الفساد من النهي عن العبادة والقبول/ النهي عن العبادة والمعاملة (10)/النواهي

الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادة والمعاملة (10)/الفساد من النهي عن العبادة والقبول

وصلنا الى متن البحث في مسألة ان النهي عن العبادة يقتضي الفساد فذكر الاعلام ان النهي التكليفي المحض كما هو محل البحث وليس النهي الذي تعرض الى بيان ماهية المركبات لانه واضح ان له مفادا وضعيا وارشاديا كقوله «لا تصل فيما لا يؤكل لحمه» فليس الكلام في هذه النواهي الخاصة المتعلقة ببيان تشريع المركبات. بل انما الكلام فيما اذا كان النهي تكليفيا محضا وفي نفسه لا صلة له بالمركب العبادي ولكن اقترن تعلقه بالمركب العبادي اما اتفاقا وصدفة او حتى لو كان دائما مثل العموم والخصوص من وجه من ان النسبة هذه دائمية لكن النهي لم يشرع ولم ينشأ مرتبطا وناظرا الى المركب العبادي او المعاملي فهذا النهي هل يقتضي الفساد الشرعي على مستوى التشريع او يقتضي الفساد العقلي؟

ذكر الاعلام ان النهي هنا ينقسم الى خمس صور او اكثر صور: الفرض الأول ان النهي يتعلق بالمركب كله والفرض الثاني ان يتعلق بجزءه لا بكله نظير ما قيل في النهي عن قراءة آيات العزائم في الصلاة ولو يقال ان النهي هذا ما هو مفاده؟ يعني هل هو نهي تكليفي محض او نهي وضعي؟ لكن على بعض الاقوال في الاستظهار هو نهي تكليفي محض. كما تسالم الاعلام تقريبا حتى السيد الخوئي الذي لا يقبل الاجماعات الا ان يصل الى كذا قبل ان في صلاة الجماعة نهيا تكليفيا محضا من ان يتقدم المأمون في الحركات او الأفعال على امام الجماعة وحرام. حينئذ يقع الكلام ان الحرمة التكليفية هنا هل يقتضي الفساد الوضعي او لا؟ ويصطلح على الفساد الوضعي في الاصطلاحات بالحرمة وكذلك في الروايات والآيات كقوله تعالى «حرم الربا» من ان مفاده حرمة تكليفية عظيمة وحرمة وضعية. هذا ليس مما نحن فيه بل ما نحن فيه هو النهي التكليفي المحض ليس من مفاده النهي الوضعي.

فالصورة الأولى ان يتعلق النهي بكل العبادة مثل موارد الغصب على القول بان الغصب يشمل كل أفعال الصلاة او نهي الأب عن عبادة الابن في موارد.

الصورة الثانية ان يتعلق النهي عن جزء العبادة.

الصورة الثالثة ان يتعلق النهي التكليفي المحض بشرط العبادة. طبعا لا يخفى ان الشرط قد يكون شرطا لمجموع الصلاة وقد يكون شرطا لجزء من أجزاء الصلاة. درجة من الاستقرار وعدم المشي في نفسه غير مبطل من الصلاة ولكن هذا المشي مبطل للقراءة لانها يجب ان تكون في حالة السكون وعدم الحركة. هذا مانع عن الجزء وهو مانع وضعي وذكرناه للتمثيل لموضوع ومتعلق النهي انه قد يكون للكل وقد يكون للجزء. الشرط قد يكون شرطا للكل وقد يكون شرطا للجزء والنهي يتعلق به.

الصورة الرابعة ان يتعلق بوصف ملازم مثل الجهر والاخفات انهما وصفان ملازمان. مثل ان تجهر المرأة في موارد فتنة الصوت مع الأجنبي. الجهر جائز لكن يتعلق به النهي لاجل الفتنة. فالنهي عن وصف ملازم للصلاة. سواء يكون الوصف للجزء او للكل.

الصورة الخامسة ان يتعلق بوصف مقارن سواء للكل او الجزء.

ما الدليل عند الاعلام على ان النهي في القسم الأول والنهي عن مجموع العبادة يقتضي الفساد؟ استدلوا بانه اذا كانت العبادة ولو من باب الاتفاق نهي عنها بمعنى ان يتعلق النهي الأجنبي هنا بها صدفة واذا يتعلق النهي بها صدفة تفسد العبادة بدليل ان المنهي عنه والمبغوض لا يمكن التقرب به. استدلال متين. ذهبوا الى النية والتقرب.

طبعا هذا الاستدلال ورد بعينه في الروايات المستفيضة لشرطية ولاية اهل البيت لصحة العبادات لانه هذه الطوائف الستة او اكثر لها دلالات متعددة على ان ولاية اهل البيت شرط وضعي للعبادة.

بغض النظر عن الوجوه الستة في السنة الطوائف الصريحة بعضها في شرطية الولاية في صحة العبادة لا سيما في الجهاد الذي لابد ان يكون في سبيل الله والا يكون في سبيل الطاغوت والقتل فيه قتل في سبيل الطاغوت. كانما ماهية الجهاد والدفاع تتبدل. نصرة الحق او نصرة الطاغوت. يعني ان شرط الصحة واضح ان ماهية الجهاد متقوم بهم صلوات الله عليهم.

جملة من الاعلام في تعبير «فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله» والروايات المتواترة بألسن متعددة في هذا المضمون فسروها بان كل راية لاجل رئاسته وقيادته ومحوريته وطبعا يكون طاغوتا بدل ان يكون عونا لاهل البيت عليهم السلام. بخلاف ما اذا كان منهجيته ومرامه مرام اهل البيت.

طبعا «كل راية» يعني كل قوة سواء القضائية او السياسية او الدينية اذا لم يكن اهل البيت لها سقفا يكون طاغوتا في كل الأزمنة. بينما نفس الائمة ترحموا على المختار والتوابين وواردة في الروايات خمسة او ستة او عشرة طوائف متضاربة في زيد ومحيرة لكثير من الاعلام وشخصيا قناعتي ان ليس فيها تناقض. كيف يمكن جمع الذم والمدح. كل صحيح من زاوية ومن جهة. وان كان زيد سلام الله عليه ورضوان الله عليه لكن عليه مؤاخذات من اهل البيت. جملة من الفقهاء خرجوا معه كفضيل بن يسار وكانت مكانته عظيم عند اهل البيت. الكلام في هذا المطلب ان «كل راية ... صاحبها طاغوت» حتى في القوة الدينية والفتوائية ان افتى بغير مسلك اهل البيت وبغير محورية اهل البيت فطاغوت يعبد من دون الله حتى بعد قيام صاحب العصر والزمان عليه السلام لان العلة تعمم وتخصص. بعد قيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يكون ريبة وارتياب. لان دولته صلوات الله عليه الى ساحة المعاد. سيكون حروب في الأرض لكن هم الدولة العظمى الى يوم القيامة. اذا كل راية المقصود ان لا يكون الاتجاه اتجاه المعصوم. وهذا قد يكون الاتجاه في موقف معين سياسي او ديني او شرعي لا ينقاد لاهل البيت ففي ذلك الموقف طاغوت. القضية شبيه الضابطة العقلية من اهل البيت.

لذلك ورد عن اهل البيت «لو ان عبدا حبشيا تعصب لنا اهل البيت لوجب على الناس نصرته» إقامة حق اهل البيت لا يمنعون منه اهل البيت. لا إقامة انانية. الانقياد لاهل البيت صعب جدا. فوق كل تسليم تسليم. ولها درجات والطغيان امام هذا التسليم أيضا درجات. مثلا اليماني ينصر لانه يدعو لحقنا. اذا كان لحق اهل البيت وإقامة معالم اهل البيت الذي يقف امامه طاغوت. من ثم مدح الامام الصادق في كتاب كامل الزيارات التوابين مع قاموا بعمل عسكري بدون واجهة معلنة من الامام المعصوم. وهذا اول حركة عسكرية يقوم به الشيعة من دون التصدي من الامام المعصوم. ومدحهم والامام الصادق عليه السلام كان يقول ان رئيس التوابين المؤسس كان جبرئيل. كما ان المختار اول من اقام دويلة شيعية من دون ان تصدى المعصوم في الواجهة الظاهرة لذلك ترحم عليه امير المؤمنين والامام زين العابدين والباقر والصادق عليهم السلام.

على كل اذا هذا الاستدلال الذي استدل به الاعلام على الفساد اذا تعلق النهي بالعبادة برمته بعينه يأتي في ادلة الواردة في شرطية الولاية في العبادات. مع انه في الروايات وجوها ستة عليها ولعل اكثر. ستة وجوه وستة السن فقط في الوسائل فضلا عما هو موجود في المستدرك والبحار وباقي الكتب الحديثية. ستة وجوه بعضها صريحة في الشرطية الوضعية. بغض النظر عن هذه الستة الوجوه لو بنينا على كلام البعض للمعاصرين فنقول الكلام الكلام اذا كان الوحي يصرح ان العمل لا يقبل بدون ولاية اهل البيت عليهم السلام كيف يمكن ان يتقرب بعمل لا يقبل. أتقدم بشيء الى الله اخبرني انه لايقبل. «ان الذين كذبوا بآياتنا» الحجج الناطقة «واستكبروا عنها» ان ابليس ما كذب ان آدم خليفة الله بل يذعن لكن تمرد وتكبر على خليفة الله واعرض عنه فالكفر اما بسبب التكذيب او بسبب الاستكبار او يقول ما لي ولاهل البيت العياذ بالله ويعرض عنهم. هذا أيضا كفر في منطق القرآن. لازم ان تصدقهم ثم تخضع لهم ثم تقبل عليهم ولا تدبر عنهم. «وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم» ابليس ما كذب بل تمرد واعرض واستكبر فكفر. «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ» فالايمان غير مقبول ومبغوض لله. هو صورة توحيد وليس توحيدا ولا تفتح لهم أبواب السماء لا لكلم الطيب الذي هو الاعتقاد ولا لدعاءهم. ومحال ان يدخلوا الجنة. وكذلك نجزي المجرمين. هم مجرمون وعاصون. المقصود انه يؤكد القرآن في عشرات الآيات والروايات المتواترة انه لا يقبل العبادات فكيف اتقرب بشيء يبغضه. بل في بعض الآيات والروايات ان هذه العبادة تمرد ومعصية. «وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى» العمل الصالح والتوبة لابد ان يكون من المهتدي. اذا نفس الاستدلال الذي استدل في فساد العبادة اذا يتعلق به نهي طارئ وصدفة واتفاق فكيف اذا يكون النهي دائميا. النهي عن العبادة بدون ولاية اهل البيت نهي دائمي. في النهي الطارئ تسالم الاعلام انه مفسد العبادة فكيف في النهي الدائم. لان المبغوض لا يمكن ان يتقرب به. انما يتقرب بشيء قابل لان يتقرب به. فاذا في خصوص نية التقرب لا يمكن التفكيك بين القبول والصحة. اذا شيء ليس فيه قابلية القبول فكيف يمكن ان يتقرب به. فاذا هذا الذي ذكره الاعلام في المقام سواء في النهي عن العبادة كلها او النهي عن الجزء او النهي عن الشرط وهذا الاستدلال مع انه نهي طارئ وصدفة واتفاقي دليل على مفسدية النهي الدائم بالعبادة بدون الولاية. في بعض الروايات نفي الماهية «والله ما حج الا انتم».

اذكر وجها سابعا: تارة المعصية من جهة ترك الصوم لكن تكرار النكاح حتى بعد ان افطرت معصية. ففي الصوم حكمان. حكم وجوب الصوم وحكم حرمة الإفطار وما لها ربط بالصوم. حتى لو ما نويت الصوم من الأول. حتى لو ينكح حليلته في شهر رمضان حرام. في الروايات ان العمل بدون الولاية حرام ويعاقب عليه حتى في الروايات انها مبغوض اشد من الزنا. ان الجهاد في غير سبيل الله اشد من الزنا. تأملوا في الأدلة وفيها بيان عقلي وحياني.