« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 معاني الصحة وقيود الوجوب والواجب/ النهي عن العبادات والمعاملات /النواهي

الموضوع: النواهي/ النهي عن العبادات والمعاملات / معاني الصحة وقيود الوجوب والواجب

 

كان الكلام في معاني الصحة والفساد في مسألة النهي عن العبادة او المعاملة ومر انه ذو معاني عديدة وهناك من معاني الصحة والفساد في مورد الحرمة التشريعية وفي مورد الحرمة التكليفية الذاتية.

بين القوسين ان القدماء كانوا يلتزمون بان الاتيان بالصلاة للجنب او المحدث بالحدث الأصغر حرام تكليفا وظاهر كلامهم انها حرمة تكليفية لان المثول بين يدي الله من دون شرائط الطهارة حرام تكليفا وفيه نص وارد ان المحدث بالاصغر اذا دخل في الصلاة يحرم عليه وظاهرا من الكبائر «الم يخش ان الأرض يخسف به» ومثل هذا التعبير في حرمة الكلام في اثناء الصلاة استفادوا منها القدماء التحريم الوضعي والتحريم التكليفي. فالقدماء وبعض المتاخرين كانوا يبنون على ان الصلاة من دون شرائط الواجب تحرم حرمة تكليفا.

على مبنى المتاخرين هناك عدم الصحة لعدم شرائط الواجب وهناك عدم الصحة لعدم شرائط الوجوب. قاعدة مشهورة على السن الأصوليين: ان كل قيد وجوب هو قيد الواجب وكل قيد واجب هو قيد الوجوب.

لا يريدون ان قيد الواجب سنخه سنخ قيد الوجوب ولا ان سنخ قيد الوجوب سنخ قيد الواجب. فما معنى هذه القاعدة وهذه المعاكسة؟ يريدون بذلك ان قيد الوجوب دخيل في الصحة أيضا وليس فقط دخيلا في الوجوب. بناء على ان الاستطاعة قيد الوجوب فهو قيد الصحة فالمجيء بالحج من دون قيد الوجوب لا تعتبر هذه الحج حجة الإسلام وصحيحة. مثل ا لاتيان بصلاة الظهر قبل الزوال حتى لو اتي بها بكل الشرائط. طبعا في خصوص هذا المثال فيه كلام باعتبار الزوال قيد الوجوب وأيضا قيد الواجب. هذا غير ما نحن فيه. البحث فيما نحن فيه ان قيد الوجوب الذي ليس قيد الواجب من زاوية هو قيد الواجب. لكن الزمان والزوال «ان الصلاة كانت موقوتا» في الصلوات اليومية من سنخين وهل يعقل؟ ليس الكلام في ذلك. صورة كانما شيء واحد لكنهما لبا قيدان وليس قيدا واحدا ان الزوال حدوثا قيد الوجوب الى الغروب وحدوث الزوال قيد الوجوب وما بين الزوال والغروب قيد الواجب فبالدقة اختلف الزمان وان تشابه كذلك طلوع الفجر قيد الوجوب وما بين الطلوعين قيد الواجب.

والمهم ان قيد الوجوب مثل الاستطاعة إذا اخذها الشارع قيد الوجوب ولم يأخذها قيد الواجب في منطوق الأدلة ولب الأدلة او اخذ قيدا قيد واجب مثل الطهارة وفاتحة الكتاب حينئذ يدعي الاصوليون ان قيد الوجوب هو قيد واجب في جهة معينة وزاوية معينة وفي اثر واحد. كما ان قيد الواجب الذي هو قيد الوجوب في اثر واحد لا في كل الاثار. فاذا محل الكلام فيما إذا اخذ الشارع قيد إما في الوجوب فقط او في الواجب فقط. كل منهما يرجع الى الآخر في أثر واحد لا كل الاثار.

اذا اتى المصلي بصلاة من دون الوضوء ولا تيمم ولا غسل فصلاته ليست مأمور بها والوجوب لا يشملها فضيق الوجوب عن شمول الصلاة من دون الطهارة من آثار قيد الوجوب. احد آثار قيد الوجوب ضيق دائرة الامر.

قيد الواجب في خصوص هذا الأثر يشابه قيد الوجوب ويضيق الوجوب لان قيد الواجب اذا قيد الواجب تلقائيا سيقيد الوجوب لان الوجوب لا يتعلق بالطبيعة المطلقة بل يتعلق بالطبيعة المقيدة بمثابة قيد الوجوب ففيه تضييق للامر. فالامر لا يتعلق بالصلاة من دون شرائط الواجب. هذا معنى رجوع قيد الواجب الى قيد الوجوب لا ان قيد الواجب يأخذ آثار كل قيد الوجوب بمعنى انه دخيل في أرضية الملاك وليس هكذا بل هو دخيل في تحقق الملاك بعد وجود القابلية للملاك. كما يصطلح عليه الميرزا النائيني بقيود الاتصاف. كما ان المرض يوجد قابلية المصلحة للدواء. طبيعة قيود الوجوب هكذا انها دخيلة في الأرضية و الاستعداد والملاك اما قيود الواجب دخيلة في تحقيق المصلحة بعد الفراغ عن القابلية فسنخ قيد الواجب عن قيد الوجوب متباين ومختلف لكن في اثر واحد قيد الواجب يكون كقيد الوجوب فيصح ان يقال ان كل قيد للواجب يرجع الى قيد الوجوب من جهة تضييق دائرة الامر.

العكس كل قيد للوجوب كالاستطاعة قيد الواجب في اثر واحد وهو ان الواجب من دون قيد الوجوب ليس بصحيح. لان قيد الوجوب كالاستطاعةَ يضيق الامر والوجوب واذا ضيق الامر تلقائيا يكون الضيق في المتعلق. اذا نفس المعنى ان الضيق في المتعلق يسبب الضيق في الامر والضيق في الامر يسبب الضيق في المتعلق لان بينهما تعلقا. فمن هذه الجهة كانما قيد الوجوب دخيل في الصحة لانه بدون قيد الوجوب لا أرضية في الملاك. كالبلوغ في الحج قبل المزدلفة لان البلوغ قيد الوجوب فالحج بدون القيد فاسد وليس بصحيح. فالاتيان بالواجب بدون قيد الوجوب يكون تشريعا محرما وبدون قيد الواجب أيضا تشريع محرم فالتشريع المحرم في كلا الصورتين مع انتفاء احد القيدين قيد الواجب وقيد الوجوب والصحة يتدخل فيها كلا القيدين وهذا معنى رجوع كل منهما الى الاخر ولا نريد ان سنخ قيد الوجوب حقيقة من سنخ قيد الواجب او العكس. قيد الوجوب دوره تهيئة الأرضية والقابلية مثل المرض انه يهيئ الأرضية لمصلحة الدواء والا بدون المرض سم. اما تسخين الدواء او غلي الدواء دخيل في تنفيد وإنجاز المصلحة. فالمقصود ان كل قيد الوجوب هو قيد الواجب لا يعني سنخا وليس معقولا انما المراد في الصحة والضيق وفي عدمهما تشريع محرم. هذه نكتة مهمة ونلتفت اليه.

قد يكون قيدا واحدا صورة قيد الوجوب وقيد الواجب. مثلا الوقت قيد الواجب وقيد الوجوب لكن حقيقة ليست هكذا. بل حدوث الوقت قيد الوجوب وبقاء الوقت قيد الواجب. مثلا الحيض في المرأة كما يقول الفقهاء تبعا للادلة عندنا حيض خبثي وهو نفس مجيء الدم ونجاسة مادية مجيء الحيض الخبثي سبب للحيض الحدثي المعنوي. فعندنا حيضان وليس حيضا واحدا. حيض خبثي وحيض حدثي. كما في الاستحاضة عندنا خبثية وحدثية. مجيء الدم الاستحاضة المتوسطة والكثيرة كمجيء المني ومجيء الاستحاضة القليلة كمجيء البول. هذا التشبيه من الفقهاء دقيق جدا.

الحدث الخبثي هو سبب الحدث المعنوي والاستحاضة الخبثية سبب للاستحاضة الحدثية. لكن هذا الحيض الذي هو نوعان احدهما قيد الوجوب عدمه في الصلاة والآخر قيد الواجب. الصلاة بالنسبة الى الحائض انقطاع الحيض الخبثي شرط الوجوب للصلاة او الصيام. فلو انقطع عنها الدم ولم تغتسل تفرط في الصلاة وتجب عليها ان تغتسل وتصوم. اما الحيض الخبثي عدمه قيد الوجوب. يسمى حيضا لكن بالدقة حيضان. في الاستحاضة الخبثية او الحدثية كلاهما عدمهما قيد الواجب وليسا قيد الوجوب لا في الصوم ولا في الصلاة.

دم النفاس مثل الحيض الكلام الكلام. هذه لبنة أولى في الدماء الثلاثة واذا ضبطها الانسان يضبط كل مبحث الدماء الثلاثة. كما انه حقيقة الاحرام في الحج مهم انه عندنا احرام سببي وعندنا احرام معنوي على المشهور شهرة عظيمة. خالف في ذلك السيد الخوئي وينكر الاحرام المعنوي. لكن المشهور حتى في الصلاة يقولون ان تكبيرة الاحرام سبب لشيء معنوي ان تكون في حريم الصلاة والصحيح ما عليه المشهور وكثير من احكام الخلل في الحج والعمرة تبني على هذه المسألة وفيه مسائل مهمة في بحث الاحرام.

هنا في الصلاة عدم الحيض الخبثي قيد الوجوب في الأداء والقضاء فيسقط عنها الأداء والقضاء. فمعناه ان الحيض الخبثي عدمه قيد فاذا لم يتحقق هذا القيد في وقت الصلاة لا وجوب للصلاة فلا قضاء له. اما في الصيام عدم الحيض الخبثي قيد في وجوب الأداء لا في القضاء. فيه عدة تصاوير صناعية أصولية. هل يعني ان وجوب الصيام موجود الا ان المرأة عاجزة عن ذلك باعتبار الحيض. فهل نقول في الصيام ان الحيض الخبثي والحدثي كلاهما مثل الاستحاضة بالنسبة الى الصيام وقيد الواجب. فحيث انه عاجز فلا تقدر ان تؤدي الصيام وهو معذور فلو تصوم صومها غير مشروع. غاية الامر يجب عليها القضاء. يمكن هكذا التصوير. مثلا السفر للصيام والحضور في الوطن في الصيام قيد الوجوب. فكيف يجب عليه القضاء؟ هل تعبد خاص؟ فقد يقال في السفر ان السفر و الحضر قيد الواجب وليس قيد الوجوب فيجب عليه القضاء. المسألة تحتاج الى التدبر. المعروف عند المتاخرين انه قيد الوجوب لكن كيف.

logo