« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/10/24

بسم الله الرحمن الرحيم

اختلاف إطلاق الموضوع والمحمول والإسناد/ مبحث المفاهيم/الالفاظ

الموضوع: الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ اختلاف إطلاق الموضوع والمحمول والإسناد

 

كان الكلام في البدائل عن مفهوم التعليق بإجراء الإطلاق إما في الشرط او الحكم او الاسناد. ومر بنا ان الإطلاق في هذه الأمور الثلاثة يختلف عن بعضها البعض.

فتقريب الميرزا النائيني تقريب قوي لا بأس به بأن ظاهر الدليل «عصير العنب إن على يحرم» هو الحصر بالغليان وإلا لو كانت الحرمة مترتبة على شيء ضميمة للغليان أي معية شيء آخر مع الغليان فالمفروض ان يأتي بالواو في الشرط. فإطلاق الشرط يقتضي انه علة او شرط مستقل.

ولو كان له بديل لكان يأتي بقيد «او» او بدليل آخر والإطلاق المقابل للتقييد يفيد الانحصار. فإذا الاطلاق المقابل للتقييد بالواو يفيد الاستقلال والاطلاق المقابل للتقييد بأو يفيد الانحصار.

بإجراء الاطلاق في الشرط يمكن تقرير ان الشرط علة مستقلة منحصرة وهذا تقريب الميرزا النائيني رحمه الله.

عطفا على ما مر بنا أمس: ما هو الفرق بين إطلاق الموضوع او الشرط وبين إطلاق المحمول او الجزاء وبين الإطلاق في الإسناد في الجملة الشرطية او الحملية؟ والإسناد يعني همزة الوصل والرابط بين الجملتين؟ لانه قد يقال انه يرجع الى الحكم.

تعرضت لتقريب الميرزا النائيني كي أوضح المغايرة التصورية بين الثلاثة.

الشرط في الإطلاق المقابل «الواو» الشرط في الاطلاق المقابل «او» يلحظ بما انه قيد الحكم لا بما هو هو. فبالتالي كأنما الاطلاق في الحكم لكن من جهة الموضوع.

ما الفرق بين الاطلاق في المحمول او الاطلاق في قيد المحمول؟ كانما هما شيئان سيان. هكذا يترائى للباحث. على ضوء ذلك يمكن ان يتساؤل سائل ان المتكلم في صدد تفصيل الموضوع وليس في صدد تفصيل المحمول وكلما كان للموضوع من أفراد او سعة او كذا فيترتب عليه المحمول. هكذا إذا أردنا أن نفصح عن ما يكون المتكلم في صدده في بيان الموضوع وليس في بيان تفاصيل المحمول

كما أن المتكلم ليس في بيان تفاصيل مصاديق الموضوع وانما في صدد تفاصيل الموضوع. فالمحمول بيان اجمالي ومصاديق الموضوع كذلك. هذه ثلاث مقامات والمتكلم في صدد بيان تفاصيل الموضوع. قاعدتان في بنية الموضوع.

اليوم مر بنا ان الموضوع قيد للحكم والمحمول فالتعرض للموضوع بما هو قيد الحكم تعرض للمحمول. فكيف الاطلاق في الموضوع او الشرط يختلف عن المحمول والحكم؟ هذا تساؤل من البداية.

مر بنا ان ذات الموضوع يختلف عن ذات المحمول أما الموضوع والمحمول والإسناد كانما شيء واحد لانها ثلاثة أمور متلازمة. سواء في الجملة الشرطية او الحملية.

اضف الى ذلك، دعونا نتعرض الى كلام السيد الخوئي المرتبط بهذا المبحث وان كان يذكره في العام والخاص والمطلق والمقيد وليس مرتبطا بالبحث في المقام لكنه يسلط الضوء على هذا البحث في ثلاثية الموضوع والمحمول وهمزة الوصل. طبعا هذا المبنى جدا حساس ومهم وظاهرا تبناه او ابتكره في الدورة الثالثة. ودرس السيد الخوئي في الأصول ست مرات او خمس مرات ونصف.

ما هو المبنى؟

النسب الأربع كالعام والخاص المطلق ومن وجه ومتباينان ومتخالفان.

المدار في النسب الأربع ودراستها بين القضايا هل هو الموضوع او هو المحمول او هو مجموع الموضوع والمحمول؟ تقريبا نفس الاثارة التي هي هنا. الاطلاق في الموضوع والاطلاق في المحمول والاطلاق في الجملة الرابطة بين الموضوع والمحمول كانما المجموع.

هذا البحث من السيد الخوئي جدا مهم بغض النظر عن المقام في المفاهيم والاطلاق وتغايره بين الموضوع والمحمول. لان اصل البحث في العام والخاص وتقدم الخاص على العام والتغاير والتناقض حساس في معالجة الأدلة مع بعضها البعض.

المعروف ان الخاص مقدم على العام، أي خاص؟ هل الخاص في الموضوع او الخاص في المحمول او الخاص في المجموع؟

جملة من الأدلة في أبواب الفقه اذا لاحظنا النسبة بين الدليلين باعتبار موضوعي الدليلين فيكون الدليل الاول عاما والدليل الثاني خاصا واذا لاحظنا الدليلين بلحاظ محموليهما فيكون محمول الدليل الأول خاصا والدليل الثاني عاما عكس النسبة بين الموضوعين.

فهنا نقول ان الدليل الخاص او العام باي ضابطة؟ هل بالموضوع او بالمحمول او بالمجموع؟ سبحان الله في كثير من الأدلة النسبة تختلف. النسبة بلحاظ الموضوع بين الدليلين تختلف عن النسبة بينهما بلحاظ المحمول وقد تختلف بلحاظ الجملة الرابطة بين المحمول والموضوع.

لماذا نقول «قد»؟ في كل هذه الفروض يمكن ان نختلف النسبة وليس دائميا. لانه ليس من الضرورة ان يكون المحمول بين الدليلين متغايرا لان النسبة بين شيئين وليس في شيء واحد. كثيرا ما المحمول في الأدلة شيء واحد وهذا البحث لا يجري.

المقصود من الشيئين: مثلا يقول العالم: ماء المطر وماء الكر. الماء لا يختلف وجهة الوحدة موجودة لكن اذا قيد بالكر او المطر مقيد. واذا اطلق فمطلق. لابد في الدليلين الذين يعالج احدما الآخر او يعالج بينهما من جهة الوحدة ولكن فيهما جهة التغاير. كي نستطيع ان النسبة بينهما عام وخاص. لانهما ليسا متباينين ولا متخالفين كالجسم والنامي.

كذلك في المحمول عندما يكون شيئين لا يعني متباينين او متغايرين بقول مطق. مثلا كل شيء لك طاهر والدليل الآخر يثبت الطهارة الواقعية. اقسام كثيرة للطهارة ربما تصل الى ستة اقسام.

هناك دليل آخر يتعرض للطهارة الواقعية مثلا فمحمولا الدليلين بينهما وحدة وبينهما اختلاف في سعة الدائرة. هذا معنى العام والخاص. فيهما جهة الوحدة وفيهما جهة التغاير وحتى بين العموم والخصوص من وجه. والا التغاير المطلق نسبتهما تكون التخالف.

(المتخالفان يعني انهما اجنبي عن بعضها البعض والمتباينان يعني ان جهة الوحدة موجودة الا ان الحكم بين السلب والايجاب وقد يراد منه التخالف ونسبة أخرى هي التساوي وعموم خصوص المطلق ومن وجه)

هنا اثارة السيد الخوئي ان الدليلين والنسبة بينهما قد تكون بلحاظ الموضوع عموما وخصوصا مطلقا أما بلحاظ المحمول يكون ما هو العام بلحاظ الموضوع خاصا بلحاظ المحمول وما هو الخاص بلحاظ الموضوع عاما بلحاظ المحمول. هذا ليس دائميا لان الأدلة ليست على وتيرة واحدة.

قد يكون مجموع الموضوع والمحمول نسبته في الدليل الأول مع مجموع الموضوع والمحمول في الدليل الثاني تختلف.

يعني بين الدليلين اذا قايسنا النسبة بينهما فالنسبة بين الموضوعين تختلف عن النسبة بين المحمولين وهما تختلفان عن النسبة بين المجموعين. بعبارة أخرى يكون ثلاث نسب بين الدليلين.

فيقال ان الخاص يقدم على العام، فاي نسبة؟ أي النسبة بين الموضوعين او النسبة بين المحمولين او النسبة بين المجموعين؟

هذا مبحث صعب لا اريد ان ادخل فيه واثارة جدا مهمة من السيد الخوئي وتفيد في أبواب عديدة من التعارض وانقلاب النسبة. مبحث حساس مسيري.

الكلام هنا يقع: هل المتكلم في صدد بيان شئون المحمول كي نلاحظ النسبة بين المحمولين لا بين الموضوعين؟ لان القاعدة في الظهور كما مر بنا امس واليوم هي ان المتكلم والجملة في صدد بيان شئون الموضوع لا شئون المحمول. فإذا ليس في بيان شؤون المحمول لماذا يثير السيد الخوئي هذه الاثارة.

كيف نميز بين اطلاق الموضوع واطلاق المحمول؟ لا يدعي السيد الخوئي ان هذه الاثارة والابتكار انه يأتي في كل الأدلة وكل الأبواب لكن في جملة من الأدلة الواردة في جملة من الأبواب ان النسبة تتغير اذا لاحظناها بين الموضوعين او بين المحمولين او بين مجموع الجملة بين الطرفين. واذا اختلفت النسبة فالمدار على ماذا؟ على الموضوع او على المحمول او على مفاد الجملتين؟ في جملة من الأبواب هذا البحث مهم ومسيري. وإن لم يكن هذه الاثارة في جميع الأدلة.

نرجع الى بحث اطلاق الموضوع كيف يغاير اطلاق المحمول وكيف يغاير اطلاق المجموع؟ هذا التفكيك بين الدلالة في الموضوع والمحمول لماذا يثيره الاصوليون كما يفككونه البلاغيون. ثمان أبواب في علم المعاني. المسند والمسند اليه والاسناد منها. باب الإخبار والانشاء والحصر ثمان أبواب عنونها علماء البلاغة وهم فككوها وليس تكلفا. هذا التفكيك تحليل تدقيقي.

ما هو الفرق بين الاطلاقات الثلاثة؟ وكيف يتلائم مع ما ذكروه من ان المتكلم ليس في صدد بيان المحمول مع ان الموضوع يرجع الى المحمول؟

الجواب ان شؤون المحمول عديدة. شأن من شئون المحمول موضوعه. شأن من شئونه ذات المحمول في نفسه (مثل الطهارة الذاتي والعرضية والواقعية والظاهرية والاولية والثانوية) شأن ثالث في المحمول متعلقه. صلاة الظهر متعلق للوجوب فهذا الوجوب وهو المحمول له ثلاث ابعاد. بعد يرجع الى الموضوع وبعد في ذات المحمول وبعد في متعلقه وتعلق المحمول بالمتعلق. القضية دائما على اقل تقدير فيها ثلاث اضلاع. الموضوع او قيود الوجوب والمتعلق والحكم وقد يكون أربعة.

فعندما يقال من ان المتكلم ليس في صدد بيان المحمول فالمقصود هو البعد الذاتي للمحمول. المتكلم ليس في صدد بيان شئون المحمول المقصود شئونها الراجعة لذاته. هذا البحث ليس خاصا بالفقه والفروع بل حتى في العقائد والتفسير وكل العلوم.

أما شئون المحمول من بعد موضوعه فهو في صدد بيان هذه الشئون. أما البعد الثالث المحمول من جهة شئون متعلقه وهو الصلاة مثلا. هل هو في صدد بيانه ام لا. الأكثر يقولون ليس في صدد بيانه. الا ان تأتي قرينة خاصة ومؤونة لفظية خاصة.

كلامنا في نفس الجملة الواحدة بدون القرائن. في الجملة الواحدة المتكلم ليس في صدد بيان الابعاد الثلاثة بل في صدد بيان البعد الواحد. كونه في بيان البعد الثاني والثالث والرابع لابد من القرينة.

هذا هو الناموس في علم الأصول والبلاغة ويفيد في موارد عديدة وفهمه يحتاج الى تروي.

logo