46/07/12
النهي عن العبادات (18)/ النواهي/الالفاظ
الموضوع: الالفاظ/ النواهي/ النهي عن العبادات (18)
فساد ومانعية وشرطية الجزء والكل
كان الكلام في النهي عن الجزء هل يفسد العبادة ام لا؟
كون النهي عن جزء العبادة يفسد نفس الجزء محل الوفاق ومر بنا في بحث صناعة المركبات العبادية انه يجب ان نفرق صناعيا بين فساد الجزء وفساد الكل. كما انه لابد ان نفرق بين المانع عن الكل والمانع عن الجزء. كما انه لابد ان نفرق في صناعة مركبات العبادات والمعاملات بين شرط الكل وشرط الجزء. هذه الأمور من الصناعة الفقهية لكنه نتعرض اليه للتذكر.
حتى شرط الكل فيه شرط الأجزاء او شرط المجموع، كل الأجزاء ليست هي مجموع المركب وليست الهيئة الاتصالية فقط. لأن الأجزاء لا تشكل المجموع تماما لان في المركب آنات وأكوان كما وردت في الروايات انه بين كل جزء وجزء اكوان صلاتية مثلا، كما يعبر عنه في الروايات «اذا كنت في الصلاة» فالأكوان الصلاتية أمور تتخلل الأجزاء وليست بأجزاء ظاهرة و لدينا أيضا الهيئة الاتصالية.
إذاً في الصلاة الأجزاء والشرائط والاكوان الصلاتية والهيئة الاتصالية والموانع والموانع على قسمين او اقسام. فالامر لفيف من أمور كثيرة وليس واحدا. بالتالي الخلل او ما شابه ذلك يختلف في كيفية علاجه.
فعندنا شرط الكل وعندنا شرط الجزء والخلل في شرط الجزء سيؤدي الى الخلل في الجزء وهو قابل للتدارك وربما شرط الكل أيضا قابل للتدارك.
مثلا لو كنا نحن وقوله عليه السلام «لا صلاة الا بالطهور» ونفترض انه صدر حدث من الانسان في الاثناء او نفترض انه ليس لدينا ان الحدث ناقض، فممكن للإنسان ان يتوضأ في الاثناء. لان صرف مجرد شرطية الطهارة للصلاة بمعنى الأجزاء يمكن ان يتوقف اثناء الصلاة ويتوضأ ويستمر في الصلاة.
لكن لدينا ان الحدث ناقض والناقض يعني انه دخيل في الاكوان يعني ان الحدث اذا كان في الاكوان مانع عن كل الصلاة وليس مانعا عن الجزء. بخلاف الطهارة الخبثية وفي الاثناء التفت ان الثوب نجس فيمكنه ان يطهر ثوبه ويواصل الطواف والصلاة. لان ليس لدينا في النجاسة الخبثية انها ناقضة بل عندنا فقط شرطية الطهارة عن الخبث. ففيه فرق بين الطهارة الخبثية والطهارة المعنوية ان الثاني زيادة عن الشرطية فيها ان الحدث ناقض.
اذا حتى شرط الكل أيضا قابل للتدارك وشرط الجزء أولى بالتدارك لكن المانع عن الكل مشكل بخلاف المانع عن الجزء لانه يفسد الجزء ما لم يكن محذور آخر في البين. هذا الكلام في الجزء والشرط والمانع في نفسه والا قد يستلزم محذور آخر وهو كلام آخر. هذه كلها بينها تغاير في كيفية الاعتبار وكيفية العلاج.
من ثم النهي عن الجزء قابل للتدارك والميرزا النائيني يدعي ان النهي التكليفي المحض الأجنبي عن العبادة (يعني ليس هو ضمن ادلة مركب الصلاة او مركب الطواف او أي عبادة أخرى اتفاقا او دائما بنحو العموم والخصوص من وجه) يوجب فساد العبادة مع علم المكلف او جهله. خلافا للمشهور حيث يلتزمون بفساد العبادة مع علم المكلف لان المبغوض لا يمكن ان يتقرب به واجتماع الامر والنهي صغرى لهذا البحث والفساد عندهم فساد عقلي يعني عدم انطباق المأمور به على المأتي به. ومر بنا ان الفساد الشرعي مانع خلافا للفساد العقلي.
ان الميرزا النائيني يدعي ان النهي عن الجزء يستلزم المانع. السيد الخوئي اشكل عليه ان هذا النهي اجنبي عن العبادة وغاية الامر مانعة عقلية في مقام الامتثال والتطبيق. لكن الميرزا النائيني يصاعد المحذور الى مقام التشريع فيكون قيدا عدمياا في التشريع.
تعلمون ان الجزء شيء والنهي الأجنبي شيء واستفادة عدم الجزء المنهي عنه في التشريع شيء آخر ويستفيد الميرزا النائيني انه مانع عن الكل.
اذا يركز ان الفساد العقلي يتقارب مع المانع العقلي عن الجزء. الفساد العقلي للكل اذا كان النهي عن الكل واذا كان النهي عن الجزء فالنهي سيفسد الجزء فقط فسادا عقليا ولو كان المانع مانعا شرعيا لكن عن الجزء لا عن الكل فنتيجته نفس نتيجة فساد الجزء. هنا اشكال آخر على الميرزا النائيني انه لو سلمنا ان الفساد العقلي للجزء يستلزم تشريع المانع لكن يستلزم تشريع المانع عن الجزء لا الكل. المانع عن الجزء مثل حالة الحركة حين القراءة تبطل القراءة لا الكل. لذلك لو كنت دخلت المسجد ورأيت امام الجماعة فانت تكبر معه وتركع مع ان الفاصل بعيد قليلا وبعده تأم معهم. منصوص عليه. المشي في الصلاة بهذا المقدار الى الجماعة لا اشكال فيه. المقصود ان المشي في الصلاة لامر راجح غير مبطل في الصلاة لكن في القراءة مبطل فالحركة والمشي مانع عن الجزء ومبطل للجزء لا الكل. يجب ان يدقق الانسان في العبادات ان الشرط او المانع او شرط للكل او الجزء والمانع مانع عن الجزء او الكل. هذا ليس فقط في مركبات أفعال العبادات بل حتى في المركبات موضوعات الوجوب وقيود الوجوب. مثلا قصد المعصية في صلاة المسافر مانع. هل هو مانع عن كل قيود وجوب صلاة المسافر او مانع عن الجزء وأي جزء؟ العلاقة بين قيود الوجوب وهو مركب مهم. مثلا قصد الاباحة شرط الكل او شرط الجزء؟ نفس الكلام يأتي في قيود الوجوب.
مثلا المرور بالوطن مانع عن الكل ويخدش كل موضوع الوجوب بخلاف قصد المعصية انه عندهم لا يفركش كل المركب ولا يهدمه. اذا حتى الموانع في مركبات موضوع الوجوب على أنماط.
صلاة المسافر صعبة جدا والكتب العلمية في هذا المطلب مليئة بالاحتياط. سببه تعقيد موضوع الوجوب في صلاة المسافر. شرط الكل وشرط الجزء ومانع الكل والجزء وهلم جرا. فيجب الالتفات الى هذه الأمور.
هذه نكتة صناعية دائما الميرزا النائيني يؤكد عليه ومتين انه ما الفرق بين العلاقة بين الجزئين وبين الشرط والجزء؟ الفرق ان الجزء والجزء كالحجر جنب الحجر يعني ليس بينهما ارتباط نعتي بل انضمام مثل آجر الجدار. المهم اصطفاف بعضهم البعض. والجسور و البناء تقف على المجموع. هذا بالنسبة الى الآجر. وما فيه ارتباط لكن الكل يعتمد على المجموع لذلك يعبرون عنه الاتمام. اما الاعمدة والقواعد ليس ضم حجر على حجر بل هي حالة ارتباط شبكي وإسناد. اذا لاحظ في نفس هذا المبنى بعض الأشياء الارتباط فيما بينها ضميمي والمهم ذات هذا الجزء وذاك الجزء والارتباط فيما بينها ليس مهما. يعبرون عنه التركيبي الانضمامي. سواء في قيود الوجوب او في المتعلق. هذه العناصر في المركب القيود للوجوب او العناصر قد يكون أجزاء والعلاقة بينها انضمامية واما العلاقة بين الشرط والجزء ارتباط نعتي. طبعا هذا الارتباط أيضا على انحاء ولا ندخل فيه. اذا الانسان لا يسترسل في عناصر المركب والموضوع او قيود الواجب. كلها يختلف عن بعضها البعض. شرط الكل وشرط الجزء وجزء الكل وجزء الجزء ومانع الكل ومانع الجزء.
مثل ما قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء ان النية في الصلاة ليس من قبيل الشرط مع الجزء ولا الجزء مع لجزء بل هي اعظم.
الان مر بنا ان المانع عن الجزء ولو هو مانع شرعي يختلف عن المانع عن الكل ويتقارب مع الفساد العقلي للجزء. ومر بنا الفرق بين الفساد العقلي والفساد الشرعي. الفساد العقلي ان يطرأ على الجزء نهي اجنبي فيفسده بفساد عقلي والميرزا النائيني حوله الى الفساد الشرعي. الفساد العقلي قسمان فساد للكل وفساد للجزء او فساد للشرط او للوصف. فأقسام. لان الفساد العقلي يعتمد على النهي الطارئ ويمكن ان يتعلق بالكل او الجزء او الشرط. اذا الفساد العقلي اقسام ولازم نلتفت وهو يختلف عن الفساد الشرعي.
هناك تقارب بين الفساد العقلي للجزء والمانع الشرعي في الجزء. المانع الشرعي يفسد الجزء ولا يفسد الكل. ان لم يستلزم محذورا جديدا وهو زيادة في الصلاة والبعض لا يقر ان كل زيادة مبطلة. الزيادة غير العمدية ليست مبطلة الا اذا كان الزائد ركنا كالركوع والسجدتين. هذا دليل خاص في الصلاة. اياك ان تكيل بكيل واحد. وهذا ليس فقط في العبادات بل كذلك الحال في المعاملات بنمط آخر. فيجب ان يدقق الانسان في هذه الصناعيات الفقهية وهي تمهد للصناعيات الأصولية.
اذا الفساد العقلي للجزء متقارب مع المانع الشرعي للجزء في ان كليهما يفسدان الجزء لا الكل ويمكن التدارك ما لم يكن محذور آخر كالزيادة العمدية. هذه تفاصيل دقيقة.
الميرزا النائيني يدعي ان النهي عن الجزء لا الكل ليس فسادا عقليا فقط بل هو فساد شرعي. السوال انه فساد شرعي لكل او الجزء؟ ظاهرا يدعي انه فساد شرعي للكل. أولا لماذا فساد شرعي كما مر بنا؟ ثانيا لماذا الفساد الشرعي للكل؟ من ثم يشكل عليه السيد الخوئي واشكاله في محله لكنه اشكال في نفسه باعتبار ان مبناه في اجتماع الامر والنهي مباين لهذا المطلب هنا.
السيد الخوئي قال ان هذا الجزء الفاسد لايفسد الكل لان الفساد الكل يعني ان هذا الجزء الفاسد مانعا عن الكل لا الجزء. ما الدليل على انه مانع عن الكل؟ اصل المانعية الشرعية يحتاج الى الدليل ثم المانعية عن الكل يحتاج الى دليل. من ثم بنى على ان السورة المتضمنة لأية العزائم باعتبار انها منهي عنها لا ينقلب النهي الى المانع الشرعي. يفسد السورة نفسها ولا ينقلب الى المانع الشرعي فضلا عن ان يكون مانعا عن الكل. والذكر لا ينقلب الى كونه كلاما آدميا. فالبطلان لا وجه له والسيد الخوئي يجزم به.
ضابطة في الصلاة انه ليس كل ما لم يأت عليه دليل في الصلاة مبطل في الصلاة اذا اتيت به في الصلاة مع كونه ذكرا. هذا الجزم من السيد الخوئي هنا تصريح على ان الشهادة الثالثة هكذا حاله بتصريح منه في بحث العروة ان ذكرية الشهادة الثالثة بضرورة الدين. الضرورة اعظم من اية او رواية. لذلك الاستخفاف بالضرورات عظيم. الضرورة جاوزت دلالة آية او نص ومفادا فوق القطع. فيقول ان الشهادة الثالثة كونها ذكرا امر بضرورة الدين. هذا جزم. خذ هذا الجزم من السيد الخوئي وضم اليه ما قاله في كتاب المحاضرات او بقية تقريراته في علم الأصول ان كون هذا الذكر لو كان منهيا عنه لما كان مبطلا للصلاة فكيف لو لم يكن منهيا عنها بل هو ليس مأمورا به.
سورة العزائم غير مأمور به ومنهي عنه ولكن النهي عنها لا تنقلب عن ذكرية الله. فكيف بالشهادة الثالثة التي هي ذكر عبادي بضرورة الدين وليس منهيا عنها. فلابد من السيد الخوئي ان يجزم بعدم بطلان الصلاة بالشهادة الثالثة وان لم يأمر بها. فضلا عن وجود الأمر الخاص لها. لان افساد الصلاة يحتاج الى دليل.