحكمين. ما الموجب لذلك؟ المرحلة الانشائية للحكمين لها موازينها ولها ضوابطها وليس هناك أي تناقض بين الجملتين الانشائيتين للحكم المتزاحمين كما في المرحلة الفعلية. التناقض والتدافع بين الحكمين في مرحلة الامتثال في مرحلة تكوينية فلماذا نوسع رقعة الداء او التناقض او التعارض؟ باي موجب؟ لذلك المشهور لا يوسعون. يقولون ان العالج للمحذور في مرحلة متاخرة عالج في تلك المرحلة فلا توسع رقعة السرطان. ما له موجب. بينما الميرزا النائيني يصاعد من مرحلة الامتثال الى بقية المراحل السابقة.
فأولا تشخص التعارض في أي مرحلة ثم تحاول بالآليات الموجودة في تلك المرحلة ولا توسع التعارض الى غير المرحلة. وان كان الوهم يبادر ان توسع التناقض. ليس الحرب في كل الجبهات. لم نوسع النزاعات حتى بين العدوين. اذا كان النزاع في زاوية فلماذا نوسع العداوة الى زوايا أخرى. الشيطان يريد حرق كل الأوراق. حتى العداوة بين العدوين تجب ان تكون حكيمة. اذا كان بينكم حرب اقتصادية لا توسعوا الى حرب عسكرية. كذلك بين الزوجين والصديقين وهلم جرا.
يقول امير المؤمنين عليه السلام بمضمون كلامه ان العدو الحكيم خير من صديق احمق. الحكمة وضع كل شيء بقدره.
القرآن يقول: قالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء. أصلا ما عندهم حق. هذا باطل لان النصارى يعتقدون بمعتقدات مشتركة مع اليهود وكذلك اليهود. لماذا نسيتم هذه المشتركات. الاية في هذا الصدد. تريد ان تقول ان الأشياء المشتركة الصحيحة بينكم لا تكفروها.