« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/11/15

بسم الله الرحمن الرحيم

تباين تعدد الشرط والأسباب والمسببات

الموضوع: تباين تعدد الشرط والأسباب والمسببات

 

كنا في المرحلة الأولى في هذا التنبيه من تعدد الجملة الشرطية كما ورد «اذا خفي الاذان فقصر» و«اذا خفي الجدران فقصر»

طبعا الاعلام في البعد الفقهي لم يأخذوا بحرفية هذا العنوان بل قالوا ان المقصود هو الطبيعة المتوسطة من الجدران لا العالية ولا السافلة. والخفاء من النظر أيضا هو الطبيعة المتوسطة والمعدل الوسطي في كلا الطرفين. هذا كبحث فقهي.

المهم البحث في هذا التنبيه بحث اثباتي في اصل اكتشاف التعدد القانوني الثبوتي في جعل الشرط. فهذا البحث اثباتي في انتقال الدال والدلالة الى المدلول. فهذا بحث في اصل وجود الدلالة على التعدد في الشرط وبعد اثبات تعدد الشرط والأسباب يأتي البحث عن تداخل الأسباب او عدم تداخلها. معنى التداخل يعني انها متعددة. فالبحث عن تداخل الأسباب مرحلة لاحقة عن اصل بحث تعدد الشرط جعلا وقانونا. فتداخل الأسباب لا ينفي التعدد القانوني للأسباب والشرط. مع ان تداخل المسببات متفرعة على المرحلة الأولى والثانية. تعدد الشرط يعني تعدد الأسباب وعدم تداخلها فتأتي نوبة بحث تداخل المسببات. فهو أيضا فرع تعدد الأسباب وتكثرها.

ففي الحقيقة هذا التعبير بتداخل الأسباب اسناد مجازي والا ان الأسباب متعددة وانما الذي يتداخل شيء آخر وليست هي الأسباب. كما ان المسببات المتداخلة اسناد مجازي والا ان المسببات لا تتداخل بل متعددة والذي يتداخل شيء آخر.

المهم ان هنا البحث في تعدد الشرط في الجملة اللفظية الكلامية يدل على التعدد القانونية في المرحلة الأولى. والمرحلة الثانية والثالثة تأتي في التنبيه اللاحق وهو بحث ثبوتي. اما هذا البحث فبحث اثباتي.

«إذا خفي الجدران فقصر» و «اذا خفي الاذان فقصر» التعبير في الأدلة «قصر» وليس «ابتدأ حساب المسافة» هذا أيضا مر في الحكم الفقهي.

قضية تساقط المفهوم او تساقط المنطوق بينها السيد الخوئي ان هذا التعارض لا يؤول ولا ينتهي الى التساقط لا تساقط المفهوم فضلا عن تساقط المنطوق. وهو تساقط بلا موجب. يعني ان مقام الدلالة شبيه الأسباب الاقتضائية لملاك الحكم الظاهري يعني ملاك الحكاية والكاشفية ولا يمكن التفريط في هذه الأسباب كمقتضيات والضرورات تقدر بقدرها. فلا بد من ملاحظة قدر المحذور. لذلك السيد الخوئي يقول ان المنطوق لا يسقط وكذلك المفهوم لا يسقط من رأس بل بمقدار المحذور. وهذا هو تفسير كلام المشهور في باب التعارض والسيد الخوئي لم يلتزم بهذا المبنى في أبواب الفقه.

فالميرزا النائيني يقول بالجمع الواوي لا من باب انه جمع عرفي بل من باب تساقط المفهوم والمنطوق والاخذ بالقدر المتيقن.

طبعا هذا الكلام من الميرزا النائيني بالقدر المتيقن معناه ان التساقط ليس للأدلة تماما. بل مقدار من مساحة الأدلة مسلم منطوقا ومفهوما. مفهوما كما اذا لم يخف الاذان ولم يخف الجدران فلا تقصير. هذا المقدار يقبله الميرزا النائيني مع انه تشدد في باب التعارض بالتساقط. لكنه هنا ارتكازا يبني على القدر المتيقن وهو يدل على عدم التساقط بالمرة وكذلك يعني ان الدلالة قابل للتفكيك. بل مقتضى القاعدة رفع المحذور والا الدلالة مثل التزاحم الثبوتي الموجود بين الأحكام الواقعية كذلك في الاحكام الظاهرية أن التعارض تزاحم في الحكاية وليس التزاحم بالمعنى الاصطلاحي. هذا التزاحم في الحكاية لا يقتضي تصدع الحكاية من رأس. وانما لابد من التوليف والموائمة بينهما لا ان نفرط بها.

السيد الخوئي والميرزا النائيني في الأصول وفي سيرتهم العلمية في أبواب الفقه يقولون ان التعارض تكاذب. والحال انه ليس تكاذبا بل تزاحم في الحكاية والكاشفية. بالدقة عند القدماء ان لم يكن ما يدل على الوضع والجعل بالدقة انت لا تقدر أن تفرط في أمارة كاشفة وطريق كاشف بل لابد من الجمع بينهما. كما اذا كان بين يديك دليلان قطعيان في العقائد بينهما تضارب. فالدعوى بالتساقط غير صحيحة لان ملاك الحكم الظاهري كملاك الحكم الواقعي بالدقة بينها تدافع وتزاحم وليس تناقض وتكاذب. التدافع ليس بمعنى الانعدام وانتفاء مرآتية الحكم الظاهري. وهذا هو الفرق بين مبنى القدماء والمشهور وبين مبنى السيد الخوئي من ان الطريقية التكوينية كالعدم. الحال انه رضوان الله عليه مع انه رائد الفن في زمانه لكنه خلط بين عدم الاعتبار واعتبار العدم. هذه مغالطة علمية انطوت في الاذهان وبيناها مرارا. اعتبار العدم مثل السحر والكهنة والشعبذة ولا حجية لها من رأس. والقسم الثاني هو الظنون غير المعتبرة وليست اعتبر عدمها.

القياس اعتبر عدمه وعند الشارع تشنج خاص تشريعي مع القياس وكذلك السحر وهذا الخلط في حجية الاخبار. بين اعتبار العدم وعدم الاعتبار. اعتبار العدم بمعنى أن ترتيب الأثر عليه مطلقا حرام. بخلاف عدم الاعتبار. اعتبار العدم يعني ان الطريقية التكوينية للأمارة الغاها الشارع. مثل مالية الآلات المحرمة والخمر والفعل المحرم. حيث الغاها الشارع وهو سحت. أما عدم الاعتبار غير اعتبار العدم.

كلام السيد الخوئي في هذا التنبيه طلاق مع مبناه في كل الأصول والفقه. يقول ان السقوط فيه حرج ديني وبأي وجه نرفع اليد عن مقتضى الحجية. فالرجوع الى الأصل العملي بلادليل. لابد من اثبات السقوط ثم الرجوع الى الأصل العملي.

فالوجود التكويني وإن لم يعتبره الشارع موجود. السيد الخوئي في كل علم الرجال القرائن غير المستقلة في الاعتبار يعتبره اعتبار العدم. والحال انه خلاف المشهور. لا يمكن ان يقال ان حادثة ذكرها مقتل متأخر في مقتل الامام الحسن اعتبار العدم. عدم اعتباره شيء ولكن لا يقال معتبر العدم. التاريخ عبارة عن مجموعة قصاصات كل البشر وكل العقلاء ويجمعون القصاصات. لا يمكن ان تقيّم قصاصة بمفردها. لابد من الضمائم.

عدم الاستقلال ليس معناه اعتبار العدم وهذا هو البحث في هذا المبحث في مفهوم الشرط. غاية الامر نثبت عدم الاستقلال او الحجية الاقتضائية او جزء الحجة. أسماء عديدة لهذا المبحث الصناعي. راجعوا كلمات السيد الخوئي في هذا التنبيه. كيف يبين ويبرر هذا المبنى من القدماء. وياليت اتخذ هذا المنهج في الفقه والرجال.

هذا المنهج يتركب من عدة قطعات. الفرق بين عدم الاعتبار واعتبار العدم. وعدة أعمدة أخرى فيتكامل. ومنها الخلط الموجود بين المعاصرين في نظام الحجج وهذا يؤدي الى التأثر في علم الكلام والتفسير لان الأصول عبارة عن منطق العلوم الدينية.

قبل ان تدخل في علم الرجال وتختزن معلومات هائلة وجمع المواد الضرورية في الفقه والرجال لابد من المنهج والهندسة. يمكن ان ترسل شيئا ارسال المسلمات و هو خطأ. المشكلة في الوعي العلمي قضية خطورة المنهج وهو الهندسة. المواد كثيرة الى ما شاء الله. لكن الهندسة والبصيرة في الهندسة اعظم واعظم.

ماذا معنى الثقلين لما يقول النبي صلى الله عليه وآله بمعية الثقلين. اوحادية القرآن او معية القران. ماذا هندسة هذه المعية. صار سبعمأة سنة او اكثر نزاع بين الأصوليين والاخباريين في هذه الهندسة العظمى. بل ربما ثمانمأة سنة وهو شيء صعب وعظيم. كيف تهندس هذا المنهج. لابد من علم الأصول والدقة فيه حتى تعرف كيفية هذه الهندسة.

ترك النبي الثقلين معا ولا يتقدم احدهما على الآخر. وجمع بين السبابتين وما جمع بين الوسطى والسبابة. يعني لا يتقدم احدهما على الآخر. هذه الدقة اعجاز. ربما الطباطبايي على عظمته ولا نستخف بجهوده وعظمته ومدى سعيه يغفل في كيفية هذه الهندسة والنقد ليس معناه التكفير والإسائة. منهج التكفير والاسائة منهج الداعش والخوارج. لكن باب النقد مفتوح. لابد من البصيرة في المنهج لانه منطق ويمنهج لك بشرط ان تستثمره. مذهب علماء الامامية التخطئة وليس التكفير. والتخطئة فرقها عن التكفير وسوء الأدب والتفسيق واضح. ما لك حق ان تفسق وتكفر. لكن النقد العلمي حيوية.

هذا المبنى مبنى المشهور و القدماء عدة قطعات وعدة أعمدة. عمود منها ان عدم الاعتبار غير اعتبار العدم. وكذلك قضية ان الاحكام الظاهرية بلحاظ ملاكها الكاشفية مقتضية. مثل ملاكات الاحكام الواقعية والتزاحمات والتأثيرات في الملاكات.

فهذا المبنى الذي شيده السيد الخوئي هنا نعم التشييد وهو كلام صناعي لكلام القدماء.

والخدشة في كلام الميرزا النائيني رحمه الله أيضا صار واضحا لان دعوى التساقط في المنطوق والمفهوم بلا موجب.

صاحب الكفاية في احد الوجوه للجمع في هذا المقام قال نجمع بان الشرط لا هو خصوص خفاء الاذان ولا هو خصوص خفاء الجدران ولا نجمعها بالواو بل نجمعها بالجمع بعنوان احدهما. استنادا الى قاعدة الجمع لا يصدر منه الا الواحد.

هنا السيد الخوئي عنده اشكال يبتني على مباني عقلية في البحث العقلي. يذكرها ويخدش استناد الآخوند على هذه القاعدة.

في جانب آخر غير الإشكالات التي ذكرها في القاعدة وسنذكرها في الجلسة اللاحقة يقول السيد الخوئي ويبني عليه وكذلك السيد الخميني ويفصل الطباطبايي فيه تبعا لاستاذه الكمباني: ان المباحث العقلية هل تجر الى مباحث الاعتبار والعلوم الاعتبارية مثل علم الفقه والاحكام الشرعية والقانون ام لا؟ فهذا مبحث حساس

نشير الى هذين المبحثين اجمالا.

فالمؤاخذة على الاخوند أولا عقلية في نفس القاعدة ثم استعمال هذه المباحث العقلية في عالم الاعتبار والقانون ويقول السيد الخوئي غير صحيح. هذا المبنى الثاني مبنى حساس. السيد الخوئي في اجتماع الامر يستخدم المباحث العقلية وكذلك في الضد. متى نستخدم ومتى لا نستخدم.

بعد ذلك نصل الى مختار السيد الخوئي ومختاره قويم لكنه يحتاج الى توضيح

logo