46/10/27
الاطلاق بدل لدلالة مفهوم الشرط/ المفاهيم /الالفاظ
الموضوع: الالفاظ/ المفاهيم / الاطلاق بدل لدلالة مفهوم الشرط
وصل بنا الكلام في مفهوم الشرط الى التقريب الذي ذكره الميرزا النائيني في إجراء الاطلاق في الشرط هو كما مر نوع من اجراء الاطلاق في الحكم لكن من ناحية الشرط والموضوع.
فهو تارة بمعنى الاستقلال بما يفيد نفي «الواو» يعني ليس معه ضميمة وتارة يفيد الانحصار في مقابل مفاد «او». فيجري الاطلاق عنهما ويثبت المفهوم.
لانه لو كان قيد آخر او سبب آخر ضميمة او مستقل لما كان هناك اطلاق للشرط. «ان خفي الاذان فقصر» و« ان خفي الجدران فقصر» سببان مستقلان عن بعضهما البعض فلا محالة يكون المحصل «ان خفي الاذان او خفيت الجدران فقصر» فنتيجة التقييد بالأو يكون هكذا ويكون المحصل النهائي الجدي مقيدا.
فإذا نشك في التقييد نجري الاطلاق فلا يكون هناك في البين سبب وهذا بلحاظ الانحصار. وهكذا بلحاظ الاستقلال «ان خفيت الجدران وخفي الاذان معا» فنشك ان المجموع يكون قيدا فنجري الاطلاق. فيفيد الاستقلال. واستقلال وانحصار اذا أجرينا الاطلاق. فيترتب المفهوم وكل شرائطه متوفرة.
طبعا سنخ الحكم الكلي فالميرزا النائيني باعتبار انه افترض في المعنى الكلي يكتفي بهذا المقدار في الضابطة الأخيرة للمفهوم. كما مر بنا ان للمفهوم عدة ضوابط.
اشكل السيد الخوئي على الميرزا النائيني بان هذا التقريب الذي يذكره أولا لا يختص بالجملة الشرطية بل يجري في تركيب الوصف والغاية والعدد ويجري في كل تركيب قيدي. كل تركيب قيدي اخذ موضوعا للحكم فنشك ان هذا القيد له ضميمة واوية او بدل فيجرى الاطلاق و يتقرر ان القيد مستقل انحصاري وهذا ما لا يقول به الميرزا النائيني.
بالتالي ليس خصوصية للشرط بل الخصوصية لكل قيد. بينما المفروض في تقريب مفهوم الشرط بيان خصوصية مختصة بخصوص الشرط لا شيء آخر.
اشكال ثاني اشكله السيد الخوئي وغيره على الميرزا النائيني بان المتكلم غالبا ليس في مقام بيان هذه الخصوصيات التي ذكره الميرزا النائيني. سيما في الاطلاق الأوي. الواوي قد يكون له وجه لكن «او» موضوع آخر وسبب آخر. المتكلم غالبا في صدد ان الحكم مسبب عن هذا القيد وهو في صدد اصل التسبب وهذا واضح وظاهر. اما ان هذا التسبب ليس له بديل فليس المتكلم في هذا المجال غالبا.
سؤال: اذا كان المتكلم في مقام بيان الأسباب فماذا؟
الجواب هذا مقام آخر، نحن كلامنا في اصل تركيب الشرط او اصل تركيب الوصف او الغاية او العدد. هذا الذي تقوله يسمونه مفهوم التحديد وسيأتي ان الكل يقبله. ويعتبرونه مفهوم التحديد لكنه ليس المتكلم دائما في مقام التحديد. نعم، في صحيحة حماد بن عيسى ان الإمام في مقام التحديد او صحيحة زرارة او صحاح أخرى في بيان الامام الباقر والصادق لحج النبي آدم والنبي إبراهيم سيأتي انه في مقام التحديد. اما غيرها من المقامات فلا. فلا نخلط بين مقام التحديد وبين خصوصية تركيب الوصف وتركيب الشرط والغاية والعدد. هل له خصوصية او لا؟ ولو خصوصية اطلاقية.
اشكل على الميرزا النائيني بان المتكلم ليس في مقام بيان الأسباب الأخرى ولا في مقام منظومة الجعل كلها. هو في مقام ان هذا الشرط او هذا الوصف او العدد قيد وهذا صحيح لكن الأكثر من ذلك ليس المتكلم في مقام الحصر وهذا واضح بل ليس حتى في مقام نفي الضميمة. لماذا؟ لانه في مقام ان هذا القيد له تأثير. مثلا قصد المسافر ثمانية فراسخ دخيل في الحكم والقصر اما بعد ذلك يأتي دليل ويضمم عدم نية المعصية وعدم كثرة السفر فلا ينافي ظهور الآية الكريمة «إذا ضربتم في الأرض فلا جناح عليكم ان تقصروا» ليست في مقام ان هذا الشرط ليس له ضمائم وقيود أخرى. انما في صدد ان هذا القيد دخيل وسبب. اكثر من ذلك يحتاج الى معونة ولا امتناع من وجود المعونة اما صرف التركيب الشرطي او الوصفي او الغاية لا تتكفل كونها قرينة عل ان المتكلم في مقام الاستقلال فضلا عن الحصر. لأن الانحصار اصعب من الاستقلال. لان الاستقلال شئون نفس الشيء بخلاف الانحصار لانه اطلاق عن شيء اجنبي.
لا يضر الصائم إذا أمسك خصلتين الشرب والاكل. ربما صاغ هذا الظهور بأن بقية المفطرات ليست مفطرة بل تكون محرمة تكليفا. ليس هذا المعنى. ما اكثر هذه الموارد ليس الشارع في مقام بيان الاستقلال والانحصار. ربما يكون في مقام المفطرات للحلقوم، لا المفطرات الأخرى من الجوارح الأخرى.
بالتالي يرد على الميرزا النائيني بانه قرب هذا البحث في مفهوم الشرط من ناحية قيدية الشرط وهذا بحث المفهوم الصغير وهو اصل القيد كالشرط والغاية والعدد والقيد له مفهوم لكنه المفهوم الصغير وسيأتي.
بخلاف ما نحن في صدده من المفهوم الكبير يعني ان ينفى القيد الواوي والقيد الأوي للدلالة على عدم الاستقلال والانحصار لكلي الحكم. فلا نخلط بينهما. هذا مجمل اشكال الاعلام.
لكن هذا الاشكال قابل للجواب.
اذكر تقريب الاطلاق في الاسناد وتقريب الاطلاق في الحكم لانه اشكل عليه بنفس الإشكالات.
الاطلاق في الاسناد او الحكم يعني مقاربا بدل ان يجري الاطلاق في الشرط يجري في نفس الهيئة. مر بنا ان الشرط والجزاء بنفس الشرط والجزاء متلازمان والاسناد بينهما متلازم. وفرق بين ذات الشرط بدون وصف الشرطية وذات الجزاء بدون وصف الجزاء وبدون وصف الرابط بينهما.
من ثم تقريب الاطلاق في الاسناد او في المحمول والجزاء متقارب مع ذاك التقريب أيضا مقابل الواو او مقابل الأو لكن نجري في هيئة الحكم او في الاسناد وهو معنى حرفي. بخلاف ان تجري في نفس الشرط.
مر بنا انه ما هو الفرق بين ذات الشرط والشرط بعنوان الشرط وبين الإسناد وبين الحكم؟ فيه فرق. اكثر مما مر بنا وسبق ان بينا لا بأس ان اذكر زيادة على ذلك.
ذكرنا معاني لاصطلاح الموضوع والان نذكر بقية المعاني لهذا الاصطلاح.
احد معاني الموضوع للحكم عند الأصوليين يعني كل قيد حكم وهذا معنى عام. مثلا في صلاة مسافر ثمان قيود للحكم. فكل قيد للحكم والوجوب معنى عام للموضوع
ومعنى اخص يقصدون منه القيد الأهم والاكبر للوجوب مثل المسافة والسفر في وجوب القصر. لذلك يسمى صلاة المسافر. هذا البحث مفيد جدا. ركزوا على هذا المعنى لان القيود الأخرى غير القيد الأكبر قيديتها هي على أنماط وهذه الأنماط يترتب عليها آثار عديدة جدا. بقية قيود الوجوب غير القيد الأكبر إما ان تكون قيدا للقيد الأكبر وبتبع ذلك يكون قيد الحكم. مثلا قصد المسافة تبع للمسافة وواضح انه تابع. أما قيد عدم المعصية او عدم المرور للوطن او عدم كثرة السفر ليس وصفا للمسافة بل قيد بنحو الضميمة واجنبي عن المسافة. فيه فرق كبير وآثار كثيرة.
شبيه ما يقال: أجزاء الصلاة ان ذكر الركوع قيد للركوع ثم يكون قيدا في الصلاة بخلاف الركوع نفسه. ففرق بين الركوع وذكر الركوع. ان الركوع قيد مباشر للصلاة لكن ذكر الركوع ليس قيدا مباشرا. لذلك عندنا جزء وعندنا جزء الجزء وفرق بينهما وكذلك في الشرط وشرط الشرط.
مثلا: ليس كل ما في الركن ركن. مثلا ذكر الركوع وذكر السجود ليس ركنا في الصلاة. ولها آثار كثيرة في الابواب الفقهية.
اذا بقية القيود إما قيد للقيد الأكبر او اجنبي عن ذاك القيد وهذا يؤثر في بحث العدم الازلي وغيره من الآثار.
قد يكون حالات بقية القيود عجيبة. مثلا قيدان مع بعضها البعض وصف وموصوف لكن بالنسبة الى القيد الأكبر ليسا وصفين له. مثلا في صلاة المسافر ثمان قيود يمكن ان تفرض تشكلات وقوالب متعددة ويجب استرسال الباحث في قيود الوجوب. لانها قد تكون بانماط مختلفة وغالبا احد العقد في الأبواب والمسائل احد زوايا مفتاح العلاج فيها التثبت في كيفية قيدية القيد لقيد الوجوب.
أيضا من اصطلاحات الأصوليين في الموضوع يعبرون عنه الموضوع الدليلي والموضوع العرفي والموضوع الاستصحابي وهذا جدا مهم في باب الاستصحاب والابواب الأخرى.
الموضوع الدليلي او موضوع الدليل او الموضوع الدلالي يقصدون الموضوع الذي اخذ فيه الفاظ الدليل الواحد او مجموع الأدلة. هذا الموضوع بحذافيره يسمى الموضوع الدليلي.
الموضوع العرفي غالبا يلاحظ العرف القيد الأكبر. قد يكون في الحكم قيدان اكبران واربع قيود اكابر والقيود غير الاكابر وصفا لها وتبعا لها. قد يكون أربع قيود بينها تركيب انضمامي وبقية القيود تبعا لها. لا نظن ان القيد الأكبر فقط واحد بل قد يكون أكثر.
الموضوع الاستصحابي أوسع من القيود العرفية.
اجمالا هذه شئون في الموضوع بلحاظ الأبواب المختلفة والزوايا المختلفة وكيفية ارتباط الحكم بها مع ان موضوعية الموضوع متلازم مع الحكم بما هو محمول بوصف المحمولية لكن اجراء الاطلاق او شئون الحكم بما هو هيئة امر مثلا في الجزاء يختلف عن الشرط كجملة اسمية. ويختلف عن هيئة الجملة الثالثة الرابطة بين الشرط والجزاء او في الجملة الاسمية. كل هذه الموارد فيه اختلاف.
اشكل على اجراء الاطلاق في الحكم والإسناد تارة بانه معنى حرفي وتارة بان المتكلم ليس في صدد المحمول وانما في صدد بيان شئون الموضوع.
لكن مع ذلك يمكن الدفاع عن تقريب الميرزا النائيني بهذه النكتة.
الكلام في الحاجة الى تقريب الميرزا النائيني فيما اذا لم تستعمل أدوات التعليق «إن و إذا» ما شابه ذلك. والكلام في ما اذا استعملت أدوات أخرى في الشرط في تقدير الثبوت للثبوت هل يتم هذا البيان ام لا؟
الصحيح انه اجمالا يتم ان لم تكن قرينة مخالفة. ليس الامر منحصرا بالتعليق الذي ذكره جماعة من البلاغيين والاصوليين. بل حتى في تقدير الثبوت للثبوت. طبعا هذا بنحو الاقتضاء ويتمم بالاطلاق وقد تكون هناك قرينة معاكسة وهذا صحيح ولا ننفيه.
الوجه: حتى الأدوات الأخرى في الجمل الشرطية التي تستعمل في معنى تقدير الثبوت للثبوت لغويا تسمى جملا شرطية. صحيح انه ليس في معنى التعليق وهذا مزيد في قوة معنى الشرطية لكن بالتالي تقدير الثبوت للثبوت معنى شرطي
بعبارة أخرى: تارة ذكر الميرزا النائيني ان الجملة الاسمية تؤول الى الجملة الشرطية يعني تقدير الثبوت للثبوت والجملة الشرطية تؤول للجملة الاسمية الحملية وهذا صحيح. لكنه بين التأويل وبين المطابقة فرق. التأويل يعني ينتهي والمتنهى اليه غير المنتهى. لبا في بطن الجملة الشرطية جملة حملية وليكن لكن البطن غير الظاهر. اذا هناك ثنائية متباينة بين الجملة الاسمية وبين الجملة الشرطية.
يجب ان نركز على هذا التباين وسنرى ان الإشكالات التي ذكرت على الميرزا النائيني مدفوعة بهذه النكتة.
ان شاء الله نتمم بيان هذه النكتة