46/06/21
معاني الصحة وتداعياتها في العبادات/ النهي عن العبادات والمعاملات/النواهي
الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادات والمعاملات/ معاني الصحة وتداعياتها في العبادات
كان الكلام في معاني الصحة والفساد ومر بنا ان الصحة لها معاني وفي مقابلها الفساد له معاني والتدقيق في معاني الصحة والفساد مؤثر في التفريق بين هذه الأنواع من الصحة وفي مقابلها الأنواع من الفساد فليس كل فساد حكمه حكم الفساد الآخر لأن أنواع الفساد مختلفة فالآثار تختلف وكيفية معالجته أيضا تختلف وكذلك الصحة ومعانيها.
مر بنا امس قاعدة ان كل قيد وجوب هو قيد الواجب وكل قيد واجب هو قيد الوجوب وقلنا انها ليس بمعنى السنخية بين القيدين بل بمعنى التضييق. وأيضا مر بنا مثال الحيض والصوم والصلاة
البعض قال ان الزوال والشرائط المعروفة لقيود الوجوب لصلاة الظهر معروفة اما السفر والحضر فهو ليس قيد الوجوب المجموعي وانما هو قيد الوجوب للركعة الثالثة والرابعة او قيد الوجوب للاثنتين بشرط لا. مثلا السفر قيد وجوب الصلاة بشرط لا. لان الفرق بين صلاة الحاضر والمسافر ليس الأقل والأكثر وانما التباين يعني الاثنين بشرط لا في التقصير والاثنين بشرط شيء في التمام. لكن الأقل والأكثر يعني الأكثر بشرط شيء والاقل لا بشرط ولا بشرط يتلائم مع بشرط شيء. فبالدقة الصلاة حضرا وسفرا متباينان.
هذا القول يقول ان السفر والحضر ليس قيد كل الوجوب والامس مر بنا تصوير ان السفر والحضر قيد الواجب لكن هنا السفر والحضر قيدان للوجوب لكنه ليس قيد كل الوجوب بل قيد وجوب بعض الأجزاء. يعني الثالثة والرابعة قيد الوجوب فيها الحضر. هذه الصياغة بغض النظر عن صحتها صياغة صناعية ان قيد الوجوب ليس كلها قيد الوجوب المجموعي. يعني بعبارة أخرى ان نفس الوجوب قابل للتبعض وقابل للنظرة المجموعية. هذه صياغة عند الاعلام. عادة يتبادر في ذهننا ان قيد الوجوب يعني قيد لمجموع الوجوب كما ان الطهور قيد لمجموع الصلاة في قيد الواجب. لكن بعض القيود للواجب قيود لبعض الواجب مثل الاستقرار ان نمط منه قيد للقراءة. هذا يختلف في الخلل والعلاج ويؤثر. اذا لابد من اليقظة الصناعية ان بعض القيود للواجب انما قيد لبعض أجزاء الواجب لا مجموع الواجب والاثر الصناعي يختلف. كذلك في الوجوب ان هناك قيدا لمجموع الوجوب وهناك قيد لابعاض الوجوب وا لوجوب يتبعض كما يتبعض الواجب. هذا من حيث الإمكان الثبوتي او الوقوع في أبواب الفقه موجود ان الوجوب يتبعض كما ان الواجب يتبعض. كذلك في المانع عن الواجب تارة مانع عن مجموع الواجب وما ان يحدث هذا المانع فيوجب انهدام الواجب كله لانه مانع عن مجموع الواجب وبعض الموانع مانع عن جزء خاص وبينهما اثر. فاذا الشرائط والموانع بعضها لمجموع الواجب وبعضها لابعاض الواجب وكذلك الحال في شرائط الوجوب.
اصل الوجوب محرز. في بعض الفروع التي لم ينقحها الفقهاء اما القصر واجب او التمام هذه صياغة هندسة أخرى يجب ان نلتفت اليها. امس مر بنا صياغة أخرى وقلنا ان السفر والحضر قيدان للواجب لكن بنحو المعلق. هذه بحوث وتدقيقات مهمة ينبه الباحث ان الاحكام لها قوالب في الوجوب والواجب وكل عقدة لها قولبة وصياغة خاصة لها كي يتلائم مع الباقي.
لنواصل في معاني الصحة والفساد. بعض معاني الصحة او الفساد في مقابلها ناتجة من تقييد شرعي وبعض معاني الصحة ناتجة من تقييد عقلي وفيه فرق بين التقييد العقلي و التقييد الشرعي.
بعبارة أخرى: في التقييد الشرعي للموانع يعني ان المانع مفسد للكل اذا كان مانعا للكل. اما التقييد العقلي للمانع يختلف عن المانع الشرعي. مثلا جزء منهي عنه بسبب تقييد عقلي غاية الامر هذا الجزء لا يصح وليس يفسد الكل.
بعبارة أخرى ان النهي عن العبادة والواجب والمتعلق في مراحل الانشاء وتارة في مراحل الفعلية التامة. هل هناك فرق؟ نعم فيه فرق. النهي عن العبادة والمتعلق في مراحل الانشاء ربما اصطلح عليه بالتقييد الشرعي هذا معناه انه مانع اما النهي عن العبادة في مقام الامتثال او مقام الفعلية على المشهور لا الميرزا النائيني والسيد الخوئي مع انهم في بعض الصور ارتكازا يبنون على مبنى المشهور لكن على المشهور النهي في مقام الفعلية والامتثال لا يسبب ضيق الجعل التشريعي. غاية الامر هو يتنافى مع العبادة في مقام الفعلية شبيه التزاحم لكن ليس التزاحم الامتثالي الاصطلاحي. بل هو تزاحم اقتضائي يعني تجاذب الملاكين. في تزاحم الملاكين ليس ملاك العبادة منتفيا انما مبتلى وطارئ بالمانع بخلاف ما اذا كان النهي في مراحل الانشاء أي التقييد الشرعي وهو يعني ان الملاك ما موجود. ففيه فرق بين التقييد الشرعي والتقييد العقلي.
مر بنا ان المسائل العقلية الخمس اطوار في مراحل التطبيق كالفعلية الناقصة والتامة والفاعلية والتنجيز والامتثال. التداعيات العقلية للحكم كلها في مقام التطبيق. هذا على المشهور لكن الميرزا النائيني صاعد بها الى الانشاء والتعارض واكثر تلاميذه ومنهم السيد الخوئي واكثر تلاميذه. هذا مبنى غير صحيح. السيد محمود الشاهرودي في هذه المباني خالف استاذه الميرزا النائيني وهو الصحيح. اذا التقييد العقلي والفساد العقلي في مقابل الصحة العقلية في مقام الاطوار والتطبيق بخلاف التقييد في مراحل الانشائية. التقييد العقلي يجاذب الملاك مع ملاك آخر فعدم الصحة لا لعدم الملاك والمقتضي بل لاجل المانع في مقام الامتثال لا التشريع. اذا فيه فرق بين التقييد العقلي والتقييد الشرعي. سيأتي تفصيل اكثر في اقسام النهي ببيان أخرى
تارة الصحة مجعولة من قبل الشارع والفساد أيضا مجعول وتارة بانتزاع العقل. ما معنى الصحة العقلية والشرعية؟ مثلا قالوا ان الاتيان بجميع أجزاء المأمور به في الخارج العقل يحكم بتطابق المأتي به مع المأمور به وهذا التطابق ادراك العقل ويعبرون عنه الصحة العقلية. باعتبار ان العقل ينتزع الصحة من تطابق الامتثال للمأمور به.
بخلاف «احل الله البيع» اذا فسرنا الحلية بمعنى الصحة وهذه الصحة مجعولة من قبل الشارع بمعنى ان الله احل البيع العرفي شرعا. هذه الصحة مجعولة وليست بانتزاع العقل. وبينهما فرق وآثار كثيرة.
من الآثار انه في الصحة العقلية تقدر ان تتلاعب بالامتثال أي تغير وتجيء وتستبدل والحكم على حاله. اذا اتيت بالفاسد قد يمكن ترميمه.الصحة الانتزاعية هي من التصرفات تحت اختيار العبد قد يعالجها وورد في الروايات ان الفقيه يعالجها كي لا يعيد. هذا التعبير موجود في باب الصلاة. المقصود ان الصحة العقلية الانتزاعية يمكن التصرف والتحوير بيد المكلف بخلاف الصحة المجعولة شرعا انها بيد الشارع. فالصحة اذا فيه مجعولة وفيه انتزاعية من العقل.
هنا قول بان الصحة مطلقا مجعولة شرعا وهناك قول بان الصحة مطلقا عقلية ومنتزعة وهناك قول ان الصحة في المعاملات مجعولة شرعا وفي العبادات عقلية وانتزاعية وذهب اليه السيد الخوئي. لانه في المعاملات لابد من جعل الشارع لكن في العبادات لا حاجة لجعل الشارع الصحة بل يأمر بعشرة أجزاء تكليفا واذا كان عملك مطابقا للمأمور به فالعقل ينتزع الصحة واذا لم يكن مطابقا فالعقل ينتزع الفساد وفي مقام التطبيق العقلي، بينما الصحة في المعاملات في مقام التشريع ومجعولة من قبل الشارع.
مبنى المرحوم الاخوند نفس مبنى السيد الخوئي بتفسير اضيق ويقول ان الصحة في العبادات عقلية لكن الصحة في المعاملات الكلية شرعية والصحة في آحاد المعاملات ومصاديق المعاملات انتزاعية وعقلية والعقل يحكم ان هذا الفرد من المعاملة مطابق للمعاملة الكلية.
القول الخامس: للميرزا النائيني ولعل الشيخ الأنصاري ان الصحة على صعيد الحكم الظاهري مجعولة شرعا مثل قاعدة الفراغ والتجاوز اما الصحة الثبوتية الواقعية ليست واقعية بل انتزاعية وعقلية.
ماهي الثمرة بين الاقوال: اذا قيل انها شرعية فلابد من التعبد بلسان الشارع ولا يتصرف فيها. اما الصحة العقلية من عمل وإعمال وتأمل المكلف نفسه ويمكن ان يقولبها ويكونها ويحققها بيد العقل.
توضيح نقطة من معاني الصحة والفساد ومن انها مجعولة او غير مجعولة: فيه صحة بمعنى تمام المركب ومقابلها الفساد يعني نقص المركب. فالصحة بمعنى التمام وفيه الصحة بمعنى النقص. اليوم اتممت عليكم نعمتي وما قال الاكمال لان النعمة قابل للتبعض لكن الدين ما قال اتممت وليس قابلا للتبعض بل هو إما موجود كاملا او ليس موجودا. هو صورة نوعية واحدة متقومة بالشهادات الثلاث. وهو هوية واحدة إما موجودة او غير موجودة ولا يتبعض. هذا يختلف عن التدريج في البيان. هذا الحكم الواقعي يعلمك الاطوار غير الكاملة كي تستعد لقبول الكامل منه. عندنا روايات كثيرة ان هناك تدريج في بيان أصول الدين. حتى في الروايات اول ما قال سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله هو «قولوا لا اله الا الله تفلحوا» وواضح انها ليس الإسلام الواقعي. بل شيئا فشيء حتى وصل الى الشهادات الثلاث. حقيقة التشهد هي الشهادات الثلاث. بتعبير الميرزا النائيني في اجود التقريرات يقول ان كثيرا من العقائد التي عجز عنها الفلاسفة و العرفاء والصوفية السيد الأنبياء ما كان يقدر ان يبينها في أوائل الإسلام مع انها من أسس الدين. هذا التدريج في العقائد. فلو كان لبان. لا يجري هنا. لابد من تحمل الناس من بيان العقائد.
رواية موجودة ان صاحب العصر والزمان عليه السلام سيقول لعموم الناس فضائل عن اهل البيت وينكرونها وتخرج عليه خارجة ويصفيهم تماما في الديالة.