« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/08/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 النهي الوضعي او التكليفي او التشريعي عن العبادة والمعاملة/ النهي عن العبادات والمعاملات (34)/النواهي

الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادات والمعاملات (34)/ النهي الوضعي او التكليفي او التشريعي عن العبادة والمعاملة

كان الكلام في الروايات الواردة في نكاح العبد من دون إجازة مولاه. فالرواة يسألوا عن الائمة عليهم السلام انه لو أجاز المولى يصح النكاح؟ يقول عليه السلام: نعم لانه يعصى مولاه ولم يعص الله.

هذه الروايات يستدل عليها بان النهي المولوي يقتضي الفساد وتارة بالعكس ان النهي المولوي يقتضي الصحة او انها لا دلالة لها في المقام.

اجمالا اذا كان المراد هنا النهي التكليفي فهو موجود في حقوق الناس وحقوق الله تعالى. شبيه ما يقال في أبواب الوصية او أبواب الحدود من حق الله وحق الناس وموارد حق الناس أيضا حق الله. فما المراد من المقابلة بينهما؟ الجواب واضح ان المراد من حق الله يعني الحق المتمحض في حق الله تعالى في قبال حق الناس الذي هو حق للناس ولله تعالى أيضا. مثلا في باب الوصية اذا كان ذمة الميت مشغولة بحق الله وحق الناس فهل تخرج حقوق الله من اصل التركة كحقوق الناس كما ذهب اليه جماعة منهم السيد اليزدي وهو الصحيح. المقصود ان هذه المقابلة بين حق الله وحق الناس في أبواب عديدة والمقصود ان حق الله يعني الحق المحض لله وأن حق الناس مع حق الله وبتبعه. هذا من جهة التساؤل. هذه العبارة وردت في باب الحدود وباب التركة والوصية وموارد عديدة. فضابطة عديدة في بعض الأبواب العديدة التمييز بين حق الناس وحق الله. فما المراد من حق الناس وحق الله. لان كل حق الناس تشريع من جانب الله. اجيب عن هذا التقسيم وهذه الضابطة التي رتب عليه آثار وفسرت بان المراد من حق الله يعني المتمحض في حق الله والمراد من الحق للناس يعني الحق لله وللناس. باعتبار انه شرع من الله تعالى.

على ضوء هذا الاستدلال وتقريبا نستطيع ان نقول انها حقيقة شرعية في أبواب عديدة فالمراد من «ان العبد لو عصى مولاه فهو يعصي الله» انه من باب تخلف الشرط فهو لا يعني الفساد الذاتي بل انما يعني الفساد بمعنى النقص وعدم الصحة الفعلية.

«عصى مولاه» هل يعني العصيان الوضعي او العصيان التكليفي؟ هل هناك حرمة تكليفية لتصرف العبد تصرفات اعتبارية او قل الانشاء الاعتباري من دون ان يتمادى الى جري عملي على هذا العقد؟ هل هذا المقدار فيه العصيان وحرمة تكليفية؟ جماعة يستبعدون لانه مجرد انشاء. لكن ظاهر انه عصيان ونهي يعني اذا كان العزم والقصد انه يجري على مقتضى هذا النكاح بالتالي يكون نوعا من التصرف في منافع المولى لان العبد وما يملك لمولاه وبهذا المقدار يكون عصيانا. على كل هذا العصيان يعني تخلف الشرط في النكاح بغض النظر عن كونه عصيانا وتخلف الشرط قابل للتصحيح بتوفر الشرط.

مر بنا انه فرق بين فساد العقد لمانع شرعي وبين فساده لتخلف الشرط. تخلف الشرط وفساده بمعنى النقص لا بمعنى زوال القابلية الذاتية. لكن المانع يعني ان القابلية الذاتية والصحة التأهلية تنعدم.

أما في عصيان الله تعالى فسر وهو اظهر بمعنى العقد الذي ينهى عنه الله تعالى مثل تحريم الربا. يعني المحرمات المعاملية غير قابل للتصحيح لانها ازيد من المانعية. حرم الربا يعني ان الربا بماهيته منهي عنه وفاسد في نظر الشارع وغير قابل للتصحيح.

لطيف ان العصيان تستخدم في موارد التحريم الوضعي أيضا. أي ان مخالفة الحرمة الوضعية نوع من العصيان او في موارد تلازم الحرمة التكليفية مع الحرمة الوضعية ويسمى عصيانا. هذا اهو المحصل من هذه الروايات وهو الاظهر. لكن استظهر استظهارات أخرى وهي بعيدة عن ظاهر الروايات الواردة.

فاذا الروايات الواردة تخصصا غير ما نحن فيه. لان ما نحن فيه هو الحديث عن النهي الأجنبي عن المعاملة أي الذي ملاكه غير ملاك باب المعاملات ولكنه اجتمع مع المعاملة اتفاقا او دائما لكن هذا البيع لا صلة له بالمعاملات صحته وفساده. بينما هنا النهي المذكور في الرواية المقصود به العصيان في النهي المعاملي مثل نكاح الشقار مثل نكاح المرأة في عدتها فهذه منهي عنها ومحرمة. فاذا هذه الروايات في غير ما نحن فيه.

هذا تمام الكلام في هذا المبحث في النهي عن المعاملة.

اذا النهي عن العبادات والمعاملات بأقسامه تم القول فيه. لكن قبل ان نبدأ في مباحث المفاهيم نذكر النهي التشريعي عن ا لعبادات او النهي التشريعي عن المعاملات هل يقتضي الفساد ام لا. جملة من الاعلام الحقوا بهذه المسألة النهي التشريعي. لانه نهي تكليفي تشريعي.

نتعرض الى البحث في العبادات ثم المعاملات اذا كان النهي تشريعيا ذو ملاك آخر مباين.

يمكن تصور النهي التشريعي في العبادات تارة بتشريع مرتبط بالصلاة وتارة تشريع محرم لا ربط له بالصلاة لكنه يأتي به في الصلاة.

اما اذا كان تشريعا محرما غير مرتبط بالصلاة فهذا البحث نفس بحث النهي الأجنبي سواء يكون سبب الحرمة تشريع لباب آخر او سبب الحرمة نهي متأصل. النهي المتأصل مثل النواهي الذي شرعت أساسا مثل النهي عن الدخول في الدار الغصبية. فالنهي التشريعي المحرم غير المرتبط بباب الصلاة او المعاملة فسياق البحث فيه كما مر تماما في النهي عن ا لعبادات والمعاملات بأقسامها وليس شيئا جديدا.

مثلا يقصد ان ينظر الى القبلة وجوبا في الشريعة ولا ربط له بالصلاة بل من باب نسك معين. فلا يربطه بالصلاة بل من باب نسك معين. فالتشريع المحرم غير المرتبط بباب الصلاة حرام لكن اذا تصادق مع الصلاة يكون مثل الحرمة الغصبية تتصادق مع الصلاة.

أما اذا كان النهي التشريعي المحرم مرتبطا بالصلاة والعبادة نفسها فإذا كان التشريع محرما صلاتي مرتبطا بالصلاة برمتها فهذا فاسد. مثلا يقصد وجوب صلاة الضحى. نية انها مستحبة بتشريع خاص بدعة. لكن العامة يلتزمون بها. اتفاقا في الروايات فيه تأكيد على هذه التشريعات. مثلا في بيانات اهل البيت ان صوم يوم عرفة مستحب باستحباب عام وليس مستحبا باستحباب خاص كالسنة. ليس سنة بمعنى خصوصية خاصة للصيام يوم عرفة. في الروايات نفي لذلك وانما وردت الروايات في الصوم المطلق كما يسأل الراوي عن الامام هل اصوم يوم عرفة فيجب الامام عليه السلام صم إن لم يضعفك عن الدعاء. لا انه سنة خاصة في الصيام. اذا نية ان صوم يوم عرفة سنة خاصة ليوم عرفة بدعة. لانك نويت الامر الخاص وما فيه امر خاص.

كما في موارد كثيرة التزم بها العامة كصوم يوم تاسوعا وعاشورا مع انه وردت روايات تقية هكذا لكن فيه روايات تنفي كونها من السنة. مثلا صوم اول المحرم وصوم عشرة محرم ليس سنة خاصة وتشريع محرم. فضلا عن صوم يوم عاشورا حيث نهي عنه.

المهم من هذا القبيل موارد عديدة ان العامة التزمت بالسنة الخاصة وفي بيانات اهل البيت انها ليست سنة خاصة يعني لم يأمر به بخصوصيتها. فضلا عن يوم عاشورا ان اصل الصيام فيه لا نصححه. بفذلكة معينة موجودة.

فاذا كان التشريع المحرم لكل العبادة فليس محل الكلام وليس صحيحا. اما اذا كان التشريع المحرم بنية الجزء او الشرط هل يفسد العبادة ام لا؟ هذا الامر بحثه الاعلام في خلل الصلاة. وفصلوا في أي مورد.

قالوا اذا كان نيته هذا الجزء المشرع المحرم حتى لو كان شيئا مستحبا لكن يأتي به بنية الوجوب يكون بدعة والمجيء به تشريع محرم. الشيخ الطوسي يستظهر من شرائط صلاة الجماعة ان لا يكون الفاصل قد مربط فرس او مربط غنم في هيئة صلاة الجماعة يجزم انها آداب ندبية وليست شرائط وضعية لزومية في هيئة الجماعة.

سابقا كنا نبني على اللزوم قبل عشرة سنوات لكن وجدنا ان القرائن التي يستشهد بها الشيخ الطوسي متينة فتغير نظرنا بالاستحباب. المدار ان هذه هيئة الجماعة عرفا والصلاة بهيئة واحدة. لذلك هذه الهيئة افترض فيها من المؤمنين من يقصر بالصلاة ولا يأتي بصلاة آخر عند الشيخ الطوسي ما فيه اشكال لان الهيئة واحدة. ما دامت الهيئة واحدة في مكان واحد. لا كما يقول العامة في امكنة متعددة. وشواهد وجدنا في النصوص العديدة تخدم كلام الشيخ الطوسي.

المهم ان الشيء الندبي تعتبره لزوما تشريع. الاحتياط ان لا تفرط في الاستظهار ولا تتقدم ولا تتأخر عن الدليل. الافراط في الاستظهار ليس صحيحا. والتفريط أيضا ليس صحيحا. التسليم بقدر ما ظهر لك من مفاد الدليل وبقدر ما توفرت لديك من القرائن والدليل هذا نوع من الاعتدال في الاستنباط. احتط عن الفتوى بالوجوب لكن ان تقول انها مستحب باي دليل تقول.

بتعبير السيد الخوئي لولا ان يكون هناك اجماع لدى العلماء الامامية على ان السجود على الانف ليس بواجب ادلة السجود على الموضع الثامن وهذا الانف دالة على اللزوم. فاذا كان لديك اجماع قطعي فترفع اليد عن الأدلة الدالة على اللزوم. لكن اذا لم يكن عندك اجماع قطعي فكيف تقول بالاستحباب؟ باي دليل تسند الى الله تعالى. فاذا القضية ليست استذواقا او تشهيا او سياسة فتوائية بل إخبار عن الله لا يرتبط بالسياسية الفتوائية او السياسة الحوزية او التربوية للمجتمع. لا يمكن اسناد شيء للشارع غير متوفر في مواد الاستدلال. اذا كان متوفرا خذ به ولا تقصر عنه ولا تزيد عنه. غاية الامر لا تريد ان تفتي بالمواد المتوفر احتط وامتنع عن الفتوى. ا ما ان تسند للشارع بلا دليل بدعة حتى الندبية والوجوب. كلها حدود شرعية يجب التسليم والتقيد بنفس الأدلة. كذلك التكليفي والوضعي.

مثلا القدماء عندهم في موارد عديدةان النهي في موارد الصلاة تكليفي ووضعي. وهو الصحيح. المتاخرون يقولون انه غاية ما يظهر من الأدلة هو الوضعي اما التكليفي من اين؟ لكن الصحيح هو ما عليه القدماء. لكن متاخروا الاعصار تورعوا ان يفتوا بما افتوا به القدماء. مثلا استحباب مؤكد. هل استظهرت من الأدلة انه مؤكد. هل عندك دليل على ان الحرمة الكذائية من الكبائر. مثلا عند السيد الخوئي تسويف الحج حرام لكن ما فيه دليل على انه من الكبائر. ظاهرا ما متوفر عندهم الدليل على انه من الكبائر. حتى هذا المقدار لايمكن ان يسند الى الشارع بلا دليل. الدليل يفترض يدل على انه كبيرة لكن عنوان من اكبر الكبائر لابد لها من الدليل ونسبته الى الشارع يحتاج الى الدليل. لذلك هذه الأمور يدقق فيه الفقهاء بالدقة. يعني لا افراط في الدليل ولا تفريط. بل بمقدار ما وصل الينا من الدليل. تريد ان تفتي بالاحتياط بحث آخر. لكن لا تنسب الى الله.

مثلا الروايات الواردة في الشهادة الثالثة ليست استحبابا بل فصل وجوبي. جزء وجوبي. إما تفتي به او لا تفتي به. المقصود ان العدول عن مفاد الأدلة كلها يحتاج الى الدليل.

 

logo