« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

بنية الظهور لسان الحال ودلالة الإشارة والتنبيه والايماء/مبحث المفاهيم /الالفاظ،

الموضوع: الالفاظ،/مبحث المفاهيم / بنية الظهور لسان الحال ودلالة الإشارة والتنبيه والايماء

 

كان الكلام في التعرض الى دلالة الإشارة والتنبيه والايماء والاقتضاء. الشيخ المظفر رحمه الله لم يبسط الحديث فيها وقليل من الأصوليين من خاض في تعريفها مع تسليمهم على انها من الدلالات الحجة وبنية الظهور الداخلة في الظهور الجدي. فتكون مقدمات خارجية ضميمة بالكلام دالة على المراد.

امس مر بنا بعض التعاريف ان هذه الدلالات ضروري انضمامها الى الالفاظ لان مجموع الالفاظ غير كاف في إيصال كل المعاني او المشاعر او الأفكار او المعلومات إما بسبب بيئة وظروف الحوار او المخاطب او المتكلم. فلا يكاد يكون اللفظ وافيا بالمعاني او المشاعر (وهي وجودات خارجية وحالات خارجية) من ثم يستعين بآليات أخرى في التواصل والتحاور.

هذه بعبارة أخرى نوع من بيان لسان الحال الذي يكفر به الكثير والحال انه شيء عظيم طبعا بالموازين. لسان الحال في الخطابة والشعائر الحسينية او الرثاء في اهل البيت الكثير بنوا على ان يوسوسوا فيه والحال ان امير المؤمنين عليه السلام قال ان لسان الحال ابلغ من لسان القال. او في تعبير آخر لسان الحال اصدق من لسان القال. يعني ان لسان القال لا يستطيع ان يستوعب كل الملابسات او المعاني والمشاعر سواء بسبب المتكلم او المخاطب او البيئة والأسباب العديدة. المجتمع البشري يعيش معه ولا يقتصر على الالفاظ والاصوات.

من ضمن آليات لسان الحال دلالة الإشارة والتنبيه والاقتضاء والايماء. هذا البحث يستحق وضع كتاب مستقل في دلالة الايماء والاشارة والتنبيه والاقتضاء. كما بحث في علم البلاغة في باب البيان لانها آليات في البيان والحوار.

من التعاريف التي ذكرت في دلالة الاقتضاء أنها تفهمها اللغة او قرائن الحال لكن بشكل غير صريح في طيات المعاني. تقريبا هناك تقارب وتيد بين عالم الكناية والتعريض ودلالة الاقتضاء وكفى بهذا البحث أهمية عندما يشير امير المؤمنين ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث بمنهاج في الظهور وهو التعريض وليس التصريح. يعني الحوار الوحياني او الكلام الوحياني في القرآن او كلام سيد الأنبياء او اهل بيت العصمة غير قائم جمودا وحصريا بالدلالة الصريحة بل واردة بدلالات غير صريحة ومنه دلالة الاقتضاء.

في زيارة الامام الهادي لجده المرتضى في يوم الغدير: ان أصلا من أصول الدين وهو الولاية والإمامة انزله الله في البداية بالتعريض والتأويل ثم نزل القرآن فيها بالتصريح ومحكم التنزيل ومحكم البيان النبوي. والا في مواقع عديدة مكية او مدنية انزل الله عزوجل الولاية في محكم التأويل. فلاحظ دلالة التعريض والكناية والاقتضاء يمكن ان تكون قناة لإيصال أصول الدين وحجة مع انها خفية والخفاء لا ينافي يقينيتها وبرهانيتها. المهم انها تستند الى اليقين والبرهان ولو لم يكن بحسب ذهن السامع مبدهة. لذلك سيد المرتضى دائما يجيب عن هذه الجدلية من أنكم لما تقولون ان ولاية امير المؤمنين من أصول الدين لابد ان تكفروا البقية ولا تتعاملون معهم معاملة المسلم في الظاهر. يقول السيد ليست منافاة لان أصول الدين وضوابطها على اليقين في الأدلة لكن هذه الأدلة بسبب ظلم الظالمين والاعلام المضاد أصبحت غير بينة نتيجة تشويش الاذهان. فخفاءها لا ينافي يقينيتها وتواترها وانها من أصول الدين.

وكذلك في بيانات اهل البيت جواب عن هذه الشبهة انه يمكن ان يكون شيء من أصول الدين وهو خفي. حجية الخضر من أصول الدين وبحيث يتبعه نبي من أولي العزم وهو خفي ومحجوب. كونه محجوبا لا ينافي شأنه وحجيته. يتبعه نبي من اولي العزم في آخر حياته بعد نزول التوراة مع انه كان خفيا. لكن الى الآن هذه المسألة حتى في الوسط الداخلي صار سببا للوسوسة.

كما مر بنا ان الظهور البين هل هو بسبب الأدلة او بسبب الاذهان؟ والا ان القران بسبب الاذهان واللغة الدارجة الان المختلطة باللغات الأخرى اصبح غريبا والحال ان القرآن ليس غريبا بل نحن غرباء بالنسبة اليه. الفاظ القرآن ليست غريبة لكننا نحن ابتعدنا عن اللغة العربية. لذلك احياء اللغة العربية ضروري من باب القران والكساد في سوق اللغة العربية في الحوزات العلمية ينذر بجرس خطر. بحر العلوم يخصص من وقته يوميا منتدى شعريا في النجف الاشرف لان قوة الادب تستلزم القوة في العلوم الدينية.

اذا لا يدرس المطول والمختصر وشرح النظام ....

فهذا البحث معقد في علم الكلام واصول الفقه. كيف يمكن أن يكون مسألة من أصول الدين وهو خفي؟ حله ببحوث في علم اللغة والمنطق والأصول تتشارك مع بعضها البعض تحلها بكل سهولة ان يقينية الشيء بحسب الأدلة لا بحسب الافهام.

اعجاز القرآن بحسب علوم اللغة لا بحسب العرف. كما مر بنا. الان اعجاز القرآن صار نظريا. البيئة واهل اللغة العربية صار عندهم تخلف في الادب وقوة ومتانة الادب.

نذكر هذه المسائل بمناسبة ان المفهوم الاصطلاحي ليست بينة وتحليلي ولا ينافي كونه من الظهور كالمعنى الحرفي الذي هو معقد ولكنه لا ينافي كونه من الظهور. مع ان بحثهم في المعنى الحرفي كانما بحث في معمل نووي من الصعوبة ودقة البحث. لكن لا ينافي دلالتها وأنها مدلول. مع انه من يوميات لا غنى عنها وكذلك مفهوم الشرط والمفاهيم.

المعنى الذي يستنتج من السياق دون ان يذكر بشكل مباشر ودلالة الاقتضاء جزء من الدلالات لفهم ما يقصده المتكلم او الكاتب وفيه اقتضاء عقلي يعني قرينة عقلية وفيه اقتضاء لغوي يعني قرينة لغوية واقتضاء عرفي أي قرينة عرفية.

مثل : لا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا. ان الآية لم تلفظ بالحرمة

مثل: ما يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. يفهم منه كراهية او حرمة الحسد المخالف للايمان بدلالة الاقتضاء او الأولوية.

او شخص متكلم يقول: اغلق النافذة وهو يعني ان النافذة مفتوحة. لا يمكن ان يقال ان الراوي لم يذكر ان النافذة مفتوحة وما ذكر ان الجو بارد وما ذكر ان الأصوات مزعجة. هذه من آليات لسان الحال من الدلالات الالتزامية والكنائية.

من ثمار الدلالة الاقتضاء توسيع فهم النصوص انها لا تقتصر على الفهم الاولي ولا ينحبس الدلالات والمدلول في المعنى الصريح والاولي بل يتوسع الى تراميات كثيرة التزامية وهذا مهم

من ثمارها تسهيل التواصل و التحاور في البشر. لانه كثيرا ما يسهل لك الاخفاء بالدلالة الالتزامية وهلم جرا.

وفرق دلالة الاقتضاء عن التنبيه والاشارة والايماء انها عادة فيها تتوقف على إعمال تحليلي نظري معقد او غير معقد. بخلاف الايماء والتنبيه والاشارة حيث انها كثيرا ما تكون اقرب فهما.

دلالة الاقتضاء مثل «حمله وفصاله ثلاثون شهرا» والآية الأخرى «والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين» وبين امير المؤمنين عليه السلام منهما ان اقل الحمل ستة اشهر. وبعد البيان صار واضحا وبديهيا قبله كان مجملا ومعقدا.

فهذا هو الفرق بين دلالة الاقتضاء والدلالات الأخرى. هذا قليل مما ذكر في دلالة الاقتضاء والتنبيه والاشارة والايماء ولها ضوابط والكتب المفصلة في علم البيان يتعرضون في الموازين والضوابط. لا انها هلوسة. لا يمكن ان يقال انها صعبة فلا يكون حجة.

 

أما مفهوم الشرط:

مفهوم الشرط او المفهوم مطلق انتفاء الحكم في المدلول المطابقي بانتفاء الموضوع.

في خصوص مفهوم الشرط انتفاء الجزاء في مورد انتفاء الشرط. طبعا لتحديد مورد البحث في مفهوم الشرط عدة شروط يذكرها الاعلام. شروط كثيرة يذكرونها بشكل موزع.

مثلا احد الشروط التي يذكرها في التنبيهات هو ان الشرط والوصف والعدد والغاية وغيرها يجب ان يكون الموضوع مباينا للشرط. فهنا حالة اذا وجد الشرط وجد الحكم واذا انتفى الشرط ينتفي الحكم. كانما هذه اللوحة التي تتأرجح تتكأ على عمود وهو الموضوع. اذا وجد الشرط يوجد الحكم. والا لو كان الشرط هو نفس موضوع الحكم فلا يكون للجملة الشرطية مفهوما ولا للوصف ولا للغاية ولا للعد ولا بقية الجمل التي لها مفهوم

مثلا الوصف يجب ان يكون غير موضوع بل شيء آخر. حينئذ عندما يثبت الموضوع فينتفي الحكم عنه بسبب انتفاء الوصف. او الغاية او العدد او اللقب. اذا هذا الشرط لابد منه.

طبعا هذا البيان شرط مهم كما ذكروه لكن لكي يتضح هذا البحث المهم في يوميات الاستنباط في الأدلة الاجتهادية بغض النظر عن أنواع المفهوم لابد من بيان انه كيف نفرق بين الموضوع وغير الموضوع والبحث هنا حساس بالنسبة الى هذه الضابطة.

نأخذ مثال صلاة المسافر وهو معقد.

في صلاة المسافر قالوا ان الموضوع الأصلي هو طي المسافة. ماذا عن قاطعية الوطن في المسافة وقصد الاباحة وعدم كونه كثير السفر؟ يقولون ان هذه الضوابط ليست عناصر الموضوع. والحال انها قيود الوجوب. اذا الاصوليون و الفقهاء عندهم اصطلاحان في الموضوع.

الموضوع اللغوي يعني ما يحمل عليه وكلامنا في اصطلاح الأصوليين. احد معاني الموضوع أي قيود الوجوب يعني الشيء البارز من قيود الوجوب والاساس يسمى الموضوع مثل المسافة والمكلف. في قبال قصد الاباحة مع انها من قيود الوجوب لكنها ليست أساسا. كذلك في قبال عدم المرور بالوطن وفي قبال تجاوز حد الترخص. قيود ثمانية لكن هذه السبعة ليست أساسية. الموضوع الأساسي هو السفر. والمكلف والمسافة. هذا يؤثر في الأدلة الاجتهادية.

اكثر المسائل تعقيدا في صلاة المسافر مفتاح حلها هذا البحث وهذا الاصطلاح. مثلا اذا قصد طيلة المسافة المعصية وبعد ما تجاوز المسافة نوى الاباحة وندم عن المعصية. هل يقصر او لا يقصر؟ او بالعكس نوى الاباحة ثمان فراسخ وفي الفرسخ التاسع نوى المعصية فليتم او ليقصر؟ فلاحظ هذه عملية التأرجح هل يثبت الحكم او لا؟ وبحوث أخرى في صلاة المسافر.

المرحوم السيد هادي الميلاني والكمباني في صلاة المسافر لا يمكن حلها وببركات اهل البيت حللناها بتعلمنا من الاعلام. وبهذا الاصطلاح.

عند الأصوليين اصطلاحان للموضوع. اصطلاح مطلق قيود الوجوب. وفيه اصطلاح آخر ان الموضوع يراد منه قيود الوجوب الأساسي والعمودي. هنا الان في مفهوم الشرط المراد ان الموضوع يغاير الشرط مع ان الشرط هو قيد الوجوب والموضوع هو قيد الوجوب ولكن الموضوع هو الأساس والذي ذكر في الشرط قيد الوجوب غير الأساس. هذا هو المراد من هذا الاصطلاح انه في كل مفهوم لابد من ان يغاير الموضوع الشرط ويغاير الموضوع الوصف ويغاير الموضوع العدد واللقب.

طبعا هذه الاصطلاحات من الأصوليين لا تخلص فيه اصطلاح ثالث وهو أيضا يحل به تعقيدات أخرى. بحوث الأصول العملية في الاستصحاب قائمة على هذا البحث. ومن المسائل الامتحانية لأعلمية الاعلام هو ما هو الفرق بين الموضوع العرفي والموضوع الاستصحابي والموضوع الدليلي.

logo