46/11/06
اختلاف الحكم ومفهوم الشرط/ مبحث المفاهيم/الالفاظ
الموضوع: الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ اختلاف الحكم ومفهوم الشرط
كان الكلام في هذا المثال وهو تنبيه مستقل برأسه «اذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء» يعني فيما اذا كان الجزاء حكما انحلاليا ولم يكن حكما وحدانيا. فإذا كان حكما انحلاليا فهل يتقرر مفهوم الشرط ام انه لا يتقرر؟
هذا البحث يحتاج الى نقاط تمهيدية وهذه النقاط أساسية واصولية ف صناعات الاستظهار اليومي في الالفاظ.
مر بنا ان المتكلم في صدد بيان عموم الموضوع بالمعنى اللغوي لا الموضوع بالمعنى الاصولي. يعني ما يبتدأ به الكلام لبا وليس صورة.
على ضوء هذه النكتة ملاحظة الدليل يعني قضية لفظية مع قضية لفظية أخرى وملاحظة النسبة بينهما من النسب الأربع (العموم والخصوص من وجه والمطلق والتباين والتساوي والتخالف) لا محالة سيكون معيار تحديد النسبة هو الموضوع بالمعنى اللغوي. ان تلاحظ النسبة بين دائرة الموضوعين اللغويين لبا في الجملتين المتعارضين وهذا هو الدارج بين الاعلام. وهذا عماد البحث في الاستظهار اليومي في أبواب الفقه.
هنا ابتكار السيد الخوئي ولو هو لم يثيره هنا بل اثاره في موارد أخرى لكن بالتالي على ضوء هذه الضابطة في الاستظهار يمكن ان يثار هنا.
لو كان بين الدليلين بلحاظ الموضوع نسبة من النسب الأربع كعموم الأول وخصوص الثاني ولكن اذا لاحظناهما بلحاظ المحمول قد تنقلب النسبة. هذا احتمال ثاني ان نلاحظ النسبة بين الدليلين بلحاظ المحمولين.
مثلا الدليل الأول: «كل شيء لك طاهر» كل شيء عام لكن المراد من الطهارة هو الطهارة الواقعية الطبعية. بينما الدليل الثاني «الماء طاهر بكل طهارة» فاذا لاحظنا موضوعي الدليلين سنرى ان الأول عام والثاني خاصا واذا لاحظنا المحمول فهو في الأول خاص وفي الثاني عام ويشمل أنواع الطهارة. فتنقلب النسبة بين الدليلين لو لاحظنا المحمولين. فالخاص يقدم على العام فاي خاص يقدم؟
الاحتمال الثالث ان نلاحظ مجموع الموضوع والمحمول في كل قضية. وقد تنقلب النسبة بينهما وربما يكون النسبة العموم والخصوص من وجه. فأيها نختار؟ النسبة بلحاظ الموضوعين او المحمولين او المجموع؟
هذا البحث يوكل الى بحث العام والخاص والمراد منهما، مر بنا ان القضية يمكن ان تؤول بمفرد ولو مفرد تركيبي كالمضاف والمضاف اليه. فإذا لاحظنا تأويل القضية الى مفرد فالمفرد مع المفرد سيكون مجموع الموضوع والمحمول. وهذا يفرق لان العام والخاص والمطلق والمقيد ضابطة مهمة بين الأدلة.
الذي يساعد القول الدارج ان المتكلم في صدد بيان شؤون الموضوع وليس شؤون المحمول او قل شؤون المحمول من ناحية الموضوع. بناء على هذه القاعدة لابد ان نلاحظ الموضوعين في الدليلين والنسبة بينهما.
لكن بناء على ان القضية تؤول الى المفرد فيلاحظ المجموع ولا يمكن ان نهمل المحمول بتاتا. فالشواهد لكل من الاقوال موجودة. هذه ابتكار جدا مهم وانتبه اليه السيد الخوئي ولعل قبله أيضا تنبه اليه ولكن لم اجده. هذا الابتكار كان في أواخر الدورة الثانية او أوائل الدورة الثالثة.
هذا كله بناء على ان الغالب ان المتكلم في صدد بيان شؤون الموضوع لا المحمول. أما لو قامت قرينة خاصة على ان المتكلم في صدد بيان الموضوع والمحمول فيتعين الاحتمال الثاني او الثالث لا الأول. ومر بنا ان هذا ليس شيئا ممتنعا عقليا بل انما هو دارج استعمالي ومحاوري.
نذهب الى المثال في المقام بعد هذه النقاط التمهيدية العامة في الأبواب الأصولية.
اذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء.
الماء مطلق. لا ينجسه شيء هل المراد من النجاسات فقط او النجاسات والمتنجسات؟ هنا نحتاج الى ا لاطلاق في متعلق المتعلق لا فقط في المحمول يعني ان جانب المحمول هنا والجزاء هو التنجس وعدم التنجس وفيه المتعلق وسبب التنجيس والملاقاة وفيه الشيء والمراد منه اعيان النجاسات او المتنجسات أيضا.
قبل ان نواصل البحث نعيد الضابطة.
هذا الذي نقلناه عن الاعلام ان المتكلم عادة في صدد بيان شؤون الموضوع او شؤون المحمول من ناحية الموضوع، في الجمل الحملية واضح فماذا عن الجملة الشرطية؟ هل يقال ان المتكلم في صدد بيان الشرط وليس في صدد بيان الجزاء مع ان الجزاء هنا قضية؟ هل نتعامل مع الجزاء بشكل مستقل ونتعامل مع الشرط أيضا بشكل مستقل؟ يحتمل ان يكون الجملة الشرطية المشتملة على الجملتين يجري الاطلاق في كليهما ثم في الجملة الكبيرة التي تربط بينهما. اثارة السيد الخوئي هنا أوضح.
هنا لاحظ ان الاعلام في الجزاء لم يستشكلوا في الاطلاق. كمنطوق ما استشكلوا في الاطلاق. هل الضابطة في الحملية؟ حتى الجزاء «لم ينجسه شيء» الشيء موضوع لغوي يشمل الاعيان النجاسات والمتنجسات والمهم انهم اجروا الاطلاق في الشيء.
هذا التنبيه معقود في المفهوم. هل المفهوم انه اذا لم يبلغ قدر كر ينجسه كل شيء؟ موجبة كلية او موجبة جزئية؟ نزاعهم في المفهوم وليس نزاعهم في المنطوق.
حينئذ نحتاج الى مقياس معياري مهم انه كيف ينطبق العموم في الجملة الشرطية وكيف ينطبق في الجملة الحملية؟ الجمل الشرطية طبيعتها جمل مركبة. هذه بحوث دقيقة لابد من مراعاتها. الارتكاز الإجمالي ليس له حول ولا قوة في التحليل التفصيلي فلابد من الأدوات التفصيلي والابهام في الاستظهار عسرة في الاستنباط.
اذا محل البحث في هذا التنبيه مفهوم الجزاء. لان الاعلام في الحقيقة في باب الطهارة والنجاسة سيما متأخروا الاعصار يقولون ليس لدينا دليل عام دال على تنجس وانفعال الماء القليل بكل متنجس. ليس فقط الماء القليل بل قرروا بحسب استقراء الأدلة في باب الطهارة والنجاسة انه ليس لدينا دليل ان كل متنجس ينجّس. اشكال المتاخري الاعصار في المتنجس عمومية دليله من زاويتين.
زاوية المتنجس كفاعل والموضوع؛ كل متنجس هل الأول او الثاني او الثالث او ... وزاوية ثانية انه ما المنفعل بالمتنجس؟ الماء القليل او الاجسام الرطبة؟ او لا؟ بعض المتاخرين كصاحب الشرائع على ما ببالي ان كل متنجس ينجّس. نسأل باي دليل؟ فإذا في بحث أن المتنجس ينجّس فيه اشكال في وجود الدليل.
الكلام هنا يقع في هذه الجملة المستفيضة «اذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» بالفاظ مختلفة وتراكيب مختلفة. هل يا ترى نستطيع ان نؤسس دليلا عاما في منجسية المتنجس من مفهوم هذا الدليل؟
فإذا البحث حساس من جهة المفهوم. سيما بعض المتنجسات اذا بنينا على ان المتنجس بلغ ما بلغ ولو بألف واسطة ينجس والطرف الاخر ينفعل نفس الكلام يصير مشكلة.
من ثم هنا دققوا في ضوابط مفهوم الشرط. هنا الحكم انحلالي في اعتصام الكر في المنطوق. ان الكر يعتصم من كل شيء. وفي جانب المفهوم هل ينحل المفهوم الى موجبة كلية؟ يعني ان الماء القليل ينفعل بكل شيء.
الميرزا النائيني اعطى ضابطة عامة بغض النظر عن هذا المثال المهم الأساسي وهي في موارد انحلال المنطوق. السيد الخوئي اصر على ان الضابطة التي يذكرها الميرزا النائيني غير صحيحة والمفهوم مطلقا في موارد انحلال المنطوق قضية جزئية ويأتي بشواهد لغوية والاعتماد على الشواهد ليس صحيحا لان الشواهد فيها خصوصيات والقرائن الخاصة. فلابد ان ندقق في الضابطة التي ادعاها الميرزا النائيني وردود السيد الخوئي.
لنبدأ بكلام النائيني وهو بالنسبة الى هذا المثال الفقهي أيضا عنده معالجات صغروية بغض النظر عن مبناه الكلي في مفهوم الشرط. فلابد ان نفكك بين الكبرى والصغرى وخصوصيات الصغرى والكبرى وفي معمعة البحوث الدقة الصناعية في تفكيك المباحث خطوة خطوة.
عند الميرزا النائيني كلام كبروي وعنده كلام في الصغرى والسيد الخوئي لا يتفق مع استاذه لا في الصغرى ولا في الكبرى.
اصل الفهرسة الاجمالية لابد ان يكون واضحة. اصل المبحث اجراء العموم في المفهوم لا المنطوق. العموم في المنطوق مسلم عند الاعلام وانما نزاعهم في المفهوم.
الضابطة التي يذكرها الميرزا النائيني
النقاط التمهيدية
النقطة الأولى: ان اللغة المنطقية لا تعمل في اللغة اللغوية. ان اللغة المنطقية عقلية بحتة اما في جانب الاستنباط لابد من الحواريات العرفية. كي يقول ان نقيض السالبة الكلية ليس الموجبة الجزئية بل عرفا قد يكون نقيض السالبة الكلية (الاعتصام والمنطوق سالبة كلية) موجبة كلية (التنجس والمفهوم موجبة كلية)
النقطة الثانية: ان الذي في الجزاء علق على الشرط هو مدار المفهوم. ان الذي في الجزاء هل هو عموم الحكم او الحكم العام؟ ماذا الفرق بينهما؟
مثل ان تقول: أصول القانون او قانون الأصول. المعنى يختلف. إدارة القانون او قانون الإدارة والمعنى متباين. عموم المضاف غير مضاف العموم. هذا التركيب ذكروها في علم المعاني ان تقدم المضاف وتأخره فالمعنى يختلف. وتقع احد أبواب المغالطات في المواثيق الدولة او العقارية والمعاملية وتلاعب مغالطة.
هنا يقول الميرزا النائيني ان كان المعلق على الشرط هو عموم الحكم فالنتيجة شيء وان كان المعلق في الجزاء حكم العموم فالنتيجة شيء آخر.
اذا كان المعلق حكم العموم فالمفهوم يكون قضية كلية ويتقرر ويمكن ان يتمسك به. فهنا المعلق في المثال حكم العام فالقليل ينجسه كل شيء فيثبت المفهوم.
اما اذا كان المعلق عموم الحكم فلا يثبت المفهوم. رفع العموم باللاعموم. فيكون المفهوم جزئيا وفي المثال يكون موجبة جزئية.
فاذا كان المعلق حكما عاما فيكون حكما انحلاليا ويثبت المفهوم بشكل عام وكلي واذا كان المعلق عموم الحكم فالحكم ليس انحلاليا في المفهوم ولا يثبت المفهوم لان رفع العموم بالشيء الجزئي.
ما هي الأدوات الاستظهارية؟ حتى السيد الخوئي لا يناقش في صحة كلامه لكن لا يقبله في النتيجة. كذلك بحث علماء البلاغة في علم المعاني. البحوث مجهرية ومحل الابتلاء. واجمالا البحث الكلي مهم.