46/07/19
اقسام الشرط المنهي في العبادة/ النهي عن العبادات (23)/النواهي
الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادات (23)/ اقسام الشرط المنهي في العبادة
وصل بنا الكلام الى انه لو كان المنهي عنه شرط العبادة سواء يكون شرط الجزء او الكل فهل يوجب فساد العبادة؟ طبعا من أمثلته ثوبا الأحرام الغصبيان او غير المخمسين.
الشرط المنهي عنه تارة يراد به في الاستعمالات والسنة الأدلة نفس التقيد والتقييد جزء عقلي وتحصيص. التقييد عنوان اسمي يشير الى معنى حرفي. المعاني الحرفية يمكن الإشارة اليها بمعاني اسمية. فالتحصيص والتقييد والتضييق الحرفي يشار اليه بالمعنى الاسمي.
فتارة يراد من الشرط هذه النسبة بين ذات القيد وذات المقيد وتارة يراد من الشرط ذات القيد. «لا صلاة الا بطهور» المراد به نفس الطهور. الباء هي نسبة التقييد والطهور ذات القيد. على اقل تقدير في الشرط او التقييد او استعمال الشرط ثلاثة اطراف. طرف حرفي وطرفان اسميان. ثم ذات الشرط هل هو الطهور والمسبب او السبب؟ في باب الغسل والتيمم والوضوء سبب ومسبب بشواهد فقهية مقررة كما ان الاحرام على ما عليه المشهور وهو الصحيح هو حالة مسببية اعتبارية عن التلبية. خلافا للسيد الخوئي حيث ذهب الى انه التلبية التي ينشأ بها الاحرام. وللقولين ثمار. الشاهد ان الانسان لابد ان يدقق في الشرط ان المراد من هل هو النسبة او القيد؟
قد فصل كثير: انه اذا كان النهي عن الشرط الذي هو توصلي فلا يضر لان معنى التوصلي ان الملاك يتأدى به ولو في ضمن المصداق الحرام غالبا الا ان يدل دليل خاص يستثني. صحته ووجوده لا يتوقف على العبادية او الحلال او ما شابه ذلك.
وقد يكون الشرط عباديا. بالتالي مر بنا ان النهي تارة يتعلق بنسبة التضييق وتارة يتعلق بذات الشرط. ذات الشرط اذا كان عبادة ومتعلق النهي يفسد وهذا ليس شيئا جديدا بل مثل ما مر في الجزء والكل اذا كانا عباديين. اما لو كان توصليا فلم لا يجزم بالصحة؟ هب لو كان ثوبا الاحرام غصبيين لماذا الطواف بهما فيه الاشكال؟ النهي عن الغصب والتستر وهو توصلي وليس عباديا. ولو كان عباديا لكان ينبغي ان يقصد أولا ويلتفت اليه ويتقرب بفعله والحال ان الفتاوى ليست هكذا. الاستقبال الى القبلة مختلف فيه لان التوجه الى القبلة كرمز ديني فيها إضافة ذاتية الى الباري تعالى لكن بالنسبة الى التستر واللباس لماذا يشكل؟ المعروف أيضا هكذا. بخلاف السعي حيث لم يشترط فيه التستر. وان كان التستر بثوبي الاحرام واجب تكليفي من اول النسك الى آخره. هل هو من باب ان لا يكون عريانا او من باب آخر فيه بحث. لكن في الطواف شرط. نعم هناك واجب تكليفي آخر مستقل وهو وجوب بقاء ثوبي الاحرام على الطهارة من الخبث طيلة النسك وهو وجوب فوري بحيث لو تنجس احد الثوبين يجب تطهيره الفوري او نزعه ولبس الثوب الآخر. يعني لا يجوز ان يتنجس اثناء النسك. هذا واجب آخر بغض النظر عن الاعمال. اذا اخل عمدا لا يخل بصحة النسك لكنه يأثم. أيا ما كان وجوب تكليفي محض. بالنسبة الى لبس الساتر الغصبي سواء في الطواف او الصلاة مع انه توصلي فهل النهي عنه يوجب الخلل في الصلاة؟ باي وجه؟
الميرزا النائيني رحمه الله فصل بانه ان كان المنهي عنه اسم المصدر فلا يستلزم فساد الشرط وان كان المنهي عنه مصدر فيلزم الفساد. تعبيره مبهم ولعله معكوس. من ثم اشكل عليه السيد الخوئي ان اسم المصدر والمصدر وجود واحد فما هذا التفريق الذي تبناه الميرزا النائيني. الفرق بينهما اعتباري فاي معنى يريده من اسم المصدر والمصدر.
لكن الصحيح انه اذا راجع واحد المراد انه تارة ينهى الشارع عن الشرط مثلا «لا تتستر في الصلاة بالثوب الغصبي» هنا التزم بعدم البطلان. التستر توصلي وتارة يقول ان محصل النهي يؤول الى «لا تصل في الثوب الغصبي» هذا المقدار من التفصيل عند النائيني متين ووجيه. فاذا كان مراده من اسم المصدر والمصدر هذا المعنى صحيح. اذا كان مركز النهي ومتعلق النهي هو التستر فهو توصلي فوافق المشهور أما اذا كان محصل النهي هو «لا تصل في المغصوب» فيخل بالعبادة. شبيه ما ورد «لا تصل فيما لا يؤكل لحمه» هذا المحصل والتفصيل متين. وليس مراده يعني ان النهي مفاده ابتداء الارشاد الى المانعية. لان «لا تصل في المغصوب» ارشاد الى المانعية وليس محل بحثنا.
مقصوده ان طريقة تعلق النهي والمحصل منه مع دليل الصلاة يقولب بقالب «لا تصل في المغصوب» فالحاصل يكون هكذا. مع ان هذا النهي اجنبي عن الصلاة وليس من الأدلة الخاصة في مركب الصلاة. الكلام ليس في التقييد بالادلة الأولية. بل بالمناسبات والجمع بين الدليلين وسياقة الدليلين. وهو لا يخالف المشهور.
فيه مبنى معين التزم به الميرزا النائيني ولعل مراده أيضا هكذا وهو تفصيل آخر. هو يبني في خصوص الشروط الشرعية ويعبر عنها في مبحث مقدمة الواجب بالمقدمة الشرعية. عندنا المقدمة الشرعية للواجب وعندنا مقدمة عقلية او عادية او عرفية. المقصود من هذا الاصطلاح عند الأصوليين يعني الشرط الشرعي يسمى المقدمة الشرعية.
الميرزا النائيني في بحث مقدمة الواجب التزم بان المقدمة الشرعية لها وجوب شرعي لا عقلي غيري وهو يعني الشرط الشرعي يعني بجعل من الشارع. الشرط الشرعي له وجوب شرعي نفسي ضمني حرفي. اربع خصوصيات بالنسبة الى المقدمة الشرعية والشرط الشرعي.
اما وجوب نفسي مقابل غيري واما كونه ضمني بان الوجوب يتعلق بالاجزاء والشروط نفسيا وضمنيا. أما كونه حرفيا مقابل النفسي الضمني الاسمي للجزء. هذه النسبة الحرفية التكوينية الموجودة للشرط الشرعي للمركب تسبب تكوينا تعلق الوجوب النفسي المرتبط بالكل تعلقه بالشرط تعلقا ضمنيا حرفيا.
على هذا المبنى عند الميرزا النائيني في الشرط الشرعي ولو توصليا يكون فيه اشكال لو كان منهيا عنه. هنا بيت القصيد ومبنى صحيح ولو خالف السيد الخوئي استاذه وذهب الى ماذهب اليه الكمباني.
اذا التزم فيكون تشنج بين الوجوب النفسي العبادي والنهي لان الوجوب العبادي تعلق بالشرط ولو توصليا. فيكون شرارة التنافي فلابد ان الوجوب النفسي العبادي المستقل لا يتعلق بهذه الحصة. لا من ان التزاحم الامتثالي يتصاعد الى مرحلة الانشاء بل من باب آخر. مثل باب اجتماع الامر والنهي مع العلم حيث يسبب جمود الوجوب العبادي ولا يمكن ان يتقرب به. المشكلة نفس هذا الوجوب الذي هو وجوب واحد وهذا الوجوب الواحد في الكل تعبدي واذا صار تنافي فلا يمكن ان يتقرب به ولو كان الشرط توصليا. لماذا يقولون ان التوصلي مجزئا من باب ملاكه هنا لا يمكن القول بهذا
نحن تابعنا قديما المشهور انهم يستشكلون في الشرط التوصلي الغصبي في العبادة. توصلي لكنه شرط في العبادة فيلزم التوقف والاحتياط في صحة العبادة. وهذا هو المعروف لديهم في الثوب الغصبي في الصلاة والطواف. طبعا هذا مع العمد والعلم. منشأ الاشكال ماذكره الميرزا النائيني .
اتفاقا الميرزا النائيني في مبحث مقدمة الواجب أشار اليه وهذا وجه صناعي مرتب في ثلاث دورات ارتضينا به وهو متين. هذا تمام الكلام في الشرط.
اما لو تعلق النهي بصفة لازمة للعبادة. مثلا جهرية الصلاة الجهرية. هنا قالوا واضح ان هذه الصفة اللازمة هي محطة همزة الوصل لتعلق الحكم الذي تعلق بالوصف يتعلق بالموصوف فالوصف همزة وصل. لا شأن له الا بلحاظ انه نعت لموصوفه. وجود الوصف نعت للموصوف. فالنهي يكون مآله متعلق بالموصوف. من ثم لم ينقل خلاف في كون النهي الذي يتعلق بالوصف اللازم للعبادة مآله تعلقه بنفس العبادة فيكون الكلام في القسم الأول.
بقي القسم الأخير. النهي الذي يتعلق بوصف مفارق للعبادة. وانما هذا الوصف بالاتفاق والصدفة صار وصفا للعبادة والا ليس وصفا لازما.
في ا لقسم الخامس قالوا ان البحث فيه ليس شيئا جديدا وراء ما تقدم في تفاصيل بحث اجتماع الامر والنهي. ان ضابطة الامتناع ما هي. ضابطة الجواز ما هي بالصناعة العقلية التركيبية. يعني حوالة الى هناك.
سؤال من باب إثارة ذهنية:في بداية البحث قال الاعلام ان اجتماع الامر والنهي يحدد صغرى لهذا البحث. بينما في المقام قالوا ان النهي عن الصفة الطارئة تنقيحه باجتماع الامر والنهي. كيف يكون؟ تأملوا حتى تجدوا الجواب.
هذا تمام الكلام في النهي عن العبادة وملخص الاقوال ان المنهي عنه لا يمكن التقرب به لا انه بيان وضعي بل فساد عقلي وليس فسادا شرعيا بمعنى المانعية. من ثم قلنا ان الأدلة الواردة في ان العمل بلا ولاية لا تقبل نفس هذا المفاد دليل على ان الجهاد والصلاة والزكاة والصوم بدون الولاية عمل لا يمكن ان يتقرب به. نكتة النية غفل عنها عند المتاخرين مع ان ادلة الولاية لها ستةوجوه صناعية مرتبة. هذا خلاصة البحث في النهي عن العبادة وشقوقه في الفساد العقلي والشرعي بتحليل مجهري. وهذا كلها احكام عقليةغير المستقلة تابعة للحكم الشرعي.
قبل البحث في النهي عن المعاملة هل يقتضي الفساد او لا. كلا البحثين في العبادة و المعاملة ليس الكلام في النهي في الدليل الخاص. ولا الدليل العامل الشامل والدائم. بل الكلام في هذه المسألة هو النهي الأجنبي وان كان هذا النهي الأجنبي بنحو دائم. كعموم وخصوص من وجه. من اهم الأمور ان يستثمر اجتماع الامر والنهي او النهي عن العبادة والمعاملة ان يلتفت الى شروط وضوابط موضوع المسألتين. كيف يميز بين باب التعارض وهذين البابين. فمحل البحث في النهي هو النهي الأجنبي سواء دائما او طارئا. اذا تعلق هذا النهي بجزء او شرط كيف يتم؟ كذلك البحث في المعاملات في هذا المبحث ان النهي اجنبي ملاكا عن المعاملة. اما النهي الذي ينطلق ملاكا عن المعاملة واضح انه نهي وضعي دال على الفساد.